وَحُمِلَ قِيَامُ الثُّلَاثِيَّةِ عَلَى قِيَامِ الرَّبَاعِيَةِ.
(ص) وَالْجُلُوسُ كُلُّهُ بِإِفْضَاءِ الْيُسْرَى لِلْأَرْضِ وَالْيُمْنَى عَلَيْهَا وَإِبْهَامُهَا لِلْأَرْضِ (ش) هَذَا إشَارَةٌ لِبَيَانِ مَا يُسْتَحَبُّ فِي صِفَةِ الْجُلُوسِ إذْ قَدَّمَ بَيَانَ حُكْمِهِ أَيْ وَهَيْئَةُ الْجُلُوسِ كُلِّهِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَفِي التَّشَهُّدَيْنِ بِأَنْ يُفْضِيَ أَيْ يُوصِلَ وَرِكَ الرِّجْلِ الْيُسْرَى وَأَلْيَتَيْهِ لِلْأَرْضِ وَيَنْصِبَ جَانِبَ قَدَمِ الرِّجْلِ الْيُمْنَى عَلَيْهَا بِحَيْثُ يَصِيرُ الْوَرِكُ الْأَيْمَنُ مُرْتَفِعًا عَنْ الْأَرْضِ وَيُفْضِي بِبَاطِنِ إبْهَامِ الْيُمْنَى وَبَعْضِ أَصَابِعِهَا لِلْأَرْضِ فَتَصِيرُ رِجْلَاهُ إلَى الْجَانِبِ الْأَيْمَنِ وَقُعُودُهُ عَلَى طَرَفِ الْوَرِكِ الْأَيْسَرِ.
(ص) وَوَضْعُ يَدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ بِرُكُوعِهِ (ش) أَيْ وَنُدِبَ وَضْعُ يَدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ بِرُكُوعِهِ مُجَافِيًا ضَبْعَيْهِ عَنْ جَنْبَيْهِ وَلَا يَضُمُّهُمَا وَلَا يَفْتَرِشُ ذِرَاعَيْهِ، وَهَذَا تَكْرَارٌ مَعَ قَوْلِهِ وَنُدِبَ تَمْكِينُهُمَا مِنْهُمَا وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ إسْقَاطُ لَفْظِ رُكُوعٍ وَجَرِّ لَفْظِ وَضْعُ عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ بِإِفْضَاءِ الْيُسْرَى فَهُوَ مِنْ إتْمَامِ صِفَةِ الْجُلُوسِ كَمَا أَشَارَ لَهُ ابْنُ غَازِيٍّ وَفِي عِبَارَةٍ وَلَيْسَ قَوْلُهُ وَوَضْعُ يَدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ بِرُكُوعِهِ تَكْرَارًا مَعَ قَوْلِهِ وَنُدِبَ تَمْكِينُهُمَا مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مُسْتَحَبٌّ آخِرَ أَعْلَى مِنْ هَذَا، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْكَيْفِيَّاتِ ثَلَاثَةٌ وَاحِدَةٌ خِلَافُ الْأَوْلَى وَهِيَ قَوْلُهُ " تَقْرُبُ رَاحَتَاهُ فِيهِ مِنْ رُكْبَتَيْهِ " وَاثْنَتَانِ مُسْتَحَبَّتَانِ وَهُمَا قَوْلُهُ " وَنُدِبَ تَمْكِينُهُمَا مِنْهُمَا " وَقَوْلُهُ وَوَضْعُ يَدَيْهِ إلَخْ.
لَكِنْ الْأُولَى أَعْلَى مِنْ الثَّانِيَةِ، وَقَوْلُهُ عَلَى رُكْبَتَيْهِ أَيْ فَوْقَ رُكْبَتَيْهِ أَيْ عَلَى الْعُضْوِ الَّذِي فَوْقَ رُكْبَتَيْهِ وَالْعُضْوُ الَّذِي فَوْقَ رُكْبَتَيْهِ هُمَا رَأْسَا فَخِذَيْهِ فَعَلَى هُنَا بِمَعْنَى فَوْقَ فَلَا يَلْزَمُ أَنَّ الْمُؤَلِّفَ يَقُولُ أَعْلَى رُكْبَتَيْهِ.
