مَا غَصَبَهُ مِنْ غَيْرِ عِلْمٍ بِأَنَّهُ مَغْصُوبٌ لِمُسْتَحِقِّهِ بِقَدْرِ أَكْلِهِ إذَا كَانَ الْغَاصِبُ عَدِيمًا أَوْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ ثُمَّ لَا يَرْجِعُ الْمَوْهُوبُ عَلَى الْوَاهِبِ بِشَيْءٍ فَإِنْ كَانَ الْغَاصِبُ مَلِيئًا فَإِنَّهُ يَضْمَنُ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْآكِلِ أَمَّا إنْ عَلِمَ الْمَوْهُوبُ بِالْغَصْبِ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْغَاصِبِ فَيُخَيَّرُ رَبُّ الشَّيْءِ فِي اتِّبَاعِ أَيِّهِمَا شَاءَ فَإِنْ كَانَا مُعْدِمَيْنِ اتَّبَعَ أَقْرَبَهُمَا يَسَارًا وَمَنْ غَرِمَ مِنْهُمَا لَا يَرْجِعُ عَلَى صَاحِبِهِ كَمَا فِي أَبِي الْحَسَنِ إلَّا أَنَّ الْمَذْهَبَ فِي الْفَرْعِ الْأَوَّلِ أَنَّ الذَّبْحَ لِلشَّيْءِ الْمَغْصُوبِ لَيْسَ بِمُفِيتٍ لَهُ وَلِرَبِّهِ الْخِيَارُ بَيْنَ أَخْذِ قِيمَتِهِ يَوْمَ الْغَصْبِ وَبَيْنَ أَخْذِهِ مَذْبُوحًا وَأَخْذِ مَا نَقَصَتْ قِيمَتُهُ مَذْبُوحًا عَنْ قِيمَتِهِ حَيًّا بَلْ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّ هَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

(ص) أَوْ أَكْرَهَ غَيْرَهُ عَلَى التَّلَفِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَكْرَهَ غَيْرَهُ عَلَى تَلَفِ شَيْءٍ فَإِنَّهُمَا يَضْمَنَانِ مَعًا هَذَا لِتَسَبُّبِهِ وَهَذَا لِمُبَاشَرَتِهِ لَكِنْ تَارَةً يَضْمَنَانِ مُتَرَتِّبَيْنِ كَمَا فِي الْإِكْرَاءِ عَلَى الرَّمْيِ فَالْمُبَاشِرُ يُقَدَّمُ عَلَيَّ الْمُتَسَبِّبِ فَلَا يُتَّبَعُ إلَّا إذَا كَانَ الْمُكْرَهُ بِالْفَتْحِ عَدِيمًا وَتَارَةً يَضْمَنَانِ مَعًا كَمَا لَوْ أَكْرَهَهُ عَلَى أَنْ يَأْتِيَهُ بِمَالِ الْغَيْرِ فَإِنَّ الْمُكْرِهَ بِالْكَسْرِ وَالْمُكْرَهَ بِالْفَتْحِ سَوَاءٌ فِي تَعَلُّقِ الضَّمَانِ بِهِمَا مِنْ غَيْرِ تَرْتِيبٍ وَهَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ عَلَى التَّلَفِ.

(ص) أَوْ حَفَرَ بِئْرًا تَعَدِّيًا (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ حَفَرَ بِئْرًا تَعَدِّيًا فَهَلَكَ فِيهَا شَيْءٌ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ كَمَا لَوْ حَفَرَهَا فِي أَرْضِ غَيْرِهِ أَوْ فِي طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ وَنَبَّهَ بِذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ لَوْ حَفَرَهَا فِي مِلْكِهِ أَوْ لِمَصْلَحَةٍ فَهَلَكَ فِيهَا شَيْءٌ فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ.

(ص) وَقُدِّمَ عَلَيْهِ الْمُرَدِّي إلَّا لِمُعَيَّنٍ فَسِيَّانِ (ش) الضَّمِيرُ فِي عَلَيْهِ يَرْجِعُ لِلْمُتَعَدِّي فِي حَفْرِ الْبِئْرِ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ حَفَرَ بِئْرًا تَعَدِّيًا ثُمَّ إنَّ شَخْصًا آخَرَ أَوْقَعَ شَيْئًا فِيهَا فَهَلَكَ فَإِنَّ الْمُرَدِّيَ يُقَدَّمُ فِي الضَّمَانِ عَلَى الْحَافِرِ لِأَنَّهُ مُبَاشِرٌ وَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمُتَسَبِّبِ إلَّا أَنْ يَكُونَ حَفَرَ الْبِئْرَ لِشَخْصٍ مُعَيَّنٍ فَرَدَّاهُ فِيهَا شَخْصٌ آخَرُ فَإِنَّهُمَا سِيَّانِ فِي الضَّمَانِ أَيْ حَافِرَ الْبِئْرِ وَالْمُرَدِّيَ وَبِعِبَارَةٍ فَسِيَّانِ فَإِنْ كَانَ الْمُرَدَّى بِفَتْحِ الدَّالِ إنْسَانًا مُكَافِئًا لِلْحَافِرِ وَالْمُرَدِّي لَهُ فَالْقِصَاصُ عَلَيْهِمَا مَعًا وَإِنْ كَانَ غَيْرَ إنْسَانٍ ضَمِنَاهُ مَعًا كَمَا فِي الشَّارِحِ وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّهُ إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا مُكَافِئًا وَالْآخَرُ غَيْرَ مُكَافِئٍ كَمَا إذَا حَفَرَهَا حُرٌّ مُسْلِمٌ لِعَبْدٍ مُعَيَّنٍ وَرَدَّاهُ عَبْدٌ مِثْلُهُ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ الْعَبْدُ الْمُرَدِّي وَلَا يُقْتَلُ الْحَافِرُ وَهَلْ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ أَوْ لَا. وَيَجْرِي مِثْلُ هَذَا فِي الْمُتَسَبِّبِ مَعَ الْمُبَاشِرِ وَفِي الْجَمَاعَةِ إذَا قَتَلُوا شَخْصًا وَكَانَ بَعْضُهُمْ مُكَافِئًا وَالْبَعْضُ الْآخَرُ غَيْرَ مُكَافِئٍ.

