وَلَا يَبِيعُهُ فَإِنْ بَاعَهُ ضَمِنَهُ بِمِثْلِهِ وَلَا يُفْسَخُ الْبَيْعُ لِأَنَّ الزَّكَاةَ فِي حُكْمِ الدُّيُونِ فَجَازَ لِمَنْ هِيَ فِي يَدِهِ التَّصَرُّفُ فِيهَا بِشَرْطِ الضَّمَانِ كَمُتَسَلِّفِ الْوَدِيعَةِ وَتَسَلُّفِ الْوَصِيِّ مِنْ مَالِ مَحْجُورِهِ.

(ص) وَأُخِذَ الْخَوَارِجُ بِالْمَاضِي (ش) يَعْنِي أَنَّ الْخَوَارِجَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَهُمْ الَّذِينَ يَرَوْنَ مَا رَآهُ الْخَارِجُونَ عَلَى عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إذَا امْتَنَعُوا مِنْ إعْطَاءِ الزَّكَاةِ أَعْوَامًا ثُمَّ قُدِرَ عَلَيْهِمْ فَإِنَّهَا تُؤْخَذُ مِنْهُمْ فِي تِلْكَ الْأَعْوَامِ الْمَاضِيَةِ عَنْ الْعَيْنِ وَالْحَرْثِ وَالْمَاشِيَةِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُعَامَلُوا فِيهَا مُعَامَلَةَ مَنْ تَخَلَّفَ عَنْهُ السَّاعِي لَا مُعَامَلَةَ الْهَارِبِ وَلِهَذَا قَالَ (إلَّا أَنْ يَزْعُمُوا الْأَدَاءَ) لِمَا عَلَيْهِمْ فَيُصَدَّقُوا، وَلَوْ فِي عَامِ الْقُدْرَةِ قَالَ أَشْهَبُ لِأَنَّهُمْ مُتَأَوِّلُونَ بِخِلَافِ الْهَارِبِ وَقَيَّدَ بَعْضُهُمْ تَصْدِيقَهُمْ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ خُرُوجُهُمْ امْتِنَاعًا مِنْ دَفْعِهَا وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (إلَّا أَنْ يَخْرُجُوا لِمَنْعِهَا) أَيْ الزَّكَاةِ فَلَا يُصَدَّقُونَ فِي الدَّفْعِ وَتُؤْخَذُ مِنْهُمْ لِاتِّهَامِهِمْ حِينَئِذٍ وَيَنْبَغِي أَنْ يُعَامَلُوا حِينَئِذٍ مُعَامَلَةَ الْهَارِبِ قَوْلُهُ: الْخَوَارِجُ صِفَةٌ لِمَوْصُوفٍ مَحْذُوفٍ أَيْ الطَّوَائِفُ الْخَوَارِجُ جَمْعُ خَارِجَةٍ عَلَى مَعْنَى طَائِفَةٍ خَارِجَةٍ

