قَالَ الْجَوْهَرِيُّ قَاسَمَهُ الْمَالَ وَتَقَاسَمَاهُ وَاقْتَسَمَاهُ بَيْنَهُمَا وَالِاسْمُ الْقِسْمَةُ مُؤَنَّثَةٌ وَإِنَّمَا ذُكِّرَتْ فِي قَوْله تَعَالَى {فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ} [النساء: 8] بَعْدَ قَوْلِهِ {وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ} [النساء: 8] لِأَنَّهَا فِي الْمِيرَاثِ وَالْمَالِ، وَقَالَ فِي الْمُغْرِبِ الْقَسْمُ بِالْفَتْحِ قَسَمَ الْقَسَّامُ الْمَالَ بَيْنَ الشُّرَكَاءِ فَرَّقَهُ بَيْنَهُمْ وَعَيَّنَ أَنْصِبَاءَهُمْ وَمِنْهُ الْقَسْمُ بَيْنَ النِّسَاءِ، وَالْقِسْمُ بِالْكَسْرِ النَّصِيبُ وَحَدَّهَا ابْنُ عَرَفَةَ فَقَالَ الْقِسْمَةُ تَصْيِيرُ مُشَاعٍ مِنْ مَمْلُوكِ مَالِكِينَ مُعَيَّنًا وَلَوْ بِاخْتِصَاصِ تَصَرُّفٍ فِيهِ بِقُرْعَةٍ أَوْ تَرَاضٍ فَيَدْخُلُ قَسْمُ مَا عَلَى مَدِينٍ وَلَوْ كَانَ غَائِبًا، نَقَلَهُ الشَّيْخُ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ وَرَوَاهُ ابْنُ سَهْلٍ فِي طَعَامِ سَلَمٍ إلَخْ فَقَوْلُهُ مِنْ مَمْلُوكِ مَالِكِينَ احْتَرَزَ بِهِ مِنْ تَعْيِينِ الْمُشَاعِ فِي مِلْكِ مَالِكٍ، وَفِي بَعْضِ نُسَخِ ابْنِ عَرَفَةَ فَأَكْثَرَ وَبِهِ يَصِيرُ تَعْرِيفُهُ جَامِعًا
وَقَوْلُهُ مُعَيَّنًا أَخْرَجَ بِهِ مَا إذَا صَيَّرَهُ غَيْرَ مُعَيَّنٍ وَقَوْلُهُ مِنْ مَمْلُوكٍ مُتَعَلِّقٌ بِمُشَاعٍ وَمُعَيَّنًا مَفْعُولٌ ثَانٍ لِقَوْلِهِ تَصْيِيرُ وَالْأَوَّلُ الْمُضَافُ إلَيْهِ وَأَخْرَجَ بِهِ مَا إذَا صَيَّرَهُ غَيْرَ مُعَيَّنٍ كَمَا مَرَّ، وَقَوْلُهُ وَلَوْ بِاخْتِصَاصِ تَصَرُّفٍ فِيهِ جُمْلَةٌ مَعْطُوفَةٌ عَلَى حَالٍ مُقَدَّرَةٍ قَبْلَهَا تَقْدِيرُهُ صَيَّرَهُ بِاخْتِصَاصٍ أَيَّ اخْتِصَاصٍ كَانَ وَلَوْ بِاخْتِصَاصِ تَصَرُّفٍ، وَلَمَّا كَانَتْ الْقِسْمَةُ تَنْقَسِمُ إلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ مُهَايَأَةٍ وَتَرَاضٍ وَقُرْعَةٍ وَالْمَقْسُومُ يَنْقَسِمُ إلَى مَكِيلٍ وَمَوْزُونٍ وَإِلَى عَقَارٍ وَعُرُوضٍ ذَكَرَ مَا يَعُمَّ مَحَالَّ الْقِسْمَةِ لِأَنَّهَا قَدْرٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ هَذِهِ الْأَصْنَافِ وَالْأَنْوَاعِ فَزَادَ فِي رَسْمِهِ قَوْلَهُ وَلَوْ بِاخْتِصَاصِ تَصَرُّفٍ أَيْ سَوَاءٌ كَانَ التَّعْيِينُ بِكَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ وَلَوْ كَانَ بِتَصَرُّفٍ أَيْ وَلَوْ كَانَ تَعْيِينُ كُلِّ شَرِيكٍ يَخْتَصُّ بِالتَّصَرُّفِ فِي الْمُشَاعِ الْمُعَيَّنِ وَلَمْ يَذْكُرْ الشَّيْخُ الثَّالِثَ وَهِيَ الْمُهَايَأَةَ قُلْت بَلْ ذَكَرَهُ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ بِاخْتِصَاصِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ قَاسَمَهُ الْمَالَ إلَخْ) الْأَلْفَاظُ الثَّلَاثَةُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ وَمُرَادُهُ تَصَارِيفُ الْمَادَّةِ وَقَوْلُهُ وَالْمَالُ أَيْ الْمَوْرُوثُ فَهُوَ عَيْنُ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ وَقَالَ فِي الْمُغْرِبِ بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ كِتَابٌ فِي اللُّغَةِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهَا فِي الْمِيرَاثِ وَالْمَالِ) أَيْ فَأَنَّثَ بِاعْتِبَارِ مُتَعَلَّقِهَا وَلَوْ رَجَعَ الضَّمِيرُ لِلْقِسْمَةِ لَا بِالْمَعْنَى الْمُتَقَدِّمِ بَلْ بِمَعْنَى الْمَقْسُومِ لَكَانَ أَقْرَبَ (قَوْلُهُ الْقَسَمُ بِالْفَتْحِ قَسْمُ الْقَسَّامِ) أَيْ مَصْدَرُ قَسَمَ الْقَسَّامُ الْمَالَ (قَوْلُهُ وَعَيَّنَ إلَخْ) عَطْفٌ مُرَادِفٌ وَقَوْلُهُ وَمِنْهُ الْقَسْمُ أَيْ وَمِنْ جُزْئِيَّاتِ الْقَسْمِ مِنْ حَيْثُ هُوَ الْقَسْمُ بَيْنَ النِّسَاءِ (قَوْلُهُ تَصَرُّفٍ فِيهِ) أَيْ الْمُشَاعِ وَقَوْلُهُ بِقُرْعَةٍ أَوْ تَرَاضٍ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ تَصْيِيرُ أَيْ تَصْيِيرُهُ مُعَيَّنًا بِسَبَبِ قُرْعَةٍ وَقَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ غَائِبًا دَفْعًا لِمَا يُتَوَهَّمُ مِنْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِكَوْنِهِ غَائِبًا فَيَكُونُ مَجْهُولًا حَالُهُ فَلَا يَجُوزُ قِسْمَةُ مَا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ نَقَلَهُ الشَّيْخُ) أَيْ دُخُولَ قَسْمِ مَا عَلَيْهِ مَدِينُهُ فِي قِسْمَةِ التَّرَاضِي وَقَوْلُهُ وَرَوَاهُ أَيْ رَوَى مَا ذُكِرَ لَا فِي مُطْلَقِ مَا عَلَى مَدِينٍ بَلْ فِي طَعَامٍ سُلِّمَ وَمُرَادُهُ بِالشَّيْخِ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ وَقَوْلُهُ فِي طَعَامٍ سُلِّمَ تَقَدَّمَ فِي بَابِ الصُّلْحِ مَا يُفِيدُ مَنْعَهُ وَقَوْلُهُ احْتَرَزَ بِهِ عَنْ الْمُشَاعِ فِي مِلْكِ مَالِكٍ كَمَا لَوْ أَوْصَى بِعَدَدٍ مِنْ شِيَاهِهِ وَمَاتَ الْكُلُّ وَلَمْ يَبْقَ إلَّا هَذَا الْعَدَدُ فَلَا يُقَالُ لِذَلِكَ قِسْمَةً وَقَوْلُهُ مُعَيَّنًا أَخْرَجَ بِهِ مَا إذَا صَيَّرَهُ غَيْرَ مُعَيَّنٍ أَيْ مَا إذَا صَارَ الْمُشَاعُ غَيْرَ مُعَيَّنٍ لَا يَخْفَى مَا فِي هَذَا مِنْ التَّهَافُتِ وَقَوْلُهُ مُتَعَلِّقٌ بِمُشَاعٍ أَيْ تَعَلُّقَ الصُّفَّةِ بِالْمَوْصُوفِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ فِي الْمَعْنَى مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ التَّعَلُّقَ الِاصْطِلَاحِيَّ وَالتَّقْدِيرُ تَصْيِيرُ مُشَاعٍ كَائِنٍ مِنْ مَمْلُوكِ مَالِكِينَ فَهَذَا الْمُشَاعُ بَعْضُ مَمْلُوكِ الْمَالِكِينَ أَيْ بَعْضُ الْهَيْئَةِ الِاجْتِمَاعِيَّةِ وَقَوْلُهُ تَقْدِيرُهُ أَيْ تَقْدِيرُ الْحَالِ وَيَكُونُ الْمَعْنَى تَصْيِيرَ مُشَاعٍ كَائِنٍ مِنْ مَمْلُوكٍ كَائِنٍ مُعَيَّنًا حَالَ كَوْنِهِ مُصَيَّرًا مُعَيَّنًا بِأَيِّ اخْتِصَاصٍ كَانَ أَيْ كَانَ بِوَجْهِ الْقُرْعَةِ أَوْ بِغَيْرِهَا وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ بِاخْتِصَاصِ تَصَرُّفٍ، وَفِيهِ أَنَّ الِاخْتِصَاصَ لَيْسَ سَبَبًا فِي صَيْرُورَتِهِ مُعَيَّنًا بَلْ السَّبَبُ الْقِسْمَةُ، وَالِاخْتِصَاصُ يَحْصُلُ بَعْدَهَا وَلِذَلِكَ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ بِقُرْعَةٍ أَوْ تَرَاضٍ إشَارَةً إلَى أَنَّ التَّعْيِينَ إنَّمَا يَكُونُ بِالْقُرْعَةِ وَالتَّرَاضِي، ثُمَّ إنَّهُ يَبْحَثُ فِيهِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ وَهُوَ أَنَّهُ إذَا كَانَ قَوْلُهُ بِقُرْعَةٍ أَوْ تَرَاضٍ مُتَعَلِّقًا بِ " تَصْيِيرُ " فَلَا تَصِحُّ الْمُبَالَغَةُ لِأَنَّ شَرْطَهَا دُخُولُهَا فِيمَا قَبْلَهَا وَلَمْ تَدْخُلْ (قَوْلُهُ يَنْقَسِمُ إلَى مَكِيلٍ وَمَوْزُونٍ) أَيْ وَمَعْدُودٍ وَهَذِهِ مِثْلِيَّاتٌ وَقَوْلُهُ ذَكَرَ مَا يَعُمُّ مَحَالَّ الْقِسْمَةِ أَيْ وَهُوَ الْمَقْسُومُ وَقَوْلُهُ لِأَنَّهَا أَيْ الْقِسْمَةَ وَقَوْلُهُ قَدْرٌ مُشْتَرَكٌ أَيْ أَنَّهَا تُوجَدُ فِي هَذِهِ الْأَصْنَافِ أَيْ وَلَيْسَ الْمُرَادُ ظَاهِرُ اللَّفْظِ لِأَنَّ تِلْكَ الْأَصْنَافِ وَالْأَنْوَاعِ لَيْسَتْ جُزْئِيَّاتٍ لِلْقِسْمَةِ وَقَوْلُهُ فَزَادَ فِي رَسْمِهِ لَا يَخْفَى أَنَّ الزِّيَادَةَ فِي الرَّسْمِ إنَّمَا هِيَ مُتَعَلِّقَةٌ بِكَوْنِ الْقِسْمَةِ تَنْقَسِمُ إلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ لَا أَنَّهَا مُتَعَلِّقَةٌ بِالْمَقْسُومِ فَلَا يَظْهَرُ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ تَبَعًا لِصَاحِبِ الْحُدُودِ وَقَوْلُهُ وَالْأَنْوَاعُ عَطْفٌ مُرَادِفٌ أَيْ أَنَّ الْأَصْنَافَ وَالْأَنْوَاعَ وَاحِدٌ فِي