ذِمَّتُهُ اتِّفَاقًا اللَّخْمِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَضْمَنَ الْأَقَلَّ مِنْهُ، أَوْ مِمَّا صِينَ بِهِ مَالُهُ.
وَلَمَّا كَانَ الْحَجْرُ عَلَيْهِ فِي حَيَاتِهِ لِحَقِّ نَفْسِهِ وَكَانَتْ الْوَصِيَّةُ فِي مَالِهِ بِخِلَافِ ذَلِكَ فَهِيَ جَائِزَةٌ، وَلَا حَجْرَ عَلَيْهِ فِيهَا؛ لِأَنَّهَا خَارِجَةٌ مِنْ ثُلُثِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ فَسَاوَى فِيهَا الْبَالِغَ أَشَارَ إلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ
(ص) وَصَحَّتْ وَصِيَّتُهُ (ش) ، أَيْ: وَصَحَّتْ وَصِيَّةُ الصَّغِيرِ الْمُمَيِّزِ، أَيْ: وَجَازَتْ أَيْضًا وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى الصِّحَّةِ لِأَجْلِ الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ، وَقَوْلُهُ:
(ص) كَالسَّفِيهِ (ش) تَشْبِيهٌ فِيمَا قَبْلَهُ فَقَطْ وَهُوَ صِحَّةُ وَصِيَّتِهِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ تَشْبِيهًا تَامًّا فِي الْأَحْكَامِ السَّابِقَةِ مِنْ قَوْلِهِ وَلِلْوَلِيِّ رَدُّ تَصَرُّفِ مُمَيِّزٍ إلَى هُنَا إنْ أَرَادَ بِالْمُمَيِّزِ الصَّبِيَّ، أَيْ: وَلِلْوَلِيِّ رَدُّ تَصَرُّفِ السَّفِيهِ وَلَهُ إنْ رَشَدَ إلَخْ وَهَذَا أَوْلَى، وَأَمَّا قَوْلُهُ
(ص) إنْ لَمْ يَخْلِطْ (ش) فَهُوَ شَرْطٌ فِي الْمُمَيِّزِ، وَالسَّفِيهِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ صِحَّةَ الْوَصِيَّةِ مِنْهُمَا مَا لَمْ يَحْصُلْ تَخْلِيطٌ أَمَّا إنْ حَصَلَ فَإِنَّ وَصِيَّتَهُمَا لَا تَصِحُّ وَفَسَّرَ اللَّخْمِيُّ التَّخْلِيطَ بِالْإِيصَاءِ بِمَا لَيْسَ قُرْبَةً وَأَبُو عِمْرَانَ بِأَنْ لَا يَعْرِفَ مَا ابْتَدَأَ بِهِ وَقَدْ أَشَارَ إلَى هَذَا الْمُؤَلِّفِ فِي بَابِ الْوَصِيَّةِ بِقَوْلِهِ وَهَلْ إنْ لَمْ يَتَنَاقَضْ، أَوْ إنْ أَوْصَى بِقُرْبَةٍ تَأْوِيلَانِ
(ص) إلَى حِفْظِ مَالِ ذِي الْأَبِ بَعْدَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْحَجْرَ لَا يَزَالُ مُنْسَحِبًا عَلَى الصَّبِيِّ إلَى بُلُوغِهِ رَشِيدًا وَهُوَ الْمُرَادُ بِحِفْظِ الْمَالِ وَمَعْنَاهُ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ بُلُوغِهِ حَسَنَ التَّصَرُّفِ وَحِينَئِذٍ يَنْفَكُّ عَنْهُ حَجْرُ أَبِيهِ وَلَوْ لَمْ يَفُكَّهُ أَبُوهُ عَنْهُ بِخِلَافِ الْوَصِيِّ وَمُقَدَّمِ الْقَاضِي فَإِنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَفُكَّا عَنْهُ الْحَجْرَ بَعْدَ بُلُوغِهِ رَشِيدًا وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ (ص) وَفَكُّ وَصِيٍّ، أَوْ مُقَدَّمٍ (ش) ، أَيْ: مَنْ قَدَّمَهُ الْقَاضِي، أَيْ: مَعَ حِفْظِ مَالِهِ، وَلَا يَحْتَاجُ الْأَمْرُ فِي فَكِّهِمَا الْحَجْرَ عَنْهُ إلَى إذْنِ الْقَاضِي وَإِنَّمَا كَانَ الْوَصِيُّ هُنَا