الْحُكْمِ وَحَوَالَةُ الْأَسْوَاقِ بَعْدَ ذَلِكَ بِزِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ لَغْوٌ، وَخَرَجَ بِالْمَالِيَّةِ النِّكَاحُ، وَالْخُلْعُ وَصُلْحُ الْقِصَاصِ فَيُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ كَمَنْعِ التَّبَرُّعَاتِ
(ص) وَوُقِفَ تَبَرُّعُهُ إلَّا لِمَالٍ مَأْمُونٍ وَهُوَ الْعَقَارُ فَإِنْ مَاتَ فَمِنْ الثُّلُثِ، وَإِلَّا مَضَى (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَرِيضَ مَرَضًا مَخُوفًا إذَا تَبَرَّعَ فِي مَرَضِهِ بِشَيْءٍ مِنْ مَالِهِ بِأَنْ أَعْتَقَ، أَوْ تَصَدَّقَ، أَوْ وَقَفَ فَإِنَّ ذَلِكَ يُوقَفُ حَتَّى يُقَوَّمَ فِي ثُلُثِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ إنْ وَسِعَهُ، أَوْ مَا وَسِعَ مِنْهُ وَإِنْ لَمْ يَمُتْ بِأَنْ صَحَّ مَضَى جَمِيعُ تَبَرُّعِهِ وَهَذَا إذَا كَانَ مَالُهُ غَيْرَ مَأْمُونٍ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ مَالُهُ مَأْمُونًا وَهُوَ الْأَرْضُ وَمَا اتَّصَلَ بِهَا مِنْ بِنَاءٍ، أَوْ شَجَرٍ فَإِنَّ مَا بَتَلَهُ مِنْ عِتْقٍ أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ وَمَا أَشْبَهَهُ لَا يُوقَفُ وَيَنْفُذُ مَا حَمَلَهُ ثُلُثُهُ عَاجِلًا (تَنْبِيهٌ) : لَيْسَ مِنْ تَبَرُّعِهِ الَّذِي فِيهِ التَّفْصِيلُ الْوَصِيَّةُ؛ لِأَنَّهَا تُوقَفُ وَلَوْ كَانَ لَهُ مَالٌ مَأْمُونٌ؛ لِأَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ فِيهَا، وَقَوْلُهُ: وَإِلَّا مَضَى، وَلَا رُجُوعَ لَهُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ بَتَلَهُ وَلَمْ يَجْعَلْهُ وَصِيَّةً وَإِنَّمَا كَانَ يُخْرَجُ مِنْ الثُّلُثِ إنْ مَاتَ؛ لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ صَنَعَهُ فِي مَرَضِهِ.
وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى السَّبَبِ الْخَامِسِ أَعْقَبَهُ بِالْكَلَامِ عَلَى السَّادِسِ وَهُوَ حَجْرُ الزَّوْجِيَّةِ لِلتَّشَارُكِ بَيْنَهُمَا فِي اخْتِصَاصِ الْحَجْرِ فِيهِمَا بِمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ مِنْ أَنْوَاعِ التَّبَرُّعَاتِ وَفِي أَنَّ الْحَجْرَ فِيهِمَا لِحَقِّ الْغَيْرِ فَقَالَ
(ص) وَعَلَى الزَّوْجَةِ لِزَوْجِهَا وَلَوْ عَبْدًا فِي تَبَرُّعٍ زَادَ عَلَى ثُلُثِهَا وَإِنْ بِكَفَالَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَةَ الْحُرَّةَ الرَّشِيدَةَ الَّتِي فِي الْعِصْمَةِ لَا الرَّجْعِيَّةِ يَحْجُرُ عَلَيْهَا زَوْجُهَا وَلَوْ عَبْدًا فِي تَبَرُّعٍ زَادَ عَلَى ثُلُثِهَا وَكَذَا فِي الْكَفَالَةِ بِزَائِدٍ عَلَى ثُلُثِهَا، وَسَوَاءٌ تَكَفَّلَتْ بِمُوسِرٍ، أَوْ مُعْسِرٍ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ إلَّا أَنْ تَتَكَفَّلَ لِزَوْجِهَا فَلَوْ قَالَتْ أَكْرَهَنِي لَمْ تُصَدَّقْ وَإِذَا كَانَ الزَّوْجُ سَفِيهًا الْكَلَامُ لِوَلِيِّهِ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ فِي تَبَرُّعٍ عَنْ الْوَاجِبَاتِ عَلَيْهَا مِنْ نَفَقَةِ أَبَوَيْهَا فَلَا يُحْجَرُ عَلَيْهَا فِيهَا كَمَا لَوْ تَبَرَّعَتْ بِالثُّلُثِ فَأَقَلَّ وَلَوْ قَصَدَتْ الضَّرَرَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَصْبَغَ وَلَوْ ثُلُثَ عَبْدٍ لَا تَمْلِكُ غَيْرَهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِعَبْدِ الْمَلِكِ وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ لِزَوْجِهَا أَنَّهُ لَا يُحْجَرُ عَلَيْهَا لِأَبِيهَا وَنَحْوِهِ وَبِعِبَارَةٍ، وَسَوَاءٌ كَانَتْ الْكَفَالَةُ بِالْمَالِ، أَوْ بِالْوَجْهِ؛ لِأَنَّهَا مِنْ قَبِيلِ الْعَطِيَّةِ وَلِأَنَّهَا تُؤَدِّي إلَى الْخُرُوجِ، وَالزَّوْجُ يَتَضَرَّرُ بِذَلِكَ وَقَدْ تُحْبَسُ، وَأَمَّا كَفَالَتُهَا لِزَوْجِهَا فَلَا ذِمَّةَ لَهَا، وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا أَنَّهُ أَكْرَهَهَا عَلَى ذَلِكَ وَسَيَأْتِي فِي بَابِ الضَّمَانِ أَنَّ ضَمَانَهَا
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالصَّدَقَةِ وَمَا فِيهِ مُعَاوَضَةٌ إلَّا أَنَّهَا غَيْرُ مَالِيَّةٍ كَالنِّكَاحِ (قَوْلُهُ: النِّكَاحُ) ، أَيْ: كَكَوْنِ الذَّكَرِ يَتَزَوَّجُ وَقَوْلُهُ، وَالْخُلْعُ كَأَنْ تُخَالِعَ الْمَرْأَةُ الْمَرِيضَةُ زَوْجَهَا، وَقَوْلُهُ: وَصُلْحُ الْقِصَاصِ، أَيْ: كَأَنْ يُصَالِحَ الْجَانِي فِي الْمَرَضِ بِشَيْءٍ مِنْ الدِّيَةِ.
(تَنْبِيهٌ) : كَلَامُ اللَّخْمِيِّ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْحَجْرِ عَلَيْهِ فِيمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ فِي هَذِهِ الْأُمُورِ وَلَوْ أَعْقَبَهَا الْمَوْتُ، أَوْ زَادَتْ عَلَيْهِ بَعْدَ التَّبَرُّعِ وَكَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ يُفِيدُ أَنَّ غَيْرَ الْمَخُوفِ إذَا أَعْقَبَهُ الْمَوْتُ يَصِيرُ مَخُوفًا (قَوْلُهُ: وَصُلْحُ الْقِصَاصِ) ، أَيْ: صَالَحَ الْجَانِي فِي الْمَرَضِ عَلَى شَيْءٍ مِنْ الْمَالِ لِيَنْدَفِعَ بِهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْعَقَارُ) فَلَا يُوقَفُ بَلْ يَنْفُذُ الْآنَ حَيْثُ حَمَّلَهُ الثُّلُثَ فَيَأْخُذُهُ الْمُتَبَرَّعُ لَهُ فَإِنْ حَمَلَ بَعْضَهُ نَفَذَ ذَلِكَ الْبَعْضُ عَاجِلًا.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ مَاتَ إلَخْ) رَاجِعٌ لِمَا قَبْلَ إلَّا وَمَا بَعْدَهَا (قَوْلُهُ: حَتَّى يُقَوَّمَ فِي ثُلُثِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ) ، أَيْ: فَيُعْتَبَرُ الثُّلُثُ يَوْمَ التَّنْفِيذِ بَعْدَ الْمَوْتِ بِخِلَافِ الزَّوْجَةِ فَالْمُعْتَبَرُ يَوْمُ الْفِعْلِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّ مَا بَتَلَهُ إلَخْ) هُوَ نَافِذٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ؛ لِأَنَّهُ لَا رُجُوعَ لَهُ فِيهِ سَوَاءٌ مَاتَ، أَوْ صَحَّ، لَكِنْ إنْ مَاتَ يُقْتَصَرُ عَلَيْهِ وَإِنْ صَحَّ يَنْفُذُ جَمِيعُ مَا تَبَرَّعَ بِهِ، وَلَا يُقْتَصَرُ عَلَى الثُّلُثِ.