(ص) وَوَضْعُهُمَا حَذْوَ أُذُنَيْهِ أَوْ قُرْبَهُمَا بِسُجُودٍ (ش) فِيهَا لِمَالِكٍ يَتَوَجَّهُ بِيَدَيْهِ إلَى الْقِبْلَةِ وَلَمْ يَحُدَّ أَيْنَ يَضَعُهُمَا الرِّسَالَةُ تَجْعَلُ يَدَيْك حَذْوَ أُذُنَيْك أَوْ دُونَ ذَلِكَ اهـ. وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ كَالرِّسَالَةِ تَسَاوِي الْحَالَتَيْنِ وَلَمْ يُعْلَمْ مِنْ كَلَامِهِمَا مِقْدَارُ الْقُرْبِ الَّذِي يَقُومُ مَقَامَ الْمُحَاذَاةِ فِي النَّدْبِ فَإِنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ بِحَيْثُ تَكُونُ أَطْرَافُ أَصَابِعِهِ مُحَاذِيَةً لَهُمَا وَيُحْتَمَلُ غَيْرُ ذَلِكَ.
(ص) وَمُجَافَاةُ رَجُلٍ فِيهِ بَطْنِهِ فَخِذَيْهِ وَمِرْفَقَيْهِ رُكْبَتَيْهِ (ش) يُرِيدُ أَنَّ الرَّجُلَ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ وَحُمِلَ قِيَامُ الثُّلَاثِيَّةِ عَلَى الرُّبَاعِيَّةِ) هَذَا جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ وَارِدٍ عَلَى قَوْلِهِ أَوْ؛ لِأَنَّهُ كَمُفْتَتِحٍ صَلَاةً مَعَ أَنَّهُ لَا يَظْهَرُ فِي الْمَغْرِبِ مَعَ أَنَّ الْحُكْمَ فِيهَا كَذَلِكَ وَاعْلَمْ أَنَّ الْمَأْمُومَ إذَا أَدْرَكَ رَكْعَتَيْنِ فَإِنَّهُ يُؤَخِّرُ إلَى أَنْ يَسْتَقِلَّ.
(قَوْلُهُ وَالْجُلُوسُ كُلُّهُ) مَعْطُوفٌ عَلَى نَائِبِ فَاعِلِ نُدِبَ وَقَوْلُهُ وَهَيْئَةُ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ فِي الْعِبَارَةِ حَذْفًا وَعَلَى هَذَا فَالْبَاءُ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ بِإِفْضَاءٍ لِلتَّصْوِيرِ أَيْ مُصَوِّرَةٌ تِلْكَ الْهَيْئَةَ بِكَذَا وَكَذَا وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يُقَدَّرَ وَتَكُونُ الْبَاءُ بِمَعْنَى مَعَ أَيْ حَالَ كَوْنِ الْجُلُوسِ مُقَارِنًا لِهَذِهِ الْهَيْئَةِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُقَارِنًا حَصَلَ السُّنَّةُ وَفَاتَ الِاسْتِحْبَابُ، وَإِنَّمَا طُلِبَ مِنْهُ هَذِهِ الْهَيْئَةُ حَتَّى يَكُونَ مُسْتَقْبِلًا بِجَمِيعِ أَعْضَائِهِ لِلْقِبْلَةِ وَمِنْ هُنَا يُكْرَهُ إزَالَةُ رِدَائِهِ أَوْ ثِيَابِهِ فِي حَالِ الصَّلَاةِ حَتَّى تَكُونَ مُصَلِّيَةً فَيَحْصُلَ لَهَا بَرَكَةُ الصَّلَاةِ.