أَقْوَى مِنْ الْأَبِ وَهُوَ فَرْعُهُ؛ لِأَنَّ الْأَبَ لَمَّا أَدْخَلَ الِابْنَ فِي وِلَايَةِ الْوَصِيِّ صَارَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ حَجَر عَلَيْهِ، أَيْ: بَعْدَ بُلُوغِهِ رَشِيدًا وَهُوَ إذَا حَجَرَ عَلَيْهِ لَمْ يَخْرُجْ إلَّا بِإِطْلَاقِهِ وَلَوْ مَاتَ الْوَصِيُّ قَبْلَ الْفَكِّ تَصِيرُ أَفْعَالُهُ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى الْحَجْرِ، وَلَا بُدَّ مِنْ فَكِّ الْحَاكِمِ، وَلَا يُقَالُ صَارَ مُهْمَلًا، وَلَا يَتَأَتَّى الْخِلَافُ الْآتِي بَيْنَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمَالِكٍ؛ لِأَنَّهُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ وَفِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ مِنْ قَوْلِهِ مِنْ قَوْلِهِ إلَى حِفْظِ مَالِ ذِي الْأَبِ إلَخْ إشْعَارٌ بِأَنَّ الْيَتِيمَ الْمُهْمَلَ يَخْرُجُ مِنْ الْحَجْرِ بِالْبُلُوغِ
(ص) إلَّا كَدِرْهَمٍ لِعَيْشِهِ (ش) هَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِ وَلِلْوَلِيِّ رَدُّ تَصَرُّفِ مُمَيِّزٍ يَعْنِي أَنَّ الْوَلِيَّ لَهُ أَنْ يَحْجُرَ عَلَى الصَّغِيرِ، وَالسَّفِيهِ وَيَرُدَّ تَصَرُّفَ كُلٍّ إذَا كَانَ ذَلِكَ فِي شَيْءٍ لَهُ قَدْرٌ وَبَالٌ، وَأَمَّا الشَّيْءُ التَّافِهُ مِثْلُ دِرْهَمٍ يَشْتَرِي بِهِ شَيْئًا يَأْكُلُهُ كَالْخُبْزِ، وَالْبَقْلِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَإِنَّ وَلِيَّهُ لَا يَحْجُرُ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ، وَأَمَّا زَوْجَةُ الْمَحْجُورِ فَهِيَ الَّتِي تَقْبِضُ نَفَقَتَهَا وَأَخَذَ ابْنُ الْهِنْدِيِّ مِنْ قَوْلِهِ مِثْلُ الدِّرْهَمِ يَبْتَاعُ بِهِ لَحْمًا أَنَّ الْوَصِيَّ لَا يَدْفَعُ لَهُ غَيْرَ نَفَقَتِهِ.
وَقَالَ ابْنُ الْعَطَّارِ يَدْفَعُ لَهُ نَفَقَتَهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQلَوْ أُمِنَ صَرْفُهُ فِيمَا لَهُ غِنًى عَنْهُ فَلَا يَكُونُ ضَامِنًا (قَوْلُهُ: اللَّخْمِيُّ إلَخْ) كَلَامُ اللَّخْمِيِّ مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِهِ وَإِنْ أُمِنَ ضَمِنَ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ وَظَهَرَ مِنْ ذَلِكَ التَّقْرِيرِ أَنَّ الْحُكْمَ فِي الْعِبَارَةِ الثَّانِيَةِ مُخَالِفٌ لِلْحُكْمِ فِي الْعِبَارَةِ الْأُولَى وَهِيَ لَعَجَّ، وَالثَّانِيَةُ هِيَ الَّتِي يُفِيدُهَا النَّقْلُ (قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَضْمَنَ الْأَقَلَّ إلَخْ) فَإِذَا كَانَ يَتَغَذَّى بِنِصْفِ فِضَّةٍ كُلَّ يَوْمٍ وَكَانَ مَا أَفْسَدَهُ يُسَاوِي نِصْفَيْنِ فَلَا يَضْمَنُ إلَّا نِصْفًا فَقَطْ فَإِذَا كَانَ مَا يَتَغَذَّى بِهِ يُسَاوِي نِصْفَيْنِ وَمَا أَتْلَفَهُ يُسَاوِي نِصْفًا فَيَضْمَنُ نِصْفًا فَقَطْ.
