الْمَنْزِلِ الِاسْتِنَابَةُ وَإِنْ كَانَ نَاقِصًا
". (ص) كَوُقُوفِ ذَكَرٍ عَنْ يَمِينِهِ. (ش) يُرِيدُ كَمَا يُنْدَبُ اسْتِنَابَةُ النَّاقِصِ يُنْدَبُ وُقُوفُ ذَكَرٍ بَالِغٍ عَنْ يَمِينِ الْإِمَامِ وَإِنْ وَقَفَ عَنْ يَسَارِهِ أَدَارَهُ إلَى يَمِينِهِ مِنْ خَلْفِهِ. (ص) وَاثْنَيْنِ خَلْفَهُ، وَصَبِيٌّ عَقَلَ الْقُرْبَةَ كَالْبَالِغِ وَنِسَاءٍ خَلْفَ الْجَمِيعِ. (ش) يَعْنِي أَنَّ الِاثْنَيْنِ مِنْ الذُّكُورِ فَصَاعِدًا يَقُومُونَ وَرَاءَهُ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ التَّصْفِيفَ مَطْلُوبٌ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «أَقِيمُوا صُفُوفَكُمْ فَإِنِّي أَرَاكُمْ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِي» وَالصَّبِيُّ إذَا كَانَ يَعْقِلُ الْقُرْبَةَ كَالْبَالِغِ فَيَقِفُ وَحْدَهُ عَنْ يَمِينِ الْإِمَامِ وَمَعَ رَجُلٍ خَلْفَهُ وَأَمَّا النِّسَاءُ فَيَقِفْنَ خَلْفَ الرِّجَالِ؛ لِأَنَّهُنَّ عَوْرَةٌ فَقَوْلُهُ " وَصَبِيٌّ " مُبْتَدَأٌ وَسَوَّغَ الِابْتِدَاءَ بِهِ وَصْفُهُ بِقَوْلِهِ " عَقَلَ الْقُرْبَةَ " أَيْ: ثَوَابَهَا بِأَنْ لَا يَذْهَبَ وَيَتْرُكَ مَنْ مَعَهُ، وَقَوْلُهُ " كَالْبَالِغِ " خَبَرُهُ
. (ص) وَرَبُّ الدَّابَّةِ أَوْلَى بِمُقَدَّمِهَا. (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا اكْتَرَى شَخْصٌ مِنْ رَبِّ دَابَّةٍ حَمَلَهُ مَعَهُ وَلَمْ يَشْتَرِطْ تَقَدُّمَ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ فَإِنَّ رَبَّ الدَّابَّةِ أَوْلَى بِمُقَدَّمِهَا - بِكَسْرِ الدَّالِ مُخَفَّفَةً وَفَتْحِهَا مُشَدَّدَةً - لِعِلْمِهِ بِطِبَاعِهَا وَمَوَاضِعِ الضَّرْبِ مِنْهَا كَعِلْمِ رَبِّ الدَّارِ بِقِبْلَتِهَا وَلِذَا يُقْضَى بِالدَّابَّةِ عِنْدَ تَنَازُعِ الرَّاكِبَيْنِ لِمَنْ بِمُقَدَّمِهَا كَمَا يُقْضَى لِكَاتِبِ الْوَثِيقَةِ بِتَقَدُّمِ شَهَادَتِهِ؛ لِأَنَّهُ أَعْلَمُ بِمَا احْتَوَتْ عَلَيْهِ وَكُلُّ هَذَا دَلِيلٌ عَلَى تَقْدِيمِ الْأَفْقَهِ لِأَعْلَمِيَّتِهِ بِمَصَالِحِ الصَّلَاةِ وَمَفَاسِدِهَا.
