مِنْ هَذَا الْمُخْتَصَرِ ذَكَرْت فِيهِ قَوْلَيْنِ أَوْ أَقْوَالًا أَوْ وَهَلْ كَذَا أَوْ كَذَا وَثَالِثُهَا كَذَا وَرَابِعُهَا كَذَا فَذَلِكَ لِعَدَمِ اطِّلَاعِي فِي الْفَرْعِ الَّذِي ذَكَرْت فِيهِ ذَلِكَ عَلَى مَنْ رَجَّحَ أَحَدَهُمَا أَوْ أَحَدَهَا عَلَى الْآخَرِ وَعُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَا أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الْقَوْلَيْنِ أَوْ الْأَقْوَالِ بَيْنَ التَّلَفُّظِ بِصِيغَةِ الْقَوْلِ أَمْ لَا وَفِي كَلَامِ النَّاصِرِ اللَّقَانِيِّ هُنَا نَظَرٌ وَمِثْلُهُ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ فَانْظُرْهُ فِي شَرْحِنَا الْكَبِيرِ.

(ص) وَاعْتُبِرَ مِنْ الْمَفَاهِيمِ مَفْهُومُ

ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ قَوْلَيْنِ) أَيْ لَفْظَ قَوْلَيْنِ أَوْ لَفْظَ أَقْوَالٍ وَقَوْلُهُ أَوْ وَهَلْ إلَخْ إشَارَةٌ إلَى مَا كَتَبَهُ بَعْضُهُمْ فَقَالَ، فَإِنْ قُلْت لِمَ قَالَ أَوَّلًا وَحَيْثُ قُلْت خِلَافٌ فَعَبَّرَ بِالْقَوْلِ وَرَفَعَ لَفْظَ خِلَافٌ وَقَالَ ثَانِيًا وَحَيْثُ ذَكَرْت قَوْلَيْنِ أَوْ أَقْوَالًا فَعَبَّرَ بِالذِّكْرِ وَنَصَبَ قَوْلَيْنِ أَوْ أَقْوَالًا قُلْت لَمَّا كَانَ ذِكْرُهُ الْأَقْوَالَ أَعَمَّ مِنْ أَنْ يَتَلَفَّظَ بِهَا أَوْ يَقُولَ مَثَلًا وَهَلْ كَذَا أَوْ كَذَا ثَالِثُهَا كَذَا وَرَابِعُهَا كَذَا لَمْ يَصْلُحْ الرَّفْعُ عَلَى الْحِكَايَةِ وَلَا الْقَوْلِ الْمُنَاسِبِ لِذَلِكَ فَلَوْ قَالَ وَحَيْثُ قُلْت أَقْوَالٌ لَخَرَجَ مَا لَمْ يَتَلَفَّظْ بِهِ بِصِيغَةِ الْقَوْلِ كَثَالِثِهَا وَرَابِعِهَا بِخِلَافِ خِلَافٌ فَإِنَّ حِكَايَتَهُ بَعْدَ الْقَوْلِ لَا يُخْرِجُ مَعْنًى يُرِيدُ إدْخَالَهُ، فَإِنْ قُلْت لَا يَطَّرِدُ ذَلِكَ إلَّا فِي الْأَقْوَالِ لَا الْقَوْلَيْنِ قُلْت بَلْ هُوَ جَارٍ فِي الْقَوْلَيْنِ أَيْضًا كَقَوْلِهِ فِي بَابِ الرَّهْنِ وَرَجَعَ صَاحِبُهُ بِقِيمَتِهِ أَوْ بِمَا أَدَّى مِنْ ثَمَنِهِ نُقِلَتْ عَلَيْهِمَا وَخُلَاصَتُهُ أَنَّ مَا حَلَّ بِهِ الشَّارِحُ هُوَ عَيْنُ ذَلِكَ الَّذِي كَتَبَهُ الْبَعْضُ بِأَنْ يُلَاحِظَ التَّعْمِيمَ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَحَيْثُ ذَكَرْت قَوْلَيْنِ أَيًّا كَانَ بِهَذِهِ الْمَادَّةِ أَوْ غَيْرِهَا وَالتَّخْصِيصُ بِمَادَّةِ الْقَوْلِ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ وَكُلُّ مَكَان ذَكَرْت إلَخْ (قَوْلُهُ وَعُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَا إلَخْ) أَيْ بِطَرِيقِ التَّصْرِيحِ فِي الْجَمْعِ وَالْقِيَاسِ فِي الْمُثَنَّى أَيْ فِيمَا كَانَ بِغَيْرِ مَادَّةِ الْقَوْلِ.

(قَوْلُهُ وَفِي كَلَامِ النَّاصِرِ اللَّقَانِيِّ هُنَا نَظَرٌ) لَا حَاجَةَ لِذِكْرِهِ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَدْعِي طُولًا (قَوْلُهُ وَمِثْلُهُ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ) هَذَا الِاعْتِرَاضُ أَشَارَ لَهُ النَّاصِرُ حَيْثُ قَالَ وَالتَّعْبِيرُ بِرُجْحَانِيَّةٍ وَهِيَ كَوْنُهُ رَاجِحًا أَظْهَرَ؛ لِأَنَّهُ يُفِيدُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ يَقْتَصِرُ عَلَى رُجْحَانِيَّةِ الرَّاجِحِ الَّذِي يُقَابِلُهُ ضَعِيفٌ وَعَلَى مَا كَانَ أَرْجَحَ مِنْ غَيْرِهِ وَالتَّعْبِيرُ بِأَرْجَحِيَّةٍ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَقْتَصِرُ إلَّا عَلَى مَا كَانَ أَرْجَحَ مِنْ غَيْرِهِ، وَأَمَّا مَا كَانَ رَاجِحًا وَمُقَابِلُهُ ضَعِيفٌ لَا يَقْتَصِرُ عَلَيْهِ وَيَقْتَضِي عَدَمَ التَّعْبِيرِ بِالْقَوْلَيْنِ أَوْ الْأَقْوَالِ حَيْثُ انْتَفَتْ الرَّاجِحِيَّةُ عَنْهُمَا أَوْ عَنْهَا وَلَا يَكُونُ التَّعْبِيرُ بِالْقَوْلَيْنِ أَوْ الْأَقْوَالِ إلَّا إذَا رَجَحَ كُلٌّ مِنْهُمَا وَتَسَاوَيَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَكَانَ التَّعْبِيرُ بِأَظْهَرَ الْمُشْعِرِ بِظُهُورِ تَعْبِيرِ الْمُصَنِّفِ مَعَ خُرُوجِ هَذِهِ الصُّورَةِ عَنْهُ أَعْنِي مَا إذَا انْفَرَدَ أَحَدُ الْجَانِبَيْنِ بِالرَّاجِحِ وَخَلَا الْآخَرُ نَظَرًا إلَى أَنَّ أَرْجَحَ خَرَجَ بِوَاسِطَةِ يَاءِ النِّسْبَةِ عَنْ التَّفْضِيلِ وَصَارَ مَصْدَرًا دَالًّا عَلَى الْحَدَثِ وَيَكُونُ الْمَعْنَى وَحَيْثُ ذَكَرْت قَوْلَيْنِ أَوْ أَقْوَالًا فَذَلِكَ لِكَوْنِهِمَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِوَاحِدٍ رُجْحَانِيَّةٌ أَصْلًا، وَأَمَّا لَوْ تَعَلَّقَتْ بِكُلِّ وَاحِدٍ رُجْحَانِيَّةٌ وَتَسَاوَيَا يُعَبِّرُ بِخِلَافٍ فَهَاتَانِ صُورَتَانِ، وَأَمَّا لَوْ تَعَلَّقَ لِوَاحِدٍ رُجْحَانِيَّةٌ دُونَ الْآخَرِ يَقْتَصِرُ عَلَيْهِ وَكَذَا لَوْ تَعَلَّقَ بِوَاحِدٍ أَرْجَحِيَّةٌ دُونَ الْآخَرِ وَخُلَاصَةُ مَا فِي الْمَقَامِ أَنَّ الِاسْمَ إذَا دَخَلَتْ عَلَيْهِ يَاءُ النِّسْبَةِ صَارَ مَصْدَرًا دَالًّا عَلَى الْحَدَثِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُشْتَقِّ كَأَرْجَحَ؛ لِأَنَّهُ أَفْعَلُ تَفْضِيلٍ أَوْ لَا كَزَوْجٍ فَتَقُولُ زَوْجِيَّةٌ وَمِنْهُ قَوْلُ الْمُؤَلِّفِ إذَا تَنَازَعَا فِي الزَّوْجِيَّةِ أَيْ فِي كَوْنِ أَحَدِهِمَا زَوْجًا لِلْآخَرِ أَمْ لَا كَمَا أَنَّ الْمَصْدَرَ إذَا زِيدَ عَلَيْهِ يَاءُ النَّسَبِ صَارَ صِفَةً وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ مَنْصُوصَةً مِمَّا إذَا ظَهَرَ لَهُ تَرْجِيحُ أَحَدِ الْأَقْوَالِ وَلَمْ يَرَ ذَلِكَ مَنْصُوصًا فَإِنَّهُ لَا يُرَجِّحُ مَا ظَهَرَ لَهُ تَوَرُّعًا مِنْهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لِئَلَّا يَلْتَبِسَ بِمَا رَجَّحَهُ غَيْرُهُ وَلِضِيقِ هَذَا الْمُخْتَصَرِ عَنْ أَنْ يَجْعَلَ فِيهِ مَا يَدُلُّ عَلَى تَرْجِيحِهِ بِخُصُوصِهِ بِخِلَافِ التَّوْضِيحِ فَإِنَّهُ يُشِيرُ فِيهِ إلَى مَا ظَهَرَ لَهُ.

