فَأَمَّا سَبَبُهُ فَهُوَ زَوَالُ الْمِلْكِ بِالْحُرِّيَّةِ فَمَنْ زَالَ مِلْكُهُ بِالْحُرِّيَّةِ عَنْ رَقِيقٍ فَهُوَ مَوْلَاهُ سَوَاءٌ نَجَّزَ أَوْ عَلَّقَ أَوْ دَبَّرَ أَوْ كَاتَبَ أَوْ أَعْتَقَ بِعِوَضٍ أَوْ بَاعَهُ مِنْ نَفْسِهِ أَوْ أَعْتَقَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ السَّيِّدُ كَافِرًا وَالْعَبْدُ مُسْلِمًا فَلَا وَلَاءَ لَهُ عَلَيْهِ وَلَوْ أَسْلَمَ عَلَى مَا يَأْتِي وَأَمَّا أَحْكَامُ الْوَلَاءِ فَفِي الْجَوَاهِرِ حُكْمُ الْوَلَاءِ الْعُصُوبَةُ وَقَدْ صَحَّ عَنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَنَّهُ قَالَ «إنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ» وَصَحَّ عَنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَنَّهُ قَالَ «الْوَلَاءُ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ لَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ» قَالَ الْأَبِيُّ وَهَذَا مِنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - تَعْرِيفٌ لِحَقِيقَةِ الْوَلَاءِ فِي الشَّرْعِ وَلَا يُحَدُّ بِتَعْرِيفٍ أَتَمَّ مِنْهُ اهـ. وَاللُّحْمَةُ قَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ بِالضَّمِّ وَقِيلَ بِالْفَتْحِ وَقَالَ فِي الصِّحَاحِ لُحْمَةُ الثَّوْبِ تُضَمُّ وَتُفْتَحُ وَلُحْمَةُ الْبَازِي وَهُوَ مَا يُطْعِمُ مِمَّا يَصِيدُهُ تُضَمُّ وَتُفْتَحُ وَاللُّحْمَةُ بِمَعْنَى الْقَرَابَةِ تُضَمُّ قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ وَمَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّ بَيْنَ الْمُعْتِقِ وَالْمُعْتَقَ نِسْبَةً تُشْبِهُ النَّسَبَ وَوَجْهُ الشَّبَهِ أَنَّ الْعَبْدَ لَمَّا كَانَ عَلَيْهِ رِقٌّ كَالْمَعْدُومِ فِي نَفْسِهِ وَالْمُعْتِقُ صَيَّرَهُ مَوْجُودًا كَمَا أَنَّ الْوَلَدَ كَانَ مَعْدُومًا وَالْأَبُ تَسَبَّبَ فِي وُجُودِهِ

[الولاء لا يكون إلا لمعتق]

(ص) الْوَلَاءُ لِمُعْتِقٍ وَإِنْ بِبَيْعٍ مِنْ نَفْسِهِ أَوْ عِتْقِ غَيْرٍ عَنْهُ بِلَا إذْنٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْوَلَاءَ لَا يَكُونُ إلَّا لِمُعْتِقٍ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا فَيَشْمَلُ مَنْ أَعْتَقَ عَنْهُ غَيْرُهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَالْوَلَاءُ بِالْمُبَاشَرَةِ وَالْوَلَاءُ بِالْجَرِّ وَسَوَاءٌ كَانَ الْعِتْقُ نَاجِزًا أَوْ لِأَجَلٍ أَوْ دَبَّرَهُ أَوْ كَاتَبَهُ أَوْ اسْتَوْلَدَهُ أَوْ بَاعَهُ نَفْسَهُ فَالضَّمِيرُ الْمَجْرُورُ بِنَفْسِ يَرْجِعُ لِلْعَبْدِ أَيْ وَإِنْ كَانَ الْعِتْقُ بِسَبَبِ بَيْعِ مِنْ نَفْسِ الْعَبْدِ أَوْ بِعِتْقِ غَيْرِهِ عَنْهُ بِلَا إذْنٍ فَقَوْلُهُ أَوْ عِتْقٍ إلَخْ عَطْفٌ عَلَى بَيْعٍ وَقَوْلُهُ بِلَا إذْنٍ دَاخِلٌ فِي حَيِّزِ الْمُبَالَغَةِ وَبِهِ يَنْدَفِعُ قَوْلُ الْبِسَاطِيِّ تَبَعًا لِلشَّارِحِ بِلَا إذْنٍ لَيْسَ بِجَيِّدٍ وَالْأَحْسَنُ لَوْ قَالَ وَإِنْ بِلَا إذْنٍ وَأَمَّا مَعَ الْإِذْنِ فَالْوَلَاءُ لِلْمُعْتِقِ عَنْهُ اتِّفَاقًا أَيْ وَالْمُعْتِقِ عَنْهُ حُرٌّ وَإِلَّا كَانَ لِسَيِّدِهِ وَلَا يَعُودُ الْوَلَاءُ بِعِتْقِ الْعَبْدِ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَعِتْقُ الْغَيْرِ يَشْمَلُ الْعِتْقَ النَّاجِزَ وَلِأَجَلٍ وَالتَّدْبِيرَ وَالْكِتَابَةَ كَأَنْ يَقُولَ أَنْتَ حُرٌّ أَوْ مُعْتَقٌ لِأَجَلٍ أَوْ مُدَبَّرٌ أَوْ مُكَاتَبٌ عَنْ فُلَانٍ فَلَوْ كَانَ الْعِتْقُ عَنْ مَيِّتٍ يَكُونُ الْوَلَاءُ لِوَرَثَتِهِ وَقَوْلُهُ (أَوْ لَمْ يَعْلَمْ سَيِّدُهُ بِعِتْقِهِ حَتَّى عَتَقَ) مَعْطُوفٌ عَلَى بَيْعٍ فَهُوَ دَاخِلٌ فِي حَيِّزِ الْمُبَالَغَةِ أَيْضًا أَيْ وَإِنْ بِإِعْتَاقِ مُعْتِقٍ لَمْ يَعْلَمْ سَيِّدُهُ الْأَعْلَى بِعِتْقِهِ لِعَبْدِهِ الْأَسْفَلِ حَتَّى أَعْتَقَ الْأَعْلَى وَلَمْ يَسْتَثْنِ مَالَهُ فَإِنَّ الْوَلَاءَ فِي الْعَبْدِ الْأَسْفَلِ يَكُونُ لِلْعَبْدِ الَّذِي أَعْتَقَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ لَا لِلسَّيِّدِ الْأَعْلَى أَمَّا لَوْ اسْتَثْنَى السَّيِّدُ مَالَ الْعَبْدِ عِنْدَ عِتْقِهِ لَهُ لَكَانَ الْوَلَاءُ لِلسَّيِّدِ إنْ رَضِيَ بِعِتْقِ عَبْده فَإِنْ رَدَّهُ بَطَلَ الْعِتْقُ وَيَكُونُ الْعَبْدُ الْأَسْفَلُ رِقًّا؛ لِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ مَالِ السَّيِّدِ الْأَعْلَى وَمِثْلُ مَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ سَيِّدُهُ بِعِتْقِهِ حَتَّى عَتَقَ مَا إذَا عَلِمَ سَيِّدُهُ بِعِتْقِهِ وَسَكَتَ وَلَمْ يَرُدَّهُ

