(ش) يَعْنِي أَنَّ الرَّقِيقَ لَا يَحْتَاجُ فِي الْوَصِيَّةِ بِعِتْقِهِ إلَى الْقَبُولِ فَهُوَ تَشْبِيهٌ فِي نَفْيِ مُطْلَقِ الِاحْتِيَاجِ، وَإِنْ كَانَتْ جِهَةُ الِاحْتِيَاجِ مُخْتَلِفَةً فَالْأَوَّلُ لَا يَحْتَاجُ لِإِذْنٍ فِي قَبُولٍ وَالثَّانِي لَا يَحْتَاجُ لِقَبُولٍ أَصْلًا

(ص) وَخُيِّرَتْ جَارِيَةُ الْوَطْءِ، وَلَهَا الِانْتِقَالُ (ش) يَعْنِي أَنَّ جَارِيَةَ الْوَطْءِ إذَا أَوْصَى سَيِّدُهَا بِبَيْعِهَا لِلْعِتْقِ، فَإِنَّ الْخِيَارَ يَثْبُتُ لَهَا فِي أَنْ تَبْقَى عَلَى الرِّقِّ، أَوْ تَخْتَارَ الْعِتْقَ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ عَلَى جِوَارِي الْوَطْءِ الضَّيَاعُ بِالْعِتْقِ، وَإِنَّمَا خُيِّرَتْ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ لَيْسَ مُحَقَّقًا؛ لِأَنَّ شَرْطَ الْعِتْقِ لَا يَسْتَلْزِمُ التَّنْجِيزَ، وَإِذَا اخْتَارَتْ أَحَدَ الْأَمْرَيْنِ ثُمَّ انْتَقَلَتْ إلَى الْآخَرِ فَذَلِكَ لَهَا مَا لَمْ يَنْفُذْ مَا اخْتَارَتْ أَوَّلًا، وَأَمَّا إذَا أَوْصَى بِعِتْقِهَا فَلَا خِيَارَ لَهَا؛ لِأَنَّهَا لَيْسَ لَهَا الْبَقَاءُ عَلَى الرِّقِّ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ حَقٌّ لِلَّهِ لَا يَجُوزُ لَهَا إبْطَالُهُ وَالْمُرَادُ بِجَارِيَةِ الْوَطْءِ الَّتِي تُرَادُ لَهُ وُطِئَتْ بِالْفِعْلِ أَمْ لَا وَاحْتَرَزَ بِهَا عَنْ جَارِيَةِ الْخِدْمَةِ فَتُبَاعُ لِمَنْ يُعْتِقُهَا مِنْ غَيْرِ خِيَارٍ وَمِثْلُهَا الْعَبِيدُ الذُّكُورُ

(ص) وَصَحَّ لِعَبْدِ وَارِثِهِ إنْ اتَّحَدَ، أَوْ بِتَافِهٍ أُرِيدَ بِهِ الْعَبْدُ (ش) فَاعِلُ صَحَّ هُوَ الْإِيصَاءُ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا أَوْصَى لِعَبْدِ وَارِثِهِ بِشَيْءٍ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ، فَإِنَّ الْوَصِيَّةَ صَحِيحَةٌ، وَلَيْسَ لِسَيِّدِ الْعَبْدِ أَنْ يَنْتَزِعَهَا مِنْ عَبْدِهِ، وَهَذَا إذَا اتَّحَدَ الْوَارِثُ، فَإِنْ تَعَدَّدَ فَلَا تَجُوزُ الْوَصِيَّةُ إلَّا إذَا كَانَتْ بِشَيْءٍ تَافِهٍ وَأَرَادَ الْمُوصِي بِذَلِكَ الْعَبْدَ دُونَ غَيْرِهِ مِنْ الْوَرَثَةِ أَمَّا لَوْ أَرَادَ نَفْعَ سَيِّدِ الْعَبْدِ لَبَطَلَتْ؛ لِأَنَّهَا وَصِيَّةٌ لِوَارِثٍ وَتَصِحُّ بِغَيْرِ التَّافِهِ حَيْثُ كَانَ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ وَبِعِبَارَةٍ إنْ اتَّحَدَ الْوَارِثُ وَكَانَ يَرِثُ جَمِيعَ الْمَالِ، وَأَمَّا إنْ كَانَ يَرِثُ بَعْضَهُ فَلَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْوَصِيَّةِ لِلْوَارِثِ وَمِثْلُ الْمُتَّحِدِ مَا إذَا تَعَدَّدَ وَالْعَبْدُ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمْ عَلَى السَّوَاءِ وَيَرِثُونَ جَمِيعَ الْمَالِ، وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ الْوَصِيَّةِ لِلْوَارِثِ نَفْسِهِ وَالْمُرَادُ بِالتَّافِهِ مَا لَا تَلْتَفِتُ النُّفُوسُ إلَيْهِ

(ص) وَلِمَسْجِدٍ وَصَرْفٍ فِي مَصَالِحِهِ (ش) اللَّامُ الدَّاخِلَةُ عَلَى الْمَسْجِدِ وَنَحْوِهِ لَامُ الْمَصْرِفِ لَا لَامُ الْمِلْكِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْوَصِيَّةَ لِلْمَسْجِدِ وَنَحْوِهِ كَالْقَنْطَرَةِ وَالسُّورِ تَصِحُّ وَيُصْرَفُ ذَلِكَ الشَّيْءُ الْمُوصَى بِهِ فِي مَصَالِحِ تِلْكَ الْأَشْيَاءِ كَوَقِيدٍ وَعِمَارَةٍ؛ لِأَنَّ مَقْصُودَ النَّاسِ بِالْوَصِيَّةِ لِذَلِكَ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَسْجِدِ مَصَالِحُ فَيُدْفَعُ لِلْفُقَرَاءِ

[الوصية للميت]

(ص) وَلِمَيِّتٍ عَلِمَ بِمَوْتِهِ فَفِي دَيْنِهِ، أَوْ وَارِثِهِ (ش) يَعْنِي وَكَذَلِكَ تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لِلْمَيِّتِ إنْ عَلِمَ الْمُوصِي بِمَوْتِهِ وَيُصْرَفُ الْمَالُ الْمُوصَى بِهِ فِي دَيْنِهِ إنْ كَانَ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ، وَإِلَّا فَهُوَ لِوَارِثِهِ، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِمَوْتِهِ، فَإِنَّهَا لَا تَصِحُّ إذْ الْمَيِّتُ لَا يَصِحُّ تَمَلُّكُهُ فَقَوْلُهُ وَلِمَيِّتٍ أَيْ وَصَحَّتْ الْوَصِيَّةُ لِكُلِّ مَنْ تَقَدَّمَ مِمَّنْ يَصِحُّ تَمْلِيكُهُ وَلِمَيِّتٍ وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ عَلِمَ الْمُوصِي أَنَّ عَلَى الْمُوصَى لَهُ دَيْنًا، أَوْ لَهُ وَارِثٌ، أَوْ لَا وَهُوَ ظَاهِرٌ وَبَيْتُ الْمَالِ وَارِثٌ شَرْعِيٌّ فَيُدْفَعُ لَهُ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ، وَلَا عَلَيْهِ دَيْنٌ وَأَوْ لِلتَّنْوِيعِ أَيْ فِي دَيْنِهِ إنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ وَارِثِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَبِهَذَا سَاوَتْ عِبَارَتُهُ عِبَارَةَ ابْنِ الْحَاجِبِ لَا لِلتَّخْيِيرِ إذْ لَمْ يَتَقَدَّمْهَا طَلَبٌ لَا حَقِيقَةً، وَلَا حُكْمًا

[الوصية تصح للذمي]

