يُشْرِفُ مِنْهَا عَلَى جَارِهِ أَنْ يَسُدَّ جَمِيعَهَا إذَا أُرِيدَ سَدُّ خَلْفَهَا فَقَطْ وَتُقْلَعُ الْعَتَبَةُ مِنْ الْبَابِ لِئَلَّا يَطُولَ الزَّمَانُ وَتَبْقَى حُجَّةً لِلْحَدَثِ وَيَقُولُ إنَّمَا أَغْلَقْته لِأُعِيدَهُ مَتَى شِئْت وَالْمُرَادُ بِالْخَلْفِ الدَّاخِلُ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْخَلْفِ بِالنِّسْبَةِ لِلْخَارِجِ وَإِنْ كَانَ الْحُكْمُ وَاحِدًا فِي سَدِّ الدَّاخِلِ وَالْخَارِجِ إلَّا أَنَّهُ لَا يُقَالُ لِلْخَارِجِ خَلَفٌ بَعْدَ اعْتِبَارِ نِسْبَةِ الْخَلْفِ لِلْخَارِجِ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ

(ص) وَبِمَنْعِ دُخَانٍ كَحَمَّامٍ وَرَائِحَةٍ كَدِبَاغٍ. (ش) يَعْنِي أَنَّ الْحَمَّامَاتِ وَالْأَفْرَانَ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ إذَا كَانَتْ حَادِثَةً فَإِنَّهُ يُقْضَى بِمَنْعِ دُخَانِهَا لِأَنَّهُ يُؤْذِي النَّاسَ بِرَائِحَتِهِ وَكَذَلِكَ رَائِحَةُ الدَّبَّاغِ وَمَا أَشْبَهَهُ إذَا كَانَتْ فَإِنَّهُ يُقْضَى بِمَنْعِهَا وَمِثْلُ الدِّبَاغِ الْمَذْبَحُ وَالْمَسْمَطُ وَالْمَصْلَقُ لِأَنَّ الرَّائِحَةَ الْمُنْتِنَةَ تَخْرِقُ الْخَيَاشِيمَ وَتَصِلُ إلَى الْأَمْعَاءِ فَتُؤْذِي الْإِنْسَانَ وَقَالَ الْبِسَاطِيُّ إنْ قُلْت مَا الْفَرْقُ بَيْنَ الرَّائِحَةِ وَالدُّخَانِ وَالْكُلُّ دُخَانٌ وَالْكُلُّ مَشْمُومٌ قُلْت الْفَرْقُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ أَنَّهُ عَنَى بِالدُّخَانِ الْمَحْسُوسِ بِالْبَصَرِ وَبِالرَّائِحَةِ ضِدُّهُ وَإِنْ كَانَ الْكُلُّ دُخَانًا خَفِيفًا وَعَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي أَنَّ الدُّخَانَ يَحْصُلُ ضَرَرُهُ بِغَيْرِ الشَّمِّ كَتَسْوِيدِ الثِّيَابِ وَالْحِيطَانِ وَنَحْوِ ذَلِكَ.

(ص) وَأَنْدَرَ قِبَلَ بَيْتٍ (ش) الْأَنْدَرُ هُوَ الْجَرِينُ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ جَعَلَ أَنْدَرَهُ قِبَلَ بَيْتِ شَخْصٍ أَوْ حَانُوتِهِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُمْنَعُ لِأَنَّهُ يَتَضَرَّرُ بِتِبْنِ التَّذْرِيَةِ وَقِبَلَ بِكَسْرِ الْقَافِ وَفَتْحِ الْبَاءِ أَيْ تُجَاهَ ثُمَّ إنَّ الْمُؤَلِّفَ لَوْ حَذَفَ قَوْلَهُ قِبَلَ بَيْتٍ لَسَلِمَ مِمَّا أُورِدَ عَلَيْهِ مِنْ أَنَّ مَنْعَهُ لَا يَتَقَيَّدُ بِكَوْنِهِ فِي مُقَابَلَةٍ لِبَيْتٍ بَلْ بِحُصُولِ الضَّرَرِ وَأَمَّا الْغَسَّالُ وَالضَّرَّابُ يُؤْذِي وَقْعُ ضَرْبِهِمَا لَا يُمْنَعَانِ مِنْ ذَلِكَ ابْنُ حَبِيبٍ وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَنْفُضَ حُصْرَهُ أَوْ غَيْرَهَا عَلَى بَابِ دَارِهِ وَهُوَ يَضُرُّ غُبَارُهُ بِمَنْ يَمُرُّ بِالطَّرِيقِ يُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ وَلَا حُجَّةَ لَهُ أَنْ يَقُولَ إنَّمَا فَعَلْته عَلَى بَابِ دَارِي.

