بِثَوْبٍ لِحَاجَةٍ (ش) يُرِيدُ أَنَّهُ لَا سُجُودَ عَلَيْهِ فِي سَدِّ فِيهِ لِأَجْلِ تَثَاؤُبٍ أَوْ نَفْثٍ بِثَوْبٍ لِحَاجَةٍ وَالنَّفْثُ رِيحٌ كَالنَّفْخِ بِغَيْرِ بُصَاقٍ كَنَافِثِ عَجَمِ الزَّبِيبِ وَالتَّفْلُ بِالْبُصَاقِ وَفِي عِبَارَةٍ النَّفْثُ هُوَ الْبُصَاقُ بِلَا صَوْتٍ كَمَا قَالَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ أَوْ بِهِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ شَبْلُونٍ وَهَذَا هُوَ الْمُنَاسِبُ لِقَوْلِ الْمُؤَلِّفِ وَنَفَثَ بِثَوْبٍ، وَأَمَّا قَوْلُ بَعْضِهِمْ: النَّفْثُ نَفْخٌ لَطِيفٌ بِلَا رِيقٍ وَقِيلَ مَعَهُ رِيقٌ وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ انْتَهَى. فَلَا يُنَاسِبُ مَا هُنَا إذْ النَّفْخُ بِالْفَمِ مُبْطِلٌ سَوَاءٌ لَطُفَ أَمْ لَا وَحُكْمُ النَّفْثِ الْجَوَازُ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الْأَبِيِّ فَإِنَّهُ قَالَ فِي حَدِيثِ الْبُصَاقِ «فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَلْيَفْعَلْ هَكَذَا، وَتَفَلَ فِي ثَوْبِهِ فِيهِ» دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ الْبُصَاقِ فِي الصَّلَاةِ لِمَنْ احْتَاجَ إلَيْهِ وَالنَّفْخِ الْيَسِيرِ إذَا لَمْ يَصْنَعْهُ عَبَثًا إذْ لَا يَسْلَمُ مِنْ الْبُصَاقِ، وَكَذَلِكَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ التَّنَحْنُحُ وَالتَّنَخُّمُ إنْ احْتَاجَ إلَيْهِمَا انْتَهَى.

وَقَالَ الزَّرْقَانِيُّ: وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ لِتَثَاؤُبٍ أَنَّهُ لَوْ سَدَّهُ لِغَيْرِهِ لَكَانَ عَلَيْهِ السُّجُودُ مَعَ أَنَّ هَذَا فِعْلٌ خَفِيفٌ فَلَا سُجُودَ فِيهِ مَعَ السَّهْوِ ولَا بُطْلَانَ مَعَ الْعَمْدِ وَمَفْهُومُ لِحَاجَةٍ أَنَّ النَّفْثَ لِغَيْرِ حَاجَةٍ فِيهِ السُّجُودُ مَعَ السَّهْوِ وَهُوَ ظَاهِرٌ فَإِنَّهُ يُشْبِهُ النَّفْخَ فَيَسْجُدُ بِسَبَبِهِ إنْ كَانَ سَهْوًا وَتَبْطُلُ الصَّلَاةُ إنْ كَانَ عَمْدًا انْتَهَى.

{تَنْبِيهٌ} : التَّثَاؤُبُ هُوَ النَّفْثُ الَّذِي يَنْفَتِحُ مِنْهُ الْفَمُ لِدَفْعِ الْبُخَارَاتِ الْمُحْتَقِنَةِ فِي عَضَلَاتِ الْفَكِّ وَهُوَ إنَّمَا يَكُونُ مِنْ امْتِلَاءِ الْمَعِدَةِ وَهُوَ يُورِثُ الْكَسَلَ وَثِقَلَ الْبَدَنِ وَسُوءَ الْفَهْمِ وَالْغَفْلَةَ قَالَهُ الْكَرْمَانِيُّ.

(ص) كَتَنَحْنُحٍ وَالْمُخْتَارُ عَدَمُ الْإِبْطَالِ بِهِ لِغَيْرِهَا (ش) يُرِيدُ أَنَّ التَّنَحْنُحَ لِحَاجَةٍ لَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ وَلَا سُجُودَ فِيهِ ابْنُ بَشِيرٍ وَلَا خِلَافَ فِيهِ وَاخْتُلِفَ إذَا تَنَحْنَحَ لِغَيْرِ حَاجَةٍ هَلْ يَكُونُ كَالْكَلَامِ فَيُفَرَّقُ فِيهِ بَيْنَ الْعَمْدِ وَالسَّهْوِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي الْمُخْتَصَرِ أَوْ لَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِهِ مُطْلَقًا وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ أَيْضًا وَأَخَذَ بِهِ ابْنُ الْقَاسِمِ وَاخْتَارَهُ الْأَبْهَرِيُّ وَاللَّخْمِيُّ وَلَا سُجُودَ فِي سَهْوِهِ، وَالضَّمِيرُ الْمَجْرُورُ بِالْبَاءِ عَائِدٌ عَلَى التَّنَحْنُحِ وَالضَّمِيرُ الْمَجْرُورُ بِغَيْرِ رَاجِعٌ إلَى قَوْلِهِ لِحَاجَةٍ، وَظَاهِرُ قَوْلُهُ لِغَيْرِهَا أَيْ: لِغَيْرِ حَاجَةٍ وَلَوْ فَعَلَهُ عَبَثًا وَهُوَ مُقْتَضَى نَقْلِ الْحَطَّابِ عَنْ اللَّخْمِيِّ وَلَا مَانِعَ مِنْ ذَلِكَ؛ إذْ فِعْلُ مَا لَيْسَ مِنْ جِنْسِ الصَّلَاةِ وَهُوَ قَلِيلٌ لَا يُبْطِلُهَا وَبَعْضُهُمْ حَمَلَ قَوْلَهُ لِغَيْرِهَا أَيْ: لِغَيْرِ حَاجَةٍ تَتَعَلَّقُ بِالصَّلَاةِ وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ عَلَى غَيْرِ وَجْهِ الْعَبَثِ كَأَنْ يَفْعَلَهُ لِيُعْلِمَ النَّاسَ أَنَّهُ فِي صَلَاةٍ فَإِنْ فَعَلَهُ عَبَثًا فَلَا وَجْهَ لِكَوْنِهِ لَا يُفْسِدُ وَعَلَى هَذَا حَمَلَهُ الشَّيْخُ سَالِمٌ فِي شَرْحِهِ وَنَحْوُهُ فِي الزَّرْقَانِيِّ.

(ص) وَتَسْبِيحِ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ لِضَرُورَةِ (ش) يَعْنِي أَنَّ التَّسْبِيحَ مِنْ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ لِضَرُورَةٍ عَرَضَتْ فِي الصَّلَاةِ لَا سُجُودَ فِيهِ

ـــــــــــــــــــــــــــــQلِلتَّثَاؤُبِ وَأَمَّا لِغَيْرِهِ فَغَيْرُ مَطْلُوبٍ وَانْظُرْ هَلْ يُكْرَهُ تَعَمُّدُهُ أَمْ لَا وَلَا سُجُودَ فِي سَهْوِهِ اهـ. وَالظَّاهِرُ الْكَرَاهَةُ وَسَدَّ بِيُمْنَى مُطْلَقًا بِظَاهِرِهَا وَبَاطِنِهَا وَبِظَاهِرِ الْيُسْرَى لَا بِبَاطِنِهَا لِمُلَاقَاتِهَا الْأَنْجَاسِ قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ وَلَعَلَّ حُكْمَ السَّدِّ بِالْبَاطِنِ الْكَرَاهَةُ.