(ص) أَوْ فَتَحَ قَيْدَ عَبْدٍ لِئَلَّا يَأْبَقَ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ قَيَّدَ عَبْدَهُ خَوْفَ إبَاقِهِ فَجَاءَ شَخْصٌ فَحَلَّ قَيْدَهُ فَأَبِقَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ لِصَاحِبِهِ وَسَوَاءٌ كَانَ إبَاقُهُ عَقِبَ الْفَتْحِ أَوْ بَعْدَهُ بِمُهْلَةٍ أَمَّا لَوْ قَيَّدَهُ لِأَجْلِ نَكَالِهِ لَمْ يَجِبْ عَلَى مَنْ حَلَّهُ ضَمَانٌ فَقَوْلُهُ لِئَلَّا يَأْبَقَ مُتَعَلِّقٌ بِقَيْدٍ وَإِنْ كَانَ اسْمَ عَيْنٍ لِأَنَّهُ اسْمٌ لِلْآلَةِ وَالْجَارُ وَالْمَجْرُورُ يَتَعَلَّقُ بِاسْمِ الْعَيْنِ كَقَوْلِهِ أَسَدٌ عَلَيَّ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى تَعَلُّقِهِ بِمَحْذُوفٍ أَيْ قَيْدٍ لِعَدَمِ إبَاقِهِ أَيْ لِيَمْنَعَهُ الْقَيْدُ مِنْ الْإِبَاقِ وَانْظُرْ لَوْ فَتَحَ قَيْدَ حُرٍّ وَذَهَبَ بِحَيْثُ يَتَعَذَّرُ رُجُوعُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَضْمَنُ دِيَتَهُ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ كَحُرٍّ بَاعَهُ وَتَعَذَّرَ رُجُوعُهُ مِنْ أَنَّهُ لَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ بَاعَهُ بَلْ حَيْثُ أَدْخَلَهُ فِي أَمْرٍ يَتَعَذَّرُ رُجُوعُهُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ دِيَتَهُ.

(ص) أَوْ عَلَى غَيْرِ عَاقِلٍ إلَّا بِمُصَاحَبَةِ رَبِّهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ فَتَحَ بَابًا عَلَى غَيْرِ عَاقِلٍ فَذَهَبَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ لِتَعَدِّيهِ بِفَتْحِ الْبَابِ إلَّا أَنْ يَكُونَ رَبُّهُ مُصَاحِبًا لَهُ حِينَ الْفَتْحِ بِأَنْ كَانَ حَاضِرًا مَعَهُ فِي الْمَحَلِّ الَّذِي فَتَحَ عَلَيْهِ فِيهِ فَلَا ضَمَانَ حِينَئِذٍ وَاعْلَمْ أَنَّهُ يَجِبُ الضَّمَانُ عَلَى الْفَاتِحِ وَلَوْ بِحَضْرَةِ رَبِّهِ غَيْرَ نَائِمٍ حَيْثُ كَانَ رَبُّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى مَنْعِ

ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ إذَا كَانَ الْغَاصِبُ عَدِيمًا) فَإِنْ كَانَ الْآكِلُ عَدِيمًا اتَّبَعَ أَقْرَبَهُمَا يَسَارًا وَمَنْ أَخَذَ مِنْهُ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْآخَرِ (قَوْلُهُ أَنَّ الذَّبْحَ لِلشَّيْءِ الْمَغْصُوبِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ إمَّا أَنْ يَأْخُذَ الْقِيمَةَ أَوْ يَأْخُذَ الشَّيْءَ الْمَذْبُوحَ بِدُونِ قِيمَةٍ كَمَا أَفَادَهُ مُحَشِّي تت

