أَنْ يَعْتَقِدَ وُجُوبَهُ الْجُهَّالُ وَهُوَ لِلْبَاجِيِّ وَابْنِ رُشْدٍ وَضَعَّفَ هَذَا التَّأْوِيلَ بِتَفْرِقَتِهِ فِيهَا بَيْنَ الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ مَعَ تَأْدِيَتِهِ إلَى كَرَاهَةِ كُلِّ الْمَنْدُوبَاتِ وَقِيلَ خِيفَةَ إظْهَارِ خُشُوعٍ لَيْسَ فِي الْبَاطِنِ وَقَدْ تَعَوَّذَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْهُ وَهُوَ لِعِيَاضٍ وَعَلَيْهِ فَلَا تَخْتَصُّ الْكَرَاهَةُ بِالْفَرْضِ، قَالَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ وَنَحْوُهُ فِي التَّتَّائِيِّ وَعَلَيْهِ فَالتَّعْلِيلُ الْأَوَّلُ لَيْسَ تَعْلِيلًا بِالْمَظِنَّةِ، فَإِذَا انْتَفَى الِاعْتِمَادُ عِنْدَ الْقَائِلِ بِهِ لَا يُكْرَهُ وَأَمَّا التَّعْلِيلُ الثَّالِثُ فَبِالْمَظِنَّةِ أَيْ إنَّهُ مَظِنَّةُ إظْهَارِ الْخُشُوعِ، وَأَمَّا التَّعْلِيلُ الثَّانِي فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ بِالْمَظِنَّةِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ كَالْأَوَّلِ وَعَلَى أَنَّهُ تَعْلِيلٌ بِالْمَظِنَّةِ فَهَلْ الْمُرَادُ أَنَّهُ مَظِنَّةُ اعْتِقَادِ الْوُجُوبِ أَوْ مَظِنَّةُ خَوْفِ اعْتِقَادِ الْوُجُوبِ؟ وَفُهِمَ مِمَّا قَرَّرْنَا أَنَّ الْقَبْضَ فِي الْفَرْضِ مَكْرُوهٌ بِأَيِّ صِفَةٍ كَانَتْ وَأَنَّ الَّذِي فِيهِ الْخِلَافَ فِي النَّفْلِ الْقَبْضُ بِصِفَةٍ خَاصَّةٍ كَمَا مَرَّ وَأَمَّا عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ فَحُكْمُهُ الْجَوَازُ مُطْلَقًا وَلَيْسَ فِيهِ الْخِلَافُ الْمُتَقَدِّمُ.
(ص) وَتَقْدِيمُ يَدَيْهِ فِي سُجُودِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ فِي الصَّلَاةِ تَقْدِيمُ الْيَدَيْنِ فِي السُّجُودِ أَيْ إذَا هَوَى لَهُ يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ (وَتَأْخِيرُهُمَا عِنْدَ الْقِيَامِ) أَيْ وَيُنْدَبُ تَأْخِيرُهُمَا عِنْدَ الْقِيَامِ.
(ص) وَعَقْدُهُ يُمْنَاهُ فِي تَشَهُّدَيْهِ الثَّلَاثِ مَادًّا السَّبَّابَةَ وَالْإِبْهَامَ (ش) أَيْ وَنُدِبَ لِلْمُصَلِّي أَنْ يَعْقِدَ فِي تَشَهُّدِهِ وَاحِدًا أَوْ أَكْثَرَ الْوُسْطَى وَالْبِنْصِرَ وَالْخِنْصَرَ مِنْ الْيَدِ الْيُمْنَى مَادًّا السَّبَّابَةَ وَالْإِبْهَامَ تَحْتَ السَّبَّابَةِ وَلَا يَقْبِضَ شَيْئًا مِنْ أَصَابِعِ الْيُسْرَى وَلَوْ قُطِعَتْ الْيُمْنَى ثُمَّ فِيهِ إجْمَالٌ بَعْدَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَدَّ السَّبَّابَةِ وَالْإِبْهَامِ هُوَ صُورَةُ عِشْرِينَ، ثُمَّ يَحْتَمِلُ أَنْ يَقْبِضَ الثَّلَاثَ صِفَةُ تِسْعَةٍ وَهُوَ جَعْلُهَا عَلَى طَرَفِ الْكَفِّ فَيَصِيرَ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ كَمَا قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَيُحْتَمَلُ جَعْلُهَا وَسَطَ الْكَفِّ وَهُوَ صِفَةُ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ وَيُحْتَمَلُ جَعْلُهَا وَسَطَ الْكَفِّ مَعَ وَضْعِ الْإِبْهَامِ عَلَى أُنْمُلَةِ الْوُسْطَى وَهِيَ صِفَةُ ثَلَاثٍ وَخَمْسِينَ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى لَيْسَ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ كَيْفِيَّةُ وَضْعِ الثَّلَاثِ وَلَا كَيْفِيَّةُ حَالِ الْإِبْهَامِ مَعَ السَّبَّابَةِ وَقَوْلُ الْأَكْثَرِ أَنَّهُ عَلَى هَيْئَةِ عَدَدِ التِّسْعِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQمَكْرُوهٌ قَصَدَ التَّسَنُّنَ أَوْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا مَنْدُوبٌ وَهَذَا هُوَ التَّحْقِيقُ وَالتَّأْوِيلَانِ بَعْدَهُ خِلَافُهُ (قَوْلُهُ بِتَفْرِقَتِهِ) أَيْ الْإِمَامِ وَقَوْلُهُ فِيهَا أَيْ فِي الْمُدَوَّنَةِ بَيْنَ الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ فَجَوَّزَ فِي النَّفْلِ (قَوْلُهُ مَعَ تَأْدِيَتِهِ إلَى كَرَاهَةِ كُلٍّ إلَخْ) ؛ لِأَنَّ خِيفَةَ اعْتِقَادِ الْوُجُوبِ تُمْكِنُ فِي جَمِيعِ الْمَنْدُوبَاتِ فَهُوَ ضَعِيفٌ مِنْ وَجْهَيْنِ.
(قَوْلُهُ خِيفَةَ إلَخْ) أَيْ وَهُوَ مِنْ قَبِيلِ النِّفَاقِ وَهَذَا التَّعْلِيلُ ضَعِيفٌ؛ لِأَنَّهُ إذَا وَرَدَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَيُعَالِجُ الشَّخْصُ نَفْسَهُ فِي التَّرْكِ (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ فَلَا تَخْتَصُّ الْكَرَاهَةُ بِالْفَرْضِ) بَلْ النَّفَلُ كَذَلِكَ مَعَ أَنَّهُ يَجُوزُ الْقَبْضُ فِي النَّفْلِ أَيْ فَهَذَا التَّعْلِيلُ ضَعِيفٌ فَظَهَرَ مِنْ ذَلِكَ التَّقْرِيرِ كُلِّهِ أَنَّ التَّعْلِيلَ الْأَوَّلَ هُوَ الرَّاجِحُ.
(قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ) أَيْ وَعَلَى قَوْلِ بَعْضِ الشُّرَّاحِ.
(قَوْلُهُ لَا يُكْرَهُ) بَلْ يُنْدَبُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ فَهَلْ الْمُرَادُ أَنَّهُ مَظِنَّةُ اعْتِقَادِ الْوُجُوبِ) أَيْ مَظِنَّةُ اعْتِقَادِ الْفَاعِلِ الْوُجُوبَ أَوْ مَظِنَّةُ غَيْرِهِ فِيمَنْ يَعْرِفُ الْحُكْمَ أَيْ فِي فَاعِلٍ يَعْرِفُ الْحُكْمَ أَيْ مَحَلٌّ لِلِاعْتِقَادِ فَفِيهِ تَجْرِيدٌ.