(قَوْلُهُ أَوْ نَفْثٍ) بِفَتْحِ النُّونِ وَسُكُونِ الْفَاءِ (قَوْلُهُ بِغَيْرِ بُصَاقٍ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَالنَّفْثِ إلَخْ وَالتَّقْدِيرُ وَالنَّفْثُ رِيحٌ بِغَيْرِ بُصَاقٍ هَذَا التَّعْرِيفُ لِلشَّيْخِ أَبِي الْحَسَنِ فَقَالَ النَّفْثُ بِغَيْرِ بُصَاقٍ كَنَافِثِ عَجَمِ الزَّبِيبِ وَالتُّفْلُ بِالْبُصَاقِ اهـ.

(قَوْلُهُ الْبُصَاقُ بِلَا صَوْتٍ) أَيْ: وَأَمَّا بِصَوْتٍ فَإِنْ كَانَ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا فَإِنَّهُ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ، وَإِنْ كَانَ سَهْوًا فَيَسْجُدُ إنْ كَانَ فَذًّا أَوْ إمَامًا لَا مَأْمُومًا وَكَلَامُ أَبِي مُحَمَّدٍ هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا يُفَادُ مِنْ عب وَمِمَّا كَتَبَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا.

(قَوْلُهُ وَهَذَا هُوَ الْمُنَاسِبُ) أَيْ: لِأَنَّهُ لَا يَفْعَلُ بِالثَّوْبِ إلَّا الْبُصَاقَ أَيْ: مَا ذُكِرَ فِي الثَّانِيَةِ الصَّادِقُ بِالْقَوْلَيْنِ فَظَهَرَ أَنَّ الْأَقْوَالَ ثَلَاثَةٌ ثُمَّ إنَّهُ وُفِّقَ بَيْنَ الْأَخِيرَيْنِ بِأَنْ يُحْمَلَ قَوْلُ أَبِي مُحَمَّدٍ فِي الْفَرْضِ وَقَوْلُ ابْنِ شَبْلُونٍ فِي النَّفْلِ.

(قَوْلُهُ وَأَمَّا قَوْلُ بَعْضِهِمْ) هَذَا قَوْلٌ رَابِعٌ مُحْتَوٍ عَلَى قَوْلَيْنِ فَالْأَقْوَالُ خَمْسَةٌ وَلَا تَقُلْ: قَوْلُ بَعْضِهِمْ هَذَا هُوَ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ الْأَوَّلُ لَمْ يُفَسِّرْهُ بِالنَّفْخِ بَلْ قَالَ رِيحٌ كَالنَّفْخِ بِخِلَافِ هَذَا (قَوْلُهُ وَحُكْمُ النَّفْثِ الْجَوَازُ) أَيْ: فِي حَالَةِ الْعَمْدِ أَيْ حُكْمُ الْبُصَاقِ إذَا صَدَرَ عَمْدًا الْجَوَازُ.

(قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ الْبُصَاقِ) وَهُوَ «فَإِذَا تَنَخَّعَ أَحَدُكُمْ أَيْ: فِي صَلَاتِهِ فَلِيَتَنَخَّعْ عَنْ يَسَارِهِ تَحْتَ قَدَمِهِ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَلْيَفْعَلْ هَكَذَا» وَوَصَفَ الْقَاسِمُ فَتَفَلَ فِي ثَوْبِهِ ثُمَّ مَسَحَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ (قَوْلُهُ وَالنَّفْخِ إلَخْ) عُطِفَ عَلَى الْبُصَاقِ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا مِمَّا يُقَوِّي قَوْلَ الْبَعْضِ أَنَّ النَّفْثَ نَفْخٌ لَطِيفٌ وَالْمُصَنِّفُ قَدْ قَالَ لِحَاجَةٍ.

