أَوَّلِ حَلِّهَا لِنَفْسِهِ لَا لِإِصْلَاحِهَا احْتِرَازًا عَمَّا سَبَقَ مِنْ الْجَائِزِ فَإِنَّهُ جَائِزٌ وَهُوَ لِلْإِصْلَاحِ كَالْفَتْحِ عَلَى الْإِمَامِ وَالتَّسْبِيحِ فَهُوَ إشَارَةٌ لِجَوَابِ اعْتِرَاضٍ عَلَى الْمُؤَلِّفِ بِأَنْ يُقَالَ قَوْلُهُ وَلَا لِجَائِزٍ يَقْتَضِي أَنَّ مَا قَبْلَهُ لَيْسَ مَعَ الْجَائِزِ مِنْ أَنَّ بَعْضَهُ جَائِزٌ وَلِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْجَائِزِ مَا اسْتَوَى طَرَفَاهُ وَمَا ذَكَرَهُ قَبْلَ هَذَا مَطْلُوبٌ كَمَا أَنَّ مَا ذَكَرَهُ فِي قَوْلِهِ وَلَا لِتَبَسُّمٍ إلَخْ مَكْرُوهٌ.

(ص) لَا عَلَى مُشَمِّتٍ (ش) هَذَا مُخْرَجٌ مِنْ الْجَوَازِ أَيْ: لَا الرَّدِّ عَلَى مُشَمِّتٍ فَلَا يَجُوزُ أَيْ: يُكْرَهُ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى الْمَعْطُوفُ مَحْذُوفٌ وَكَذَلِكَ بَعْضُ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ أَيْ: إشَارَةٍ لِرَدِّ سَلَامٍ لَا إشَارَةٍ لِلرَّدِّ عَلَى مُشَمِّتٍ أَيْ: فَلَيْسَ مِنْ الْجَائِزِ بَلْ هُوَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ لِقَوْلِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَا يَرُدُّ عَلَى مَنْ شَمَّتَهُ إشَارَةً كَانَ فِي فَرْضٍ أَوْ نَافِلَةٍ اهـ الْوَانُّوغِيُّ وَفِي تَصْوِيرِ التَّشْمِيتِ عَلَى الْمَشْهُورِ عُسْرٌ؛ لِأَنَّهُ فَرْعُ سَمَاعِ الْحَمْدِ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ لَا يَحْمَدُ فَكَيْفَ يَرُدُّ قُلْت يُمْكِنُ فَرْضُهُ إذَا عَطَسَ وَحَمِدَ جَهْرًا قَبْلَ الْإِحْرَامِ ثُمَّ أَحْرَمَ فَشَمَّتَهُ صَدَقَ حِينَئِذٍ أَنْ لَا يَرُدَّ اهـ. فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ كَرِهْتُمْ الْإِشَارَةَ لِلرَّدِّ عَلَى الْمُشَمِّتِ فِي النَّافِلَةِ وَأَجَزْتُمْ حِكَايَةَ الْأَذَانِ فِيهَا قِيلَ؛ لِأَنَّ الرَّدَّ هُنَا فِي مَعْنَى الْمُحَادَثَةِ وَالتَّشْمِيتُ قَوْلُ مَنْ سَمِعَ حَمْدَ الْعَاطِسِ لَهُ يَرْحَمُك اللَّهُ بِالْمُهْمَلَةِ مِنْ السَّمْتِ وَهُوَ الْهُدَى أَيْ: جَعَلَك اللَّهُ عَلَى هُدًى وَسَمْتٍ حَسَنٍ وَبِالْمُعْجَمَةِ مَعْنَاهُ أَبْعَدَ اللَّهُ عَنْك الشَّمَاتَةَ {فَائِدَةٌ} أَوَّلُ مَنْ عَطَسَ آدَم وَهُوَ مِنْ اللَّهِ وَالتَّثَاؤُبُ مِنْ الشَّيْطَانِ بِمُثَنَّاتَيْنِ مِنْ فَوْقٍ وَالْمَدِّ وَالْهَمْزِ مُخَفَّفًا عَلَى وَزْنِ تَفَاعُلٍ وَلَا يُقَالُ تَثَاوُبٌ بِالْوَاوِ قَالَهُ الْجَوَاهِرِيُّ وَقَالَ عِيَاضٌ يُقَالُ تَثَاوَبَ بِالْوَاوِ تَثَاوُبًا وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ التَّثَاؤُبُ بِالْمَدِّ وَالْهَمْزِ يُقَالُ تَثَاءَبَ تَثَاؤُبًا إذَا فَتَحَ فَاهُ وَأَصْلُ هَذِهِ الْكَلِمَةِ مِنْ قَوْلِهِمْ تَتَوَّبَ إذَا أَصَابَهُ الْكَسَلُ وَهُوَ شَيْءٌ يَعْتَرِي الْإِنْسَانَ مِنْ شَيْءٍ يَأْكُلُهُ أَوْ يَشْرَبُهُ فَيُصِيبُهُ مِنْهُ فَتْرَةً كَفَتْرَةِ النُّعَاسِ.

وَقَالَ سَيِّدِي زَرُّوقٌ قِيلَ إنَّ الْعُطَاسَ مِنْ اللَّهِ وَمَعْنَاهُ مِنْ حَيِّزِ الْخَيْرِ قَالُوا؛ لِأَنَّهُ يُخَفِّفُ الدِّمَاغَ وَيُسَهِّلُ بَعْضَ الْعِبَادَاتِ وَفِي الْحَدِيثِ «أَنَّهُ يَقْطَعُ عِرْقَ الْفَالِجِ وَالسُّعَالُ يَقْطَعُ عِرْقَ الْبَرَصِ وَالزُّكَامُ يَقْطَعُ عِرْقَ الْجُذَامِ وَالرَّمَدُ يَقْطَعُ عِرْقَ الْعَمَى» وَيُرْوَى أَنَّ مَنْ سَمِعَ عَاطِسًا فَسَبَقَهُ بِالْحَمْدِ كَانَ آمِنًا مِنْ الشَّوْصِ وَرَأَيْت فِي جِدَارِ زَمْزَمَ مَكْتُوبًا مَنْ قَرَأَ الْفَاتِحَةَ عِنْدَ عُطَاسِهِ أَمِنَ مِنْ قَلْعِ أَضْرَاسِهِ وَفِي الْحَدِيثِ إنَّ «الدُّعَاءَ عِنْدَ الْعُطَاسِ مُسْتَجَابٌ» وَقَدْ شَرَدَ عَنِّي مَحَلُّ نَقْلِهِ فَابْحَثْ عَنْهُ اهـ قُلْت

ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ مَعَ أَنَّ بَعْضَهُ جَائِزٌ) أَيْ: الَّذِي هُوَ الْإِصْلَاحُ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ جَائِزٌ أَيْ: بَعْضُ الَّذِي تَقَدَّمَ جَائِزٌ إلَّا أَنَّهُ مُقَيَّدٌ بِكَوْنِهِ لِلْإِصْلَاحِ لَا يَخْفَى أَنَّ كُلَّ مَا تَقَدَّمَ جَائِزٌ بِمَعْنَى الْمَأْذُونِ فِيهِ لَا بَعْضُهُ (قَوْلُهُ أَوْ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْجَائِزِ مَا اسْتَوَى طَرَفَاهُ) يَرِدُ عَلَى ذَلِكَ الْجَوَابِ أَمْرَانِ: الْأَوَّلُ: إنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ عَلَى الْجَوَابِ الْأَوَّلِ لَا يَكُونُ الْمُرَادُ بِالْجَائِزِ مَا اسْتَوَى طَرَفَاهُ مَعَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ مُرَادٌ بِهِ مَا اسْتَوَى طَرَفَاهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ عَلَى الْجَوَابِ الْأَوَّلِ حَيْثِيَّةُ الِاسْتِوَاءِ لَيْسَتْ مُرَادَةً الثَّانِي أَنَّهُ صَرَّحَ ابْنُ رُشْدٍ كَمَا تَقَدَّمَ بِأَنَّهُ يَجِبُ قَتْلُ الْعَقْرَبِ إذَا أَرَادَتْهُ.

