إحْدَاهُمَا، وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - نَفَى مِنْ الْمَدِينَةِ إلَى خَيْبَرَ، وَنَفَى عَلِيٌّ مِنْ الْكُوفَةِ إلَى الْبَصْرَةِ. (ص) فَيُسْجَنُ سَنَةً. (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّانِيَ أَوْ الْمُحَارِبَ إذَا غُرِّبَ فَإِنَّ الزَّانِيَ يُسْجَنُ سَنَةً، وَالْمُحَارِبَ يُسْجَنُ حَتَّى تَظْهَرَ تَوْبَتُهُ، وَأَوَّلُ السَّنَةِ مِنْ حِينِ سِجْنِهِ فِي الْبَلَدِ الَّذِي يُنْفَى إلَيْهِ، فَذِكْرُ الْعَامِ قَبْلَهُ لَا فَائِدَةَ لَهُ مَعَ أَنَّ سِجْنَهُ قَدْ يَتَأَخَّرُ بَعْدَ دُخُولِ بَلَدِ التَّغْرِيبِ، فَيَكُونُ التَّغْرِيبُ حِينَئِذٍ أَكْثَرَ مِنْ عَامٍ، فَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى مَا هُنَا كَانَ أَنْسَبَ. (ص) وَإِنْ عَادَ أُخْرِجَ ثَانِيَةً. (ش) أَيْ: فَإِنْ عَادَ الَّذِي غُرِّبَ وَسُجِنَ قَبْلَ مُضِيِّ سَنَةٍ مِنْ يَوْمِ سُجِنَ، فَإِنَّهُ يُخْرَجُ مَرَّةً ثَانِيَةً إلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي كَانَ بِهِ، أَوْ إلَى غَيْرِهِ مِنْ الْجِهَاتِ وَلِهَذَا عَبَّرَ بِالْخُرُوجِ دُونَ أُعِيدَ الْمُقْتَضِي لِإِعَادَتِهِ فِي مَوْضِعِهِ الْأَوَّلِ، فَالْإِخْرَاجُ أَعَمُّ مِنْ الْعَوْدِ وَلَيْسَ لَك أَنْ تَقُولَ: عَادَ لِلزِّنَا ثَانِيَةً، وَهُوَ فِي السِّجْنِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ لَيْسَتْ مَنْصُوصَةً، وَإِنَّمَا تَرَدَّدَ فِي التَّوْضِيحِ فِيهَا وَفِي الْغَرِيبِ إذَا زَنَى، وَلَفْظُهُ: وَانْظُرْ لَوْ زَنَى فِي الْمَكَانِ الَّذِي نُفِيَ فِيهِ، أَوْ زَنَى الْغَرِيبُ بِغَيْرِ بَلَدِهِ هَلْ يَكُونُ سِجْنُهُ فِي الْمَكَانِ الَّذِي زَنَى فِيهِ تَغْرِيبًا؟ . . اهـ. قَالَ بَعْضُهُمْ وَالظَّاهِرُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ إنْ تَأَنَّسَ فِي السِّجْنِ مِنْ الْمَسْجُونِينَ بِحَيْثُ لَمْ يَتَوَحَّشْ بِهِ غُرِّبَ لِمَوْضِعٍ آخَرَ لِيُسْجَنَ فِيهِ، وَإِلَّا فَفِي سِجْنِهِ الْأَوَّلِ، وَالْغَرِيبُ إنْ كَانَ بِفَوْرِ نُزُولِهِ قَبْلَ أَنْ يَتَأَنَّسَ بِأَهْلِ الْبَلَدِ الَّتِي زَنَى بِهَا سُجِنَ فِيهَا، وَإِلَّا أُخْرِجَ لِبَلَدٍ آخَرَ

