وَلَوْ تَرَافَعُوا إلَيْنَا؛ لِأَنَّهُ قَالَ فِي الْأُمَّهَاتِ وَلَيْسَ بِمَنْزِلَتِهِ أَخْذُ مَالِهِ، وَأَمَّا عِتْقُهُمْ وَنِكَاحُهُمْ وَطَلَاقُهُمْ إذَا تَرَافَعُوا إلَيْنَا فَهَلْ يُحْكَمُ بَيْنَهُمْ بِحُكْمِنَا أَوْ لَا فِيهِ خِلَافٌ
(بَابٌ) يُذْكَرُ فِيهِ اللُّقَطَةُ وَأَحْكَامُهَا وَهِيَ بِضَمِّ اللَّامِ وَفَتْحِ الْقَافِ مَا يُلْتَقَطُ، وَأَصْلُ الِالْتِقَاطِ وُجُودُ الشَّيْءِ عَلَى غَيْرِ طَلَبٍ وَهَذَا أَشْهَرُ لُغَاتِهَا الْأَرْبَعِ وَالثَّانِيَةُ ضَمُّ اللَّامِ وَسُكُونُ الْقَافِ الثَّالِثَةُ لُقَاطَةٌ بِضَمِّ اللَّامِ الرَّابِعَةِ لُقَطٌ بِفَتْحِ الْقَافِ بِلَا هَاءٍ وَحَدَّهَا ابْنُ عَرَفَةَ بِقَوْلِهِ مَالٌ وُجِدَ بِغَيْرِ حِرْزٍ مُحْتَرَمًا لَيْسَ حَيَوَانًا نَاطِقًا وَلَا نَعَمًا فَقَوْلُهُ مَالٌ لَا يَدْخُلُ فِيهِ اللَّقِيطُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَالًا بَلْ هُوَ صَغِيرٌ آدَمِيٌّ كَمَا يَأْتِي وَقَوْلُهُ مُحْتَرَمًا حَالٌ مِنْ الْمَالِ أُخْرِجَ بِهِ مَالُ الْحَرْبِيِّ، وَقَوْلُهُ لَيْسَ حَيَوَانًا نَاطِقًا أَخْرَجَ بِهِ النَّاطِقَ فَإِنَّهُ لَا يُسَمَّى لُقَطَةً بَلْ لَقِيطًا، قَوْلُهُ وَلَا نَعَمًا وَهُوَ الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ وَالْغَنَمُ أَخْرَجَ بِهِ مَا ذُكِرَ فَإِنَّهُ يُسَمَّى ضَالَّةً لَا لُقَطَةً فَيَدْخُلُ فِي اللُّقَطَةِ الذَّهَبُ وَالْعُرُوضُ وَمَا وُجِدَ بِشَاطِئِ الْبَحْرِ مِنْ رَمْيِ الْمُسْلِمِينَ لِلنَّجَاةِ وَقِيلَ لِوَاجِدِهِ وَرَسَمَهَا الْمُؤَلِّفُ بِقَوْلِهِ (ص) اللُّقَطَةُ مَالٌ مَعْصُومٌ عَرَضَ لِلضَّيَاعِ (ش) عَرَضَ لِلضَّيَاعِ فِي غَامِرٍ بِغَيْنٍ مُعْجَمَةٍ أَوْ عَامِرٍ بِمُهْمَلَةٍ ضِدُّ الْأَوَّلِ فَمَالٌ جِنْسٌ يَشْمَلُ كُلَّ مَالٍ مَعْصُومٍ كَانَ أَمْ لَا خَرَجَ بِالْمَعْصُومِ غَيْرُهُ كَمَالِ الْحَرْبِيِّ وَالرِّكَازِ وَيَعْرِضُ لِلضَّيَاعِ الْإِبِلُ وَمَا بِيَدِ حَافِظٍ وَالْمَالُ الْمَعْصُومُ هُوَ الَّذِي لَا يَجُوزُ لِوَاجِدِهِ التَّصَرُّفُ فِيهِ لِنَفْسِهِ (ص) إنْ كَلْبًا وَفَرَسًا وَحِمَارًا (ش) هَذَا مُبَالَغَةٌ فِي قَوْلِهِ مَالٌ أَيْ إنْ كَانَ الْمَالُ الْمَعْصُومُ الْمُعَرَّضُ لِلضَّيَاعِ كَلْبًا مَأْذُونًا فِي اتِّخَاذِهِ وَفَرَسًا وَحِمَارًا وَوَجْهُ الْمُبَالَغَةِ عَلَى الْكَلْبِ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يُتَوَهَّمُ مِنْ كَوْنِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ أَنَّهُ لَيْسَ بِلُقَطَةٍ، وَأَمَّا وَجْهُ الْمُبَالَغَةِ عَلَى مَا بَعْدَهُ فَلِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّهُمَا كَضَالَّةِ الْإِبِلِ لَا تُلْتَقَطُ فَالْأَوَّلُ مُبَالَغَةٌ فِي قَوْلِهِ مَالٌ وَمَا بَعْدَهُ مُبَالَغَةٌ فِي قَوْلِهِ لُقَطَةٌ وَاسْتَغْنَى الْمُؤَلِّفُ عَنْ تَقْيِيدِ الْكَلْبِ بِالْمَأْذُونِ فِيهِ؛ لِأَنَّ غَيْرَهُ لَيْسَ بِمَالٍ فَلَمْ يَدْخُلْ فِي قَوْلِهِ مَالٌ
(ص) وَرُدَّ بِمَعْرِفَةِ مَشْدُودٍ فِيهِ وَبِهِ وَعَدَدِهِ بِلَا يَمِينٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّخْصَ إذَا عَرَّفَ الْعِفَاصَ وَهِيَ الْخِرْقَةُ الْمَرْبُوطُ فِيهَا اللُّقَطَةُ وَهُوَ فِي اللُّغَةِ مَا يُشَدُّ بِهِ فَمُ الْقَارُورَةِ وَالْوِكَاءَ وَهُوَ الْمَرْبُوطُ وَهُوَ مَمْدُودٌ وَالْعَدَدَ فَإِنَّهَا تُدْفَعُ لَهُ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ، وَمِنْ بَابِ أَوْلَى إذَا قَامَتْ لَهُ بِذَلِكَ بَيِّنَةٌ فَإِنَّهَا تُرَدُّ إلَيْهِ وَكَذَا لَوْ عَرَّفَ الْعِفَاصَ وَالْوِكَاءَ فَقَطْ فَإِنَّهُ يَأْخُذُهَا بِلَا يَمِينٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فَلَوْ حَذَفَ الْمُؤَلِّفُ وَعَدَدَهُ لَطَابَقَ الْمَشْهُورَ وَاسْتُفِيدَ مِنْهُ مَا ذَكَرَهُ بِالْأَوْلَى وَذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ الضَّمِيرَ الْعَائِدَ إلَى اللُّقَطَةِ؛ لِأَنَّهَا بِمَعْنَى الْمَالِ الْمَعْصُومِ وَمَا لَا عِفَاصَ لَهُ فِيهَا وَلَا وِكَاءَ فَإِنَّهُ يَكْتَفِي فِيهِ بِذِكْرِ الْأَوْصَافِ الَّتِي يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ صِدْقُ مَنْ أَتَى بِهَا كَمَا فِي الْعِفَاصِ وَالْوِكَاءِ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ سُلَيْمَانُ فِي شَرْحِ اللُّمَعِ إنَّمَا عَدَلَ الْمُؤَلِّفُ عَنْ الْعِفَاصِ وَالْوِكَاءِ الْوَاقِعِ فِي الْحَدِيثِ إلَى مَا قَالَهُ لِلِاخْتِصَارِ؛ لِأَنَّ الْعِفَاصَ وَالْوِكَاءَ اثْنَا عَشَرَ حَرْفًا بِغَيْرِ هَمْزٍ وَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَحَدَ عَشَرَ حَرْفًا أَوْ لِتَفْسِيرِ الْحَدِيثِ كَمَا هُوَ عَادَتُهُ