(قَوْلُهُ هَذَا مُخْرَجٌ إلَخْ) لَا يَخْفَى مَا فِي هَذَا مِنْ التَّسَامُحِ؛ لِأَنَّ إخْرَاجَ شَيْءٍ مِنْ أَمْرٍ يَقْتَضِي دُخُولَ الشَّيْءِ فِي ذَلِكَ الْأَمْرِ مَعَ أَنَّ الرَّدَّ عَلَى الْمُشَمَّتِ لَمْ يَدْخُلْ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ كَإِنْصَاتٍ قَلَّ لِمُخْبِرٍ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ دَاخِلٌ تَحْتَ الْكَافِ احْتِمَالًا مَنْظُورًا فِيهِ لِلظَّاهِرِ بَقِيَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيرِ مُضَافٍ أَيْ: مُخْرَجٍ مِنْ ذِي الْجَوَازِ (قَوْلُهُ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى إلَخْ) هَذِهِ الْعِبَارَةُ ظَاهِرَةٌ (قَوْلُهُ كَذَلِكَ بَعْضُ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ) لَا يَخْفَى مَا فِي هَذَا مِنْ التَّسَامُحِ فَإِنَّ الْمَعْطُوفَ عَلَيْهِ هُوَ الْإِشَارَةُ (قَوْلُهُ فِي تَصْوِيرِ) الْمُرَادُ بِهِ التَّصْدِيقُ الصَّحِيحُ (قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) مُقَابِلُهُ الْحَمْدُ قِيلَ سِرًّا وَجَهْرًا.

(قَوْلُهُ عُسْرٌ) أَرَادَ بِهِ التَّعَذُّرَ بِدَلِيلِ التَّعْلِيلِ (قَوْلُهُ قُلْت يُمْكِنُ فَرْضُهُ إلَخْ) جَوَابٌ بِالتَّسْلِيمِ وَإِنْ عَدِمَ التَّعَسُّرَ بِالنِّسْبَةِ لِحَالَةٍ أُخْرَى (قَوْلُهُ قُلْت يُمْكِنُ فَرْضُهُ) فَإِنْ قُلْت يُمْكِنُ فَرْضُهُ إذَا ارْتَكَبَ الْمَكْرُوهَ وَحَمِدَ قُلْنَا: إنَّ حَمْدَ الْعَاطِسِ مَنْهِيٌّ عَنْهُ فَهُوَ مَعْدُومٌ شَرْعًا وَهُوَ كَالْمَعْدُومِ حِسًّا فَتَشْمِيتُهُ عَدَمٌ فَلَا يَسْتَحِقُّ رَدًّا وَبِهَذَا يَظْهَرُ الْفَرْقُ بَيْنَ رَدِّ السَّلَامِ وَالرَّدِّ (قَوْلُهُ فِي مَعْنَى الْمُحَادَثَةِ) الْإِضَافَةُ لِلْبَيَانِ أَيْ: مِنْ قَبِيلِ الْمُحَادَثَةِ.

(قَوْله وَسَمْتٍ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ وَالسَّمْتُ هُوَ الْهَيْئَةُ فَإِنْ قُلْت أَيُّ مُنَاسَبَةٍ فِي الدُّعَاءِ بِذَلِكَ قُلْنَا: إنَّ الْعَاطِسَ حِينَ عُطَاسِهِ تَتَغَيَّرُ هَيْئَتُهُ (قَوْلُهُ الشَّمَاتَةَ) أَيْ: فَرَحَ الْأَعْدَاءِ بِبَقَاءِ تَغَيُّرِ هَيْئَتِك الْحَاصِلَةِ عِنْدَ الْعَاطِسِ.