(قَوْلُهُ فَيَسْجُدُ بِسَبَبِهِ إنْ كَانَ سَهْوًا) أَيْ إنْ كَانَ إمَامًا أَوْ فَذًّا وَإِنْ كَانَ مَأْمُومًا فَالْإِمَامُ يَحْمِلُهُ عَنْهُ وَقَوْلُهُ وَتَبْطُلُ صَلَاتُهُ إذَا كَانَ عَمْدًا أَيْ: أَوْ جَهْلًا وَهَذَا إذَا كَانَ بِصَوْتٍ فَإِنْ كَانَ بِلَا صَوْتٍ بِغَيْرِ حَاجَةٍ سَهْوًا لَا سُجُودَ فِيهِ وَلَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِفِعْلِهِ مُتَعَمِّدًا وَيَنْبَغِي كَرَاهَتُهُ (قَوْلُهُ النَّفْثُ) أَيْ: الرِّيحُ (قَوْلُهُ الْبُخَارَاتِ إلَخْ) أَيْ الْأَشْيَاءِ الَّتِي كَالدُّخَانِ (قَوْلُهُ الْمُحْتَقِنَةِ) أَيْ الْمُجْتَمِعَةِ فِي عَضَلَاتِ الْفَكِّ جَمْعُ عَضَلَةٍ وَالْعَضَلَةُ كُلُّ لَحْمَةٍ مُجْتَمِعَةٍ مُكْتَنِزَةٍ فِي عَصَبَةٍ كَمَا فِي الْمُخْتَارِ.

(قَوْلُهُ الْفَكِّ) اللَّحْيُ (قَوْلُهُ وَهُوَ إنَّمَا يَكُونُ إلَخْ) أَيْ: التَّثَاوُبُ (قَوْلُهُ وَهُوَ يُورِثُ الْكَسَلَ) أَيْ: امْتِلَاءُ الْمَعِدَةِ.

(قَوْلُهُ الْكَرْمَانِيُّ) فِي اللُّبِّ الْكَرْمَانِيُّ بِالْكَسْرِ وَالسُّكُونِ نِسْبَةٌ إلَى كَرْمَانِ مَحَلَّةٌ بِنَيْسَابُورَ اهـ.

وَنُقِلَ عَنْ ابْنِ سَمْعَانَ تَصْحِيحُ فَتْحِهَا قَالَ الْعَيْنِيُّ وَقَدْ ضُبِطَ بِالْوَجْهَيْنِ.

(قَوْلُهُ كَتَنَحْنُحٍ) وَالْأَوْلَى تَرْكُهُ وَإِنْ كَانَ لِشَيْءٍ نَابَهُ فِي صَلَاتِهِ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «مَنْ نَابَهُ شَيْءٌ فِي صَلَاتِهِ فَلْيُسَبِّحْ» فَإِنْ كَانَ التَّنَحْنُحُ لِأَجْلِ الْإِتْيَانِ بِالْقِرَاءَةِ فَإِنَّهُ يُطْلَبُ وُجُوبًا حَيْثُ تَوَقَّفَتْ الْقِرَاءَةُ الْوَاجِبَةُ عَلَيْهِ وَنَدْبًا أَوْ اسْتِنَانًا حَيْثُ تَوَقَّفَتْ الْقِرَاءَةُ الْغَيْرُ الْوَاجِبَةُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَهُوَ مُقْتَضَى نَقْلِ الْحَطَّابِ عَنْ اللَّخْمِيِّ) فَقَدْ قَالَ عَنْ اللَّخْمِيِّ فَإِنْ فَعَلَ أَيْ: التَّنَحْنُحَ لِأَمْرٍ عَرَضَ لَهُ يَحْتَاجُ إلَيْهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي صَلَاتِهِ وَإِنْ تَنَحْنَحَ غَيْرَ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ فَقِيلَ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ وَقِيلَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَبِهِ أَخَذَ؛ إذْ لَيْسَ هَذَا كَلَامًا مَنْهِيًّا عَنْهُ اهـ. فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَالرَّاجِحُ هُوَ مَا حَلَّ بِهِ الْحَطَّابُ.

(قَوْلُهُ وَهُوَ قَلِيلٌ لَا يُبْطِلُهَا) أَيْ فَقَوْلُهُ وَلَوْ عَبَثًا يُقَيَّدُ بِمَا قَلَّ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015