إنْ كَانَ مِنْ عُرُوضِ الْقِنْيَةِ وَالْمِيرَاثِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَلَا زَكَاةَ فِي ذَلِكَ إلَّا بَعْدَ حَوْلٍ مِنْ قَبْضِ ثَمَنِهِ بَعْدَ بَيْعِهِ وَمِنْهَا أَنْ يَقْبِضَ دَيْنَهُ عَيْنًا لَا إنْ لَمْ يَقْبِضْهُ، أَوْ قَبَضَهُ عَرْضًا فَإِنَّ حَوْلَهُ مِنْ يَوْمِ قَبَضَ الْعَرْضَ فَإِذَا بَاعَهُ زَكَّاهُ لِسَنَةٍ مِنْ يَوْمِ قَبَضَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُدِيرًا فَإِنَّهُ يُقَوِّمُهُ كُلَّ عَامٍ وَلَا فَرْقَ فِي الْقَبْضِ بَيْنَ الْحِسِّيِّ وَالْحُكْمِيِّ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ.
(ص) ، وَإِنْ بِهِبَةٍ (ش) أَيْ، وَلَوْ كَانَ الْقَبْضُ بِسَبَبِ هِبَةٍ لِغَيْرِ الْمَدِينِ وَقَبَضَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ فَإِنَّ صَاحِبَهُ يُؤَدِّي زَكَاتَهُ مِنْهَا لَا مِنْ غَيْرِهَا ابْنُ مُحْرِزٍ قَالَ شَيْخُنَا أَبُو الْحَسَنِ إذَا قَالَ الْوَاهِبُ أَرَدْت ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَرَادَ ذَلِكَ فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي بَيْعِ الزَّرْعِ بَعْدَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ إنَّ الزَّكَاةَ عَلَى الْبَائِعِ إذَا لَمْ يَشْتَرِطْ ذَلِكَ عَلَى الْمُشْتَرِي. اهـ.
وَجَعْلُهُ إغْيَاءً لِلْقَبْضِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مَوْهُوبٌ لِغَيْرِ الْمَدِينِ فَلَوْ وَهَبَهُ لِلْمَدِينِ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَا قَبْضَ فِيهِ، بَلْ هُوَ إبْرَاءٌ وَلَا عَلَى الْمَدِينِ إلَّا أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ مَا يَجْعَلُهُ فِيهِ وَكَمَا أَنَّ الْهِبَةَ قَبْضٌ حُكْمًا كَذَلِكَ الْإِحَالَةُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ: (أَوْ إحَالَةٌ) لَكِنْ لَا بُدَّ فِي زَكَاةِ الدَّيْنِ الْمَوْهُوبِ مِنْ قَبْضِهِ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ بِخِلَافِ مَا وَقَعَتْ فِيهِ الْحَوَالَةُ فَإِنَّ الزَّكَاةَ تَجِبُ بِمُجَرَّدِ حُصُولِ الْحَوَالَةِ الشَّرْعِيَّةِ، وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهُ الْمُحَالُ فَإِذَا كَانَ لِشَخْصٍ عَلَى آخَرَ مِائَةُ دِينَارٍ قَدْ حَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ وَلِلشَّخْصِ الْآخَرِ مِائَةُ دِينَارٍ عَلَى شَخْصٍ آخَرَ قَدْ حَالَ أَيْضًا حَوْلُهَا فَأَحَالَ بِاَلَّتِي عَلَيْهِ عَلَى الَّتِي لَهُ فَعَلَى الْمُحِيلِ زَكَاتُهَا بِمُجَرَّدِ الْإِحَالَةِ؛ لِأَنَّ الْإِحَالَةَ قَبْضٌ بِخِلَافِ الْهِبَةِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَتِمُّ إلَّا بِالْقَبْضِ ثُمَّ إنَّ الدَّيْنَ الْمُحَالَ بِهِ يُزَكِّيهِ ثَلَاثَةٌ: أَحَدُهُمْ الْمُحِيلُ لَكِنْ يُزَكِّيهِ مِنْ مَالِهِ لَا مِنْ الدَّيْنِ الثَّانِي الْمُحَالُ وَيُزَكِّيهِ مِنْهُ الثَّالِثُ الْمُحَالُ عَلَيْهِ إذَا كَانَ عِنْدَهُ مَا يَجْعَلُهُ فِي الدَّيْنِ فَإِنَّهُ يُزَكِّيهِ أَيْضًا. فَالْمُرَادُ مِنْ تَزْكِيَةِ الثَّلَاثَةِ أَنَّهُ يُخَاطَبُ بِزَكَاتِهِ، وَلَوْ مِنْ غَيْرِهِ ثَلَاثَةٌ لَا أَنَّ الْمُرَادَ يُخْرِجُ زَكَاتَهُ مِنْهُ ثَلَاثَةٌ وَعُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَا أَنَّ مَصَبَّ الْحَصْرِ قَوْلُ الْمُؤَلِّفِ لِسَنَةٍ مِنْ أَصْلِهِ الْآتِي لِأَنَّ الْمَحْصُورَ فِيهِ بِإِنَّمَا إنَّمَا يَكُونُ مُتَأَخِّرًا وَالْمَحْصُورُ يُزَكَّى دَيْنٌ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: إنْ كَانَ بِيَدِهِ. . . إلَخْ فَهَذِهِ شُرُوطٌ لَيْسَتْ مِنْ الْمَحْصُورِ وَلَا مِنْ الْمَحْصُورِ فِيهِ وَحَمَلْنَا كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَى دَيْنِ الْمُحْتَكِرِ هُوَ الْأَوْلَى وَأَمَّا دَيْنُ الْمُدِيرِ فَسَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ: وَإِلَّا زَكَّى عَيْنَهُ وَدَيْنَهُ النَّقْدُ الْحَالُّ الْمَرْجُوُّ. . . إلَخْ وَعَلَى حَمْلِهِ عَلَيْهِمَا يَتَكَرَّرُ مَعَ مَا سَيَأْتِي
. (ص) كَمُلَ بِنَفْسِهِ، وَلَوْ تَلِفَ الْمُتَمُّ (ش) يَعْنِي وَمِنْ شُرُوطِ وُجُوبِ زَكَاةِ الدَّيْنِ الْمَذْكُورِ أَنْ يَكُونَ الْمَقْبُوضُ مِنْ الدَّيْنِ قَدْ كَمُلَ بِنَفْسِهِ أَيْ بِذَاتِهِ مِنْ غَيْرِ انْضِمَامِ شَيْءٍ إلَيْهِ كَعِشْرِينَ دِينَارًا دَفْعَةً، أَوْ دَفَعَاتٍ كَعَشَرَةٍ وَعَشَرَةٍ وَحَيْثُ قَبَضَ نِصَابًا فَإِنَّهُ يُزَكِّيهِ وَلَوْ تَلِفَ بَعْضُهُ قَبْلَ كَمَالِهِ وَهُوَ مُرَادُهُ بِالْمُتَمِّ اسْمُ مَفْعُولٍ كَمَا إذَا اقْتَضَى مِنْ دَيْنِهِ عَشَرَةٌ فَتَلِفَتْ مِنْهُ بِضَيَاعٍ أَوْ إنْفَاقٍ ثُمَّ اقْتَضَى مِنْهُ أَيْضًا عَشَرَةٌ فَإِنَّهُ يُزَكِّي عَنْ الْعِشْرِينَ وَلَا يَضُرُّ تَلَفُ الْعَشَرَةِ الْأُولَى؛ لِأَنَّ الْعَشَرَتَيْنِ جَمَعَهُمَا مِلْكٌ وَحَوْلٌ وَإِنَّمَا أُخِّرَتْ زَكَاةُ الْعَشَرَةِ الْأُولَى مَخَافَةَ أَنْ لَا يَقْتَضِيَ بَعْدَهَا فَيَكُونُ قَدْ خُوطِبَ بِزَكَاةِ مَا قَصُرَ عَنْ النِّصَابِ ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ: وَلَوْ تَلِفَ الْمُتَمُّ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا تَلِفَ بَعْدَ إمْكَانِ تَزْكِيَتِهِ أَنْ لَوْ كَانَ نِصَابًا فَلَوْ تَلِفَ قَبْلَ ذَلِكَ لَمْ يُزَكِّ مَا قَبَضَ بَعْدَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَا قَبَضَهُ بَعْدَهُ نِصَابًا كَمَا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ: وَلَوْ تَلِفَ الْمُتَمُّ بِالْفَتْحِ، أَيْ أَوْ الْمُتِمُّ بِالْكَسْرِ، أَوْ هُمَا. (ص) أَوْ بِفَائِدَةٍ جَمَعَهُمَا مِلْكٌ وَحَوْلٌ (ش)
ـــــــــــــــــــــــــــــQبِهِبَةٍ، أَوْ إرْثٍ أَوْ غَيْرِهِمَا وَقَصَدَ بِهِ التِّجَارَةَ وَاحْتَرَزَ بِذَلِكَ عَنْ عُرُوضِ الْقِنْيَةِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ قَبَضَهُ عَرْضًا فَإِنَّ حَوْلَهُ إلَخْ) وَلَوْ فِرَارًا مِنْ الزَّكَاةِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَجْرِيَ فِيهِ مَا جَرَى فِي قَبْضِ ثَمَنِ عَرْضِ التِّجَارَةِ عَرْضًا فِرَارًا مِنْ الزَّكَاةِ وَسَيَأْتِي فَقَالَ شب فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، أَوْ بِيعَ بِعَيْنٍ وَقَوْلُهُ: بِعَيْنٍ احْتَرَزَ بِهِ مِنْ الْبَيْعِ بِالْعَرْضِ فَالْمُحْتَكِرُ وَالْمُدِيرُ إذَا كَانَ يَبِيعَانِ الْعُرُوضَ بَعْضَهَا بِبَعْضٍ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِمَا مَا لَمْ يَقْصِدَا بِذَلِكَ الْفِرَارَ مِنْ الزَّكَاةِ وَإِلَّا زُكِّيَ لِمَاضِي الْأَعْوَامِ اتِّفَاقًا. (قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ الْقَبْضُ بِسَبَبِ هِبَةٍ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْقَبْضَ الَّذِي بِسَبَبِ الْهِبَةِ الْقَبْضُ الْحُكْمِيُّ مَعَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْقَبْضِ الْحِسِّيِّ فَاحْتَاجَ إلَى أَنْ يَقُولَ وَقَبَضَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ. (قَوْلُهُ: إذَا قَالَ الْوَاهِبُ أَرَدْت ذَلِكَ) وَهَلْ مُطْلَقًا، أَوْ إنْ حَلَفَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَرَادَ ذَلِكَ فَالزَّكَاةُ عَلَى الْوَاهِبِ (قَوْلُهُ: فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ. . . إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَحْصُلْ شَرْطٌ فِي مَسْأَلَةِ الْبَيْعِ حُكِمَ بِأَنَّ الزَّكَاةَ عَلَى الْبَائِعِ فَكَذَا إذَا لَمْ تَحْصُلْ إرَادَةٌ هُنَا وَفِي مَسْأَلَةِ الْهِبَةِ يَكُونُ عَلَى الْوَاهِبِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ زَكَاةَ الْمَوْهُوبِ مِنْهُ إنْ نَوَى ذَلِكَ الْوَاهِبُ، أَوْ شَرَطَ عَلَى الْمَوْهُوبِ أَنْ يُخْرِجَ زَكَاتَهَا وَإِنْ لَمْ يَنْوِ وَلَا شَرَطَ فَإِنَّ الْوَاهِبَ يُزَكِّيهَا مِنْ غَيْرِهَا وَلَا يُعَارِضُ هَذَا مَا يَأْتِي فِي آخِرِ الْعَارِيَّةِ فِي قَوْلِهَا وَزَكَاتُهَا عَلَى الْمُعْرِي بِخِلَافِ الْوَاهِبِ فَإِنَّهَا عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ حَيْثُ نَوَى ذَلِكَ الْوَاهِبُ، أَوْ شَرَطَ وَإِلَّا فَعَلَى الْوَاهِبِ كَمَا أَفَادَهُ شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ. (قَوْلُهُ بِخِلَافِ. . . إلَخْ) وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْحَوَالَةِ وَالْهِبَةِ أَنَّ الْهِبَةَ، وَإِنْ كَانَتْ قَدْ تَلْزَمُ بِالْقَوْلِ قَدْ يَطْرَأُ عَلَيْهَا مَا يُبْطِلُهَا مِنْ فَلَسٍ، أَوْ مَوْتٍ بِخِلَافِ الْحَوَالَةِ. (قَوْلُهُ أَحَدُهُمْ الْمُحِيلُ لَكِنْ يُزَكِّيهِ مِنْ مَالِهِ) وَهَذَا الَّذِي قَصَدَ بِهِ الْمَتْنُ فِي شَرْحِ شب، وَلَوْ شَرَطَ الْوَاهِبُ زَكَاتَهُ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ أَوْ الْمُحِيلُ عَلَى الْمُحَالِ اتَّبَعَ شَرْطَهُ وَأُخِذَتْ مِنْهُ قَيَّدَ بِهِ مُحَمَّدٌ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ تت مِنْ أَنَّهُ مُقَابِلٌ
. (قَوْلُهُ: وَلَوْ تَلِفَ. . . إلَخْ) أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِلَوْ لِرَدِّ قَوْلِ ابْنِ الْمَوَّازِ أَنَّهُ إذَا تَلِفَ الْمُتِمُّ مِنْ غَيْرِ سَبَبِهِ تَسْقُطُ زَكَاتُهُ وَتَسْقُطُ زَكَاةُ بَاقِي الدَّيْنِ إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ نِصَابٌ (قَوْلُهُ: أَيْ بِذَاتِهِ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالنَّفْسِ الذَّاتُ لَا النَّفْسُ الَّتِي هِيَ تَوْكِيدٌ.
(قَوْلُهُ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا تَلِفَ بَعْدَ إمْكَانِ تَزْكِيَتِهِ) اعْلَمْ أَنَّ اعْتِبَارَ الْأَدَاءِ وَعَدَمَهُ إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا تَلِفَ بَعْدَ الْحَوْلِ، وَأَمَّا مَا تَلِفَ فِيهِ فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُ فِيهِ هَذَا. (قَوْلُهُ: مِلْكٌ) لَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ: مِلْكٌ؛ لِأَنَّ الْفَائِدَةَ لَا تَكُونُ فَائِدَةً إلَّا إذَا كَانَتْ مَمْلُوكَةً وَالدَّيْنُ لَا يَكُونُ إلَّا مَمْلُوكًا وَقَوْلُهُ: وَحَوْلٌ أَيْ وَكُلُّ الْحَوْلِ وَقَوْلُهُ جَمَعَهُمَا مِلْكٌ وَحَوْلٌ يُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ مَرَّ لِلْفَائِدَةِ عِنْدَهُ