[حَجْرُ الزَّوْجِيَّةِ]
(قَوْلُهُ: وَلَوْ عَبْدًا) ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْ مَالِهَا التَّجَمُّلُ وَذَلِكَ لَهُ دُونَ سَيِّدِهِ، وَأَمَّا السَّفِيهُ فَإِنَّمَا كَانَ الْكَلَامُ لِوَلِيِّهِ؛ لِأَنَّهَا تَمُوتُ فَيَرِثُهَا بِخِلَافِ الْعَبْدِ وَكَوْنُهُ يَعْتِقُ نَادِرٌ فَإِرْثُ السَّفِيهِ مُتَوَقِّفٌ عَلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ وَهُوَ مَوْتُهَا بِخِلَافِ الْعَبْدِ فَأَمْرَانِ عِتْقُهُ وَمَوْتُهَا (قَوْلُهُ: يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَةَ الْحُرَّةَ الرَّشِيدَةَ) فَإِنْ لَمْ تَكُنْ كَذَلِكَ فَالْحَجْرُ لِلْوَلِيِّ وَلَوْ فِي دُونِ الثُّلُثِ، وَالْحَجْرُ لِلزَّوْجِ أَيْضًا فِي الثُّلُثِ وَيُقَدَّمُ عِنْدَ الِاخْتِلَافِ فِي الرَّدِّ، وَالْإِجَازَةِ الْوَلِيُّ عَلَى الزَّوْجِ قَالَهُ الْبَدْرُ عَنْ الْجِيزِيِّ (قَوْلُهُ: يَحْجُرُ عَلَيْهَا زَوْجُهَا وَلَوْ عَبْدًا) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّ الْحَاجِرَ هُوَ الزَّوْجُ وَاعْتَرَضَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ بِأَنَّ الْمُنَاسِبَ أَنْ يَقُولَ وَحَجَرَ الشَّرْعُ عَلَى الزَّوْجَةِ لِزَوْجِهَا لَا الرَّجْعِيَّةِ، ثُمَّ أَقُولُ وَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ الزَّوْجَةَ الْمُطَلَّقَةَ طَلَاقًا رَجْعِيًّا لَا يَحْجُرُ عَلَيْهَا زَوْجُهَا وَكَذَلِكَ فِي شَرْحِ شب مَعَ أَنَّ شَارِحَنَا قَالَ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ حَتَّى تَأَيَّمَتْ، أَيْ: طَلُقَتْ طَلَاقًا بَائِنًا فَهَذَا يَقْضِي بِأَنَّ لَهُ الْحَجْرَ عَلَى الرَّجْعِيَّةِ فَلَا يَخْرُجُ إلَّا الْبَائِنُ وَقَالَ شب أَيْضًا فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ حَتَّى تَأَيَّمَتْ بِطَلَاقٍ بَائِنٍ، أَوْ رَجْعِيٍّ وَانْقَضَتْ الْعِدَّةُ فَإِنْ كَانَتْ الْعِدَّةُ بَاقِيَةً فَهِيَ زَوْجَةٌ اهـ فَقَدْ تَنَاقَضَ كَلَامُهُمَا فَالْمُنَاسِبُ لِمَا تَقَدَّمَ لَهُمَا أَنْ يَقُولَا حَتَّى تَأَيَّمَتْ بِطَلَاقٍ بَائِنٍ، أَوْ رَجْعِيٍّ، وَالْحَاصِلُ أَنَّك قَدْ عَلِمْت تَنَاقُضَ كَلَامِ شَارِحِنَا وَشب، وَأَمَّا غَيْرُ شَارِحِنَا وَشب فَلَمْ يَتَنَاقَضْ كَلَامُهُ أَمَّا الشَّيْخُ أَحْمَدُ فَقَدْ حُمِلَ قَوْلُهُ وَعَلَى الزَّوْجَةِ، أَيْ: مَنْ كَانَتْ فِي الْعِصْمَةِ، وَالْمُطَلَّقَةُ طَلَاقًا رَجْعِيًّا وَلَمْ يَتَكَلَّمْ عَلَى قَوْلِهِ حَتَّى تَأَيَّمَتْ بِشَيْءٍ، وَأَمَّا اللَّقَانِيِّ فَقَدْ تَوَافَقَ كَلَامُهُ؛ لِأَنَّهُ أَفَادَ أَوَّلًا أَنَّ الرَّجْعِيَّةَ لَيْسَتْ كَالزَّوْجَةِ وَأَفَادَ فِي قَوْلِهِ حَتَّى تَأَيَّمَتْ الْعُمُومَ حَيْثُ قَالَ بِطَلَاقٍ بَائِنٍ، أَوْ رَجْعِيٍّ فَإِنْ قُلْت: قَدْ عَرَفْنَا ذَلِكَ فَمَا الَّذِي يُرْجَعُ إلَيْهِ وَيُعَوَّلُ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ قُلْت: مَا وَرَدَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ أَنَّهُ قَالَ فِي خُطْبَتِهِ لَا يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ عَطِيَّةٌ إلَّا بِإِذْنِ زَوْجِهَا وَظَاهِرُهُ الشُّمُولُ لِمَنْ كَانَتْ فِي الْعِصْمَةِ، وَالْمُطَلَّقَةِ طَلَاقًا رَجْعِيًّا؛ لِأَنَّ عِصْمَتَهَا بِيَدِهِ وَلِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَالرَّجْعِيَّةُ كَالزَّوْجَةِ إلَخْ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ تَتَكَفَّلَ لِزَوْجِهَا) ، أَيْ: فَلَا رَدَّ فِيمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْجُرُ عَلَى نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَصَدَتْ الضَّرَرَ) وَمُقَابِلُهُ يُرَدُّ الثُّلُثُ إنْ قَصَدَتْ بِهِ الضَّرَرَ وَاخْتَارَهُ ابْنُ حَبِيبٍ.
(قَوْلُهُ: عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ) وَمُقَابِلُهُ لَا يَرُدُّهَا فِي كَفَالَةٍ أَزْيَدَ مِنْ الثُّلُثِ حَيْثُ كَانَ الْمُكْفِلُ مُوسِرًا (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهَا تُؤَدِّي لِلْخُرُوجِ إلَخْ) هَذِهِ الْعِلَّةُ تَقْتَضِي الْمَنْعَ وَلَوْ فِي الثُّلُثِ فَيُنَاسِبُ الْوَجْهَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ الْمُشَارِ لَهُ فِي آخِرِ الْعِبَارَةِ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا كَفَالَتُهَا لِزَوْجِهَا) ، أَيْ: بِحَيْثُ يَكُونُ مَضْمُونًا، أَيْ: فِي الزَّائِدِ عَلَى الثُّلُثِ (قَوْلُهُ: وَسَيَأْتِي) ، أَيْ: لَكِنْ سَيَأْتِي بِحَجْرِهَا عَنْ كَفَالَتِهَا لَهُ وَلَوْ فِي الثُّلُثِ