الْمَقَامِ وَقَوْلُهُ أَيْ سَوَاءٌ كَانَ التَّعْيِينُ بِكَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا خِلَافُ تَصْرِيحِ الْمُصَنِّفِ بِقَوْلِهِ بِقُرْعَةٍ أَوْ تَرَاضٍ وَيُخَالِفُ مَا تَقَدَّمَ لَهُ مِنْ الْحَالِيَّةِ وَقَوْلُهُ أَيْ وَلَوْ كَانَ تَعْيِينُ كُلِّ شَرِيكٍ يَخْتَصُّ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا لَيْسَ مَدْلُولَ الْعِبَارَةِ بَلْ مَدْلُولُهَا أَيْ هَذَا إذَا كَانَ تَصْيِيرُ الْمُشَاعِ مُعَيَّنًا بِقُرْعَةٍ أَوْ تَرَاضٍ بَلْ وَلَوْ كَانَ تَعَيُّنُهُ بِاخْتِصَاصِ تَصَرُّفٍ وَقَوْلُهُ فِي الْمُشَاعِ الْمُعَيَّنِ أَيْ الَّذِي صَارَ مُعَيَّنًا ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ فِي قِسْمَةِ الْمُهَايَأَةِ لَمْ يَكُنْ التَّصَرُّفُ فِي الْمُشَاعِ بَلْ فِي الْجَمِيعِ وَأَقُولُ لَك إنَّ هَذِهِ الْعِبَارَةُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِتَفْسِيرِ التَّعْرِيفِ إنَّمَا هِيَ عِبَارَةُ الرَّصَّاعِ شَارِحِ الْحُدُودِ لِابْنِ عَرَفَةَ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَذْكُرْ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا حَاجَةَ لِإِيرَادِ ذَلِكَ مِنْ أَصْلِهِ لِأَنَّهُ لَا يُتَوَهَّمُ وَقَوْلُهُ وَهُوَ مُنْتَهَى الْغَايَةِ يَقْتَضِي أَنَّ فِي الْغَايَةِ امْتِدَادًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَالْجَوَابُ أَنَّ الْإِضَافَةَ لِلْبَيَانِ وَقَوْلُهُ فَتَصِيرُ الْقِسْمَةُ ذِمَّةً بِذِمَّةٍ أَيْ مُحْتَوِيَةً عَلَى بَيْعِ مَا فِي ذِمَّةٍ أَيْ فَزَيْدٌ مَثَلًا بَاعَ مَا فِي ذِمَّةِ عَمْرٍو بِمَا لِصَاحِبِهِ خَالِدٍ فِي ذِمَّةِ بَكْرٍ فَفِيهِ بَيْعُ دَيْنٍ بِدَيْنٍ وَقَوْلُهُ وَلْيَقْسِمُوا مَا عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ أَيْ إذَا كَانَ غَيْرَ طَعَامٍ قَبْلَ قَبْضِهِ لَا إنْ كَانَ طَعَامًا قَبْلَ قَبْضِهِ فَلَا يَجُوزُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ الصُّلْحِ وَقَوْلُهُ لَمْ يَجُزْ لِلْوَرَثَةِ أَنْ يَقْسِمُوا، ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَوَّلًا أَنَّ مَحَلَّ عَدَمِ الْجَوَازِ إذَا كَانَ بِتَرَاضٍ بِأَنْ تَقُولَ لَنَا عَلَى زَيْدٍ مِائَتَانِ أَنْتَ يَا زَيْدُ تَأْخُذُ مِائَةً وَأَنَا كَذَلِكَ وَثَمَرَةُ ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا قَبَضَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا مِائَةً فَإِنَّهُ