(تَتِمَّةٌ) حَكَى الْقَرَافِيُّ الْإِجْمَاعَ عَلَى تَخْيِيرِ الْمُقَلِّدِ بَيْنَ قَوْلَيْ إمَامِهِ إذَا لَمْ يَظْهَرْ لَهُ تَرْجِيحُ أَحَدِهِمَا أَيْ يَخْتَارُ قَوْلًا وَيُفْتِي بِهِ لَا أَنَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا وَإِذَا أَفْتَى بِأَحَدِ الْقَوْلَيْنِ فِي نَازِلَةٍ ثُمَّ حَصَلَتْ نَازِلَةٌ أُخْرَى مُمَاثِلَةٌ لِتِلْكَ فَلَهُ أَنْ يُفْتِيَ فِيهَا بِالْقَوْلِ الْآخَرِ مَعَ أَنَّ النَّازِلَةَ مُمَاثِلَةٌ وَإِذَا قُلْنَا يُفْتَى بِأَحَدِ الْقَوْلَيْنِ اشْتَرَطَ بَعْضُهُمْ أَنْ لَا يُفْتَى الْفُقَرَاءُ بِمَا فِيهِ تَشْدِيدٌ وَالْأَغْنِيَاءُ بِمَا فِيهِ تَخْفِيفٌ وَنَقْلُهُ الْإِجْمَاعَ طَرِيقَةٌ وَنَحْوُ مَا ذَكَرَ قَوْلُ ابْنِ غَازِيٍّ وَيَحْمِلُ الْمُسْتَفْتِي عَلَى مُعَيَّنٍ مِنْ الْأَقْوَالِ الْمُتَسَاوِيَةِ جَرَى الْعَمَلُ وَقِيلَ إنَّهُ يَذْكُرُ لَهُ الْقَوْلَيْنِ أَوْ الْأَقْوَالَ، وَهُوَ يُقَلِّدُ أَيُّهُمْ أَحَبَّ قَالَ بَعْضُهُمْ وَيَنْبَغِي أَنْ يَخْتَلِفَ ذَلِكَ بِاخْتِلَافِ أَحْوَالِ الْمُسْتَفْتِينَ وَمَنْ لَدَيْهِ مِنْهُمْ مَعْرِفَةٌ مِمَّنْ لَيْسَ كَذَلِكَ أَقُولُ، وَهُوَ الظَّاهِرُ عِنْدِي وَقَالَ الْقَرَافِيُّ فِي كِتَابِ الْأَحْكَامِ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَحْكُمَ بِأَحَدِ الْقَوْلَيْنِ الْمُتَسَاوِيَيْنِ بَعْدَ عَجْزِهِ عَنْ التَّرْجِيحِ وَلَا يَجُوزُ الْعَمَلُ وَلَا الْفَتْوَى وَلَا الْحُكْمُ بِالضَّعِيفِ.

