كَانَ نَبِيًّا، وَفِي قَبِيحٍ لِأَحَدِ ذُرِّيَّتِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مَعَ الْعِلْمِ بِهِ كَأَنْ انْتَسَبَ لَهُ، أَوْ احْتَمَلَ قَوْلُهُ: أَوْ شَهِدَ عَلَيْهِ عَدْلٌ، أَوْ لَفِيفٌ فَعَاقَّ عَنْ الْقَتْلِ، أَوْ سَبَّ مَنْ لَمْ يُجْمَعْ عَلَى نُبُوَّتِهِ، أَوْ صَحَابِيًّا. (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ قَالَ: كُلُّ صَاحِبِ فُنْدُقٍ قَرْنَانُ وَإِنْ كَانَ نَبِيًّا، فَإِنَّهُ يُؤَدَّبُ وَيُشَدَّدُ عَلَيْهِ فِي التَّأْدِيبِ بِالْقُيُودِ وَالضَّرْبِ الشَّدِيدِ، وَكَذَلِكَ يُؤَدَّبُ بِالِاجْتِهَادِ، وَيُشَدَّدُ عَلَيْهِ فِي التَّعْزِيرِ مَنْ نَسَبَ قَبِيحًا مِنْ قَوْلٍ، أَوْ فِعْلٍ لِأَحَدٍ مِنْ ذُرِّيَّةِ الرَّسُولِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - مَعَ الْعِلْمِ بِهِ أَنَّهُ مِنْ الْآلِ، وَكَذَلِكَ مَنْ انْتَسَبَ لِلنَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِغَيْرِ حَقٍّ تَصْرِيحًا، أَوْ تَلْوِيحًا، وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ: أَوْ احْتَمَلَ قَوْلُهُ: أَيْ: الِانْتِسَابُ إلَيْهِ بِأَنْ يُقَالَ لَهُ: مَا أَنْتَ شَرِيفُ النَّفْسِ فَيَقُولُ: مَا أَحَدٌ أَشْرَفُ مِنْ أَوْلَادِ فَاطِمَةَ لَا احْتَمَلَ الْكُفْرَ وَغَيْرَهُ، وَإِلَّا تَكَرَّرَ مَعَ مَسَائِلِ الْأَدَبِ كُلِّهَا؛ لِأَنَّهَا كُلَّهَا قَوْلٌ مُحْتَمَلٌ لِلْكُفْرِ وَغَيْرِهِ، وَكَذَلِكَ يُشَدَّدُ النَّكَالُ بِالضَّرْبِ وَغَيْرِهِ عَلَى مَنْ شَهِدَ عَلَيْهِ عَدْلٌ وَاحِدٌ، أَوْ شَهِدَ عَلَيْهِ لَفِيفٌ مِنْ النَّاسِ بِالسَّبِّ، وَاللَّفِيفُ وَهُوَ مَا اجْتَمَعَ مِنْ قَبَائِلَ شَتَّى مِنْ غَيْرِ تَزْكِيَةٍ لِأَحَدٍ مِنْهُمْ، فَحَصَلَ بِسَبَبِ ذَلِكَ أَمْرٌ عَاقٌّ عَنْ الْقَتْلِ، وَكَذَلِكَ يُؤَدَّبُ وَيُشَدَّدُ عَلَى مَنْ سَبَّ نَبِيًّا، أَوْ مَلَكًا لَمْ يُجْمَعْ عَلَى نُبُوَّتِهِ كَالْخَضِرِ وَلُقْمَانَ وَمَرْيَمَ، وَخَالِدَ بْنَ سِنَانٍ، أَوْ لَمْ يُجْمَعُ عَلَى مَلَكِيَّتِهِ كَهَارُوتَ وَمَارُوتَ، وَكَذَلِكَ يُؤَدَّبُ، وَيُشَدَّدُ عَلَى مَنْ سَبَّ صَحَابِيًّا، وَلَكِنَّ هَذَا لَيْسَ عَلَى عُمُومِهِ فَإِنَّ مَنْ رَمَى عَائِشَةَ بِمَا بَرَّأَهَا اللَّهُ مِنْهُ بِأَنْ قَالَ: زَنَتْ، أَوْ أَنْكَرَ صُحْبَةَ أَبِي بَكْرٍ، أَوْ إسْلَامَ، أَوْ إسْلَامَ جَمِيعِ الصَّحَابَةِ، أَوْ كَفَّرَ الْأَرْبَعَةَ، أَوْ وَاحِدًا مِنْهُمْ كَفَرَ