(قَوْلُهُ أَوْ مَظِنَّةُ خَوْفِ إلَخْ) أَيْ مَظِنَّةٌ لِكَوْنِ النَّاسِ يَخَافُونَ أَيْ يَظُنُّونَ أَنَّ الْفَاعِلَ يَعْتَقِدُ الْوُجُوبَ فَيَتْبَعُونَهُ عَلَى ذَلِكَ أَوْ يَذُمُّونَهُ وَكِلَاهُمَا لَا يَصِحُّ أَوْ مَظِنَّةٌ لِكَوْنِ الْفَاعِلِ يَظُنُّ مِنْ أَجْلِ فِعْلِهِ أَنَّ النَّاسَ يَعْتَقِدُونَ الْوُجُوبَ فَيَتْبَعُونَهُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّنَا إذَا قُلْنَا مَظِنَّةُ الِاعْتِقَادِ أَيْ فَيَكُونُ الْمُتَرَقَّبُ نَفْسَ الِاعْتِقَادِ إمَّا مِنْ الْفَاعِلِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ، وَأَمَّا عَلَى أَنَّهُ مَظِنَّةُ الْخَوْفِ فَالْمُتَرَقَّبُ الْخَوْفُ لَا الِاعْتِقَادُ وَالْخَوْفُ إمَّا مِنْ الْفَاعِلِ عَلَى غَيْرِهِ أَيْ: يَخَافُ عَلَى غَيْرِهِ الِاعْتِقَادَ أَوْ الْخَوْفُ مِنْ الْغَيْرِ عَلَى الْفَاعِلِ أَنْ يَكُونَ الْفَاعِلُ مُعْتَقِدًا الْوُجُوبَ فَالْمَعْنَى مُخْتَلِفٌ وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَعْنَى مَحَلٌّ لِخَوْفِ الِاعْتِقَادِ أَيْ مَحَلٌّ لِظَنِّ الِاعْتِقَادِ فَتُفَسَّرُ الْمَظِنَّةُ بِمَوْضِعِ الظَّنِّ، غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ عَبَّرَ عَنْ الظَّنِّ بِالْخَوْفِ لِكَوْنِ الْخَوْفِ أَعَمَّ مِنْ الظَّنِّ؛ لِأَنَّهُ يَشْمَلُ الشَّكَّ وَلَيْسَ فِي الْعِبَارَةِ عَلَى هَذَا تَجْرِيدٌ.
. (قَوْلُهُ أَيْ إذَا هَوَى لَهُ) أَيْ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ فِي سُجُودِهِ مُحْتَمِلٌ لَأَنْ يَكُونَ فِي رَفْعِهِ مِنْ سُجُودِهِ.
(قَوْلُهُ وَتَأْخِيرُهُمَا عِنْدَ الْقِيَامِ) عَكْسُ رُكْبَتَيْ الْبَعِيرِ فِي نُزُولِهِ وَقِيَامِهِ أَيْ عَكْسُ رُكْبَتَيْ الْبَعِيرِ اللَّتَيْنِ فِي يَدَيْهِ فَإِنَّهُ يَقُومُ عَلَيْهِمَا وَلَكِنْ يُقَدِّمُ زَحْزَحَتَهُ بِمُؤَخِّرِ رِجْلَيْهِ عِنْدَ الْقِيَامِ قَبْلَ أَنْ يَمُدَّ يَدَيْهِ لِلْقِيَامِ فَرُكْبَتَاهُ مُؤَخَّرَتَانِ فِي الْقِيَامِ وَالْإِنْسَانُ رُكْبَتَاهُ مُقَدَّمَتَانِ وَفِي حَالَةِ النُّزُولِ رُكْبَتَا الْإِنْسَانِ مُؤَخَّرَتَانِ وَرُكْبَتَا الْبَعِيرِ مُقَدَّمَتَانِ وَهَذَا أَحْسَنُ مِمَّا فِي عب وَنَصُّهُ عَكْسُ الْبَعِيرِ فِي نُزُولِهِ وَقِيَامِهِ قَالَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ أَمَّا نُزُولُهُ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا قِيَامُهُ فَمَعْنَاهُ عَكْسُ رُكْبَتَيْ الْبَعِيرِ فِي يَدَيْهِ لِقِيَامِهِ بِهِمَا وَإِنْ كَانَ بَعْدَ تَحْرِيكِ رِجْلَيْهِ.