(ص) وَمُضِرٍّ بِجِدَارٍ وَإِصْطَبْلٍ أَوْ حَانُوتٍ قُبَالَةَ بَابٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ يُقْضَى بِمَنْعِهَا فَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُحْدِثَ شَيْئًا يَضُرُّ بِجِدَارِ جَارِهِ مِنْ هَدْمِهِ أَوْ وَهَنِهِ كَحَفْرِ بِئْرٍ أَوْ رَحًى فَإِنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ أَوْ أَرَادَ أَنْ يُحْدِثَ إصْطَبْلًا لِخَيْلِهِ أَوْ حَانُوتًا لِبَيْعٍ أَوْ غَيْرِهِ قُبَالَةَ بَابِ شَخْصٍ فَإِنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْهُ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَى

ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ يُشْرِفُ مِنْهَا عَلَى جَارِهِ) أَيْ بِحَيْثُ يَتَبَيَّنُ لِلرَّائِي مِنْهَا الْوُجُوهُ فَإِنْ لَمْ تَظْهَرْ الْوُجُوهُ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ ضَرَرًا وَيَنْخَرِطُ فِي سَلْكِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مَنْ بَنَى مَسْجِدًا أَشْرَفَ سَطْحُهُ عَلَى دَارِ أَشْخَاصٍ فَإِنَّ بَانِيَهُ يُجْبَرُ أَنْ يَسْتُرَ عَلَى سَطْحِهِ وَيَمْنَعُ النَّاسَ مِنْ الصَّلَاةِ فِيهِ حَتَّى يُتِمَّ السِّتْرَ وَكَذَلِكَ مَنْ بَنَى صَوْمَعَةً تَكْشِفُ الْجِيرَانَ لَهُمْ مَنْعُهَا قَالَهُ أَشْهَبُ (قَوْلُهُ إذَا أُرِيدَ سَدٌّ خَلْفَهَا) أَيْ كَائِنٌ فِي خَلْفِهَا (قَوْلُهُ وَتُقْلَعُ إلَخْ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا يَكْتَفِي بِسَدِّ الْخَارِجِ وَالدَّاخِلِ فَقَطْ بَلْ يَسُدُّ أَيْضًا مَا يَدُلُّ عَلَيْهَا كَوَاجِهَةٍ وَخَشَبَةٍ وَعَتَبَةٍ لِئَلَّا يَطُولَ الزَّمَانُ فَيُرِيدُ مَنْ أَحْدَثَهَا أَوْ غَيْرُهُ إعَادَتَهَا (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ بِالْخَلْفِ) اُنْظُرْ مِنْ أَيْنَ ذَلِكَ إذْ يُمْكِنُ أَنَّهُ أَرَادَ بِالْخَلْفِ الْخَارِجَ بِاعْتِبَارِ الدَّاخِلِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْخَلْفِ بِالنِّسْبَةِ لِلْخَارِجِ) أَيْ الْخَارِجِ مِنْ الْكَوَّةِ إلَى جِهَةِ الْخَارِجِ وَقَوْلُهُ بَعْدَ مُتَعَلِّقٌ بِيُقَالُ أَيْ لَا يُقَالُ بَعْدَ ذَلِكَ الِاعْتِبَارُ لِلْخَارِجِ خَلْفٌ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ إلَخْ (قَوْلُهُ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ) أَيْ أَنَّ قَضِيَّةَ الْمُؤَلِّفِ أَنَّ الْخَلْفَ مَا كَانَ خَارِجًا وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْفَتْحَ إنَّمَا هُوَ مِنْ دَاخِلٍ فَذِكْرُ الْخَلْفِ مَعَهُ يُؤْذِنُ بِأَنَّهُ جِهَةُ الْخَارِجِ.