(ص)
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَأَمَّا عِتْقُهُمْ إلَخْ) لَعَلَّ وَجْهَ ذَلِكَ احْتِيَاطُ الشَّارِعِ فِيهَا
(بَابُ اللُّقَطَةِ) (قَوْلُهُ: وَفَتْحِ الْقَافِ) هَذَا خِلَافُ الْقِيَاسِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ؛ لِأَنَّ فِعْلَهُ اسْمٌ لِمَنْ يَكْثُرُ مِنْهُ الْفِعْلُ كَهُمَزَةٍ وَلُمَزَةٍ، وَفَسَّرَهَا الزُّبَيْدِيُّ عَلَى الْأَصْلِ فَجَعَلَ سُكُونَ الْقَافِ لِلشَّيْءِ الْمُلْتَقَطِ وَبِفَتْحِهَا لِلرَّجُلِ الْمُلْتَقِطِ لَهَا وَظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَتَكَرَّرْ وَحَكَى ابْنُ الْأَثِيرِ الْقَوْلَيْنِ قَالَ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ. (قَوْلُهُ: وَأَصْلُ الِالْتِقَاطِ وُجُودُ الشَّيْءِ إلَخْ) أَيْ الِالْتِقَاطُ بِالْمَعْنَى الْأَصْلِيِّ أَيْ وَالْمُرَادُ بِهِ فِي عُرْفِ الْفُقَهَاءِ مَا كَانَ أَعَمَّ وَلَوْ بِطَلَبٍ. (قَوْلُهُ: بَلْ لَقِيطًا) قَدْ يُقَالُ إنَّ اللَّقِيطَ هُوَ صَغِيرٌ آدَمِيٌّ لَمْ يُعْلَمْ أَبُوهُ وَلَا أُمُّهُ حُرٌّ أَوْ مَشْكُوكٌ فِيهِ قَدْ خَرَجَ بِقَوْلِهِ، وَالرَّقِيقُ إنْ كَانَ صَغِيرًا فَهُوَ لُقَطَةٌ دَاخِلٌ فِي تَعْرِيفِهَا إنْ كَانَ كَبِيرًا فَإِنَّهُ يَكُونُ آبِقًا لَا لُقَطَةٌ وَلَا لَقِيطٌ وَلَهُ حُكْمٌ يَخُصُّهُ وَيَكُونُ هُوَ الْخَارِجُ بِقَوْلِهِ لَيْسَ حَيَوَانًا نَاطِقًا. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يُسَمَّى ضَالَّةً إلَخْ) عَرَّفَهَا ابْنُ عَرَفَةَ بِقَوْلِهِ نَعَمْ وُجِدَ بِغَيْرِ حِرْزٍ مُحْتَرَمٍ، وَالْآبِقُ رَقِيقٌ وُجِدَ بِغَيْرِ حِرْزٍ. (قَوْلُهُ: عَرَضَ لِلضَّيَاعِ) بِالتَّخْفِيفِ مَبْنِيًّا لِلْفَاعِلِ لَا بِالتَّثْقِيلِ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ لِإِيهَامِهِ أَنَّ مَا ضَاعَ وَلَمْ يُقْصَدْ ضَيَاعُهُ لَيْسَ لُقَطَةً أَيْ عَرَضَ لَهُ الضَّيَاعُ فَهُوَ مِنْ بَابِ الْقَلْبِ نَحْوُ عَرَضَ الْحَوْضُ عَلَى النَّاقَةِ. (قَوْلُهُ: فِي