غَابَ وَلَمْ يَعْلَمْ قَدْرَهَا أَخَّرَ زَكَاتَهَا إلَى حُضُورِهِ فَيُزَكِّيَهَا لِمَا مَضَى بِلَا خِلَافٍ فَقَوْلُهُ: بِأَجْرٍ لَا مَفْهُومَ لَهُ وَقَدْ يُقَالُ: هُوَ أَوْلَى بِهَذَا الْحُكْمِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَجْرِي فِيهَا بِتَبْدِئَةِ الْعَامِ الْأَوَّلِ.
(ص) لَا مَغْصُوبَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعَيْنَ الْمَغْصُوبَةَ لَا زَكَاةَ عَلَى رَبِّهَا لِعَجْزِهِ عَنْ تَنْمِيَتِهَا فَإِذَا أَخَذَهَا مِنْ الْغَاصِبِ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ يُزَكِّيهَا لِعَامٍ وَاحِدٍ سَاعَةَ يَقْبِضُهَا يُرِيدُ، وَلَوْ رَدَّهَا الْغَاصِبُ مَعَ رِبْحِهَا؛ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ كَدَيْنِ الْقَرْضِ لِأَنَّهُ يُزَكِّيهِ غَيْرُ الْمَدِينِ إذَا قَبَضَهُ زَكَاةً وَاحِدَةً لِمَا مَضَى مِنْ الْأَعْوَامِ وَيُزَكِّيهَا الْغَاصِبُ إنْ كَانَ عِنْدَهُ مَا يَجْعَلُهُ فِيهَا لِضَمَانِهِ لَهَا وَأَمَّا الْمَاشِيَةُ إذَا غُصِبَتْ ثُمَّ رُدَّتْ بَعْدَ أَعْوَامٍ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ يُزَكِّيهَا لِكُلِّ عَامٍ مَضَى إلَّا أَنْ تَكُونَ السُّعَاةُ قَدْ زَكَّتْهَا هَذَا مَا رَجَعَ إلَيْهِ مَالِكٌ وَرَجَّحَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَالَ الشَّيْخُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَصَوَّبَهُ ابْنُ يُونُسَ كَمَا ذَكَرَهُ الْمَوَّاقُ وَذَكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ أَنَّهَا تُزَكَّى لِعَامٍ وَاحِدٍ وَعَزَاهُ لَهَا فَقَالَ وَالنَّعَمُ الْمَغْصُوبَةُ فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ تُزَكَّى لِعَامٍ فَقَطْ وَلَهُ مَعَ أَشْهَبَ لِكُلِّ عَامٍ. انْتَهَى، وَأَمَّا النَّخْلُ إذَا غُصِبَتْ ثُمَّ رُدَّتْ بَعْدَ أَعْوَامٍ مَعَ ثَمَرَتِهَا فَإِنَّهَا تُزَكَّى لِكُلِّ عَامٍ بِلَا خِلَافٍ إذَا لَمْ تَكُنْ زُكِّيَتْ أَيْ يُزَكَّى مَا يَخْرُجُ مِنْهَا إذَا رَدَّ الْغَاصِبُ ذَلِكَ
. (ص) وَمَدْفُونَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعَيْنَ الْمَدْفُونَةَ إذَا ضَلَّ رَبُّهَا عَنْهَا وَمَرَّ عَلَيْهَا أَعْوَامٌ ثُمَّ وَجَدَهَا بَعْدُ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُزَكِّيهَا لِعَامٍ وَاحِدٍ لَا لِكُلِّ عَامٍ مَضَى وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَدْفِنَهَا فِي الصَّحْرَاءِ، أَوْ فِي غَيْرِهَا. (ص) وَضَائِعَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعَيْنَ الضَّائِعَةَ إذَا وَجَدَهَا رَبُّهَا فَإِنَّهُ يُزَكِّيهَا لِعَامٍ وَاحِدٍ لَا لِمَاضِي الْأَعْوَامِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَسَوَاءٌ اُلْتُقِطَتْ أَمْ لَا وَالتَّقْيِيدُ بِالِالْتِقَاطِ إنَّمَا هُوَ لِئَلَّا يَتَكَرَّرَ مَعَ قَوْلِهِ: وَمَدْفُونَةٍ؛ لِأَنَّ مَدْفُونَةً لَا مَفْهُومَ لَهُ، بَلْ الْمُرَادُ أَنْ يَضِلَّ رَبُّهَا عَنْهَا.