(قَوْلُهُ دُخَانٍ كَحَمَّامٍ) يَجُوزُ قِرَاءَتُهُ بِالْإِضَافَةِ أَيْ إضَافَةِ دُخَانٍ لِحَمَّامٍ وَبِالتَّنْوِينِ وَفِي الْكَلَامِ حَذْفُ مُضَافٍ وَالتَّقْدِيرُ بِمَنْعِ ذِي دُخَانٍ وَذِي رَائِحَةٍ (قَوْلُهُ وَالْمَسْمَطُ) اسْمٌ لِمَكَانِ إصْلَاحِ الْإِسْقَاطِ وَإِزَالَةِ مَا فِيهَا مِنْ الْفَضَلَاتِ (قَوْلُهُ وَالْمَصْلَقُ) يُحْمَلُ عَلَى مَصْلَقٍ لَهُ رَائِحَةٌ خَبِيثَةٌ وَإِلَّا فَمَصْلَقُ الْفُولِ وَالتُّرْمُسِ لَا رَائِحَةَ خَبِيثَةٌ لَهُ (قَوْلُهُ الْخَيَاشِيمَ) جَمْعُ خَيْشُومٍ وَهُوَ أَقْصَى الْأَنْفِ (قَوْلُهُ الْأَمْعَاءِ) أَيْ الْمَصَارِينِ (قَوْلُهُ وَالْكُلُّ دُخَانٌ) أَقُولُ كَوْنُ الْكُلِّ دُخَانًا يَتَوَقَّفُ عَلَى نَقْلٍ (قَوْلُهُ وَالْكُلُّ مَشْمُومٌ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَالْكُلُّ رَائِحَةٌ (قَوْلُهُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ) أَيْ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا وَالْأَوْلَى الْوَجْهُ الْأَوَّلُ وَهُوَ أَنَّ الْكُلَّ دُخَانٌ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَعَلَى الثَّانِي (قَوْلُهُ وَبِالرَّائِحَةِ ضِدَّهُ) أَيْ الْمَحْسُوسَ بِحَاسَّةِ الشَّمِّ (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ الْكُلُّ دُخَانًا خَفِيفًا) لَا تَظْهَرُ الْخِفَّةُ فِيمَا يُدْرِكُهُ بِحَاسَّةِ الْبَصَرِ فَالْأَوْلَى أَنْ يَحْذِفَ قَوْلَهُ خَفِيفًا وَتَقَدَّمَ أَنَّ مَا يُدْرَكُ بِحَاسَّةِ الشَّمِّ كَوْنُهُ يُسَمَّى دُخَانًا يَتَوَقَّفُ عَلَى نَقْلٍ (قَوْلُهُ أَنَّ الدُّخَانَ يَحْصُلُ إلَخْ) أَيْ وَالرَّائِحَةُ مَا يَحْصُلُ ضَرَرُهُ بِالشَّمِّ أَقُولُ وَلَوْ حَذَفَ قَوْلَهُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ وَقَوْلُهُ وَعَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي وَقَالَ قُلْت الْفَرْقُ مِنْ وَجْهَيْنِ الْأَوَّلِ عَنَى بِالدُّخَانِ مَا يُدْرَكُ بِحَاسَّةِ الْبَصَرِ وَبِالرَّائِحَةِ مَا يُدْرَكُ بِحَاسَّةِ الشَّمِّ الثَّانِي أَنَّهُ عَنَى بِالدُّخَانِ مَا يَحْصُلُ ضَرَرُهُ بِغَيْرِ الشَّمِّ كَتَسْوِيدِ الثِّيَابِ بِالرَّائِحَةِ مَا يَحْصُلُ ضَرَرُهُ بِالشَّمِّ كَرَائِحَةِ الْجِيفَةِ لَكَانَ أَحْسَنَ لِيُفِيدَ أَنَّ الْفَرْقَيْنِ مُتَعَلِّقَانِ بِكُلٍّ مِنْ الْأَمْرَيْنِ فَتَدَبَّرْ.

(قَوْلُهُ وَأَنْدَرَ إلَخْ) فِي شَرْحِ شب وَالظَّاهِرُ أَنَّ (أَنْدَرَ) مَصْرُوفٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِعَلَمٍ وَلَا صِفَةٍ وَإِنَّمَا هُوَ اسْمُ جِنْسٍ فَلَيْسَ فِيهِ مِنْ مَوَانِعِ الصَّرْفِ إلَّا الْوَزْنُ وَهُوَ غَيْرُ مُسْتَقِلٍّ بِالْمَنْعِ (قَوْلُهُ بَلْ بِحُصُولِ الضَّرَرِ) فِيهِ شَيْءٌ وَذَلِكَ أَنَّ الْجَرِينَ إذَا كَانَ مِنْ أَيِّ نَاحِيَةٍ مِنْ الْبَيْتِ يُقَالُ لَهُ قِبَلَ (قَوْلُهُ وَالضَّرَّابُ) عَطْفُهُ عَلَى مَا قَبْلَهُ عَطْفُ عَامٍّ عَلَى خَاصٍّ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ يُؤْذِي وَقْعُ ضَرْبِهِمَا فَيَنْفَرِدُ الضَّرَّابُ فِي الَّذِي يَدُقُّ الثِّيَابَ مَثَلًا وَالْحَدَّادُ وَالنَّحَّاسُ.

(قَوْلُهُ وَإِصْطَبْلٍ) بِقَطْعِ الْهَمْزَةِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْأَسْمَاءِ الْمَبْدُوءَةِ بِهَمْزَةِ الْوَصْلِ وَلَوْ حَذَفَ قَوْلَهُ وَإِصْطَبْلٍ مَا ضَرَّ لِأَنَّهُ بِاعْتِبَارِ رَائِحَتِهِ دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ وَرَائِحَةٍ إلَخْ وَبِاعْتِبَارِ مَضَرَّةِ الْجِيرَانِ دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ وَمُضِرٍّ بِجِدَارٍ وَبِاعْتِبَارِ مُجَرَّدِ الضَّرَرِ مَلْغِيٌّ لِقَوْلِهِ وَصَوْتٍ كَكَمَدٍ وَهَذَا كُلُّهُ مِنْ حَيْثُ مُرَاعَاةُ الِاخْتِصَارِ فَلَا يَرِدُ أَنْ يُقَالَ هَذِهِ مَسَائِلُ مَنْصُوصٌ عَلَيْهَا فَأَرَادَ أَنْ يُنَبِّهَ عَلَيْهَا كَمَا هِيَ (قَوْلُهُ أَنْ يُحْدِثَ شَيْئًا) أَيْ وَلَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِ ذَلِكَ بِالْبَيِّنَةِ فَإِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ بِهَا يُقْضَى بِهَدِّهِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015