(فَائِدَةٌ) قَالَ عج فِي الْفَتَاوِي فِي مَوْضِعِ وَإِذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ بِالْقَوْلِ الضَّعِيفِ فَلَا يُنْقَضُ حُكْمُهُ مَا لَمْ يَشْتَدَّ ضَعْفُهُ كَالْحُكْمِ بِشُفْعَةِ الْجَارِ وَمَحَلٍّ مَضَى حُكْمُهُ بِالْقَوْلِ الضَّعِيفِ حَيْثُ لَمْ يُوَلَّ عَلَى الْحُكْمِ بِغَيْرِ الضَّعِيفِ كَمَا هُوَ الْوَاقِعُ فِي قُضَاةِ مِصْرَ وَأَجَابَ الْأُجْهُورِيُّ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ بِقَوْلِهِ لَيْسَ لِقَاضِي زَمَانِنَا الْحُكْمُ بِالْقَوْلِ الضَّعِيفِ وَلَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ بِهِ وَلَوْ عَلِمَهُ وَقَصَدَهُ، فَإِنْ حَكَمَ بِهِ فَحُكْمُهُ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا تَوَلَّى عَلَى الْحُكْمِ بِمَا يَجِبُ الْعَمَلُ بِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ اهـ.

وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَتْ تَوْلِيَتُهُ إنَّمَا هِيَ عَلَى مَا يَجِبُ الْعَمَلُ بِهِ، وَهُوَ الرَّاجِحُ أَوْ الْمَشْهُورُ وَحَكَمَ بِالْقَوْلِ الضَّعِيفِ فَإِنَّهُ يُنْقَضُ حُكْمُهُ، وَإِنْ كَانَتْ تَوْلِيَتُهُ إنَّمَا هِيَ عَلَى الْعَمَلِ بِمَا يَقْتَضِيهِ رَأْيُهُ فَلَا يَجُوزُ لَهُ الْحُكْمُ بِالضَّعِيفِ وَإِذَا وَقَعَ وَنَزَلَ فَإِنَّهُ لَا يُنْقَضُ حُكْمُهُ وَيَجُوزُ تَقْلِيدُ مَذْهَبِ الْغَيْرِ فِي بَعْضِ النَّوَازِلِ وَلَوْ بَعْدَ الْوُقُوعِ، وَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْعَمَلِ بِالضَّعِيفِ وَإِذَا لَمْ يَجِدْ نَصًّا فِي نَازِلَتِهِ فَيَرْجِعُ لِمَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّ مَسَائِلَ الْخِلَافِ الَّتِي بَيْنَ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ اثْنَانِ وَثَلَاثُونَ مَسْأَلَةً فَقَطْ كَذَا أَفْتَى بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ ظَاهِرُ كَلَامِ الْقَرَافِيِّ أَنَّهُ يَنْتَقِلُ فِي تِلْكَ النَّازِلَةِ لِمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّهُ تِلْمِيذُ الْإِمَامِ وَقَدْ كَانَ جَدُّ عج إذَا سَأَلَ فِي مَسْأَلَةٍ وَلَمْ يَرَ فِيهَا نَصٌّ يَقُولُ لِلسَّائِلِ اذْهَبْ لِلشَّافِعِيِّ يَكْتُبُ لَك وَائْتِنِي بِالسُّؤَالِ أَكْتُبُ لَك جَوَابِي كَذَلِكَ. . . .

(قَوْلُهُ وَاعْتُبِرَ إلَخْ) مَعْنَى اعْتِبَارِهِ أَنَّهُ كَالشَّيْءِ الْمُصَرَّحِ بِهِ فَلَا يُصَرِّحُ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَيَعْمَلُ بِهِ وَيُفْتِي بِهِ كَالْمُصَرَّحِ بِهِ، فَإِنْ قِيلَ قَدْ صَرَّحَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ قُلْت إنَّ تَصْرِيحَهُ بِهِ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ لِنُكْتَةٍ كَتَشْبِيهِ غَيْرِهِ بِهِ أَوْ قُيُودٍ يَذْكُرُهَا (قَوْلُهُ مِنْ الْمَفَاهِيمِ)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015