(ص) وَلِذِمِّيٍّ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْوَصِيَّةَ تَصِحُّ لِلذِّمِّيِّ؛ لِأَنَّهُ يَصِحُّ تَمَلُّكُهُ وَسَوَاءٌ كَانَ لِلذِّمِّيِّ حَقُّ جِوَارٍ، أَوْ لَا قَرِيبًا كَانَ أَوْ أَجْنَبِيًّا قَالَ فِي التَّوْضِيحِ يُحْتَمَلُ اعْتِبَارُ الْمَفْهُومِ فَيُمْنَعُ لِلْحَرْبِيِّ، وَلَا يَصِحُّ لَهُ وَهُوَ قَوْلُ أَصْبَغَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَكُونَ مَفْهُومَ مُخَالَفَةٍ لِمُسَاوَاةِ الْمَسْكُوتِ عَنْهُ لِلْمَنْطُوقِ وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ عَبْدِ الْوَهَّابِ فِي الْأَشْرَافِ وَكَلَامِ الْمُؤَلِّفِ فِي الصِّحَّةِ وَعَدَمِهَا وَالْجَوَازُ وَعَدَمُهُ شَيْءٌ آخَرُ

. (ص) وَقَاتِلٍ عَلِمَ الْمُوصِي بِالسَّبَبِ، وَإِلَّا فَتَأْوِيلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَقْتُولَ يَجُوزُ وَصِيَّتُهُ لِلَّذِي قَتَلَهُ بِشَرْطِ أَنْ يَعْلَمَ بِالسَّبَبِ أَيْ بِسَبَبِ

ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ وَالثَّانِي لَا يَحْتَاجُ لِقَبُولٍ أَصْلًا) بَلْ يَعْتِقُ إنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ أَوْ مَحْمَلُهُ

(قَوْلُهُ وَخُيِّرَتْ جَارِيَةُ الْوَطْءِ) أَيْ بَيْنَ بَيْعِهَا لِلْعِتْقِ وَبَيْنَ الْبَقَاءِ عَلَى الرِّقِّ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْغَالِبَ عَلَى جِوَارِي الْوَطْءِ إلَخْ) إنَّمَا كَانَ الْغَالِبَ لِأَنَّهُنَّ لَا يُحْسِنَّ الْخِدْمَةَ وَقَلَّ مَنْ يَطَؤُهُنَّ بِالنِّكَاحِ

(قَوْلُهُ أَوْ بِتَافِهٍ أُرِيدَ بِهِ الْعَبْدُ) أَرَادَ بِالْعَبْدِ مَا كَانَ قِنًّا أَوْ فِيهِ شَائِبَةٌ إلَّا مُكَاتَبَ وَلَدِهِ فَلَهُ الْوَصِيَّةُ لَهُ بِمَا يَزِيدُ عَلَى التَّافِهِ إلَى مَبْلَغِ ثُلُثِ الْمُوصِي لِأَنَّهُ أَحْرَزَ نَفْسَهُ وَمَالَهُ انْتَهَى وَمَا قَالَهُ شَارِحُنَا تَبِعَ فِيهِ عج التَّابِعَ لِابْنِ مَرْزُوقٍ وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ خِلَافُهُ لِأَنَّهَا قَالَتْ لَا تَجُوزُ الْوَصِيَّةُ لِعَبْدِ وَارِثِهِ إلَّا بِالتَّافِهِ كَالثَّوْبِ وَنَحْوِهِ مِمَّا يُرِيدُ بِهِ نَاحِيَةَ الْعَبْدِ فَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ أُرِيدَ بِهِ الْعَبْدُ مَا مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يُرَادَ بِهِ الْعَبْدُ لَا أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ بِهِ الْعَبْدَ وَاعْتَمَدَهُ الْبِسَاطِيُّ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ لِسَيِّدِ الْعَبْدِ أَنْ يَنْتَزِعَهَا) أَيْ لِأَنَّهُ إذَا انْتَزَعَهَا لَمْ تَنْفُذْ الْوَصِيَّةُ وَإِذَا بَاعَهُ الْوَارِثُ بَاعَهُ بِمَالِهِ وَكَانَ لِلْمُشْتَرِي انْتِزَاعُهُ

