لِانْتِفَاءِ السَّبَبِيَّةِ فِيهِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ الْعَرِيَّةُ كَمَا مَرَّ مِنْ قَوْلِهِ وَرُخِّصَ لِمُعْرٍ وَقَائِمٍ مَقَامَهُ اشْتِرَاءُ ثَمَرَةٍ تَيَبَّسَ إلَخْ.

(ص) وَلَا يَرْكَبُهَا أَوْ يَأْكُلُ مِنْ غَلَّتِهَا (ش) مَا مَرَّ فِي حُكْمِ تَمَلُّكِ ذَاتِهَا وَمَا هُنَا فِي حُكْمِ تَمَلُّكِ غَلَّتِهَا وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ عَلَى وَلَدِهِ أَوْ عَلَى أَجْنَبِيٍّ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْكَبَهَا وَلَا أَنْ يَأْكُلَ مِنْ غَلَّتِهَا بِوَجْهٍ وَلَا يَشْرَبَ مِنْهَا وَالنَّهْيُ عَلَى سَبِيلِ الْكَرَاهَةِ.

(ص) وَهَلْ إلَّا أَنْ يَرْضَى الِابْنُ الْكَبِيرُ بِشُرْبِ اللَّبَنِ تَأْوِيلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأَبَ أَوْ الْأُمَّ إذَا تَصَدَّقَ أَحَدُهُمَا عَلَى وَلَدِهِ الْكَبِيرِ الرَّشِيدِ بِصَدَقَةٍ مِنْ الْأَنْعَامِ وَرَضِيَ الْوَلَدُ أَنْ يَشْرَبَ أَبُوهُ وَأُمُّهُ مِنْهَا أَيْ: مِنْ لَبَنِهَا هَلْ يَجُوزُ ذَلِكَ أَوْ لَا فِيهِ تَأْوِيلَانِ، وَأَمَّا الْوَلَدُ الصَّغِيرُ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَشْرَبَ مِنْ لَبَنِ صَدَقَتِهِ وَلَوْ رَضِيَ الْوَلَدُ الصَّغِيرُ بِذَلِكَ وَلَا مَفْهُومَ لِلَّبَنِ بَلْ وَغَيْرُهُ مِنْ الْغَلَّاتِ كَذَلِكَ.

(ص) وَيُنْفِقُ عَلَى أَبٍ افْتَقَرَ مِنْهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأَبَ إذَا تَصَدَّقَ عَلَى وَلَدِهِ بِصَدَقَةٍ فَافْتَقَرَ الْأَبُ فَإِنَّهُ

ـــــــــــــــــــــــــــــQبِالْمِيرَاثِ لَمْ يَقُلْ فَلَا كَرَاهَةَ فِي التَّمَلُّكِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنَّفِ؛ لِأَنَّ التَّمَلُّكَ يُشْعِرُ بِالِاخْتِيَارِ وَالْعَوْدُ بِمِيرَاثٍ لَيْسَ فِيهِ اخْتِيَارٌ فَيَرِدُ عَلَى الْمُصَنِّفِ حِينَئِذٍ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ بِغَيْرِ مِيرَاثٍ بَعْدَ أَنْ عَبَّرَ بِالتَّمَلُّكِ وَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّمَلُّكِ الِاسْتِمْرَارُ أَيْ: اسْتِمْرَارُ الصَّدَقَةِ تَحْتَ يَدِ الْمُصَدِّقِ (قَوْلُهُ وَيُسْتَثْنَى مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الْعَرِيَّةُ) أَيْ إذَا كَانَتْ عَلَى وَجْهِ الصَّدَقَةِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الصَّدَقَةِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْعَرِيَّةَ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ يَجُوزُ تَمَلُّكُهَا وَأَوْلَى إذَا وَقَعَتْ عَلَى وَجْهِ الْهِبَةِ وَمِثْلُهَا الْعُمْرَى فَيَجُوزُ لِلْمُعَمِّرِ شِرَاؤُهَا وَمَنْ سَبَّلَ مَاءَ عَلَى مَسْجِدٍ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَشْرَبَ مِنْهُ وَمَنْ أَخْرَجَ كِسْرَةً لِسَائِلٍ فَوَجَدَهُ قَدْ ذَهَبَ فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَكْلُهَا وَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهَا عَلَى غَيْرِهِ كَمَا قَالَهُ مَالِكٌ وَقَالَ غَيْرُهُ يَجُوزُ أَكْلُهَا وَجَمَعَ بَيْنَهُمَا بِحَمْلِ الْأَوَّلِ عَلَى مَا إذَا كَانَ غَيْرَ مُعَيَّنٍ وَالثَّانِي عَلَى مَا إذَا كَانَ مُعَيَّنًا وَلَمْ يَجِدْهُ أَوْ لَمْ يَقْبَلْهَا وَهُوَ جَمْعٌ حَسَنٌ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُرَّاحِ الرِّسَالَةِ.

(قَوْلُهُ وَمَا هُنَا فِي حُكْمِ تَمَلُّكِ غَلَّتِهَا) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَمَا هُنَا فِي تَمَلُّكِ مَنْفَعَتِهَا أَوْ غَلَّتِهَا (قَوْلُهُ وَلَا أَنْ يَأْكُلَ مِنْ غَلَّتِهَا) أَيْ كَثَمَرَتِهَا أَوْ يَشْرَبَ مِنْ لَبَنِهَا أَوْ يَنْتَفِعَ بِصُوفِهَا (قَوْلُهُ وَالنَّهْيُ عَلَى سَبِيلِ الْكَرَاهَةِ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ فِي الْأَجْنَبِيِّ إنَّمَا يُعْقَلُ عَلَى سَبِيلِ الْكَرَاهَةِ إذَا كَانَ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ الرِّضَا لَا الْقَهْرِ وَإِلَّا فَالْحُرْمَةُ قَطْعًا، وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلْوَلَدِ فَمُحْتَمَلٌ وَحَاصِلُ مُفَادِهِ بِاعْتِبَارِ الْوَلَدِ أَنَّ الْوَلَدَ إذَا كَانَ صَغِيرًا وَمِثْلُهُ السَّفِيهُ أَنَّهُ يُكْرَهُ مُطْلَقًا رَضِيَ أَوْ لَا وَهُوَ مُفَادُ عب، وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلرَّشِيدِ فَتَأْوِيلَانِ أَوَّلُهُمَا أَنَّهُ يُكْرَهُ مُطْلَقًا رَضِيَ أَوْ لَا الثَّانِي مَحَلُّ الْكَرَاهَةِ إذَا لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ الرِّضَا، وَأَمَّا إذَا حَصَلَ الرِّضَا فَلَا كَرَاهَةَ فَقَوْلُهُ بَعْدُ أَوْ لَا مَعْنَاهُ وَلَا يَجُوزُ أَيْ: يُكْرَهُ وَقَوْلُهُ، وَأَمَّا الْوَلَدُ الصَّغِيرُ أَيْ: وَمِثْلُهُ السَّفِيهُ كَمَا قَالَهُ الْأَشْيَاخُ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ بِمَعْنَى يُكْرَهُ وَهُوَ مَا أَفَادَهُ عب وَاعْلَمْ أَنَّ مَا ذَكَرَاهُ ذَكَرَهُ الْفِيشِيُّ عَنْ اللَّقَانِيِّ وَاَلَّذِي فِي عج خِلَافُهُ قَائِلًا وَاعْلَمْ أَنَّ مُفَادَ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَيْ: بِمَعْنَى يَحْرُمُ لِمَنْ تَصَدَّقَ عَلَى أَجْنَبِيٍّ أَنْ يَنْتَفِعَ بِأَكْلِ ثَمَرِهَا أَوْ شُرْبِ لَبَنِهَا أَوْ رُكُوبِهَا أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ وَذُكِرَ فِي قَوْلِ الرِّسَالَةِ أَنَّهُ يَجُوزُ الشُّرْبُ مِنْ لَبَنِ مَا تَصَدَّقَ بِهِ فَقِيلَ مَا فِي الرِّسَالَةِ مُخَالِفٌ لِمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَقِيلَ وِفَاقٌ وَاخْتُلِفَ فِي التَّوْفِيقِ فَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إلَى أَنَّ مَا فِي الرِّسَالَةِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا لِابْنِ الْمَوَّازِ مِنْ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمُتَصَدِّقِ الِانْتِفَاعُ بِصَدَقَتِهِ إذَا كَانَتْ الصَّدَقَةُ عَلَى ابْنِهِ الْكَبِيرِ أَيْ: الْمَالِكِ أَمْرَ نَفْسِهِ وَرَضِيَ بِانْتِفَاعِ أَبِيهِ بِالرُّكُوبِ وَنَحْوِهِ وَلَوْ كَانَ لَهُ ثَمَنٌ كَثِيرٌ فَلَا يُخَالِفُ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ الَّذِي أَشَارَ لَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ وَهَلْ إلَّا أَنْ يَرْضَى إلَخْ وَذَلِكَ مِنْ جُمْلَةِ أَجْوِبَةٍ وَاقْتَصَرْنَا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي ذَهَبَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ.

فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَنَقُولُ مُحَصَّلُ كَلَامِ عج هَذَا أَنَّ الرُّكُوبَ وَنَحْوَهُ يَحْرُمُ إذَا كَانَ الْمُتَصَدَّقُ عَلَيْهِ صَغِيرًا أَوْ سَفِيهًا كَانَ بِرِضَاهُ أَوْ بِغَيْرِ رِضَاهُ، وَأَمَّا إذَا كَانَ رَشِيدًا فَتَأْوِيلٌ بِالْحُرْمَةِ مُطْلَقًا بِرِضَاهُ أَوْ بِغَيْرِ رِضَاهُ وَتَأْوِيلٌ بِالْجَوَازِ إذَا كَانَ بِرِضَاهُ وَلَا يَخْفَى بُعْدُ الْأَوَّلِ وَأَنَّ الْأَحْسَنَ فِي ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ يَحْرُمُ بِغَيْرِ رِضَاهُ وَلَا يَحْرُمُ بِرِضَاهُ ثُمَّ إنَّ عج ذَكَرَ كَلَامًا آخَرَ حَاصِلُهُ أَنَّ قَوْلَ الْمُدَوَّنَةِ تَصَدَّقَ عَلَى أَجْنَبِيٍّ هَلْ مَفْهُومُهُ مُخَالِفٌ لِكَلَامِ ابْنِ الْمَوَّازِ أَيْ الْمُتَقَدِّمِ أَيْ: فَنَقُولُ يَجُوزُ لَهُ الرُّكُوبُ لِلَّذِي تَصَدَّقَ بِهِ عَلَى وَلَدِهِ الرَّشِيدِ مُطْلَقًا بِرِضَاهُ أَمْ بِغَيْرِ رِضَاهُ أَوْ وِفَاقٌ فَيُحْمَلُ مَا يُفِيدُهُ مَفْهُومَ قَوْلِهَا عَلَى أَجْنَبِيٍّ مِنْ جَوَازِ الِانْتِفَاعِ بِمَا تَصَدَّقَ بِهِ عَلَى وَلَدِهِ عَلَى مَا إذَا كَانَ كَبِيرًا أَيْ: رَشِيدًا وَرَضِيَ بِذَلِكَ، وَأَمَّا إذَا كَانَ صَغِيرًا أَوْ سَفِيهًا مُطْلَقًا أَوْ رَشِيدًا وَلَمْ يَرْضَ بِذَلِكَ فَحُكْمُهُمْ كَالْأَجْنَبِيِّ أَيْ فَيَجُوزُ الرُّكُوبُ وَنَحْوُهُ بِمَا تَصَدَّقَ بِهِ عَلَيْهِمْ وَنَذْكُرُ لَك جَوَابًا مِنْ جُمْلَةِ الْأَجْوِبَةِ الَّتِي لَمْ نَذْكُرْهَا عَنْ الْمُعَارَضَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ بِأَنْ تُحْمَلَ الرِّسَالَةُ عَلَى مَا لَا ثَمَنَ لَهُ أَوْ ثَمَنٍ يَسِيرٍ وَالْمُدَوَّنَةُ عَلَى مَا إذَا كَانَ الثَّمَنُ كَثِيرًا فَمَا فِي الْكِتَابَيْنِ وِفَاقٌ أَوْ تَبْقَى الْمُدَوَّنَةُ عَلَى إطْلَاقِهَا وَالرِّسَالَةُ عَلَى إطْلَاقِهَا فَمَا فِي الْكِتَابَيْنِ خِلَافٌ.