. (قَوْلُهُ الثَّلَاثِ) بَدَلُ بَعْضٍ مِنْ يُمْنَاهُ مُقَدَّرٌ فِيهِ الضَّمِيرُ بِرَبْطِ الْبَعْضِ بِكُلِّهِ أَيْ أَصَابِعِهِ الثَّلَاثِ وَالْأَوْلَى جَعْلُهُ بَدَلَ كُلٍّ مِنْ كُلٍّ أَيْ عَقْدُهُ بَعْضَ يُمْنَاهُ الثَّلَاثِ فَالثَّلَاثُ بَدَلٌ مِنْ بَعْضٍ وَبَدَلُ الْكُلِّ مِنْ الْكُلِّ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ ضَمِيرٌ.
(قَوْلُهُ مَادًّا السَّبَّابَةَ) سُمِّيَتْ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْعَرَبَ كَانَتْ تُشِيرُ بِهَا لِلسَّبِّ (قَوْلُهُ وَالْإِبْهَامُ تَحْتَ السَّبَّابَةِ) أَيْ إلَى جَانِبِهَا وَلَا شَكَّ أَنَّهُ مُنْخَفِضٌ عَنْ السَّبَّابَةِ كَذَا قَالَ الْحَطَّابُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ إذَا كَانَ كَذَلِكَ فَتَكُونُ مَمْدُودَةً عَلَى الْوُسْطَى فَيُوَافِقُ الْعِبَارَةَ الثَّانِيَةَ؛ لِأَنَّ مَدَّ السَّبَّابَةِ وَالْإِبْهَامِ أَيْ بِالْمَعْنَى الْمُتَقَدِّمِ.
(قَوْلُهُ وَهُوَ صِفَةُ ثَلَاثٍ) الْأَفْضَلُ وَهُوَ صِفَةُ ثَلَاثٍ فَتَكُونُ ثَلَاثَةً وَعِشْرِينَ.
(قَوْلُهُ وَهِيَ صِفَةُ ثَلَاثٍ وَخَمْسِينَ) لَا يَخْفَى أَنَّ وَضْعَ الثَّلَاثَةِ الْأَصَابِعِ بِثَلَاثَةٍ وَيَكُونُ وَضْعُ الْإِبْهَامِ عَلَى أُنْمُلَةِ الْوُسْطَى مَعَ مَدِّ السَّبَّابَةِ بِخَمْسِينَ هَذَا مُفَادُهُ إلَّا أَنَّهُ مُنَافٍ لِمَا تُفِيدُهُ الْعِبَارَةُ الثَّانِيَةُ الَّتِي جَعَلْنَاهَا مُوَافِقَةً لِلْأُولَى؛ لِأَنَّ مُفَادَ الْعِبَارَةِ الثَّانِيَةِ أَنَّ ذَلِكَ لِلْعِشْرِينِ لَا لِلْخَمْسِينَ وَالْجَوَابُ أَنَّ قَوْلَهُ مَعَ وَضْعِ الْإِبْهَامِ أَيْ رَأْسِ الْإِبْهَامِ عَلَى أُنْمُلَةِ الْوُسْطَى بِحَيْثُ تَكُونُ الْإِبْهَامُ مُنْحَنِيَةً هَذَا حَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ الْعُلَمَاءُ الْعَارِفُونَ وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُهُ مَادًّا السَّبَّابَةَ وَالْإِبْهَامَ صِفَةَ عِشْرِينَ أَيْ بِدُونِ انْحِنَاءٍ