. (ص) وَفِي خَمْسَةِ أَوْسُقٍ فَأَكْثَرَ، وَإِنْ بِأَرْضٍ خَرَاجِيَّةٍ أَلْفٌ وَسِتُّمِائَةِ رِطْلٍ مِائَةٌ وَثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا مَكِّيًّا كُلٌّ خَمْسُونَ وَخُمُسَا حَبَّةٍ مِنْ مُطْلَقِ الشَّعِيرِ (ش) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ أَوَّلَ الْبَابِ: تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي كَذَا وَكَذَا أَيْ وَالْوَاجِبُ فِي خَمْسَةِ أَوْسُقٍ فَأَكْثَرَ - لِأَنَّهُ لَا وَقْصَ فِي الْحُبُوبِ كَالْعَيْنِ - الْعُشْرُ إنْ سُقِيَ بِلَا آلَةٍ وَنِصْفُهُ إنْ سُقِيَ بِآلَةٍ عَلَى مَا يَأْتِي، وَسَوَاءٌ كَانَتْ الْأَرْضُ خَرَاجِيَّةً، أَوْ غَيْرَ خَرَاجِيَّةٍ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ شَاسٍ وَغَيْرُهُ وَنَحْوُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَمَبْلَغُ الْخَمْسَةِ الْأَوْسُقِ بِالْكَيْلِ الْمِصْرِيِّ سِتَّةُ أَرَادِبَ وَثُلُثُ إرْدَبٍّ وَرُبُعُ إرْدَبٍّ بِأَرَادِبَ الْقَاهِرَةِ وَمِصْرَ قَالَ الْمُؤَلِّفُ: حَرَّرَ كَذَلِكَ سَنَةَ سَبْعٍ أَوْ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِينَ وَسَبْعِمِائَةٍ بِمُدٍّ مُعَيَّرٍ عَلَى مُدِّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِحَضْرَةِ شَيْخِنَا عَبْدِ اللَّهِ الْمَنُوفِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - انْتَهَى. وَلَك أَنْ تَقُولَ فَوَجَدَ سِتَّةَ أَرَادِبَ وَنِصْفًا وَنِصْفَ وَيْبَةٍ وَمَبْلَغُهَا بِالْوَزْنِ أَلْفُ رِطْلٍ وَسِتُّمِائَةِ رِطْلٍ وَكُلُّ رِطْلٍ مِائَةٌ وَثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا مَكِّيًّا وَكُلُّ دِرْهَمٍ خَمْسُونَ وَخُمُسَا حَبَّةٍ مِنْ الشَّعِيرِ الْمُطْلَقِ أَيْ مَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ اسْمُ الشَّعِيرِ مِنْ غَيْرِ قَيْدِ سِمَنٍ وَلَا ضُمُورٍ وَهُوَ الْمُتَوَسِّطُ وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ: مِنْ مُتَوَسِّطِ الشَّعِيرِ وَالدِّينَارُ اثْنَتَانِ وَسَبْعُونَ حَبَّةً عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَلَمَّا كَانَ الْمَكِيلُ لَا يَنْضَبِطُ لِأَنَّهُ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَزْمِنَةِ وَالْأَمْكِنَةِ ضَبَطَ الْمُؤَلِّفُ النِّصَابَ بِالْوَزْنِ.

ـــــــــــــــــــــــــــــQلُزُومَ الْوَسَطِ فِي الْمُقَوَّمِ لَا بِعَيْنِهِ وَلُزُومَ الْمُعَيَّنِ فِي الْمِثْلِيِّ {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} [الأنعام: 141] هَكَذَا فِي شَرْحِ عب وَوَجْهُهُ أَنَّ قَوْلَهُ: حَقَّهُ يَدُلُّ عَلَى حَقِّيَّةِ شَيْءٍ فَإِذَا عَيَّنَ شَيْئًا مِنْ الطَّعَامِ فَكَأَنَّهُ لِحَقِّيَّتِهِ انْحَصَرَتْ فِيهِ (قَوْلُهُ: فَجَازَ لِمَنْ هِيَ فِي يَدِهِ) أَيْ كَمَا إذَا كَانَ عَلَيْهِ خَمْسَةُ أَرَادِبَ قَمْحًا مَنْ سَلَمٍ فَهَيَّأَهَا لِرَبِّهَا فَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهَا وَيُعْطِيَهُ بَدَلَهَا وَانْظُرْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُنَكَّدُ عَلَى قَوْلِهِ وَلَوْ عَيَّنَ طَعَامًا تَعَيَّنَ (قَوْلُهُ: كَمُتَسَلِّفٍ) أَيْ كَتَسَلُّفِ مُتَسَلِّفٍ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ تَسَلُّفَ الْوَدِيعَةِ إذَا كَانَتْ مُقَوَّمَةً يَحْرُمُ وَيُكْرَهُ إذَا كَانَتْ نَقْدًا أَوْ مِثْلِيًّا وَهَذَا كُلُّهُ بِدُونِ إذْنِ رَبِّهَا وَإِلَّا فَيَجُوزُ وَلَا تَوَهُّمَ فِيهِ وَكَأَنَّهُ أَرَادَ بِالْجَوَازِ عَدَمَ الْحُرْمَةِ فَيَصْدُقُ بِالْكَرَاهَةِ وَيُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ الْوَدِيعَةُ نَقْدًا وَتَسَلَّفَ بِغَيْرِ إذْنٍ وَكَانَ غَيْرَ مُعْدِمٍ. (قَوْلُهُ وَتَسَلَّفَ الْوَصِيُّ) اُنْظُرْهُ هَلْ هُوَ جَائِزٌ، أَوْ مَكْرُوهٌ

