كَذَلِكَ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ وَلَوْ لِغَيْرِ سَامِعٍ ابْنُ حَارِثٍ اتِّفَاقًا انْتَهَى قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَمَنْ أَتَى مِنْ دَارِهِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِنْصَاتُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ فِيهِ اهـ. قَوْلُهُ الَّذِي يَجُوزُ أَنْ يُصَلِّيَ فِيهِ أَيْ عِنْدَ الضِّيقِ وَالْمُرَادُ رِحَابُهُ فَقَطْ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ وَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ مُقَدَّمٌ عَلَى غَيْرِهِ وَلَعَلَّ مُرَادَ ابْنِ عَرَفَةَ بِخَارِجِ الْمَسْجِدِ رِحَابُهُ فَقَطْ لِيُوَافِقَ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي شَرْحِ السَّمَاعِ الْمُفِيدُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْإِنْصَاتُ عَلَى مَنْ كَانَ خَارِجَ الرِّحَابِ وَلَوْ سَمِعَ الْخُطْبَةَ اتِّفَاقًا

(ص) إلَّا أَنْ يَلْغُوَ عَلَى الْمُخْتَارِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْإِنْصَاتَ وَاجِبٌ إنْ لَمْ يَخْرُجْ الْإِمَامُ إلَى اللَّغْوِ فَإِنْ لَغَا فَلَيْسَ بِوَاجِبٍ فَهُوَ مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِ كَكَلَامٍ فِي خُطْبَتَيْهِ وَيَلْغُو أَيْ يَتَكَلَّمُ بِالْكَلَامِ اللَّاغِي أَيْ السَّاقِطِ مِنْ الْقَوْلِ أَيْ الْخَارِجِ عَنْ نِظَامِ الْخُطْبَةِ بِأَنْ يَخْرُجَ إلَى سَبِّ مَنْ لَا يَجُوزُ سَبُّهُ، أَوْ مَدْحِ مَنْ لَا يَجُوزُ مَدْحُهُ

(ص) وَكَسَلَامٍ وَرَدِّهِ (ش) ابْنُ عَرَفَةَ لَا يُسَلِّمُ وَلَا يَرُدُّ وَلَا يَشْرَبُ وَلَا يُشَمِّتُ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ قَالَ وَيَحْمَدُ الْعَاطِسُ فِي نَفْسِهِ

(ص) وَنَهْيُ لَاغٍ وَحَصْبُهُ، أَوْ أَشَارَ لَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِمَنْ حَضَرَ الْخُطْبَةَ أَنْ يَنْهَى مَنْ لَغَا وَلَا أَنْ يَرْمِيَهُ بِالْحَصْبَاءِ زَجْرًا لَهُ عَنْ لَغْوِهِ وَلَا أَنْ يُشِيرَ لِمَنْ لَغَا لِأَنَّ الْإِشَارَةَ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ اُصْمُتْ وَذَلِكَ لَغْوٌ وَكَذَا الْإِشَارَةُ لِرَدِّ السَّلَامِ