. (ص) وَسَبَّ اللَّهَ كَذَلِكَ وَفِي اسْتِتَابَةِ الْمُسْلِمِ خِلَافٌ. (ش) لَمَّا فَرَغَ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى سَبِّ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ قَتْلٍ وَغَيْرِهِ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى سَبِّ اللَّهِ تَعَالَى، فَذَكَرَ أَنَّ سَبَّ اللَّهِ تَعَالَى كَسَبِّ النَّبِيِّ أَيْ: صَرِيحُهُ كَصَرِيحِهِ، وَمُحْتَمَلُهُ كَمُحْتَمَلِهِ، فَيُقْتَلُ فِي الصَّرِيحِ، وَيُؤَدَّبُ فِي الْمُحْتَمَلِ سَوَاءٌ كَانَ السَّابُّ ذِمِّيًّا، أَوْ مُسْلِمًا إلَّا أَنَّ فِي اسْتِتَابَةِ الْمُسْلِمِ خِلَافًا، فَقَوْلُهُ: وَفِي اسْتِتَابَةِ الْمُسْلِمِ إلَخْ بِمَثَابَةِ الِاسْتِثْنَاءِ لَا يُقَالُ: كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ التَّشْبِيهَ فِي الْأَدَبِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: قَوْلُهُ: وَفِي اسْتِتَابَةِ الْمُسْلِمِ خِلَافٌ يَدُلُّ عَلَى الْمُرَادِ إذْ لَوْ كَانَ فِيهِ الْأَدَبُ لَمْ يَتَأَتَّ الِاسْتِتَابَةُ، وَالرَّاجِحُ قَبُولُ تَوْبَتِهِ، وَقَوْلُهُ: (ص) كَمَنْ قَالَ: لَقِيتُ فِي مَرَضِي مَا لَوْ قَتَلْتُ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ لَمْ أَسْتَوْجِبْهُ. (ش) تَشْبِيهٌ لِإِفَادَةِ الْخِلَافِ، وَإِنْ لَمْ يَتَّحِدْ الْمُخْتَلَفُ فِيهِ إذْ هُوَ فِي الْأَوَّلِ فِي قَبُولِ تَوْبَةِ الْمُسْلِمِ، وَعَدَمِهَا، وَهَذَا فِي قَتْلِ الْقَائِلِ، وَتَنْكِيلِهِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ قَالَ فِي مَرَضِهِ هَذَا الْقَوْلَ فَهَلْ يُقْتَلُ؛ لِأَنَّهُ نَسَبَ الْبَارِئَ إلَى الْجَوْرِ؟ ، وَهَلْ يُسْتَتَابُ، أَوْ لَا؟ . قَوْلَانِ كَمَا مَرَّ، أَوْ لَا يُقْتَلُ بَلْ يُؤَدَّبُ وَيُشَدَّدُ عَلَيْهِ فِي التَّعْزِيرِ؛ لِأَنَّ قَصْدَهُ الشَّكْوَى