(قَوْلُهُ: وَهُمْ الَّذِينَ يَرَوْنَ إلَخْ) أَيْ مِنْ النَّقْضِ فِي التَّحْكِيمِ وَالتَّكْفِيرِ بِالذَّنْبِ وَانْظُرْ أَيُّ دَاعٍ لِذَلِكَ أَيْ لِخُصُوصِ هَذَا التَّفْسِيرِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ مُطْلَقُ طَائِفَةٍ خَارِجَةٍ عَلَى الْإِمَامِ.

(قَوْلُهُ: فَإِنَّهَا تُؤْخَذُ مِنْهُمْ. . . إلَخْ) هَذَا مِنْ ثَمَرَاتِ الْعَمَلِ بِحَالِ الْهَارِبِ (قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي. . إلَخْ) أَيْ فَتُؤْخَذُ مِنْهُمْ بِتَبْدِئَةِ الْأُولَى إلَّا أَنْ يَنْقُصَ النِّصَابُ، أَوْ الصِّفَةُ بِالنِّسْبَةِ لِلْأَعْوَامِ الْمَاضِيَةِ وَأَمَّا عَامُ الْقُدْرَةِ فَتُؤْخَذُ مِنْهُمْ عَلَى مَا فِيهِ، وَلَوْ قَالَ أَيْ فَيُعَامَلُونَ مُعَامَلَةَ الْهَارِبِ لَكَانَ أَحْسَنَ. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَزْعُمُوا الْأَدَاءَ) أَيْ يَدَّعُوا الْأَدَاءَ. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَخْرُجُوا لِمَنْعِهَا) أَيْ فَقَطْ أَوْ مَعَ غَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: أَيْ الطَّوَائِفِ) أَيْ لَا بِمَعْنَى الذَّوَاتِ الْخَارِجَاتِ. (قَوْلُهُ عَلَى مَعْنَى طَائِفَةٍ خَارِجَةٍ) أَيْ لَا ذَاتِ الْخَارِجَةِ وَكَانَ الْمَانِعُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ تُعُورِفَ اسْتِعْمَالُ هَذَا الْجَمْعِ فِي الطَّوَائِفِ

. (قَوْلُهُ وَفِي خَمْسَةِ أَوْسُقٍ) جَمْعُ وَسْقٍ بِفَتْحِ الْوَاوِ عَلَى الْأَفْصَحِ مَصْدَرٌ بِمَعْنَى الْجَمْعِ وَاصْطِلَاحًا مِكْيَالٌ مَعْرُوفٌ هُوَ سِتُّونَ صَاعًا وَهُوَ الَّذِي أَرَادَ الْمُصَنِّفُ وَالصَّاعُ أَرْبَعَةُ أَمْدَادٍ وَالْمُدُّ مِلْءُ الْيَدَيْنِ الْمُتَوَسِّطَتَيْنِ لَا مَقْبُوضَتَيْنِ وَلَا مَبْسُوطَتَيْنِ فَالنِّصَابُ بِالْكَيْلِ ثَلَاثُمِائَةِ صَاعٍ وَهِيَ أَلْفُ مُدٍّ وَمِائَتَا مُدٍّ وَقَدْرُ ذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَمْكِنَةِ وَالْأَزْمِنَةِ.