(قَوْلُهُ هَلْ يَجُوزُ ذَلِكَ) أَيْ: جَوَازًا مُسْتَوِيَ الطَّرَفَيْنِ وَقَوْلُهُ أَوْ لَا أَيْ: أَوْ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ أَيْ: جَوَازًا مُسْتَوِيَ الطَّرَفَيْنِ أَيْ: بَلْ يُكْرَهُ وَقَوْلُهُ، وَأَمَّا الْوَلَدُ الصَّغِيرُ أَيْ: وَمِثْلُهُ السَّفِيهُ كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ أَوْ لَا) أَيْ: بَلْ يُكْرَهُ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ) أَيْ جَوَازًا مُسْتَوِيَ الطَّرَفَيْنِ بَلْ الْمُرَادُ أَنَّهُ يُكْرَهُ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ هَذَا اتَّبَعَ فِيهِ اللَّقَانِيِّ وَوَافَقَهُ عب عَلَيْهِ وَمُفَادُ عج كَمَا عَلِمْت خِلَافُهُ وَأَفَادَ بَعْضُ الشُّيُوخِ أَنَّ كَلَامَ عج هُوَ الْمُعْتَمَدُ قَائِلًا أَنَّ الَّذِي يَنْبَغِي أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَلَا يَرْكَبُهَا مَعْنَاهُ أَنَّهُ يَحْرُمُ إذَا لَمْ يَحْصُلْ إذْنٌ مُعْتَبَرٌ، وَأَمَّا إذَا حَصَلَ إذْنٌ مُعْتَبَرٌ كَالِابْنِ الْكَبِيرِ فَفِي الْكَرَاهَةِ وَالْجَوَازِ تَأْوِيلَانِ، وَأَمَّا الْإِذْنُ الْغَيْرُ الْمُعْتَبَرِ كَالصَّبِيِّ فَيَحْرُمُ وَبِهَذَا يَتَّضِحُ الْكَلَامُ وَإِلَّا فَالْحَمْلُ عَلَى الْحُرْمَةِ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ غَيْرُ ظَاهِرٍ اهـ.

(أَقُولُ) وَهُوَ ظَاهِرٌ وَإِنَّمَا أَطَلْنَا فِي هَذَا الْكَلَامِ لِدَاعِي الْحَاجَةِ إلَيْهِ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّ الْأَبَ) أَيْ وَمِثْلُهُ الْأُمُّ وَكَذَا يُنْفَقُ عَلَى زَوْجَتِهِ مِنْ صَدَقَتِهَا عَلَيْهِ وَإِنْ غَنِيَّةً لِوُجُوبِ نَفَقَتِهَا عَلَيْهِ لِلنِّكَاحِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015