(ص) وَابْتِدَاءُ صَلَاةٍ بِخُرُوجِهِ وَإِنْ لِدَاخِلٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْخَطِيبَ إذَا خَرَجَ عَلَى النَّاسِ مِنْ دَارِ الْخَطَابَةِ، أَوْ مِنْ بَابِ الْمَسْجِدِ لِلْخُطْبَةِ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ ابْتِدَاءُ صَلَاةِ نَفْلٍ حِينَئِذٍ وَلَوْ لَمْ يَجْلِسْ عَلَى الْمِنْبَرِ وَلَوْ لِدَاخِلِ الْمَسْجِدِ حِينَ خَرَجَ الْإِمَامُ وَهَذَا حُكْمُ النَّفْلِ، وَأَمَّا إذَا ذَكَرَ الْمُسْتَمِعُ لِلْخُطْبَةِ مَنْسِيَّةً فَإِنَّهُ يُصَلِّيهَا قَالَ الْبُرْزُلِيُّ فِي أَوَّلِ مَسْأَلَةٍ مِنْ مَسَائِلِ الصَّلَاةِ إذَا ذَكَرَ صَلَاةَ الصُّبْحِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ فَلْيُصَلِّهَا بِمَوْضِعِهِ وَيَقُولُ لِمَنْ يَلِيهِ: أَنَا أُصَلِّي الصُّبْحَ إنْ كَانَ مِمَّنْ يُقْتَدَى بِهِ وَإِلَّا فَلَيْسَ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَالضَّمِيرُ فِي خُرُوجِهِ عَائِدٌ عَلَى الْإِمَامِ وَالْبَاءُ بِمَعْنَى بَعْدَ أَيْ بَعْدَ خُرُوجِهِ قَالَهُ الشَّارِحُ وَالْمُرَادُ بِهِ تَوَجُّهُهُ إلَى الْخُطْبَةِ

(ص) وَلَا يَقْطَعُ إنْ دَخَلَ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَحْرَمَ بِنَفْلٍ جَاهِلًا لِلْحُكْمِ، أَوْ غَافِلًا عَنْ كَوْنِ الْإِمَامِ يَخْطُبُ، أَوْ عَنْ خُرُوجِهِ لِلْخُطْبَةِ فَإِنَّهُ لَا يَقْطَعُ مَا هُوَ فِيهِ عَقَدَ رَكْعَةً أَمْ لَا عَلَى الْمَذْهَبِ وَلَا يُعَارِضُ هَذَا قَوْلَهُ فِيمَا سَبَقَ وَقَطْعُ مُحْرِمٍ بِوَقْتِ نَهْيٍ لِأَنَّ ذَاكَ فِي الْمُعْتَمَدِ

ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَلَوْ لِغَيْرِ سَامِعٍ) أَيْ وَإِنْ كَانَ خَارِجَ الْمَسْجِدِ تت (قَوْلُهُ: ابْنُ حَارِثٍ اتِّفَاقًا) هَذَا مُقَابِلُ الْأَكْثَرِ وَكَأَنَّهُ يَقُولُ ابْنُ حَارِثٍ لَا يَقُولُ بِأَنَّ الْأَكْثَرَ كَذَلِكَ بَلْ يَقُولُ اتِّفَاقًا وَهَذَا تَتِمَّةُ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ وَوَسَّطَ الشَّارِحُ بَيْنَ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ قَوْلُهُ: وَإِلَيْهِ أَشَارَ. . . إلَخْ (قَوْلُهُ: وَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ مُقَدَّمٌ عَلَى غَيْرِهِ) أَيْ أَنَّ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ مِنْ وُجُوبِ الْإِنْصَاتِ مُقَدَّمٌ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ عَدَمِ وُجُوبِ الْإِنْصَاتِ (قَوْلُهُ: مَا ذَكَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي شَرْحِ السَّمَاعِ) أَيْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مَالِكًا