(ص) وَالْأَوْرَعُ وَالْعَدْلُ وَالْحُرُّ وَالْأَبُ وَالْعَمُّ عَلَى غَيْرِهِمْ. (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأَوْرَعَ يُقَدَّمُ نَدْبًا عَلَى الْوَرِعِ وَهُوَ التَّارِكُ لِبَعْضِ الْمُبَاحِ خَوْفَ الْوُقُوعِ فِي الْحَرَامِ، وَأَنَّ الْعَدْلَ يُقَدَّمُ نَدْبًا عَلَى مَجْهُولِ الْحَالِ، وَأَنَّ الْحُرَّ يُقَدَّمُ نَدْبًا عَلَى ذِي الرِّقِّ، وَأَنَّ الْأَبَ وَالْعَمَّ يُقَدَّمَانِ نَدْبًا عَلَى الِابْنِ وَابْنِ الْأَخِ وَلَوْ كَانَا زَائِدَيْنِ فِي الْفَضْلِ خِلَافًا لِسَحْنُونٍ فِي تَقْدِيمِهِ ابْنَ الْأَخِ الْأَفْضَلَ عَلَى عَمِّهِ وَلَا يَلْزَمُ مِثْلُهُ فِي الْأَبِ لِزِيَادَةِ حُرْمَتِهِ قَالَهُ الْمَازِرِيُّ خِلَافًا لِلَّخْمِيِّ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِالْعَدْلِ الْأَعْدَلَ أَيْ: وَيُنْدَبُ تَقْدِيمُ الْأَعْدَلِ عَلَى الْعَدْلِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ بَقِيَ عَلَى ظَاهِرِهِ لَأَوْهَمَ أَنَّهُ يُنْدَبُ تَقْدِيمُهُ عَلَى الْفَاسِقِ؛ لِأَنَّهُ الْمُقَابِلُ لَهُ مَعَ أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِي الْإِمَامَةِ كَمَا مَرَّ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ ابْنُ غَازِيٍّ، أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعَدْلِ هُنَا عَدْلُ الشَّهَادَةِ وَلَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ مُقَابِلُهُ فَاسِقًا كَمَا قَابَلُوهُ فِي بَابِ الشَّهَادَةِ بِالْمُغَفَّلِ وَهُوَ لَيْسَ بِفَاسِقٍ، وَهَذَا أَوْلَى مِنْ كَلَامِ ابْنِ غَازِيٍّ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَكَلُّفًا وَمِنْ كَلَامِ تت الْمُقَابِلِ لَهُ بِالْمَجْهُولِ؛ لِأَنَّ الْعَدْلَ لَا يُقَابَلُ بِالْمَجْهُولِ؛ لِأَنَّ الشَّيْءَ إنَّمَا يُقَابَلُ بِنَقِيضِهِ أَوْ الْمُسَاوِي لِنَقِيضِهِ وَالْمَجْهُولُ لَيْسَ نَقِيضًا لِلْعَدْلِ
. (ص) وَإِنْ تَشَاحَّ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: كَوُقُوفِ ذَكَرٍ عَنْ يَمِينِهِ) وَيُنْدَبُ تَأَخُّرُهُ قَلِيلًا وَتُكْرَهُ الْمُحَاذَاةُ فَإِنْ جَاءَ آخَرُ يُنْدَبُ لِمَنْ عَلَى الْيَمِينِ أَنْ يَتَأَخَّرَ قَلِيلًا حَتَّى يَكُونَا خَلْفَهُ فَقَوْلُهُ: وَاثْنَيْنِ أَيْ: ابْتِدَاءً أَوْ فِي الْأَثْنَاءِ. (قَوْلُهُ: عَقَلَ الْقُرْبَةَ) أَيْ: الطَّاعَةَ فِعْلًا أَوْ تَرْكًا أَيْ: عَقَلَ أَنَّ الطَّاعَةَ يُثَابُ عَلَيْهَا أَيْ: يَحْصُلُ الثَّوَابُ لِفَاعِلِهَا وَأَنَّ الْمَعْصِيَةَ يُعَاقَبُ عَلَيْهَا أَيْ: يَحْصُلُ الْعِقَابُ لِفَاعِلِهَا إلَّا الصَّبِيَّ. (قَوْلُهُ: وَنِسَاءٍ خَلْفَ الْجَمِيعِ) فَتَقِفُ خَلْفَ إمَامٍ لَيْسَ مَعَهُ غَيْرُهَا وَخَلْفَ رَجُلَيْنِ أَوْ صَبِيَّيْنِ فَأَكْثَرَ مَعَ الْإِمَامِ فَإِنْ كَانَ مَعَهُ رَجُلٌ أَوْ صَبِيٌّ بِشَرْطِهِ وَقَفَتْ خَلْفَهُمَا أَيْ: بِحَيْثُ يَكُونُ بَعْضُهَا خَلْفَ الْإِمَامِ وَبَعْضُهَا خَلْفَ مَنْ عَلَى يَمِينِهِ لَا خَلْفَ أَحَدِهِمَا فَقَطْ.