. (بَابٌ ذَكَرَ فِيهِ حَدَّ الزِّنَا وَحُكْمَهُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ) وَالزِّنَا يُمَدُّ، وَيُقْصَرُ، فَالْقَصْرُ لُغَةُ أَهْلِ الْحِجَازِ قَالَ تَعَالَى: {وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَا} [الإسراء: 32] ، وَالْمُدُّ لِأَهْلِ نَجْدٍ، وَقَدْ زَنَى يَزْنِي، وَالنِّسْبَةُ إلَى الْمَقْصُورِ زَنَوِيٌّ وَإِلَى الْمَمْدُودِ زِنَائِيٌّ، وَيُكْتَبُ بِالْيَاءِ عَلَى لُغَةِ الْقَصْرِ، وَبِالْأَلِفِ عَلَى لُغَةِ الْمَدِّ، وَفِي التَّنْبِيهَاتِ الزِّنَا يُمَدُّ، وَيُقْصَرُ فَمَنْ مَدَّهُ ذَهَبَ إلَى أَنَّهُ فِعْلٌ مِنْ اثْنَيْنِ كَالْمُقَاتَلَةِ وَالْمُضَارَبَةِ

ـــــــــــــــــــــــــــــQإلَخْ فَكُلُّ مَرْفُوعٍ عَلَى الِابْتِدَاءِ وَقَوْلُهُ: قَرْنَانُ هُوَ الْخَبَرُ فَهُوَ مَرْفُوعٌ بِضَمَّةٍ عَلَى النُّونِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ مِنْ الصَّرْفِ لِلْوَصْفِ وَزِيَادَةِ الْأَلْفِ وَالنُّونِ، وَالْقَرْنَانُ هُوَ مَنْ لِزَوْجَتِهِ صَاحِبٌ يُزَانِيهَا أَيْ: يَقْرِنُ الْغَيْرَ بِزَوْجَتِهِ لِأَجْلِ الزِّنَا. (قَوْلُهُ: لِأَحَدٍ مِنْ ذُرِّيَّةِ الرَّسُولِ إلَخْ) نَظَرَ بَهْرَامُ بِأَنَّهُ لَا خُصُوصِيَّةَ لِلْأَدَبِ بِذُرِّيَّتِهِ بَلْ يُؤَدَّبُ فِي حَقِّ غَيْرِهِمْ أَيْضًا، وَأَجَابَ بِأَنَّهُ يُزَادُ فِي الْأَدَبِ بِالنِّسْبَةِ لَهُمْ دُونَ غَيْرِهِمْ.