(قَوْلُهُ وَفِي التَّشَهُّدَيْنِ) أَيْ خِلَافًا لِابْنِ الْعَرَبِيِّ فِي اخْتِيَارِهِ فِي تَشَهُّدٍ غَيْرِ الْأَخِيرِ كَوْنَ أَلْيَتَيْهِ عَلَى رِجْلِهِ الْيُسْرَى.
(قَوْلُهُ وَرِكَ الرِّجْلِ الْيُسْرَى) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى حَذْفٍ فِي الْعِبَارَةِ (قَوْلُهُ وَأَلْيَتَيْهِ) أَيْ إحْدَى أَلْيَتَيْهِ وَهَذَا إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ ذِكْرُ هَذِهِ وَإِلَّا فَقَوْلُهُ بِإِفْضَاءِ الْيُسْرَى لِلْأَرْضِ يَحْتَمِلُ وَأَلْيَتَاهُ عَلَيْهَا أَوْ عَلَى الْأَرْضِ وَالثَّانِي هُوَ الْمُرَادُ كَذَا فِي عب وَيُبْحَثُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ مَتَى كَانَ سَاقَ الْيُمْنَى فَوْقَ قَدَمِ الْيُسْرَى لَا تَكُونُ أَلْيَتَاهُ إلَّا عَلَى الْأَرْضِ (قَوْلُهُ جَانِبِ) الْأَوْلَى حَذْفُ جَانِبٍ وَقَدَمٍ وَيَقُولُ وَيَجْعَلُ سَاقَ الْيُمْنَى عَلَيْهَا وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَوْلَهُ وَالْيُمْنَى مَفْعُولٌ لِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ وَلَيْسَ ذَلِكَ بِلَازِمٍ؛ إذْ يُحْتَمَلُ عَطْفُهُ عَلَى إفْضَاءٍ وَالتَّقْدِيرُ وَيَجْعَلُ الْيُمْنَى عَلَيْهَا وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ لِلْحَالِ.
(قَوْلُهُ عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى الرِّجْلِ الْيُسْرَى بِدُونِ تَقْدِيرِ وَرِكٍ وَالْمُرَادُ جَعَلَ سَاقَ الْيُمْنَى عَلَى قَدَمِ الْيُسْرَى فَيَكُونُ قَدَمُ الْيُسْرَى تَحْتَ سَاقِهِ الْأَيْمَنِ وَهُوَ مَا نَقَلَهُ الْأَقْفَهْسِيُّ عَنْ عَبْدِ الْوَهَّابِ وَقِيلَ يَجْعَلُهُ تَحْتَ فَخِذِهِ الْأَيْمَنِ وَقِيلَ بَيْنَ فَخِذَيْهِ.
(أَقُولُ) وَالْأَوَّلُ أَقْرَبُ، وَاعْلَمْ أَنَّ التَّفَرُّشَ وَهُوَ كَوْنُ أَلْيَتَيْهِ عَلَى رِجْلِهِ الْيُسْرَى خِلَافُ الْأَوْلَى وَقَوْلُهُ وَيُفْضِي هَذَا يُفِيدُ أَنَّ قَوْلَهُ وَإِبْهَامِهَا مَعْطُوفٌ عَلَى الْيُسْرَى أَيْ وَيُفْضِي بِإِبْهَامِهَا إلَى الْأَرْضِ لَكِنْ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ حَيْثُ الْفَصْلُ بَيْنَ الْمَعْطُوفِ وَالْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ عَلَى حَلِّ الشَّارِحِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْعِبَارَةَ فِيهَا ثَلَاثَةُ إضَافَاتٍ مُقَدَّرَةٍ وَهِيَ هَيْئَةٌ وَوَرِكٌ وَبَاطِنٌ وَمَوْصُوفٌ وَهُوَ الرِّجْلُ وَمَعْطُوفٌ وَهُوَ أَلْيَتَيْهِ وَيُقَدَّرُ مَعْطُوفٌ آخَرُ وَهُوَ تَفْرِيجُ فَخِذَيْهِ وَتَقْدِيرُ عَامِلٍ عَلَى مُقْتَضَى كَلَامِهِ وَانْظُرْ مَا قَدْرُ التَّفْرِيجِ.