. (ص) وَتُؤَخَّرُ الْمُتَزَوِّجَةُ لِحَيْضَةٍ. (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَرْأَةَ الْمُتَزَوِّجَةَ إذَا لَزِمَهَا حَدُّ الزِّنَا، فَإِنَّهُ لَا يُقَامُ عَلَيْهَا حَتَّى تَحِيضَ حَيْضَةً وَاحِدَةً خَشْيَةَ أَنْ يَكُونَ بِهَا حَمْلٌ، وَمِنْ بَابِ أَوْلَى تَأْخِيرُ إقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهَا إذَا كَانَتْ ظَاهِرَةَ الْحَمْلِ، فَإِذَا وَضَعَتْ أُخِّرَتْ فِي الْجَلْدِ لِنِفَاسِهَا؛ لِأَنَّهَا مَرِيضَةٌ لَا فِي الرَّجْمِ إلَّا إذَا لَمْ يُوجَدْ مَنْ تُرْضِعُ الطِّفْلَ. (ص) وَبِالْجَلْدِ اعْتِدَالُ الْهَوَاءِ. (ش) يَعْنِي وَيَنْتَظِرُ بِالْجَلْدِ اعْتِدَالَ الْهَوَاءِ بِالْمَدِّ، فَلَا يَجْلِدُ فِي الْبَرْدِ وَالْحَرِّ الْمُفْرِطَيْنِ خَوْفَ الْهَلَاكِ وَالتَّأْخِيرُ لِلْبَرْدِ نَصَّ عَلَيْهِ مَالِكٌ، وَأَلْحَقَ بِهِ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ الْحَرَّ، وَأَمَّا الْهَوَى بِالْقَصْرِ فَهُوَ مَيْلُ النَّفْسِ

. (ص) وَأَقَامَهُ الْحَاكِمُ وَالسَّيِّدُ إنْ لَمْ يَتَزَوَّجْ بِغَيْرِ مِلْكِهِ بِغَيْرِ عِلْمِهِ. (ش) يَعْنِي أَنَّ الْحَدَّ رَجْمًا، أَوْ جَلْدًا لَا يُقِيمُهُ عَلَى الْأَحْرَارِ وَالْعَبِيدِ إلَّا السُّلْطَانَ، وَلِلسَّيِّدِ أَنْ يُقِيمَ عَلَى مَمْلُوكِهِ حَدَّ الزِّنَا بِشَرْطَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ الْمَمْلُوكُ خَالِيًا مِنْ الزَّوَاجِ، أَوْ مُتَزَوِّجًا بِمِلْكِ سَيِّدِهِ، وَأَمَّا إنْ كَانَتْ لَهُ زَوْجَةٌ حَرَّةٌ، أَوْ أَمَةٌ لِغَيْرِ سَيِّدِهِ، فَلَا يُقِيمُ الْحَدَّ عَلَيْهِ إلَّا الْإِمَامُ. ثَانِيهِمَا: أَنْ يَثْبُتَ الزِّنَا عَلَى الرَّقِيقِ بِإِقْرَارِهِ، أَوْ بِظُهُورِ حَمْلٍ، أَوْ بِشَهَادَةِ أَرْبَعَةِ ذُكُورٍ أَحْرَارٍ غَيْرِ السَّيِّدِ فَإِنْ كَانَ السَّيِّدُ أَحَدَهُمْ رُفِعَ إلَى الْإِمَامِ إذْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَجْلِدَ بِعِلْمِهِ، فَقَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَتَزَوَّجْ بِغَيْرِ مِلْكِهِ بِأَنْ لَمْ يَتَزَوَّجْ أَصْلًا، أَوْ تَزَوَّجَ بِمِلْكِهِ، فَالْجَارُ وَالْمَجْرُورُ الْأَوَّلُ مُتَعَلِّقٌ بِتَزَوَّجَ، وَالثَّانِي مُتَعَلِّقٌ بِإِقَامَةٍ، وَالْأَوَّلُ مِنْهُمَا قَيْدٌ فِي إقَامَةِ السَّيِّدِ فَقَطْ، وَالثَّانِي قَيْدٌ فِيهِ وَفِي الْحَاكِمِ، ثُمَّ إنَّ الضَّمِيرَ فِي أَقَامَهُ إنْ رَجَعَ لِلْجَلْدِ صَحَّ فِي السَّيِّدِ وَفَسَدَ فِي الْحَاكِمِ؛ لِأَنَّهُ يُقِيمُ الْحَدَّ مُطْلَقًا وَإِنْ رَجَعَ لِلْحَدِّ مُطْلَقًا صَحَّ فِي الْحَاكِمِ، وَفَسَدَ فِي السَّيِّدِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُقِيمُ الْجَلْدَ فَيُجْعَلُ مُشْتَرَكًا، فَيَرْجِعُ لِلْحَدِّ مُطْلَقًا فِي الْحَاكِمِ، وَلِلْجَلْدِ فِي السَّيِّدِ، فَيَكُونُ مِنْ بَابِ عِنْدِي دِرْهَمٌ وَنِصْفُهُ أَيْ: وَأَقَامَ السَّيِّدُ عَلَى مَمْلُوكِهِ حَدَّ الزِّنَا وَالْقَذْفِ وَالْخَمْرِ لَا السَّرِقَةِ، فَلَا يُقِيمُهَا عَلَى الْعَبْدِ إلَّا الْوَالِي، فَإِنْ قَطَعَهُ السَّيِّدُ دُونَ الْوَالِي، وَكَانَتْ الْبَيِّنَةُ عَادِلَةً، وَأَصَابَ وَجْهَ الْقَطْعِ عُوقِبَ، وَوَجَّهَهُ بَعْضٌ لِئَلَّا يُمَثِّلَ النَّاسُ بِعَبِيدِهِمْ وَيَدَّعُوا سَرِقَتَهُمْ

