وَعَلَيْهِ فَتَكُونُ الظَّرْفِيَّةُ مَجَازِيَّةً، أَوْ فِي بِمَعْنَى الْبَاءِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ التَّقْدِيرُ، وَلَا يُقَدَّمُ ذُو حَانُوتٍ فِيمَا بِهِ وَحِينَئِذٍ فَالظَّرْفِيَّةُ عَلَى حَقِيقَتِهَا.
(ص) وَرَادٍّ لِسِلْعَةٍ بِعَيْبٍ وَإِنْ أُخِذَتْ عَنْ دَيْنٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ اشْتَرَى سِلْعَةً بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ أَوْ أُخِذَتْ بَدَلَ دَيْنٍ، ثُمَّ اطَّلَعَ فِيهَا عَلَى عَيْبٍ يُوجِبُ الرَّدَّ فَرَدَّهَا فَلَمْ يَرُدَّ الْبَائِعُ ثَمَنَهَا حَتَّى فُلِّسَ، وَالسِّلْعَةُ قَائِمَةٌ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ أَحَقَّ بِهَا وَهُوَ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ يُحَاصِصُ مَعَهُمْ بِثَمَنِهَا، وَسَوَاءٌ عَلِمَ بِفَلَسِهِ أَمْ لَا وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ نَقْضٌ لِلْبَيْعِ مِنْ أَصْلِهِ، وَأَمَّا عَلَى أَنَّهُ ابْتِدَاءُ بَيْعٍ فَإِنَّهُ يَكُونُ أَحَقَّ بِهَا، وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا أَرَادَ بِالْفِعْلِ، وَأَمَّا لَوْ أَرَادَ الرَّدَّ فَوَجَدَهُ مُفَلَّسًا فَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَاخْتُلِفَ إنْ لَمْ يَرُدَّ حَتَّى فُلِّسَ الْبَائِعُ هَلْ هُوَ أَحَقُّ بِهِ فَيُبَاعَ لَهُ، أَوْ يَكُونَ أُسْوَةً لِلْغُرَمَاءِ وَعَلَى أَنَّهُ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ فَقِيلَ يُخَيَّرُ فِي حَبْسِهِ، وَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ الْعَيْبِ أَوْ رَدِّهِ وَيُحَاصِصُ وَقِيلَ لَهُ حَبْسُهُ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ وَيُحَاصِصُ إنْ رَدَّهُ انْتَهَى وَإِنَّمَا بَالَغَ عَلَى الْمَأْخُوذِ عَنْ دَيْنٍ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْغَالِبُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ رَبُّ الدَّيْنِ يُسَامِحُ فِيمَا يَأْخُذُهُ حَتَّى يَأْخُذَهُ مَا يُسَاوِي عَشَرَةً عَنْ عِشْرِينَ مَثَلًا كَانَ مِنْ حَقِّ الْمَدِينِ إذَا طَلَبَ أَخْذَهَا رَبُّ الدَّيْنِ أَنْ يُمَكَّنَ مِنْ ذَلِكَ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الرِّفْقِ بِهِ إذْ لَوْ رُدَّتْ لَبِيعَتْ مَثَلًا بِعَشَرَةٍ فَتَبْقَى الْعَشَرَةُ مُخَلَّدَةً فِي ذِمَّتِهِ وَبِأَخْذِ ذَلِكَ تَسْقُطُ عَنْ ذِمَّتِهِ بِخِلَافِ بَيْعِ النَّقْدِ فَإِنَّ الْغَالِبَ فِيهِ خِلَافُ ذَلِكَ
(ص) وَهَلْ الْقَرْضُ كَذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهُ مُقْتَرِضُهُ أَوْ كَالْبَيْعِ خِلَافٌ (ش) أَيْ: وَهَلْ الْقَرْضُ لَا يَكُونُ الْمُقْرِضُ أَحَقَّ بِمَا أَقْرَضَهُ حَيْثُ فُلِّسَ الْمُقْتَرِضُ بَعْدَ حُصُولِ الْقَرْضِ سَوَاءٌ قَبَضَ الْمُقْتَرِضُ الْقَرْضَ قَبْلَ تَفْلِيسِهِ أَمْ لَا وَيَأْخُذُهُ الْغُرَمَاءُ مِنْ الْمُقْرِضِ وَيُحَاصِصُ بِهِ؛ لِأَنَّ الْقَرْضَ لَزِمَهُ بِالْقَوْلِ وَصَارَ مِلْكًا لِلْمُفَلَّسِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْمَوَّازِ وَالْمَازِرِيِّ وَهُوَ الْمَشْهُورُ؛ لِأَنَّ الْحَدِيثَ إنَّمَا وَرَدَ فِي الْبَيْعِ، أَوْ الْقَرْضُ كَالْبَيْعِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمُقْتَرِضُ قَبَضَهُ فَالْمُقْرِضُ أَحَقُّ بِهِ فِي الْمَوْتِ، وَالْفَلَسِ؛ لِأَنَّ مَنْ بِيَدِهِ سِلْعَةٌ لَمْ يُسَلِّمْهَا فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا فِي الْقَرْضِ، وَالْبَيْعِ وَإِنْ قَبَضَهُ كَانَ الْمُقْرِضُ أَحَقَّ بِهِ فِي الْفَلَسِ لَا الْمَوْتِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَتُهُ عَنْ مَالِكٍ وَعَامَّةِ أَصْحَابِهِ خِلَافٌ، وَأَمَّا لَوْ فُلِّسَ الْمُقْرِضُ يَكُونُ الْمُقْتَرِضُ أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ إنْ لَمْ يَكُنْ مُعَيِّنًا، وَإِلَّا فَلَهُ أَخْذُهُ؛ لِأَنَّهُ تَلْزَمُهُ بِالْقَوْلِ.
وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى مَا يُؤْخَذُ وَغَيْرُهُ مِمَّا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقٌّ لِغَيْرِ الْمُفَلَّسِ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حَقٌّ لِغَيْرِهِ فَذَكَرَ مِنْ ذَلِكَ الرَّهْنَ، وَالْجِنَايَةَ بِقَوْلِهِ
(ص) وَلَهُ فَكُّ الرَّهْنِ وَحَاصَّ بِفِدَائِهِ لَا بِفِدَا الْجَانِي (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّخْصَ إذَا بَاعَ عَبْدًا مَثَلًا بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ وَلَمْ يَقْبِضْهُ حَتَّى فُلِّسَ الْمُشْتَرِي، وَالْعَبْدُ مَوْجُودٌ إلَّا أَنَّ الْمُشْتَرِيَ قَدَّرَ رَهْنَهُ قَبْلَ فَلَسِهِ وَحَازَهُ الْمُرْتَهِنُ فَإِنَّ بَائِعَهُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ فَكَّ الرَّهْنَ بِدَفْعِ الدَّيْنِ الْمَرْهُونِ فِيهِ إنْ كَانَ الدَّيْنُ مِمَّا يُعَجَّلُ، أَوْ رَضِيَ رَبُّهُ بِتَعْجِيلِهِ وَحَاصَّ بِمَا فَدَاهُ بِهِ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ تَحْتَ رَهْنِهِ وَحَاصَّ بِثَمَنِهِ مَعَ الْغُرَمَاءِ، وَأَمَّا لَوْ وَجَدَ الْعَبْدَ قَدْ جَنَى عِنْدَ الْمُفَلَّسِ وَأَسْلَمَهُ فِي الْجِنَايَةِ بَعْدَ فَلَسِهِ فَإِنَّ لَهُ أَنْ يَفْدِيَهُ، وَلَا يُحَاصِصَ بِمَا فَدَاهُ بِهِ بَلْ يَضِيعُ عَلَيْهِ بِالْكُلِّيَّةِ؛ لِأَنَّ الْجِنَايَةَ لَيْسَتْ فِي ذِمَّةِ الْمُفَلَّسِ بَلْ فِي رَقَبَةِ الْجَانِي إذْ لَهُ تَسْلِيمُهُ فِيهَا بِخِلَافِ الدَّيْنِ الْمَرْهُونِ فِيهِ فَإِنَّهُ كَانَ فِي ذِمَّتِهِ، وَالرَّهْنُ مِنْ سَبَبِهِ فَقَوْلُهُ وَلَهُ فَكُّ الرَّهْنِ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَلِلْغَرِيمِ أَخْذُ عَيْنِ مَالِهِ الْمُحَازِ عَنْهُ فِي الْفَلَسِ إمَّا عَلَى أَنَّهُ تَفْصِيلٌ لَهُ، أَوْ تَقْيِيدٌ، أَوْ وَإِمَّا عَلَى أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا لَهُ فِدَاءُ الْجَانِي حَيْثُ أَسْلَمَهُ الْمُشْتَرِي بَعْدَ التَّفْلِيسِ كَمَا ذَكَرْنَا
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَوْ فِي بِمَعْنَى الْبَاءِ) الظَّاهِرُ أَنْ يَقُولَ إذْ فِي بِمَعْنَى الْبَاءِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَادَّةَ الِاخْتِصَاصِ تَتَعَدَّى بِالْبَاءِ.
(قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ عَلِمَ إلَخْ) الْأَوْلَى إسْقَاطُهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الْفَلَسَ طَارِئ بَعْدَ رَدِّهَا (قَوْلُهُ: وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ نَقْضٌ لِلْبَيْعِ مِنْ أَصْلِهِ) قَالَ اللَّقَانِيِّ إنَّهُ الْمَشْهُورُ وَجَعَلَ كَوْنَهُ ابْتِدَاءَ بَيْعٍ خِلَافَ الْمَشْهُورِ فَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمَشْهُورِ (قَوْلُهُ: أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ) ، أَيْ: إنْ شَاءَ، حَاصِلُهُ أَنَّ الْأَقْوَالَ ثَلَاثَةٌ مَعْلُومَةٌ مِنْ كَلَامِهِ، أَحَدُهَا: أَنَّهُ يَكُونُ الْمُشْتَرِي أَحَقَّ بِهَا وَتُبَاعُ فِي الثَّمَنِ أَيْ فَإِنْ وَفَّى، وَإِلَّا حَاصَصَ بِمَا بَقِيَ لَهُ وَقَدْ أَفَادَ ذَلِكَ عج (قَوْلُهُ: وَهَلْ الْقَرْضُ إلَخْ) قَالَ عج مُقْتَضَى نَقْلِ ق فِي مَحَلَّيْنِ وَابْنِ عَرَفَةَ أَنَّ الثَّانِيَ لَمْ يُرَجَّحْ وَإِنَّمَا الْمُرَجَّحُ قَوْلَانِ رَبُّهُ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ مُطْلَقًا وَأَحَقُّ بِهِ مُطْلَقًا قَبَضَ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْحَدِيثَ إلَخْ) وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَالَ «أَيُّمَا رَجُلٍ ابْتَاعَ مَتَاعًا فَأَفْلَسَ الَّذِي ابْتَاعَهُ وَلَمْ يَقْبِضْ الَّذِي بَاعَهُ مِنْ ثَمَنِهِ شَيْئًا فَوَجَدَهُ بِعَيْنِهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ فَإِنْ مَاتَ الْمُشْتَرِي فَصَاحِبُ الْمَتَاعِ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ» (قَوْلُهُ: وَأَمَّا لَوْ فُلِّسَ الْمُقْرِضُ إلَخْ) يَظْهَرُ أَنَّ هَذَا قَبْلَ أَخْذِ الْمُقْتَرِضِ، وَأَمَّا لَوْ فُلِّسَ بَعْدَ أَنْ أَخَذَ الْمُقْتَرِضُ الْقَرْضَ فَنَصَّ عج عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ، وَلَا لِغُرَمَائِهِ كَلَامٌ مَعَ الْمُقْتَرِضِ قَبْلَ حُلُولِ أَجَلِهِ، ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ شَارِحُنَا مِنْ قَوْلِهِ، وَأَمَّا لَوْ فُلِّسَ الْمُقْرَضُ يَكُونُ الْمُقْتَرِضُ أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ فِي عج خِلَافُهُ وَهُوَ أَنَّهُ يُبْطِلُ الْحُصُولَ الْمَانِعَ قَبْلَ الْقَبْضِ اسْتِظْهَارًا وَنَصَّ عب عَلَى أَنَّهُ قَدْ ذَكَرَهُ يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ فَلَا حَاجَةَ لِلِاسْتِظْهَارِ أَقُولُ: وَقَوْلُ شَارِحِنَا إنَّهُ يَلْزَمُ بِالْقَوْلِ لَا يُنْتِجُ الْمُدَّعَى وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْهِبَةَ، وَالصَّدَقَةَ يَلْزَمَانِ بِالْقَوْلِ وَمَعَ ذَلِكَ يَبْطُلَانِ بِالْفَلَسِ، وَالْمَوْتِ.
(قَوْلُهُ: لَا بِفِدَى الْجَانِي) بِالْقَصْرِ (قَوْلُهُ: وَأَسْلَمَهُ فِي الْجِنَايَةِ بَعْدَ فَلَسِهِ) ، وَالْجِنَايَةُ قَبْلَ الْفَلَسِ، أَوْ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّهُ تَفْصِيلٌ لَهُ) ، أَيْ: فَكَأَنَّهُ يَقُولُ وَلِلْمُحَازِ عَنْهُ أَخْذُ عَيْنِ شَيْئِهِ إذَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقٌّ لِغَيْرِهِ، أَوْ تَعَلَّقَ بِهِ حَقٌّ لِغَيْرِهِ وَفَدَاهُ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَفْدِهِ فَلَا يَكُونَ أَحَقَّ بِهِ، وَقَوْلُهُ: أَوْ تَقْيِيدٌ لَهُ أَيْ فَكَأَنَّهُ قَالَ وَلِلْمُحَازِ عَنْهُ أَخْذُ عَيْنِ شَيْئِهِ إذَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقٌّ لِغَيْرِهِ، وَقَوْلُهُ: وَإِمَّا عَلَى أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَيْهِ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ كَوْنِهِ تَفْصِيلًا، أَوْ تَقْيِيدًا وَإِنْ كَانَ الْوَاقِعُ كَذَلِكَ وَعَلَى الْأَوَّلَيْنِ فَيَكُونُ مُسْتَأْنَفًا