(قَوْلُهُ تَصْرِيحًا) أَيْ: بِالْقَوْلِ أَوْ بِالْفِعْلِ كَلُبْسِ الْعِمَامَةِ الْخَضْرَاءِ فِي زَمَنِنَا، فَيُؤَدَّبُ لِعُمُومِ قَوْلِ مَالِكٍ مَنْ ادَّعَى الشَّرَفَ كَاذِبًا ضُرِبَ ضَرْبًا وَجِيعًا، ثُمَّ شُهِّرَ وَيُحْبَسُ مُدَّةً طَوِيلَةً حَتَّى تَظْهَرَ لَنَا تَوْبَتُهُ، لِأَنَّ ذَلِكَ اسْتِخْفَافٌ بِحَقِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَعَ ذَلِكَ كَانَ يُعَظِّمُ مَنْ طَعَنَ فِي نَسَبِهِ، وَيَقُولُ: لَعَلَّهُ شَرِيفٌ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، وَإِنَّمَا أُدِّبَ وَلَمْ يُحَدَّ مَعَ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ عَلَيْهِ حَمْلٌ غَيْرَ أَبِيهِ عَلَى أُمِّهِ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ بِانْتِسَابِهِ لَهُ شَرَفُهُ لَا الْحَمْلُ الْمَذْكُورُ؛ وَلِأَنَّ لَازِمَ الْمَذْهَبِ لَيْسَ بِمَذْهَبٍ. (قَوْلُهُ: أَوْ احْتَمَلَ قَوْلُهُ إلَخْ) إنَّمَا كَانَ قَوْلُ هَذَا مُحْتَمَلًا لَا صَرِيحًا فِي انْتِسَابِهِ لَهُ لِاحْتِمَالِ قَصْدِ هَضْمِهِ نَفْسَهُ أَيْ: أَنَّ ذُرِّيَّتَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - هُمْ الَّذِينَ لَهُمْ شَرَفُ النَّفْسِ وَالنَّسَبِ وَلَمْ يَقْصِدْ الِانْتِسَابَ لَهُ. (قَوْلُهُ: مَا اجْتَمَعَ مِنْ قَبَائِلَ شَتَّى إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا مَعْنَاهُ بِحَسَبِ الْأَصْلِ فَلَا يُنَافِي أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ هُنَا الْجَمَاعَةُ الَّذِينَ لَمْ تَثْبُتْ عَدَالَتُهُمْ. (قَوْلُهُ: أَوْ أَنْكَرَ صُحْبَةَ أَبِو بَكْرٍ) أَيْ: لِوُرُودِ الْقُرْآنِ بِهَا. (قَوْلُهُ: أَوْ كَفَّرَ الْأَرْبَعَةَ أَوْ وَاحِدًا مِنْهُمْ كَفَرَ) كَذَا يُفِيدُهُ الْقُرْطُبِيُّ أَيْ: لِأَنَّ إسْلَامَهُمْ وَإِيمَانَهُمْ صَارَ مَعْلُومًا مِنْ دِينِ اللَّهِ بِالضَّرُورَةِ قَالَ عج: فَتَلَخَّصَ أَنَّهُ يَكْفُرُ مَنْ كَفَّرَ الصَّحَابَةَ كُلَّهُمْ؛ لِأَنَّهُ أَنْكَرَ مَعْلُومًا مِنْ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ، وَكَذَّبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، وَأَمَّا مَنْ كَفَّرَ بَعْضَهُمْ وَلَوْ الْخُلَفَاءَ الْأَرْبَعَةَ، فَالرَّاجِحُ عَدَمُ كُفْرِهِ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْإِكْمَالِ، وَهُوَ شَرْحٌ لِلْقَاضِي عِيَاضٍ عَلَى مُسْلِمٍ وَأَوَّلُ كَلَامِ الشَّامِلِ انْتَهَى أَقُولُ: عِلَّتُهُ الَّتِي ذَكَرَهَا تَجْرِي فِي الْأَرْبَعَةِ أَوْ وَاحِدٍ مِنْهُمْ

. (قَوْلُهُ: كَمَنْ قَالَ: لَقِيتُ فِي مَرَضِي مَا لَوْ قَتَلْت إلَخْ) قَالَ فِي ك وُجِدَ عِنْدِي مَا نَصُّهُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا خُصُوصِيَّةَ لِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ بِذَلِكَ انْتَهَى

[بَابٌ حَدَّ الزِّنَا وَحُكْمَهُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

. (بَابُ حَدِّ الزِّنَا) . (قَوْلُهُ: حَدَّ الزِّنَا) أَيْ: حَقِيقَتَهُ وَقَوْلُهُ: وَحُكْمَهُ أَيْ: الْأَحْكَامَ الْمُتَعَلِّقَةَ بِهِ، وَقَوْلُهُ: وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ أَيْ: مِنْ الْمَسَائِلِ كَالْمُسَاحَقَةِ وَوَطْءِ الْبَهِيمَةِ. (قَوْلُهُ: وَقَدْ زَنَى يَزْنِي) إشَارَةٌ إلَى تَصَارِيفِ الْمَادَّةِ. (قَوْلُهُ: فِعْلٌ مِنْ اثْنَيْنِ) أَيْ: لَا يَقَعُ إلَّا مِنْ اثْنَيْنِ فَلَا يَسْتَقِلُّ بِهِ وَاحِدٌ بِالْخُصُوصِ. (قَوْلُهُ: كَالْمُقَاتَلَةِ وَالْمُضَارَبَةِ) أَيْ: وَمَا شَابَهَهُمَا مِنْ صِيغَةِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015