(تَنْبِيهٌ) : يَحْرُمُ الْكَلَامُ عَلَى مَنْ كَانَ بِالْمَسْجِدِ أَوْ رَحْبَتِهِ مَعَ مَنْ هُوَ بِأَحَدِهِمَا وَظَاهِرُهُ وَلَوْ نِسَاءً أَوْ عَبِيدًا أَوْ مَعَ خَارِجٍ عَنْهُمَا وَيُبَاحُ لِخَارِجَيْنِ عَنْهُمَا وَلَوْ سَمِعَا الْخُطْبَةَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ لَكِنْ يُسْتَحَبُّ الْإِنْصَاتُ عِنْدَ السَّمَاعِ وَكَذَا يَحْرُمُ غَيْرُ الْكَلَامِ مِنْ تَحْرِيكِ مَا لَهُ صَوْتٌ كَحَدِيدٍ وَثَوْبٍ جَدِيدٍ وَلَا يَشْرَبُ أَحَدٌ الْمَاءَ وَلَا يَدُورُ بِهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْكَلَامَ وَمَا مَعَهُ يَجُوزُ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الْخُطْبَةِ وَحَالَ جُلُوسِ الْإِمَامِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ وَآخِرَ الْخُطْبَةِ الثَّانِيَةِ عِنْدَ شُرُوعِ الْخَطِيبِ فِي الدُّعَاءِ لِلصَّحْبِ وَالْخَلِيفَةِ، وَنَقَلَ الْبُرْزُلِيُّ عَنْ ابْنِ الْعَرَبِيِّ رَأَيْت الزُّهَّادَ بِمَدِينَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْكُوفَةِ إذَا بَلَغَ الْإِمَامُ الدُّعَاءَ لِلْأُمَرَاءِ أَوْ أَهْلِ الدُّنْيَا قَامُوا فَصَلَّوْا وَيَتَكَلَّمُونَ مَعَ جُلَسَائِهِمْ فِيمَا يَحْتَاجُونَ إلَيْهِ مِنْ أَمْرِهِمْ أَوْ فِي عِلْمٍ وَلَا يُصْغُونَ إلَيْهِمْ؛ لِأَنَّهُ لَغْوٌ وَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ الْكَلَامُ وَلَا التَّنَفُّلُ إذَا لَغَا الْإِمَامُ (قَوْلُهُ: الْمُفِيدُ. . . إلَخْ) مُسَلَّمٌ أَنَّهُ يُفِيدُ إلَّا أَنَّ الْخِلَافَ مَوْجُودٌ فِي عِبَارَةِ التَّوْضِيحِ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَلْغُوَ) وَمِنْ جُمْلَتِهِ الدُّعَاءُ لِلسُّلْطَانِ وَلَيْسَ مِنْ الْخُطْبَةِ وَكَذَا التَّرَضِّي عَلَى الصَّحْبِ كَمَا أَشَرْنَا لَهُ وَمِنْ الْبِدَعِ الْمَكْرُوهَةِ الَّتِي ابْتَدَعَهَا أَهْلُ الشَّامِ وَهُمْ بَنُو أُمَيَّةَ التَّرْقِيَةُ وَمَا يَقُولُهُ الْمُرَقِّي مِنْ: صَلُّوا عَلَيْهِ وَآمِينَ وَرَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، فَهُوَ مَكْرُوهٌ وَكَذَا قَوْلُهُ: الْحَدِيثُ عِنْدَ فَرَاغِ الْمُؤَذِّنِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ إنَّمَا تَبِعُوا فِي ذَلِكَ أَهْلَ الشَّامِ وَخَالَفُوا أَهْلَ الْمَدِينَةِ مِنْ عَدَمِ فِعْلِهِمْ ذَلِكَ وَهُوَ مِنْ أَعْجَبْ الْعَجَائِبِ (قَوْلُهُ بِأَنْ يَخْرُجَ إلَى سَبٍّ) أَيْ أَوْ يَخْرُجَ إلَى غَيْرِ مُحَرَّمٍ كَقِرَاءَتِهِ كِتَابًا غَيْرَ مُتَعَلِّقٍ بِالْخُطْبَةِ وَكَتَكَلُّمِهِ بِمَا لَا يَعْنِي وَبِذَلِكَ يُعْلَمُ أَنَّ قَوْلَهُ أَوْ مَدْحِ مَنْ لَا يَجُوزُ مَدْحُهُ لَا مَفْهُومَ لَهُ؛ لِأَنَّ مَدْحَ مَنْ يَجُوزُ مَدْحُهُ خُرُوجٌ عَنْ الْخُطْبَةِ؛ لِأَنَّهَا وَقْتُ تَحْذِيرٍ وَتَبْشِيرٍ وَجَعْلُهُ مِنْ التَّبْشِيرِ بَعِيدٌ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَلَا يُسَلِّمُ وَلَا يَرُدُّ) أَيْ لَا يَجُوزُ لِمَنْ كَانَ يَسْمَعُ الْخُطْبَةَ أَنْ يُسَلِّمَ أَوْ يَرُدَّ.

