تَعَدِّيًا بِلَا حِرَابَةٍ (ش) قَوْلُهُ أَخْذُ مَالٍ كَالْجِنْسِ وَقَوْلُهُ قَهْرًا أَخْرَجَ بِهِ مَا يُؤْخَذُ لَا عَلَى وَجْهِ الْقَهْرِ وَالْغَلَبَةِ بَلْ عَلَى سَبِيلِ الِاخْتِيَارِ كَأَخْذِ الْإِنْسَانِ وَدِيعَةً وَنَحْوَ ذَلِكَ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يُسَمَّى غَصْبًا وَقَوْلُهُ تَعَدِّيًا أَخْرَجَ بِهِ مَا إذَا أَخَذَ مَالَهُ مِنْ الْمُحَارِبِ وَنَحْوِهِ فَإِنَّهُ وَإِنْ كَانَ قَهْرًا لَكِنَّهُ لَيْسَ تَعَدِّيًا وَلَمَّا كَانَتْ هَذِهِ الْقُيُودُ تَشْمَلُ الْحِرَابَةَ وَتَنْطَبِقُ عَلَيْهَا أَخْرَجَهَا لِأَنَّهَا أَخْذُ الْمَالِ عَلَى وَجْهٍ يَتَعَذَّرُ مَعَهُ الْغَوْثُ فَافْتَرَقَا فَأَحْكَامُهَا مُخَالِفَةٌ لِأَحْكَامِ الْغَصْبِ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ وَإِلَّا فَهِيَ الْغَصْبُ بِلَا شَكٍّ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ لَا يَشْمَلُ أَخْذَ الْأَبِ مَالَ وَلَدِهِ أَوْ مَالَ وَلَدِ وَلَدِهِ لِأَنَّ لَهُ فِيهِ شُبْهَةً فَلَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ أَخَذَهُ تَعَدِّيًا إذْ الْمُتَعَدِّي هُوَ الَّذِي لَيْسَ لَهُ مُسْتَنَدٌ شَرْعِيٌّ.
(ص) وَأُدِّبَ مُمَيِّزٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْغَاصِبَ إذَا كَانَ مُمَيِّزًا فَإِنَّهُ يُؤَدَّبُ وُجُوبًا وَيُسْجَنُ لِحَقِّ اللَّهِ بِاجْتِهَادِ الْحَاكِمِ بَعْدَ أَنْ يُؤْخَذَ مِنْهُ مَا غَصَبَهُ وَأَدَبُهُ لِأَجْلِ الْفَسَادِ فَقَطْ لَا لِأَجْلِ التَّحْرِيمِ كَمَا يُؤَدَّبُ عَلَى الزِّنَا وَنَحْوِهِ تَحْقِيقًا لِلِاسْتِصْلَاحِ وَتَهْذِيبًا لِلْأَخْلَاقِ وَكَذَلِكَ تُضْرَبُ الْبَهَائِمُ اسْتِصْلَاحًا وَتَهْذِيبًا لِأَخْلَاقِهَا وَمَفْهُومُ مُمَيِّزٍ عَدَمُ أَدَبِ غَيْرِهِ وَأَمَّا الْبَالِغُ فَيُؤَدَّبُ اتِّفَاقًا وَقَوْلُهُ وَأُدِّبَ وَلَوْ عَفَا عَنْهُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ لِأَنَّهُ حَقٌّ لِلَّهِ دَفْعًا لِلْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ.
(ص) كَمُدَّعِيهِ عَلَى صَالِحٍ (ش) تَشْبِيهٌ فِي الْأَدَبِ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ ادَّعَى الْغَصْبَ عَلَى رَجُلٍ صَالِحٍ فَإِنَّهُ يُؤَدَّبُ وَالْمُرَادُ بِهِ مَنْ لَا يُشَارُ إلَيْهِ بِالْغَصْبِ لَا الصَّالِحُ الْعُرْفِيُّ وَهُوَ الْقَائِمُ بِحُقُوقِ اللَّهِ وَحُقُوقِ الْعِبَادِ حَسَبَ الْإِمْكَانِ.
(ص) وَفِي حَلِفِ الْمَجْهُولِ قَوْلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْغَاصِبَ إذَا كَانَ مَجْهُولَ الْحَالِ وَهُوَ الَّذِي لَا يُعْرَفُ بِخَيْرٍ وَلَا بِشَرٍّ فَهَلْ يَلْزَمُهُ يَمِينٌ أَنَّهُ مَا غَصَبَهُ أَوْ لَا يَلْزَمُهُ يَمِينٌ قَوْلَانِ وَالثَّانِي أَظْهَرُ لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّ كُلَّ دَعْوَى لَا تَثْبُتُ إلَّا بِعَدْلَيْنِ فَلَا يَمِينَ بِمُجَرَّدِهَا وَالْغَصْبُ مِنْ بَابِ التَّجْرِيحِ وَهُوَ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِعَدْلَيْنِ وَأَمَّا الْمَعْرُوفُ بِالْعَدَاءِ فَإِنَّهُ يُضْرَبُ وَيُسْجَنُ وَيُطَالُ سَجْنُهُ بَلْ قَالَ بَعْضُ الْأَئِمَّةِ يُخَلَّدُ فِي السِّجْنِ وَهَلْ يُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ فِي حَالِ التَّهْدِيدِ وَالضَّرْبِ أَمْ لَا ثَالِثُهَا إنْ عَيَّنَ السَّرِقَةَ أَوْ أَخْرَجَ الْقَتِيلَ لَكِنَّ الْمُؤَلِّفَ مَشَى عَلَى خِلَافِ هَذَا فِي بَابِ السَّرِقَةِ حَيْثُ بَالَغَ عَلَى عَدَمِ الْأَخْذِ بِقَوْلِهِ وَلَوْ عَيَّنَ الْقَتِيلَ أَوْ أَخْرَجَ السَّرِقَةَ وَعَلَى الْقَوْلِ بِحَلِفِ الْمَجْهُولِ أَوْ كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُتَّهَمًا وَنَكَلَ فَإِنْ كَانَتْ دَعْوَى تَحْقِيقٍ فَلَا يُقْضَى عَلَيْهِ حَتَّى يَرُدَّ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعِي وَيَحْلِفُ وَإِنْ كَانَتْ دَعْوَى اتِّهَامٍ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَغْرَمُ بِمُجَرَّدِ النُّكُولِ لَا يَلْزَمُ رَامِيَهُ شَيْءٌ وَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ لَا يَحْلِفُ بِمَنْزِلَةِ الصَّالِحِ أَيْ عَلَى رَامِيهِ بِالْغَصْبِ الْأَدَبُ.
(ص) وَضَمِنَ بِالِاسْتِيلَاءِ (ش) فَاعِلُ ضَمِنَ هُوَ الْمُمَيِّزُ وَغَيْرُهُ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْغَاصِبَ يَضْمَنُ الشَّيْءَ الْمَغْصُوبَ بِالِاسْتِيلَاءِ أَيْ يَتَعَلَّقُ الضَّمَانُ بِهِ وَالْمُرَادُ بِالِاسْتِيلَاءِ مُجَرَّدُ حُصُولِ الشَّيْءِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQتَحَرُّزٌ عَنْ الْحَرْبِيِّ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ الْمَغْصُوبَ فِي الْقَضَاءِ وَأَمَّا فِي الْفُتْيَا فَالْمَشْهُورُ مُخَاطَبَتُهُ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ وَقَهْرًا حَالٌ مُخْرِجَةٌ لِلْغِيلَةِ وَالسَّرِقَةِ وَالْخِيَانَةِ وَالِاخْتِلَاسِ لِأَنَّ الْقَهْرَ إنَّمَا يَحْصُلُ بَعْدُ لَا حَالَ الْأَخْذِ وَالْخَائِنُ هُوَ الَّذِي يَأْتِي جَهْرَةً وَيَذْهَبُ جَهْرَةً وَالْمُخْتَلِسُ هُوَ الَّذِي يَأْتِي خُفْيَةً وَيَذْهَبُ جَهْرَةً
(قَوْلُهُ وَنَحْوُهُ) أَيْ كَالْغَاصِبِ (قَوْلُهُ عَلَى وَجْهٍ يَتَعَذَّرُ مَعَهُ الْغَوْثُ) أَيْ لِأَنَّ مَنْ يَقْطَعُ الطَّرِيقَ لَا يَجِدُ مَنْ يُغِيثُهُ بِخِلَافِهِ فِي الْحَضَرِ فَيَجِدُ مَنْ هُوَ أَعْلَى مِنْهُ فَيَسْتَغِيثُ بِهِ فَحُكَّامُنَا الْآنَ مُحَارِبُونَ لِأَنَّهُ لَا يُوجَدُ مَنْ يُسْتَغَاثُ بِهِ مِنْهُمْ (قَوْلُهُ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ) أَيْ فِي بَعْض الْأَحْوَالِ أَيْ لِأَنَّ الْمُحَارِبَ حَالُهُ مَعْلُومٌ مِنْ كَوْنِهِ يُقْتَلُ أَوْ يُصْلَبُ بِخِلَافِ الْغَاصِبِ يُؤَدَّبُ فَقَطْ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَهِيَ الْغَصْبُ) أَيْ وَإِنْ لَمْ نَقُلْ مُخَالِفَةٌ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ بَلْ قُلْنَا مُخَالِفَةٌ لِلْغَصْبِ فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ فَلَا يَصِحُّ لِأَنَّهَا الْغَصْبُ بِلَا شَكٍّ أَقُولُ إذَا كَانَتْ الْغَصْبَ بِلَا شَكٍّ فَهِيَ مُوَافِقَةٌ لَهُ فِي جَمِيعِ الْوُجُوهِ فَلَا يَصِحُّ قَوْلُهُ مُخَالِفَةٌ وَالْحَاصِلُ إنْ أَرَادَ الشَّارِحُ بِذَلِكَ عُرْفًا فَلَا يَصِحُّ لِأَنَّهَا غَيْرُهُ وَإِنْ أَرَادَ لُغَةً فَهِيَ مِنْ أَفْرَادِ الْغَصْبِ لُغَةً وَلَا كَلَامَ لَنَا فِي الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ (قَوْلُهُ أَوْ مَالَ وَلَدِ وَلَدِهِ) أَيْ فَلَا يَكُونُ مِنْ الْغَصْبِ كَمَا فِي الْمُقَدَّمَاتِ وَفَرْضُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْأَبَ غَيْرُ مُحْتَاجٍ وَقَالَ الزَّرْقَانِيُّ يَنْبَغِي شُمُولُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لَهُ حَيْثُ لَا حَاجَةَ فَيَكُونُ أَخْذُهُ مِنْ الْغَصْبِ وَإِنْ كَانَ لَا يُؤَدَّبُ لِحَقِّ الْأُبُوَّةِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ قَوْلَهُ أَوْ مَالَ وَلَدِ وَلَدِهِ شَامِلٌ لِلْجَدِّ مِنْ جِهَةِ الْأَبِ وَمِنْ جِهَةِ الْأُمِّ وَفِي تت إلَّا الْوَالِدَ مِنْ وَلَدِهِ وَالْجَدَّ لِلْأَبِ فِي حَفِيدِهِ قِيلَ لَا يُحْكَمُ لَهُ بِحُكْمِ الْغَصْبِ اهـ. فَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الْجَدَّ مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ غَاصِبٌ وَإِنْ كَانَ لَا يُقْطَعُ لِلشُّبْهَةِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ يُؤَدَّبُ كَذَا أَفَادَ ابْنُ عب وَالْحَاصِلُ أَنَّ قَضِيَّةَ كَلَامِ شَارِحِنَا أَنَّهُ لَا يُؤَدَّبُ فَيَكُونُ مُخَالِفًا لَهُ
(قَوْلُهُ وَأُدِّبَ) أَيْ وُجُوبًا بِاجْتِهَادِ الْحَاكِمِ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يُؤَدَّبُ) أَيْ يُضْرَبُ وَيُسْجَنُ (قَوْلُهُ عَلَى الزِّنَا وَنَحْوِهِ) أَيْ كَالسَّرِقَةِ (قَوْلُهُ وَأَمَّا الْبَالِغُ فَيُؤَدَّبُ اتِّفَاقًا) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَأُدِّبَ مُمَيَّزٌ أَيْ عَلَى الْمَشْهُورِ أَيْ وَقِيلَ لَا يُؤَدَّبُ حَكَى الْقَوْلَيْنِ فِي الْمُقَدَّمَاتِ
(قَوْلُهُ مَنْ لَا يُشَارُ إلَيْهِ بِالْغَصْبِ) وَإِنْ كَانَ يُشَارُ إلَيْهِ بِغَيْرِهِ
(قَوْلُهُ وَأَمَّا الْمَعْرُوفُ بِالْعَدَاءِ) أَيْ كَانَ غَصْبًا أَوْ غَيْرَهُ (قَوْلُهُ ثَالِثُهَا إنْ عَيَّنَ السَّرِقَةَ) أَيْ فِي مَقَامِ السَّرِقَةِ وَإِلَّا فَنَحْنُ فِي مَقَامِ الْغَصْبِ فَنَقُولُ إنْ عَيَّنَ الْمَغْصُوبَ (قَوْلُهُ أَوْ كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُتَّهَمًا) أَيْ عِنْدَ النَّاسِ وَهُوَ الْمَعْرُوفُ بِالْعَدَاءِ وَمُفَادُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُتَّهَمًا يُطَالَبُ بِالْحَلِفِ قَطْعًا
(قَوْلُهُ هُوَ الْمُمَيِّزُ وَغَيْرُهُ) الْمُنَاسِبُ الْمُمَيِّزُ فَقَطْ لِقَوْلِهِ بَعْدُ وَإِلَّا فَتَرَدُّدٌ وَكَتَبَ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ مَا نَصَّهُ لَا يُقَالُ غَيْرُ الْمُمَيِّزِ سَيَأْتِي فَلَا يَدْخُلُ هُنَا لِأَنَّا نَقُولُ التَّرَدُّدُ ضَعِيفٌ وَالرَّاجِحُ الضَّمَانُ وَالْخِلَافُ الْآتِي إنَّمَا هُوَ فِيمَا يَضْمَنُهُ وَأَمَّا أَصْلُ الضَّمَانِ فَقَدْ عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ وَضَمِنَ بِالِاسْتِيلَاءِ (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ بِالِاسْتِيلَاءِ إلَخْ) أَيْ فَالْمُرَادُ بِالِاسْتِيلَاءِ الْحَيْلُولَةُ بَيْنَ رَبِّ الشَّيْءِ