[وَصِيَّةُ الصَّغِيرِ الْمُمَيِّزِ]
(قَوْلُهُ: وَهَذَا أَوْلَى) ، أَيْ: لِعُمُومِهِ وَشُمُولِهِ لِجَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ أَمَّا عَلَى الِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ فَلَيْسَ كَذَلِكَ وَقَدْ يُقَالُ إنَّهُ عَلَى الِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ يُرَادُ بِالْمُمَيِّزِ مَا يَشْمَلُ السَّفِيهَ، وَالْأَحْكَامُ الْآتِيَةُ بَعْدُ جَارِيَةٌ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ إلَّا قَوْلَهُ وَصَحَّتْ وَصِيَّتُهُ فَقَاصِرٌ عَلَى الصَّبِيِّ بِقَرِينَةِ التَّشْبِيهِ فَمُؤَدَّى الِاحْتِمَالَيْنِ وَاحِدٌ وَيُمْكِنُ أَنْ تُوَجَّهَ الْأَوْلَوِيَّةُ بِجَعْلِ الْكَلَامِ عَلَى مَسَاقٍ وَاحِدٍ بِخِلَافِهِ عَلَى الِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ فَلَمْ يَكُنْ عَلَى مَسَاقٍ وَاحِدٍ كَمَا عُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: بِأَنْ لَا يَعْرِفَ مَا ابْتَدَأَ بِهِ) بِأَنْ يَقُولَ أَوْصَيْت بِدِينَارٍ لِزَيْدٍ، ثُمَّ يَقُولَ أَوْصَيْت لِزَيْدٍ بِدِينَارَيْنِ وَهَكَذَا فَالْمُرَادُ بِعَدَمِ الْمَعْرِفَةِ التَّنَاقُضُ (قَوْلُهُ: إلَى حِفْظِ مَالِ ذِي الْأَبِ) بِأَنْ لَا يَصْرِفَهُ فِي لَذَّاتِهِ وَلَوْ مُبَاحَةً وَإِنْ لَمْ تَجُزْ شَهَادَتُهُ، ثُمَّ إنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ فِي الْمُصَنِّفِ شَيْئًا وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ مِنْهُ الْحَافِظُ لِمَالِ ذِي الْأَبِ فَلَوْ قَالَ إلَى حِفْظِ ذِي الْأَبِ مَالَهُ لَكَانَ أَوْلَى وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمَصْدَرَ مُضَافٌ لِلْمَفْعُولِ، وَالتَّقْدِيرُ إلَى حِفْظِ ذِي الْأَبِ مَالَهُ، وَلَكِنْ لَمَّا حَذَفَ الْفَاعِلَ هُنَا احْتَاجَ لِلْإِظْهَارِ فِيمَا بَعْدُ حَيْثُ قَالَ ذِي الْأَبِ، وَقَوْلُهُ: وَفَكُّ وَصِيٍّ، أَوْ مُقَدَّمٍ، أَيْ: بَعْدَهُ فَحَذَفَ لَفْظَ بَعْدَهُ مِنْ هُنَا لِدَلَالَةِ الْأَوَّلِ عَلَيْهِ وَصِفَةُ إطْلَاقِ الْحَجْرِ مِنْ الْوَصِيِّ أَنْ يَقُولَ أَشْهَدَ فُلَانٌ أَنَّهُ لَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ رُشْدُ يَتِيمِهِ فُلَانٍ أَطْلَقَهُ وَرُشْدُهُ وَمِلْكُهُ أَمْرَهُ فَإِنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ لَمْ يَزَلْ سَفِيهًا رُدَّ فِعْلُهُ وَعُزِلَ الْوَصِيُّ وَجُعِلَ غَيْرُهُ عَلَيْهِ، وَلَا يَضْمَنُ الْوَلِيُّ شَيْئًا مِمَّا أَتْلَفَهُ؛ لِأَنَّهُ فَعَلَهُ بِاجْتِهَادِهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ إذَا حُجِرَ عَلَيْهِ) حَاصِلُهُ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ أَنَّ الصَّبِيَّ مَتَى بَلَغَ رَشِيدًا خَرَجَ مِنْ حَجْرِ أَبِيهِ وَلَا يَحْتَاجُ لِفَكٍّ مَا لَمْ يَكُنْ أَبُوهُ حَجَرَ عَلَيْهِ قَبْلَ الرُّشْدِ وَأَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ وَهَذَا ظَاهِرٌ إذَا كَانَ بَعْدَ الْبُلُوغِ بَلْ وَظَاهِرُ التَّوْضِيحِ وَلَوْ قَبْلَهُ فَإِذَا مَا ذَكَرَ فَلَا يَخْرُجُ مِنْ الْحَجْرِ إلَّا بِالْفَكِّ، وَالْمُرَادُ بَلَغَ رَشِيدًا، أَيْ: تَحَقَّقَ ذَلِكَ فَإِنْ جُهِلَ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى السَّفَهِ فَالْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَهُ وَهُوَ إذَا حُجِرَ عَلَيْهِ، أَيْ: بَعْدَ الْبُلُوغِ أَيْ قَبْلَ أَنْ يُعْلَمَ حَالُهُ.
(قَوْلُهُ: يَخْرُجُ مِنْ الْحَجْرِ بِالْبُلُوغِ) هَذَا يَأْتِي عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ الَّذِي هُوَ مُعْتَمَدٌ وَتَأَمَّلْ فِي وَجْهِ الْإِشْعَارِ فَإِنَّهُ لَمْ يَظْهَرْ مَعَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ قَوْلَهُ، وَالصَّبِيُّ لِبُلُوغِهِ حَجْرُ النَّفْسِ (قَوْلُهُ: لِعَيْشِهِ) ، أَيْ: ضَرُورَاتِهِ وَمَصَالِحِهِ كَحِلَاقَةِ رَأْسِهِ وَغَسْلِ ثَوْبِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَقَوْلُهُ: لِعَيْشِهِ، أَيْ: وَهُوَ يُحْسِنُ التَّصَرُّفَ فِيهِ، وَإِلَّا فَلَا يُدْفَعُ لَهُ وَقَالَ الزَّرْقَانِيُّ إنَّ الْمُرَادَ بِهِ الدِّرْهَمُ الشَّرْعِيُّ وَرُبَّمَا يُشْعِرُ بِذَلِكَ قَوْلُ الْمُدَوَّنَةِ يَشْتَرِي بِهِ لَحْمًا إذْ لَا يُشْتَرَى اللَّحْمُ بِدِرْهَمٍ مِنْ الْفُلُوسِ وَمَعْنَى كَلَامِهِ أَنَّ الدِّرْهَمَ إذَا دُفِعَ لَهُ أَوْ الدِّرْهَمَيْنِ إذَا دُفِعَا لَهُ مِنْ نَفَقَةٍ فَاشْتَرَى بِذَلِكَ شَيْئًا لِعَيْشِهِ فَإِنَّ فِعْلَهُ مَاضٍ، وَأَمَّا لَوْ بَاعَ مِنْ مَتَاعِهِ شَيْئًا لِعَيْشِهِ فَإِنَّ لِلْوَلِيِّ النَّظَرَ فِيهِ وَلَوْ قَلَّ كَذَا يَنْبَغِي وَانْظُرْ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَقَالَ ابْنُ الْعَطَّارِ إلَخْ) ، أَيْ: وَكَذَا يُدْفَعُ لَهُ نَفَقَةُ وَلَدِهِ، وَأَمَّا نَفَقَةُ زَوْجَتِهِ