(قَوْلُهُ كَالْقَنْطَرَةِ إلَخْ) فَإِذَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ أَوْ لَمْ يَحْتَجْ لِذَلِكَ فَيُصْرَفُ لِقَوْمَتِهِ أَيْ خِدْمَتِهِ مِنْ إمَامٍ وَمُؤَذِّنٍ وَنَحْوِهِمَا احْتَاجُوا أَمْ لَا مِنْ شَرْحِ عب وَلَعَلَّ قَوْلَهُ وَصُرِفَ فِي مَصَالِحِهِ إنْ اقْتَضَى الْعُرْفُ ذَلِكَ فَإِنْ اقْتَضَى أَنَّ الْقَصْدَ مُجَاوِرُوهُ كَالْجَامِعِ الْأَزْهَرِ صُرِفَ لَهُمْ لَا لِمَرَمَّتِهِ وَحُصْرِهِ وَنَحْوِهِمَا انْتَهَى.

(أَقُولُ) بَقِيَ إذَا لَمْ يَجْرِ بِشَيْءٍ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ يُصْرَفُ فِي مَصَالِحِهِ فَالْأَوْلَى لِعْب أَنْ يَقُولَ وَلَعَلَّ قَوْلَهُ وَصُرِفَ فِي مَصَالِحِهِ مَا لَمْ يَجْرِ الْعُرْفُ بِأَنَّهُ يُصْرَفُ لِمُجَاوِرِيهِ كَالْجَامِعِ الْأَزْهَرِ وَإِلَّا صُرِفَ لَهُمْ

[الْوَصِيَّةُ لِلْمَيِّتِ]

(قَوْلُهُ وَبَيْتُ الْمَالِ وَارِثٌ شَرْعِيٌّ إلَخْ) كَذَا قَالَ الشَّيْخُ سَالِمٌ وَقَالَ عج فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ خَاصٌّ بَلْ بَيْتُ الْمَالِ بَطَلَتْ كَمَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِمَوْتِهِ (أَقُولُ) وَكَلَامُ عج ظَاهِرٌ حَيْثُ كَانَ بَيْتُ الْمَالِ غَيْرَ مُنْتَظِمٍ لِأَنَّ الرَّاجِحَ أَنَّ بَيْتَ الْمَالِ إذَا لَمْ يَكُنْ مُنْتَظِمًا لَا يَرِثُ (قَوْلُهُ سَاوَتْ عِبَارَتُهُ عِبَارَةَ ابْنِ الْحَاجِبِ) أَيْ لِأَنَّ ابْنَ الْحَاجِبِ قَالَ فِي دَيْنِهِ وَإِلَّا فَلِوَارِثِهِ

[الْوَصِيَّةَ تَصِحُّ لِلذِّمِّيِّ]

(قَوْلُهُ وَلِذِمِّيٍّ) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَظْهَرْ قُرْبَةٌ (قَوْلُهُ وَهُوَ قَوْلُ أَصْبَغَ) أَيْ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَكَلَامُ عَبْدِ الْوَهَّابِ ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ وَالْجَوَازُ وَعَدَمُهُ شَيْءٌ آخَرُ) قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَيَجُوزُ ذَلِكَ إذَا كَانَ عَلَى مَعْنَى الصِّلَةِ أَيْ صِلَةِ الرَّحِمِ بِأَنْ يَكُونَ أَبُوهُ أَوْ أَخُوهُ أَوْ أُخْتُهُ نَصْرَانِيًّا وَأَجَازَهُ أَشْهَبُ فِي الْقَرَابَةِ وَغَيْرِهَا مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ وَاخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي الْكَرَاهَةِ انْتَهَى.

(قَوْلُهُ وَإِلَّا فَتَأْوِيلَانِ) وَلَا يَدْخُلُ فِي التَّأْوِيلَيْنِ أَعْطُوا مَنْ قَتَلَنِي لِصِحَّتِهَا فَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ قَالَ أَعْطُوا فُلَانًا كَذَا وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ قَاتِلُهُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015