(قَوْلُهُ: وَنَهْيُ لَاغٍ) أَيْ بِالنُّطْقِ (قَوْلُهُ: يَعْنِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِمَنْ حَضَرَ الْخُطْبَةَ) احْتَرَزَ بِذَلِكَ مِنْ نَفْسِ الْخَطِيبِ فَإِنَّهُ الَّذِي يَأْمُرُ مَنْ لَغَا بِالتَّرْكِ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ لِدَاخِلٍ) بَالَغَ عَلَيْهِ رَدًّا عَلَى الْمُخَالِفِ وَدَفْعًا لِمَا يُتَوَهَّمُ مِنْ أَنَّ الدَّاخِلَ مَطْلُوبٌ بِالتَّحِيَّةِ فَيَأْتِي بِهَا (قَوْلُهُ: مِنْ دَارِ الْخَطَابَةِ) جُلُوسُ الْإِمَامِ فِي دَارِ الْخَطَابَةِ أَهْيَبُ لَهُ مِنْ جُلُوسِهِ بَيْنَ النَّاسِ وَالْأَهْيَبُ يُقْبَلُ كَلَامُهُ (قَوْلُهُ: وَيَقُولُ لِمَنْ يَلِيهِ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ يَقُولُهُ وُجُوبًا (قَوْلُهُ: إنْ دَخَلَ. . . إلَخْ) ، وَأَمَّا الْجَالِسُ قَبْلُ فَيَقْطَعُ مُطْلَقًا ابْتَدَأَهَا عَامِدًا أَوْ جَاهِلًا أَوْ نَاسِيًا خُرُوجَهُ أَوْ الْحُكْمَ عَقَدَ رَكْعَةً أَمْ لَا فَهَذِهِ سِتٌّ هَذَا غَيْرُ مَا يُفِيدُ قَوْلُ الشَّارِحِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ فِي الْمُتَعَمِّدِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يُفِيدُ أَنَّ الْجَالِسَ إذَا أَحْرَمَ جَاهِلًا أَوْ نَاسِيًا لَا يَقْطَعُ وَذَلِكَ خِلَافُ مَا يُفِيدُهُ آخِرُ الْعِبَارَةِ الْمُفِيدُ أَنَّهُ يَقْطَعُ الْجَالِسُ وَلَوْ غَافِلًا أَوْ جَاهِلًا الْمُوَافِقُ فِيهِ لعب (قَوْلُهُ: أَوْ غَافِلًا) أَيْ سَاهِيًا عَنْ كَوْنِ الْإِمَامِ. . . إلَخْ أَيْ أَوْ سَاهِيًا عَنْ الْحُكْمِ أَوْ جَاهِلًا كَوْنَهُ يَخْطُبُ أَوْ جَاهِلًا مَجِيئَهُ (قَوْلُهُ: عَقَدَ رَكْعَةً أَمْ لَا) هَذِهِ أَرْبَعُ صُوَرٍ وَحَاصِلُهَا أَنَّ الدَّاخِلَ إنْ كَانَ جَاهِلًا أَوْ نَاسِيًا لَا يَقْطَعُ مَا هُوَ فِيهِ عَقَدَ رَكْعَةً أَمْ لَا وَأَمَّا لَوْ كَانَ مُتَعَمِّدًا فَيَقْطَعُ عَقَدَ رَكْعَةً أَمْ لَا فَهَذِهِ سِتُّ صُوَرٍ (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَذْهَبِ) وَمُقَابِلُهُ مَا لِابْنِ شَعْبَانَ مِنْ أَنَّهُ يَقْطَعُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015