(ص) وَمَدْفُوعَةٍ عَلَى أَنَّ الرَّابِحَ لِلْعَامِلِ بِلَا ضَمَانٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعَيْنَ إذَا دَفَعَهَا رَبُّهَا لِمَنْ يَتَّجِرُ فِيهَا وَالرِّبْحُ كُلُّهُ لِلْعَامِلِ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إنْ تَلِفَتْ ثُمَّ قَبَضَهَا رَبُّهَا بَعْدَ أَعْوَامٍ فَإِنَّهُ يُزَكِّيهَا لِعَامٍ وَاحِدٍ لَا لِمَاضِي الْأَعْوَامِ عَلَى الْمَشْهُورِ لِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى تَحْرِيكِهَا لِنَفْسِهِ فَأَشْبَهَتْ اللُّقَطَةَ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُدِيرًا فَيُزَكِّيَهَا مَعَ مَالِهِ إذَا عَلِمَ أَنَّهَا عَلَى حَالِهَا وَلَا زَكَاةَ عَلَى الْعَامِلِ فِيهَا، وَلَوْ كَانَ عِنْدَهُ وَفَاءٌ بِهَا؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ لَهُ وَلَا فِي ضَمَانِهِ، وَإِنْ أَفَادَ فِيهَا نِصَابًا اسْتَقْبَلَ بِهِ فَإِنْ كَانَ عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ لِرَبِّهَا فَهُوَ وَقَوْلُهُ وَمُتَّجَرٍ فِيهَا بِأَجْرٍ وَإِنْ كَانَ عَلَى الرِّبْحِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَمْ يَعْلَمْ قَدْرَهَا) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَوْ عَلِمَ قَدْرَهَا وَلَوْ بِالتَّحَرِّي فَلَهُ حُكْمٌ آخَرُ وَهُوَ الْمُشَارُ لَهُ بِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ.
(قَوْلُهُ: لَا مَفْهُومَ لَهُ) فِي عب وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ عج أَنَّ الْمُتَّجِرَ فِيهَا بِدُونِ أَجْرٍ يَتَعَدَّدُ فِيهَا لَكِنْ إنَّمَا يُزَكِّيهَا بَعْدَ قَبْضِهَا اهـ كَذَا فِي عب وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ الْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِ عج خِلَافُهُ وَأَنَّهُ يُزَكِّيهَا قَبْلَ الْقَبْضِ سَوَاءٌ كَانَ بِأَجْرٍ أَوْ بِغَيْرِهِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمَوَّاقِ شَيْخِنَا. (قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَجْرِي فِيهَا) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ بِصِيغَةِ إفْرَادِ الضَّمِيرِ وَالظَّاهِرُ جَرَيَانُهُ فِي الْمُودَعَةِ كَذَا كُنْت كَتَبْت ثُمَّ رَأَيْت عج جَزَمَ بِهِ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ وَجَدْت مُحَشِّيَ تت جَزَمَ بِخِلَافِهِ وَرَدَّ عَلَى عج بِقَوْلِهِ فِيهِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِاقْتِضَائِهِ اعْتِبَارَ النَّقْصِ، وَلَوْ كَانَ عِنْدَهُ مَا يُجْعَلُ فِي مُقَابَلَةِ الدَّيْنِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّ الْمَشْهُورَ الَّذِي دَرَجَ عَلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ أَنَّ دَيْنَ الزَّكَاةِ كَغَيْرِهِ مِنْ الدُّيُونِ يُسْقِطُ الزَّكَاةَ إلَّا أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ مَا يُجْعَلُ فِي مُقَابَلَةِ الدَّيْنِ وَحِينَئِذٍ إذَا كَانَ عِنْدَهُ مَا يُجْعَلُ فِي مُقَابَلَةِ الدَّيْنِ هُنَا فَيُزَكَّى لِمَاضِي السِّنِينَ وَلَا عِبْرَةَ بِالنَّقْصِ لِتَعَلُّقِ الزَّكَاةِ بِالذِّمَّةِ لَا بِعَيْنِ الْمَالِ وَهَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ اُنْظُرْ مُحَشِّي تت. (قَوْلُهُ: فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ يُزَكِّيهَا) وَمُقَابِلُهُ أَنَّهُ يَسْتَقْبِلُ بِهَا كَالْفَوَائِدِ كَمَا أَفَادَهُ بَهْرَامُ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ) تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ: أَنَّهُ يُزَكِّيهَا. . . إلَخْ (قَوْلُهُ: حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ رَدَّهَا الْغَاصِبُ مَعَ رِبْحِهَا (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ. . . إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِكَوْنِهِ شَبِيهًا بِدَيْنِ الْقَرْضِ. (قَوْلُهُ: وَيُزَكِّيهَا الْغَاصِبُ إنْ كَانَ عِنْدَهُ. . . إلَخْ) أَيْ وَلَا يَرْجِعُ بِمَا دَفَعَهُ زَكَاةً عَلَى رَبِّهَا. (قَوْلُهُ: إذَا رَدَّ الْغَاصِبُ ذَلِكَ. . . إلَخْ) أَيْ رَدَّ جَمِيعَهَا فَإِنْ رَدَّ بَعْضَ ثِمَارِهَا وَكَانَ حَصَلَ فِي كُلِّ سَنَةٍ نِصَابٌ وَلَمْ يَرُدَّ جَمِيعَهُ بَلْ رَدَّ مِنْهُ قَدْرَ نِصَابٍ فَأَكْثَرَ وَكَانَ بِحَيْثُ لَوْ قُسِّمَ عَلَى سِنِينَ الْغَصْبِ لَمْ يَبْلُغْ كُلَّ سَنَةٍ نِصَابًا فَفِي زَكَاتِهِ قَوْلَانِ ثَانِيهِمَا لِابْنِ الْكَاتِبِ اُنْظُرْ عب
. (قَوْلُهُ: إذَا ضَلَّ رَبُّهَا عَنْهَا) وَأَمَّا لَوْ كَانَ عَالِمًا وَتَرَكَهَا مَدْفُونَةً اخْتِيَارًا فَيُزَكِّي لِمَاضِي الْأَعْوَامِ قَالَ عج وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ حُكْمُ الْمَاشِيَةِ الضَّائِعَةِ حُكْمَ الْمَاشِيَةِ الْمَغْصُوبَةِ. (قَوْلُهُ فَالْأَصَحُّ أَنْ يُزَكِّيَهَا لِعَامٍ وَاحِدٍ) وَمُقَابِلُهُ يُزَكِّيهَا لِكُلِّ عَامٍ مَضَى (قَوْلُهُ: وَلَا فَرْقَ. . . إلَخْ) إنَّمَا أَتَى بِذَلِكَ التَّعْمِيمِ رَدًّا عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ بْنِ الْمَوَّازِ إنْ دَفَنَهَا فِي صَحْرَاءَ، أَوْ فِي مَوْضِعٍ لَا يُحَاطُ بِهَا فَهِيَ كَالْمَغْصُوبَةِ وَالضَّائِعَةُ يُزَكِّيهَا لِعَامٍ وَاحِدٍ، وَإِنْ دَفَنَهَا فِي الْبَيْتِ وَالْمَوْضِعُ الَّذِي يُحَاطُ بِهِ زَكَّاهُ لِكُلِّ عَامٍ وَعَكْسُ هَذَا لِابْنِ حَبِيبٍ. (قَوْلُهُ وَهُوَ الْمَشْهُورُ) مُقَابِلُ مَا قَالَهُ مَالِكٌ وَسَحْنُونٌ وَالْمُغِيرَةُ يُزَكِّيهَا لِمَاضِي الْأَعْوَامِ وَمَا قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ مِنْ أَنَّهُ يَسْتَأْنِفُ لَهَا حَوْلًا إذَا كَانَ صَاحِبُهَا يَقْطَعُ الرَّجَاءَ مِنْهَا.
(قَوْلُهُ: بَلْ الْمُرَادُ أَنْ يَضِلَّ رَبُّهَا عَنْهَا) أَيْ وَلَمْ تُلْتَقَطْ وَالصَّوَابُ أَنَّ الْمُرَادَ ظَاهِرُهُ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ الْمَدْفُونَةُ بِالْفِعْلِ لِمَا فِيهَا مِنْ الْخِلَافِ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ فِي بَهْرَامَ وَغَيْرِهِ وَلِأَجْلِ دَفْعِ التَّكْرَارِ الْحَاصِلِ عَلَى حِلِّهِ. (قَوْلُهُ بِلَا ضَمَانٍ) لَا مَفْهُومَ لَهُ بَلْ مِثْلُهُ مَا إذَا كَانَتْ بِضَمَانٍ؛ لِأَنَّهَا خَرَجَتْ عَنْ الْقِرَاضِ إلَى الْقَرْضِ وَصَارَتْ سَلَفًا فِي ذِمَّتِهِ وَدَيْنُ الْقَرْضِ لَا يَخْتَلِفُ فِيهِ الْمُدِيرُ وَالْمُحْتَكِرُ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا مَفْهُومَ لَهُ فِي جَانِبِ رَبِّهَا لِأَنَّهُ لَا زَكَاةَ عَلَيْهِ مُطْلَقًا وَإِنَّمَا لَهُ مَفْهُومٌ فِي جَانِبِ الْعَامِلِ، وَهُوَ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ ضَمَانٌ اسْتَقْبَلَ بِالرِّبْحِ، وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ ضَمَانٌ فَإِنْ كَانَ عِنْدَهُ مَا يُجْعَلُ فِي الدَّيْنِ زَكَّى الْأَصْلَ وَالرِّبْحَ وَإِلَّا اسْتَقْبَلَ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يُزَكِّيهَا لِعَامٍ وَاحِدٍ لَا لِمَاضِي الْأَعْوَامِ عَلَى الْمَشْهُورِ) مُقَابِلُهُ لِابْنِ شَعْبَانَ يُزَكِّيهِ لِمَاضِي الْأَعْوَامِ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْعَامِلِ. (قَوْلُهُ فَيُزَكِّيهَا مَعَ مَالِهِ. . . إلَخْ) وَأَمَّا إنْ لَمْ يَعْلَمْ يَصْبِرْ حَتَّى يَعْلَمَ فَيُزَكِّيَهَا لِمَاضِي الْأَعْوَامِ