. (ص) وَإِنْ أَنْكَرَتْ الْوَطْءَ

ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَعْنَى يُغَرَّبُ إلَى فَدَكَ بِعَيْنِهَا أَوْ خَيْبَرَ بِعَيْنِهَا أَوْ قَرْيَةٍ مِنْ قُرَاهَا فَدَكًا أَوْ غَيْرَهَا. (قَوْلُهُ: وَنَفَى عَلَى إلَخْ) وَيَجُوزُ النَّفْيُ مِنْ مِصْرَ إلَى الْحِجَازِ كَمَا قَالَهُ مَالِكٌ. (قَوْلُهُ: فَذِكْرُ الْعَامِّ) أَيْ: لَفْظُ عَامٍ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَخْرُجُ إلَيْهِ) وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ يَبْنِي وَيُلْغِي مَا بَيْنَ السِّجْنَيْنِ. (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لَك أَنْ تَقُولَ إلَخْ) أَقُولُ: وَيَحْتَمِلُ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضٌ أَنَّ مَعْنَى عَادَ لِلزِّنَا بَعْدَ مُضِيِّ السَّنَةِ، وَإِطْلَاقُهُ أَخْرَجَ بَعْدَ جَلْدِهِ مِائَةَ مَرَّةٍ ثَانِيَةً لِلسِّجْنِ فِي الْأَوَّلِ أَوْ غَيْرِهِ