{تَنْبِيهٌ} : قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الشَّيْنُ الْمُعْجَمَةُ أَعْلَى فِي كَلَامِهِمْ وَأَكْثَرُ (قَوْلُهُ أَوَّلُ مَنْ عَطَسَ آدَم) بِفَتْحِ الطَّاءِ فِي الْمَاضِي وَكَسْرِهَا وَضَمِّهَا فِي الْمُسْتَقْبِلِ (قَوْلُهُ وَالتَّثَاؤُبُ مِنْ الشَّيْطَانِ) أَيْ أَنَّهُ مِنْ حَيِّزِ الشَّرِّ أَوْ أَصْلُ سَبَبِهِ مِنْ الشَّيْطَانِ؛ لِأَنَّهُ حَمَلَهُ عَلَى كَثْرَةِ الْأَكْلِ (قَوْلُهُ بِمُثَنَّاتَيْنِ مِنْ فَوْقُ) الَّذِي فِي الْقَامُوسِ بِالثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ (قَوْلُهُ وَأَصْلُ هَذِهِ) أَيْ: وَأَخْذُ هَذِهِ الْكَلِمَةِ (قَوْلُهُ فَتْرَةٌ) هِيَ الِانْكِسَارُ وَالضَّعْفُ مُخْتَارٌ (قَوْلُهُ وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ مِنْ حَيِّزِ إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ كُلُّ شَيْءٍ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى (قَوْلُهُ وَيُسَهِّلُ) عَطْفُ مُسَبَّبٍ عَلَى سَبَبٍ (قَوْلُهُ بَعْضَ الْعِبَادَاتِ) مَصْدُوقُ الْبَعْضِ الْعِبَادَةُ الَّتِي تَتَوَقَّفُ عَلَى فِكْرَةٍ كَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ لَا نَحْوُ الصَّوْمِ.

(قَوْلُهُ عِرْقَ الْفَالِجِ) كَأَنَّهُ أَرَادَ بِعِرْقِ الْفَالِجِ مُدَّةً فِي الْعِرْقِ يَنْشَأُ مِنْهَا هَذَا الْفَالِجُ قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ وَالْفَالِجُ مَرَضٌ يَحْدُثُ فِي أَحَدِ شِقَّيْ الْبَدَنِ طُولًا فَيُبْطِلُ إحْسَاسَهُ وَحَرَكَتَهُ وَرُبَّمَا كَانَ فِي الشِّقَّيْنِ وَيَحْدُثُ بَغْتَةً اهـ.

(قَوْلُهُ «وَالرَّمَدُ يَقْطَعُ عِرْقَ الْعَمَى» ) وَكَانَ الْعَمَى الَّذِي يَحْصُلُ عِنْدَ حُصُولِ الرَّمَدِ لِأُمُورٍ تَعْرِضُ إذْ ذَاكَ وَإِلَّا فَالرَّمَدُ سَبَبٌ فِي جَلَاءِ الْبَصَرِ حَسْبَ مَا قَالَ (قَوْلُهُ وَقَدْ شَرَدَ عَنِّي مَحَلُّ نَقْلِهِ) شَرَدَ مِنْ بَابِ دَخَلَ قَالَهُ فِي الْمُخْتَارِ (قَوْلُهُ قُلْت إلَخْ) أَرَادَ أَنْ يُبَيِّنَ أَصْلَ مَا ذُكِرَ مِنْ الْأَحَادِيثِ وَالْمَذْكُورُ ثَلَاثٌ أَوَّلُهَا وَيُرْوَى أَنَّ مَنْ سَمِعَ إلَخْ الثَّانِي وَرَأَيْت فِي جِدَارِ زَمْزَمَ الثَّالِثُ قَوْلُهُ وَفِي الْحَدِيثِ إنَّ الدُّعَاءَ عِنْدَ الْعُطَاسِ مُسْتَجَابٌ إلَخْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015