وَأَمَّا إنْ أَعْتَقَ بِإِذْنِهِ أَوْ أَجَازَ فِعْلَهُ فَإِنَّ الْوَلَاءَ فِي هَذَيْنِ لِلسَّيِّدِ فَفِي مَفْهُومِ وَلَمْ يَعْلَمْ تَفْصِيلٌ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ هَذَا فِيمَنْ يَنْتَزِعُ مَالَهُ وَأَمَّا غَيْرُهُ فَوَلَاءُ مَنْ أَعْتَقَهُ لَهُ مُطْلَقًا لَا لِسَيِّدِهِ بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي (ص) إلَّا كَافِرًا أَعْتَقَ مُسْلِمًا وَرَقِيقًا إنْ كَانَ يَنْتَزِعُ مَالَهُ (ش) مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِ الْوَلَاءُ لِمُعْتِقٍ يَعْنِي أَنَّ الْكَافِرَ إذَا أَعْتَقَ عَبْدَهُ الْمُسْلِمَ وَسَوَاءٌ اشْتَرَاهُ مُسْلِمًا فَأَعْتَقَهُ أَوْ أَسْلَمَ عِنْدَهُ ثُمَّ أَعْتَقَهُ فَإِنَّ الْوَلَاءَ فِيهِ لِلْمُسْلِمِينَ لَا لِلْمُعْتِقِ الْكَافِرِ وَلَوْ أَسْلَمَ بَعْدَ ذَلِكَ {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلا} [النساء: 141] وَمَفْهُومُ أَعْتَقَ مُسْلِمًا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَإِنْ أَسْلَمَ الْعَبْدُ عَادَ الْوَلَاءُ بِإِسْلَامِ السَّيِّدِ وَقَوْلُهُ أَعْتَقَ

ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ وَأَمَّا أَحْكَامُ الْوَلَاءِ) الْأَوْلَى وَأَمَّا حُكْمُ الْوَلَاءِ بِالْإِفْرَادِ (قَوْلُهُ حُكْمُ الْوَلَاءِ الْعُصُوبَةُ) أَيْ ثَمَرَةُ الْوَلَاءِ الْعُصُوبَةُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ أَحَدُ الْأَحْكَامِ (قَوْلُهُ وَقَدْ صَحَّ أَنَّهُ إلَخْ) الْمُنَاسِبُ تَقْدِيمُ هَذَا بَعْدَ قَوْلِهِ فَأَمَّا سَبَبُهُ (قَوْلُهُ لُحْمَةٌ) أَيْ ارْتِبَاطٌ وَاتِّصَالٌ وَقَوْلُهُ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ أَيْ كَلُحْمَةٍ هِيَ النَّسَبُ فَالْإِضَافَةُ لِلْبَيَانِ

[الْوَلَاءَ لَا يَكُونُ إلَّا لِمُعْتِقٍ]