(قَوْلُهُ أَوْ أَكْرَهَ غَيْرَهُ عَلَى التَّلَفِ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الضَّمَانَ عَلَى الْمُكْرِهِ بِالْكَسْرِ وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا وَلَكِنْ الْمُكْرَهُ بِالْفَتْحِ مُقَدَّمٌ وَمَنْ غَرِمَ مِنْهُمَا لَا يَرْجِعُ عَلَى الْآخَرِ فَحَلُّ شَارِحِنَا نَظَرَ فِيهِ لِلْفِقْهِ مِنْ خَارِجٍ (قَوْلُهُ وَهَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ عَلَى التَّلَفِ) وَفُرِّقَ بِأَنَّ هَذِهِ كِلَاهُمَا مُبَاشِرٌ بِخِلَافِ الْأُولَى لَمْ يَقَعْ مِنْ الْمُكْرِهِ بِالْكَسْرِ إلَّا مُجَرَّدُ الْإِكْرَاهِ فَلِذَا قَدَّمَ الْمُبَاشِرَ عَلَيْهِ

(قَوْلُهُ أَوْ حَفَرَ بِئْرًا تَعَدِّيًا) وَالظَّاهِرُ أَنَّ حَفْرَهَا بِلَصْقِ الطَّرِيقِ بِلَا حَائِلٍ كَحَفْرِهَا بِهَا كَمَا فِي عب وشب (قَوْلُهُ عَلَى أَنَّهُ لَوْ حَفَرَهَا فِي مِلْكِهِ) أَيْ وَلَمْ يَقْصِدْ ضَرَرَ أَحَدٍ وَإِلَّا ضَمِنَ كَقَصْدِ وُقُوعِ سَارِقٍ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ هَلَاكَهُ أَوْ وُقُوعِ مُحْتَرَمٍ غَيْرِ آدَمِيٍّ فَلَوْ حَفَرَهَا بِمَحَلٍّ يَجُوزُ لَهُ بِقَصْدٍ مَنْعُ آدَمِيٍّ أَوْ مُحْتَرَمٍ غَيْرِهِ مِنْ الْوُصُولِ إلَى زَرْعِهِ فَسَقَطَ بِهَا مَنْ قَصَدَ مَنْعَهُ وَتَلِفَ هَلْ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَعَدٍّ أَوْ يَضْمَنُ كَمَا يُفِيدُهُ مَفْهُومُ قَوْلِ تت لَا بِقَصْدِ مُعَيَّنٍ وَهَذَا مُعَيَّنٌ بِالْوَصْفِ لَا بِالشَّخْصِ وَهَلْ يُصَدَّقُ أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ بِحَفْرِهَا الْإِتْلَافَ يُحَرَّرُ ذَلِكَ أَقُولُ الظَّاهِرُ التَّصْدِيقُ.

(قَوْلُهُ وَقُدِّمَ عَلَيْهِ الْمُرَدِّي) ظَاهِرُ كَلَامِهِ ضَمَانُ الْحَافِرِ أَيْضًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الضَّمَانُ مُخْتَصٌّ بِالْمُرَدِّي وَحْدَهُ عَلَى رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَلَوْ قَالَ وَضَمِنَ الْمُرَدِّي لَسَلِمَ مِنْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ فَسِيَّانِ) أَيْ إذَا عَلِمَ الْمُرَدِّي بِقَصْدِ الْحَافِرِ وَإِلَّا اُقْتُصَّ مِنْ الْمُرَدِّي فَقَطْ

(قَوْلُهُ أَمَّا لَوْ قَيَّدَهُ لِأَجْلِ نَكَالِهِ) وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ السَّيِّدِ فِي اخْتِلَافِهِمَا كَمَا إذَا ادَّعَى السَّيِّدُ أَنَّهُ قَيَّدَهُ خَوْفَ الْإِبَاقِ وَادَّعَى الْفَاتِحُ النَّكَالَ لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْ جِهَةِ السَّيِّدِ إلَّا أَنْ تَقُومَ قَرِينَةٌ بِخِلَافِهِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ اسْمٌ لِلْآلَةِ) الْمُنَاسِبُ أَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ أَيْ قُيِّدَ لِيَنْتَفِيَ إبَاقُهُ وَالْقِيَاسُ غَيْرُ ظَاهِرٍ لِأَنَّ " أَسَدٌ عَلَيَّ " إنَّمَا صَحَّ تَعَلُّقُهُ بِهِ لِكَوْنِهِ فِي تَأْوِيلِ الْمُشْتَقِّ وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ قَيْدَ يُؤَوَّلُ بِمُقَيَّدٍ بِهِ وَالْمَعْنَى أَوْ فَتَحَ مُقَيَّدًا بِهِ الْعَبْدُ أَوْ مَا قُيِّدَ بِهِ الْعَبْدُ إلَخْ وَالصِّلَةُ وَالْمَوْصُولُ كَالشَّيْءِ الْوَاحِدِ

(قَوْلُهُ إلَّا بِمُصَاحَبَةِ رَبِّهِ) وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُصَاحَبَةِ أَنْ يَكُونَ بِمَكَانٍ هُوَ مَظِنَّةُ شُعُورِهِ بِخُرُوجِهِ وَإِنْ بَعُدَ عَنْهُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015