غَامِرٍ أَوْ عَامِرٍ) أَيْ وَقَدْ حَذَفَهُ الْمُصَنِّفُ لِنُكْتَةٍ؛ لِأَنَّ حَذْفَ الْمُتَعَلِّقِ يُؤْذِنُ بِالْعُمُومِ وَالشُّمُولِ وَيُعْلَمُ مِنْ كَوْنِهِ عَرَضَ لِلضَّيَاعِ أَنَّهُ وُجِدَ فِي غَيْرِ حِرْزٍ فَهُوَ مُوَافِقٌ لِابْنِ عَرَفَةَ فَلَمْ يَتْرُكْ شَيْئًا. (قَوْلُهُ: وَيَعْرِضُ لِلضَّيَاعِ الْإِبِلُ) أَيْ إذَا كَانَتْ فِي الْفَيْفَاءِ عَلَى مَا يَأْتِي مِنْ التَّفْصِيلِ. (قَوْلُهُ: فَلِئَلَّا يُتَوَهَّمَ إلَخْ) أَيْ وَلِلرَّدِّ عَلَى مَنْ يَقُولُ إنَّهُمَا مِنْ الضَّالَّةِ لِاسْتِقْلَالِهِمَا بِحَالِهِمَا كَالْإِبِلِ
. (قَوْلُهُ: وَرُدَّ بِمَعْرِفَةٍ) أَيْ وَلَمْ يُعَارِضْ غَيْرَهُ بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي مِنْ الْيَمِينِ عِنْدَ التَّعَارُضِ. (قَوْلُهُ: مَا يُشَدُّ بِهِ فَمُ الْقَارُورَةِ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ لَكِنْ الْمُنَاسِبُ سَدُّ بِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ؛ لِأَنَّ الْخِرْقَةَ يُسَدُّ بِهَا أَيْ بِالْمُهْمَلَةِ، وَالْخَيْطُ يُشَدُّ بِهِ أَيْ بِالْمُعْجَمَةِ أَيْ يُرْبَطُ بِهِ. (قَوْلُهُ: لَطَابَقَ الْمَشْهُورَ إلَخْ) أَيْ الَّذِي هُوَ ظَاهِرُهَا وَمُقَابِلُهُ مَا لِأَشْهَبَ مِنْ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْيَمِينِ. (قَوْلُهُ: وَاسْتُفِيدَ مِمَّا ذَكَرَهُ بِالْأُولَى) إلَّا أَنْ يُقَالَ ذَكَرَ الثَّلَاثَةَ لِأَجْلِ الْمَسْأَلَةِ الَّتِي بَعْدَهَا. (قَوْلُهُ: وَمَا لَا عِفَاصَ لَهُ إلَخْ) كَمَا لَوْ وَصَفَ شَخْصٌ الْعِفَاصَ بِأَنَّهُ أَبْيَضُ وَالثَّانِي وَصَفَ بِأَنَّهُ شَدِيدُ الْبَيَاضِ. (قَوْلُهُ: يَذْكُرُ الْأَوْصَافَ) أَلْ لِلْجِنْسِ. (قَوْلُهُ: الْعِفَاصَ وَالْوِكَاءَ الْوَاقِعَ فِي الْحَدِيثِ) ذَلِكَ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَالَ «اعْرِفْ عِفَاصَهَا وَوِكَاءَهَا» . (قَوْلُهُ: اثْنَا عَشَرَ حَرْفًا) لِأَنَّ الْعِفَاصَ سِتَّةُ أَحْرُفٍ وَالْوِكَاءَ كَذَلِكَ بِدُونِ الْهَمْزَةِ الَّتِي فِي الْآخِرِ وَذَلِكَ بَعْدَ حَرْفِ الْعَطْفِ وَقَوْلُهُ: وَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَحَدَ عَشَرَ حَرْفًا أَيْ بَعْدَ حَرْفِ الْعَطْفِ.