(قَوْلُهُ الْوَلَاءُ لِمُعْتِقٍ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ الْمُبْتَدَأَ إذَا كَانَ مُعَرَّفًا بِأَلْ الْجِنْسِيَّةِ وَكَانَ خَبَرُهُ ظَرْفًا أَوْ جَارًّا وَمَجْرُورًا أَفَادَ الْحَصْرَ كَالْكَرْمُ فِي الْعَرَبِ وَالْأَئِمَّةُ مِنْ قُرَيْشٍ أَيْ لَا كَرَمَ إلَّا فِي الْعَرَبِ وَلَا أَئِمَّةَ إلَّا مِنْ قُرَيْشٍ أَيْ لَا وَلَاءَ إلَّا لِمُعْتِقٍ أَيْ لِمَنْ أَعْتَقَ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا وَالْمُنْجَرُّ إلَيْهِ الْوَلَاءُ فِي حُكْمِ الْمُعْتِقِ فَالْحَصْرُ إضَافِيٌّ أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِالْمُعْتِقِ فَالْمُرَادُ إخْرَاجُ الْأَجْنَبِيِّ وَيُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ الْوَلَاءُ لِمُعْتِقٍ مُسْتَغْرِقُ الذِّمَّةِ بِالتَّبِعَاتِ فَإِنَّ وَلَاءَ مَنْ أَعْتَقَ لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ (قَوْلُهُ وَإِنْ بِبَيْعٍ مِنْ نَفْسِهِ) إنَّمَا بَالَغَ عَلَيْهِ؛ لِئَلَّا؛ يُتَوَهَّمَ أَنَّهُ لَمَّا أَخَذَ الْمَالَ مِنْهُ لَا وَلَاءَ عَلَيْهِ لِقُدْرَتِهِ عَلَى نَزْعِهِ مِنْهُ وَبَقَائِهِ رِقًّا (قَوْلُهُ وَإِنْ بِلَا إذْنٍ) أَيْ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ الْقَائِلِ؛ لِأَنَّهُ؛ لِلْمُعْتِقِ بِالْكَسْرِ إنْ كَانَ بِلَا إذْنٍ وَحَاصِلُ مَعْنَى كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ قَوْلُهُ بِلَا إذْنٍ فِي حَيِّزِ الْمُبَالَغَةِ لَمْ يَأْتِ بِأَنَّ (قَوْلَهُ وَلَا يَعُودُ بِعِتْقِ الْعَبْدِ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ) أَيْ خِلَافًا لِأَشْهَبَ إلَخْ (قَوْلُهُ وَإِنْ بِإِعْتَاقِ مُعْتِقٍ) بِكَسْرِ التَّاءِ وَيَصِحُّ قِرَاءَتُهُ بِالْفَتْحِ؛ لِأَنَّهُ؛ مُعْتَقٌ بِفَتْحِ التَّاءِ لِسَيِّدِهِ بَعْدَ أَنْ كَانَ رَفَعَ مِنْهُ الْعِتْقَ وَعَلَى كُلٍّ فَفِيهِ مَجَازٌ الْأَوَّلُ فَتَدَبَّرْ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا أَعْتَقَ عَبْدَ عَبْدِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ السَّيِّدُ أَيْ سَيِّدُ الْعَبْدِ الَّذِي صَدَرَ مِنْهُ الْإِعْتَاقُ حَتَّى أَعْتَقَ أَيْ السَّيِّدُ الْعَبْدَ الَّذِي صَدَرَ مِنْهُ الْإِعْتَاقَ فَإِنَّ الْوَلَاءَ فِي الْعَبْدِ الْأَسْفَلِ يَكُونُ لِمَنْ أَعْتَقَهُ وَهُوَ الْعَبْدُ الْأَعْلَى فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَإِنْ بِإِعْتَاقِ مُعْتِقٍ مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِلْفَاعِلِ فَمَصْدُوقُ الْفَاعِلِ الْعَبْدُ الَّذِي صَدَرَ مِنْهُ الْإِعْتَاقُ لِعَبْدِهِ (قَوْلُهُ لَمْ يَعْلَمْ سَيِّدُهُ الْأَعْلَى) هَذَا يُفِيدُ أَنَّ الْمَعْتُوقَ الْوَسَطُ لَهُ سَيِّدٌ أَعْلَى وَأَسْفَلُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ لَهُ سَيِّدٌ أَعْلَى فَقَطْ وَاَلَّذِي لَهُ سَيِّدٌ أَسْفَلُ وَأَعْلَى هُوَ الْمَعْتُوقُ الْأَسْفَلُ (قَوْلُهُ لَا لِلسَّيِّدِ) وَمُقَابِلُ الْمَشْهُورِ يَكُونُ لِلسَّيِّدِ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَرِدْهُ) أَيْ وَلَمْ يُجِزْهُ (قَوْلُهُ وَأَمَّا غَيْرُهُ) وَهُوَ مَا لَا يُنْتَزَعُ مَالُهُ كَمُكَاتَبٍ وَمُدَبَّرٍ وَمُعْتَقٍ لِأَجَلٍ إنْ مَرِضَ السَّيِّدُ وَقَرُبَ الْأَجَلُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015