(تَنْبِيهٌ) : قَالَ فِي ك: وَيَقِفُ الْخُنْثَى الْمُشْكِلُ بَيْنَ صُفُوفِ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ. (قَوْلُهُ: «أَرَاكُمْ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِي» ) أَيْ: بِبَصِيرَتِي رُؤْيَةً كَرُؤْيَةِ الْبَصَرِ أَوْ بِبَصَرِي خَرْقُ عَادَةٍ وَمَا قِيلَ كَانَ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَيْنَانِ بَيْنَ كَتِفَيْهِ كَسَمِّ الْخِيَاطِ يَرَى بِهِمَا وَلَا تَحْجُبُهُمَا الثِّيَابُ لَمْ يَثْبُتْ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ ابْنُ حَجَرٍ عَلَى الْهَمْزِيَّةِ. (قَوْلُهُ: بِأَنْ لَا يَذْهَبَ) الْبَاءُ لِلسَّبَبِيَّةِ وَكَأَنَّهُ يَقُولُ: أَيْ: عَقَلَ ثَوَابَهَا بِسَبَبِ كَوْنِهِ لَا يَذْهَبُ.
(قَوْلُهُ: وَيَتْرُكَ مَنْ مَعَهُ) أَيْ: كَوْنُهُ لَا يَذْهَبُ سَبَبٌ فِي الْعِلْمِ بِكَوْنِهِ عَقَلَ الثَّوَابَ، وَيُرَدُّ أَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ عَدَمُ ذَهَابِهِ اسْتِحْيَاءً مِنْ النَّاسِ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْبَاءُ لِلتَّصْوِيرِ أَيْ: تَصْوِيرِ الشَّيْءِ بِثَمَرَتِهِ وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ قَالَ عج: وَمَنْ لَمْ يَعْقِلْ الْقُرْبَةَ وَهُوَ مِمَّنْ يُؤْمَرُ بِالصَّلَاةِ فَيَقِفُ حَيْثُ شَاءَ قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ الشَّاذِلِيُّ.
. (قَوْلُهُ: وَلِهَذَا) أَيْ: وَلِكَوْنِهِ أَوْلَى بِمُقَدَّمِهَا الْمُبَيَّنِ بِعِلَّتِهِ. (قَوْلُهُ: كَمَا يُقْضَى لِكَاتِبِ الْوَثِيقَةِ) رَدَّهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِأَنَّ غَيْرَهُ يُشَارِكُهُ فِي هَذَا التَّعْلِيلِ وَهُوَ عِلْمُ مَدْلُولِ كَلِمَاتِ الْوَثِيقَةِ نَقَلَهُ عَنْهُ الْمَشَذَّالِيُّ اهـ.
وَرَدَّهُ فِي ك بِأَنَّ الْقَارِئَ رُبَّمَا غَفَلَ عَنْ بَعْضِ الْأُمُورِ الَّتِي فِيهَا بِخِلَافِ الْكَاتِبِ فَإِنَّهُ نَاظِرٌ لِكُلِّ حَرْفٍ فَهُوَ أَقْوَى عِلْمًا وَلِذَا عَبَّرَ بِأَعْلَمَ. (قَوْلُهُ: عَلَى الْوَرِعِ) أَيْ: إلَّا أَنْ يَزِيدَ فِقْهًا. (قَوْلُهُ: وَهُوَ التَّارِكُ) رَاجِعٌ لِلْوَرِعِ، وَأَمَّا الْأَوْرَعُ فَهُوَ الَّذِي يَتْرُكُ بَعْضَ الْمُبَاحَاتِ خَوْفَ الْوُقُوعِ فِي الشُّبُهَاتِ كَذَا ذَكَرَ بَعْضُ شُيُوخِنَا عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ.