(قَوْلُهُ مُجَافِيًا) هَذَا مُسْتَحَبٌّ آخَرُ وَقَوْلُهُ وَلَا يَضُمُّهُمَا بَيَانٌ لِمَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ وَلَا يَفْتَرِشُ ذِرَاعَيْهِ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا إنَّمَا يُنَاسِبُ حَالَ الْجُلُوسِ (قَوْلُهُ وَهَذَا تَكْرَارٌ) سَيَأْتِي الْجَوَابُ عَنْهُ بَعْدُ (قَوْلُهُ عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ بِإِفْضَاءٍ) أَيْ عَلَى إفْضَاءٍ مِنْ قَوْلِهِ بِإِفْضَاءٍ (قَوْلُهُ فَهُوَ مِنْ إتْمَامٍ) أَيْ فَذِكْرُهُ مِنْ إتْمَامِ إلَخْ (قَوْلُهُ وَقَوْلُهُ وَوَضْعُ يَدَيْهِ إلَخْ) هَذَا مُتَعَلِّقٌ بِمَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ.
(قَوْلُهُ فَلَا يَلْزَمُ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ حَيْثُ كَانَ ذَلِكَ جَارِيًا عَلَى بَعْضِ النُّسَخِ مِنْ إسْقَاطِ قَوْلِهِ بِرُكُوعِهِ فَيَلْزَمُ الْمُصَنِّفَ أَنْ يَقُولَ أَعْلَى رُكْبَتَيْهِ أَيْ يَضَعُ يَدَيْهِ فِي أَعْلَى الرُّكْبَتَيْنِ أَيْ فِي الْمَكَانِ الْمُرْتَفِعِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ هَذَا مُرَادُهُ إلَّا أَنَّ اللَّفْظَ لَا يُؤَدِّيهِ؛ لِأَنَّ أَعْلَى الرُّكْبَتَيْنِ هُوَ الْجُزْءُ الْعَالِي مِنْهُمَا الَّذِي لَيْسَ فَوْقَهُ جُزْءٌ أَعْلَى مِنْهُ، أَلَا تَرَى أَنَّ أَعْلَى الدَّارِ هُوَ الْجُزْءُ الْعَالِي الَّذِي لَيْسَ فَوْقَهُ جُزْءٌ فَأَعْلَى الرُّكْبَتَيْنِ مِنْ الرُّكْبَتَيْنِ وَالْقَصْدُ خِلَافُ ذَلِكَ كَمَا تَبَيَّنَ.
(ثُمَّ أَقُولُ) وَهَذَا التَّأْوِيلُ بَعِيدٌ عَنْ اللَّفْظِ.
(قَوْلُهُ تَسَاوِي الْحَالَتَيْنِ) أَيْ فَتَكُونُ أَوْ لِلتَّخْيِيرِ وَفِي ك وشب أَنَّ أَوْ تَنْوِيعِيَّةٌ إشَارَةٌ لِقَوْلٍ آخَرَ.
(قَوْلُهُ وَيَحْتَمِلُ غَيْرَ ذَلِكَ) بِأَنْ تَكُونَ أَطْرَافُ الْأَصَابِعِ أَنْزَلَ مِنْهُمَا.
(قَوْلُهُ وَمِرْفَقَيْهِ رُكْبَتَيْهِ) مِرْفَقَيْهِ مَعْطُوفٌ عَلَى بَطْنِهِ وَرُكْبَتَيْهِ مَعْطُوفٌ عَلَى فَخِذَيْهِ وَهُوَ مِنْ بَابِ الْعَطْفِ عَلَى مَعْمُولَيْ عَامِلٍ وَاحِدٍ وَهُوَ جَائِزٌ وَالْمُجَافَاةُ الْمُبَاعَدَةُ