قِيَامِهِ مِنْهَا وَقَبْلَ رُكُوعِهِ لِيَكُونَ الرُّكُوعُ وَاقِعًا عَلَى سُنَّتِهِ وَهُوَ كَوْنُهُ بَعْدَ قِرَاءَةٍ وَإِنَّمَا خَصَّ الْأَعْرَافَ بِالذِّكْرِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ فِي الْأَعْرَافِ عَدَمُ الْقِرَاءَةِ؛ لِأَنَّ فِي الْقِرَاءَةِ عَدَمَ الِاقْتِصَارِ عَلَى سُورَةٍ مَعَ أَنَّ الْأَفْضَلَ الِاقْتِصَارُ عَلَى سُورَةٍ وَعَلَى هَذَا يُسْتَثْنَى هَذَا مِنْ ذَاكَ وَقَدْ يُقَالُ لَا اسْتِثْنَاءَ؛ لِأَنَّ هَذِهِ لَيْسَتْ قِرَاءَةً لِسُنَّةِ الصَّلَاةِ.
(ص) وَلَا يَكْفِي عَنْهَا رُكُوعٌ (ش) أَيْ: وَلَا يَكْفِي عَنْ سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ رُكُوعٌ لِقَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ وَلَا يَرْكَعُ بِهَا فِي صَلَاةٍ وَلَا غَيْرِهَا أَيْ: لَا يَرْكَعُ بَدَلَهَا فِي صَلَاةٍ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ أَيْ: لَا يُجْعَلُ الرُّكُوعُ عِوَضًا؛ لِأَنَّهُ إذَا قَصَدَ بِهِ الرُّكُوعَ فَلَمْ يَسْجُدْهَا وَإِنْ قَصَدَ بِهِ السَّجْدَةَ فَقَدْ أَحَالَهَا عَنْ صِفَتِهَا وَذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ.
(ص) وَإِنْ تَرَكَهَا وَقَصَدَهُ صَحَّ وَكُرِهَ (ش) أَيْ: وَإِنْ تَرَكَ السَّجْدَةَ عَمْدًا أَوْ قَصَدَ جَعْلَ الرُّكُوعِ عِوَضًا عَنْهَا كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ أَبِي الْحَسَنِ فَهُوَ إشَارَةٌ لِبَيَانِ أَنَّ الرُّكُوعَ الْمُشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ وَلَا يَكْفِي عَنْهَا رُكُوعٌ صَحِيحٌ مُعْتَدٌّ بِهِ وَفِي كَلَامِ ز إشَارَةٌ إلَى هَذَا وَيُفْهَمُ مِنْهُ حُكْمُ مَا إذَا تَرَكَهَا وَقَصَدَ الرُّكُوعَ وَلَمْ يَقْصِدْ جَعْلَهُ عِوَضًا عَنْهَا أَنَّهُ صَحِيحٌ بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى فَقَوْلُهُ صَحَّ أَيْ: صَحَّ رُكُوعُهُ وَكُرِهَ فِعْلُهُ الْمَذْكُورُ وَمَا ذَكَرْنَاهُ فِي مَعْنَى قَصْدِهِ خِلَافُ مَا ذَكَرَهُ الطِّخِّيخِيُّ مِنْ أَنَّ مَعْنَاهُ قَصْدُ الرُّكُوعِ وَيَأْتِي نَصُّهُ.
(ص) وَسَهْوًا اعْتَدَّا بِهِ عِنْدَ مَالِكٍ لَا ابْنِ الْقَاسِمِ (ش) أَيْ: وَإِنْ تَرَكَ السَّجْدَةَ سَهْوًا وَرَكَعَ بِنِيَّةِ الرُّكُوعِ ثُمَّ تَذَكَّرَهَا حِينَ وَصَلَ إلَى حَدِّ الرُّكُوعِ اعْتَدَّ بِالرُّكُوعِ وَيَمْضِي عَلَى رَكْعَتِهِ وَيَرْفَعُ لِرَكْعَتِهِ عِنْدَ مَالِكٍ مِنْ رِوَايَةِ أَشْهَبَ لَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ فَيَخِرُّ سَاجِدًا ثُمَّ يَقُومُ فَيَبْتَدِئُ الرَّكْعَةَ فَيَقْرَأُ شَيْئًا وَيَرْكَعُ ابْنُ حَبِيبٍ وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ إنْ طَالَ فِي انْحِنَائِهِ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ (فَيَسْجُدُ إنْ اطْمَأَنَّ بِهِ)
وَكَذَا لَوْ رَفَعَ مِنْهُ بَلْ هُوَ أَحْرَى وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ حَتَّى أَتَمَّ الرَّكْعَةَ أَلْغَاهَا وَلَيْسَتْ هَذِهِ مُكَرَّرَةٌ مَعَ قَوْلِهِ وَإِنْ قَصَدَهَا فَرَكَعَ سَهْوًا اعْتَدَّ بِهِ؛ لِأَنَّهُ هُنَاكَ انْحَطَّ لِلسَّجْدَةِ وَهُنَا لِلرُّكُوعِ سَاهِيًا عَنْهَا لَكِنَّ الَّذِي صَوَّبَهُ ابْنُ يُونُسَ أَنَّ الْخِلَافَ يَجْرِي فِيهِمَا وَاقْتِصَارُ الْمُؤَلِّفِ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ فِي تِلْكَ وَتَقْدِيمُهُ لَهُ فِي هَذِهِ يُشْعِرُ بِرُجْحَانِيَّتِهِ وَإِلَّا لَقَالَ خِلَافٌ أَوْ قَوْلَانِ كَمَا أَشَارَ لَهُ س فِي شَرْحِهِ لَكِنْ اُنْظُرْ قَوْلَهُ أَنَّ ابْنَ يُونُسَ صَوَّبَ جَرَيَانَ الْخِلَافِ فِيهِمَا مَعَ نَقْلِ الطِّخِّيخِيِّ مِنْ أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ يُوَافِقُ مَالِكًا عَلَى الِاعْتِدَادِ بِالرُّكُوعِ وَانْظُرْ نَصَّهُ فِي شَرْحِنَا الْكَبِيرِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ وَلَا يَكْفِي عَنْهَا رُكُوعٌ) أَطْلَقُوا الرُّكُوعَ عَلَيْهِ وَعَلَى الرَّفْعِ مِنْهُ؛ لِأَنَّ سَجْدَةَ التِّلَاوَةِ خَفْضٌ وَرُكُوعٌ (قَوْلُهُ أَيْ: لَا يُجْعَلُ الرُّكُوعُ) أَيْ: تِلْكَ الْهَيْئَةُ الْمَخْصُوصَةُ؛ لِأَنَّهُ إذَا قَصَدَ أَيْ: بِتِلْكَ الْهَيْئَةِ الرُّكُوعَ فَلَمْ يَسْجُدْهَا وَإِنْ قَصَدَ بِتِلْكَ الْهَيْئَةِ السَّجْدَةَ فَقَدْ غَيَّرَهَا عَنْ صِفَتِهَا، وَقَوْلُهُ وَذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ وَهَلْ تَبْطُلُ الصَّلَاةُ حِينَئِذٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ قَوْلِهِ وَذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ بَعْدَ كَتْبِي هَذَا؟ رَأَيْت أَنَّ الشَّيْخَ سَالِمًا حَكَمَ بِالْبُطْلَانِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ فَقَدْ قَالَ عَقِبَ شَرْحِ الْمُصَنِّفِ: هَذَا كُلُّهُ إذَا أَشْرَكَهَا فِي رُكُوعِهِ لِصَلَاتِهِ، وَأَمَّا لَوْ خَصَّهَا بِالرُّكُوعِ فَيَنْبَغِي بُطْلَانُ صَلَاتِهِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ ابْنِ يُونُسَ وَإِنْ قَصَدَ السَّجْدَةَ فَقَدْ أَحَالَهَا عَنْ صِفَتِهَا وَذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ إلَّا أَنَّ مُفَادَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ الْإِجْزَاءُ وَلَا بُطْلَانَ اُنْظُرْ عج.
(قَوْلُهُ صَحَّ وَكُرِهَ) يُقَوِّي الطَّرَفَ الْأَوَّلَ فِي كَلَامِ أَبِي الْحَسَنِ؛ لِأَنَّ جَعْلَهُ عَلَى الطَّرَفِ الثَّانِي غَيْرُ جَائِزٍ وَالْمُتَبَادَرُ مِنْهُ الْحُرْمَةُ فَإِذْنِ يُفِيدُ الْبُطْلَانَ فِي الطَّرَفِ الثَّانِي (قَوْلُهُ قَصَدَ جَعْلِهَا) يُحْتَمَلُ وَقَصَدَ تِلْكَ الْهَيْئَةَ وَيُحْتَمَلُ جَعْلُ الرُّكُوعِ الَّذِي هُوَ الرُّكْنُ نَائِبًا عَنْهَا.
. (قَوْلُهُ يُوَافِقُ مَالِكًا عَلَى الِاعْتِدَادِ بِالرُّكُوعِ) أَيْ: فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى هَذَا التَّقْرِيرِ؛ لِأَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ يَقُولُ أَنَّ الْحَرَكَةَ لِلرُّكْنِ مَقْصُودَةٌ وَهِيَ مَوْجُودَةٌ هُنَا فَالْأَوْلَى دَعْوَى التَّكْرَارِ وَلَا يُحْمَلُ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ لِاتِّفَاقِ الْإِمَامَيْنِ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ
، وَحَاصِلُ كَلَامِ الطِّخِّيخِيِّ أَنَّ تَارِكَ السَّجْدَةِ لَهُ ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ إمَّا أَنْ يَتْرُكَهَا نِسْيَانًا وَيَرْكَعَ قَاصِدًا الرُّكُوعَ مِنْ أَوَّلِ الِانْحِطَاطِ، وَإِمَّا أَنْ يَتْرُكَهَا عَمْدًا وَيَقْصِدَ الرُّكُوعَ، وَإِمَّا أَنْ يَقْصِدَهَا أَوَّلًا وَيَنْحَطَّ بِنِيَّتِهَا فَلَمَّا وَصَلَ إلَى حَدِّ الرُّكُوعِ ذَهَلَ عَنْهَا فَنَوَى الرُّكُوعَ فَفِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ يَعْتَدُّ بِالرُّكُوعِ بِاتِّفَاقِ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ؛ لِأَنَّ قَصْدَ الْحَرَكَةِ الَّتِي هِيَ لِلرُّكْنِ وُجِدَ وَفِي الْوَجْهِ الثَّانِي يَعْتَدُّ بِالرُّكُوعِ أَيْضًا لَكِنْ يُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ الْفِعْلُ وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ وَإِنْ تَرَكَهَا وَقَصَدَهُ صَحَّ وَكُرِهَ وَفِي الْوَجْهِ الثَّالِثِ اخْتَلَفَ فِيهِ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ فَيَعْتَدُّ بِهِ عِنْدَ مَالِكٍ وَلَا سَهْوَ عَلَيْهِ وَعِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يَعْتَدُّ بِهِ