(قَوْلُهُ: أَلْفٌ إلَخْ) هَذَا بَيَانٌ لِلنِّصَابِ بِالْوَزْنِ الشَّرْعِيِّ وَأَمَّا مِقْدَارُهُ بِالرِّطْلِ الْمِصْرِيِّ الْآنَ فَهُوَ كَمَا قَالَ عج أَلْفُ رِطْلٍ وَأَرْبَعُمِائَةِ رِطْلٍ وَخَمْسَةٌ وَثَمَانُونَ رِطْلًا وَجَزَمَ سَنَدٌ فِي الطِّرَازِ أَنَّهَا لِلتَّقْرِيبِ حَتَّى لَوْ نَقَصَتْ الْيَسِيرَ وَجَبَتْ الزَّكَاةُ؛ لِأَنَّ النَّقْصَ الْيَسِيرَ كَالْعَدَمِ وَالرِّطْلُ بِكَسْرِ الرَّاءِ وَفَتْحِهَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ وَقَوْلُهُ: أَلْفٌ يُحْتَمَلُ كَوْنُهُ مَرْفُوعًا عَلَى أَنَّهُ خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ وَمَجْرُورًا عَلَى أَنَّهُ بَدَلٌ مِنْ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ وَمَنْصُوبًا عَلَى أَنَّهُ مَعْمُولٌ لِعَامِلٍ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ أَعْنِي عَلَى لُغَةِ رَبِيعَةَ الَّذِينَ يَقِفُونَ فِي الْمَنْصُوبِ عَلَى السُّكُونِ وَلَا يُقَالُ، وَهُوَ لَيْسَ مَحَلُّ وَقْفٍ لِأَنَّا نَقُولُ الْأَصْلُ فِي كُلِّ كَلِمَةٍ أَنْ تُكْتَبَ بِصُورَةِ لَفْظِهَا بِتَقْدِيرِ الِابْتِدَاءِ بِهَا وَالْوَقْفِ عَلَيْهَا اهـ.

وَقَوْلُهُ: مِائَةٌ عَلَى حَسَبِ مَا قَبْلَهُ مِنْ رَفْعٍ فَقَطْ وَقَوْلُهُ ثَمَانِيَةٌ حُذِفَ مِنْهُ الْعَاطِفُ وَهُوَ جَائِزٌ وَاعْلَمْ أَنَّ الدِّرْهَمَ الْمِصْرِيَّ يَزِيدُ عَلَى الدِّرْهَمِ الشَّرْعِيِّ بِحَبَّةِ خَرُّوبٍ وَبِعُشْرِهَا وَنِصْفِ عُشْرِهَا. (قَوْلُهُ: الْقَاهِرَةِ وَمِصْرَ) الْقَاهِرَةُ هِيَ الْمَوْضِعُ الَّذِي فِيهِ الْأَزْهَرُ وَأَرَادَ بِمِصْرَ مِصْرَ الْعَتِيقَةِ (قَوْلُهُ: فَوَجَدَ سِتَّةَ أَرَادِبَ وَنِصْفًا) وَالْإِرْدَبُّ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ مِكْيَالٌ لِأَهْلِ مِصْرَ وَقَالَ عِيَاضٌ بِفَتْحِهَا وَظَاهِرُ الْقَامُوسِ أَنَّ فِيهِ لُغَةَ الضَّمِّ. (قَوْلُهُ: وَكَانَ يَنْبَغِي لَهُ) أَيْ؛ لِأَنَّ مُطْلَقَ الشَّعِيرِ مَعْنَاهُ مُطْلَقُ شَعِيرٍ كَبِيرًا، أَوْ صَغِيرًا ضَامِرًا أَمْ لَا عَلَى حَدِّ مُطْلَقِ الْمَاءِ وَالْمَاءُ الْمُطْلَقُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015