(وَأَقُولُ) وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ تَفْسِيرًا لِأَوْرَعَ أَيْ: إنَّ الْأَوْرَعَ هُوَ الَّذِي يَتْرُكُ بَعْضَ الْمُبَاحِ وَأَوْلَى بِتَرْكِهِ الْمُشْتَبِهُ وَأَمَّا الْوَرِعُ فَهُوَ الَّذِي يَتْرُكُ الْمُشْتَبِهَ خَوْفَ الْوُقُوعِ فِي الْحَرَامِ ثُمَّ بَعْدَ كَتْبِي هَذَا رَأَيْت عَنْ بَعْضِهِمْ مَا قُلْته وَهُوَ أَنَّ الْوَرِعَ تَارِكُ الشُّبَهِ خَوْفَ الْوُقُوعِ فِي الْحَرَامِ فَلِلَّهِ الْحَمْدُ. (قَوْلُهُ: نَدْبًا عَلَى ذِي الرِّقِّ) أَيْ: غَيْرِ زَائِدٍ فِي الْفِقْهِ إلَّا مَعَ سَيِّدِهِ فَيُقَدَّمُ عَلَيْهِ وَلَوْ زَائِدَ فِقْهٍ وَلَا تَرْتِيبَ بَيْنَ رَقِيقٍ ذِي شَائِبَةٍ كَمُبَعَّضٍ فَلَا يُقَدَّمُ مُبَعَّضٌ عَلَى خَالِصٍ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَا زَائِدَيْنِ فِي الْفَضْلِ) وَلِذَا قَالَ عج: وَظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِ وَاحِدٍ تَقْدِيمُ الْأَبِ عَلَى ابْنِهِ وَلَوْ كَانَ الِابْنُ حُرًّا أَوْ زَائِدَ فِقْهٍ وَالْأَبُ عَبْدًا أَوْ غَيْرَ زَائِدِ فِقْهٍ وَكَذَا الْعَمُّ. وَفِي عج إنَّ مَرْتَبَةَ الْأَبِ وَالْعَمِّ بَعْدَ رَبِّ الْمَنْزِلِ وَقِيلَ: زَائِدِ الْفِقْهِ وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ رَبَّ الْمَنْزِلِ وَالسُّلْطَانُ مُقَدَّمٌ عَلَى غَيْرِهِ وَلَوْ أَبًا اهـ.
(تَنْبِيهٌ) : تَقْدِيمُ الْأَبِ عَلَى ابْنِهِ وَلَوْ حُرًّا أَوْ زَائِدَ فِقْهٍ عِنْدَ الْمُشَاحَّةِ وَأَمَّا مَعَ التَّرَاضِي فَيُنْدَبُ تَقْدِيمُ الِابْنِ الْحُرِّ أَوْ زَائِدِ الْفِقْهِ وَلَا عُقُوقَ بِذَلِكَ. (قَوْلُهُ: أَيْ: يُنْدَبُ تَقْدِيمُ الْأَعْدَلِ) أَيْ: إلَّا أَنْ يَكُونَ الْعَدْلُ زَائِدَ فِقْهٍ. (قَوْلُهُ: وَهَذَا أَوْلَى مِنْ كَلَامِ ابْنِ غَازِيٍّ) أَيْ: الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِالْعَدْلِ الْأَعْدَلَ. (قَوْلُهُ: لَا يُقَابَلُ بِالْمَجْهُولِ) أَيْ: لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الْمَجْهُولُ عَدْلًا. (قَوْلُهُ: لَيْسَ نَقِيضًا) وَلَا مُسَاوِيًا لِلنَّقِيضِ