. (قَوْلُهُ: الْمُتَزَوِّجَةُ) أَيْ: فِي الرَّجْمِ وَالْجَلْدِ، وَمِثْلُ الْمُتَزَوِّجَةِ ذَاتُ السَّيِّدِ أَيْ: وَأَمَّا مَا لَا زَوْجَ لَهَا وَلَا سَيِّدَ لَا تُؤَخَّرُ لِحَيْضَةٍ إنْ لَمْ يَمْضِ لِمَاءِ الزَّانِي أَرْبَعُونَ يَوْمًا بِبَطْنِهَا، أَوْ مَضَى وَلَا يُمْكِنُ حَمْلُهَا وَإِلَّا أُخِّرَتْ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُمْكِنْ حَمْلُهَا تُحَدُّ عَاجِلًا كَانَتْ ذَاتَ زَوْجٍ أَوْ سَيِّدٍ، أَوْ خَلِيَّةً فَإِنْ أَمْكَنَ حَمْلُهَا أُخِّرَتْ كَانَتْ ذَاتَ زَوْجٍ، أَوْ سَيِّدٍ أَوْ خَلِيَّةً إنْ مَكَثَ مَاءُ الزَّانِي بِبَطْنِهَا أَرْبَعِينَ يَوْمًا حَتَّى تَحِيضَ، أَوْ يَمْضِيَ لَهَا ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ مِنْ الزِّنَا، وَلَمْ يَتَبَيَّنْ بِهَا حَمْلٌ، وَكَذَا أَقَلُّ مِنْ أَرْبَعِينَ فِي ذَاتِ الزَّوْجِ وَالسَّيِّدِ حَيْثُ لَمْ يَسْتَبْرِئْهَا وَقَامَ بِحَقِّهِ تُؤَخَّرُ خَشْيَةَ أَنْ يَكُونَ بِهَا حَمْلٌ لَا إنْ اسْتَبْرَأَهَا، أَوْ لَمْ يَسْتَبْرِئْهَا، وَلَمْ تَقُمْ بِحَقِّهِ فَلَا تُؤَخَّرُ وَيَقُومُ مَقَامَ الْحَيْضَةِ فِيمَنْ لَمْ تَحِضْ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ حَيْثُ لَمْ تَحِضْ فِيهَا وَكُلُّ هَذَا حَيْثُ لَمْ يَظْهَرْ حَمْلٌ، وَإِلَّا أُخِّرَتْ لِوَضْعِهِ. (قَوْلُهُ: الْمُفْرِطَيْنِ) أَيْ: فِي أَيِّ فَصْلٍ كَانَ فَالْمَدَارُ عَلَى اعْتِدَالِ الْهَوَاءِ فِي أَيِّ فَصْلٍ كَانَ

. (قَوْلُهُ: وَالسَّيِّدُ) أَيْ: وَإِقَامَةُ السَّيِّدِ أَيْ: جَوَازًا وَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْحَاكِمِ عِنْدَ بَهْرَامَ وَلَهُ أَنْ يَرْفَعَهُ إلَى الْحَاكِمِ لِيُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدَّ.

(تَنْبِيهٌ) : قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَأَقَامَهُ أَيْ: حَدَّ الزِّنَا وَكَذَلِكَ حَدُّ الْخَمْرِ أَيْ: وَالْقَذْفِ، وَأَمَّا حَدُّ السَّرِقَةِ فَلَا يُقِيمُهُ إلَّا السُّلْطَانُ فَإِنْ أَقَامَهُ السَّيِّدُ عَلَى وَجْهِ الْحَقِّ بِشُرُوطِهِ أُدِّبَ لِتَعَدِّيهِ عَلَى الْإِمَامِ؛ لِئَلَّا يُمَثِّلَ النَّاسُ بِعَبِيدِهِمْ وَيَدَّعُونَ سَرِقَتَهُمْ.

(قَوْلُهُ: إلَّا السُّلْطَانُ) أَيْ: فَالْمُرَادُ بِالْحَاكِمِ السُّلْطَانُ أَيْ: وَمِثْلُهُ الْقَاضِي لَا كُلُّ حَاكِمٍ. (قَوْلُهُ: فَلَا يُقِيمُ الْحَدَّ عَلَيْهِ إلَخْ) أَيْ: لِمَا يَلْحَقُ الزَّوْجَةَ الْحُرَّةَ، أَوْ سَيِّدَ الْأَمَةِ مِنْ الْمَعَرَّةِ. (قَوْلُهُ: وَالثَّانِي قَيْدٌ فِيهِ وَفِي الْحَاكِمِ) لَا يَخْفَى أَنَّ مَا سَبَقَ مِنْ كَلَامِهِ يَقْتَضِي تَخْصِيصَ الشَّرْطَيْنِ بِالسَّيِّدِ وَهُوَ الظَّاهِرُ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُتَوَهَّمَ إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ لِلسَّيِّدِ لَا الْإِمَامِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَنِدُ لِعِلْمِهِ فِي شَيْءٍ إلَّا فِي تَعْدِيلٍ وَتَجْرِيحٍ. (قَوْلُهُ: فَيَكُونُ مِنْ بَابِ عِنْدِي دِرْهَمٌ وَنِصْفُهُ) فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ بَابِهِ فَتَأَمَّلْ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015