إنْ ادَّعَى عَلَيْهِ عِلْمَ الْعُدْمِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ إذَا ادَّعَى عَلَى رَبِّ الدَّيْنِ أَنَّهُ يَعْلَمُ عَدَمَهُ وَكَذَّبَهُ رَبُّ الدَّيْنِ فَإِنَّ الْيَمِينَ عَلَى رَبِّ الدَّيْنِ لَازِمَةٌ أَنَّهُ مَا يَعْلَمُ عَدَمَهُ فَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ لَمْ يُسْجَنْ الْمَدِينُ لَهُ بَعْدَ يَمِينِ الْمَدِينِ، وَإِلَّا سُجِنَ (ص) وَإِنْ سَأَلَ تَفْتِيشَ دَارِهِ فَفِيهِ تَرَدُّدٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ رَبَّ الدَّيْنِ وَهُوَ الطَّالِبُ إذَا سَأَلَ الْحَاكِمَ أَنْ يُفَتِّشَ لَهُ دَارَ الْمَدِينِ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِ مُفَلَّسًا، أَوْ حَانُوتَهُ، أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ عَسَى أَنْ يَجِدَ شَيْئًا مِنْ مَتَاعِهِ لِيَبِيعَهُ لَهُ هَلْ يُجَابُ إلَى ذَلِكَ أَمْ لَا فِيهِ تَرَدُّدٌ لِلْمُتَأَخِّرِينَ، وَأَمَّا جَيْبُهُ فَيُجَابُ لِذَلِكَ؛ لِأَنَّ هَذَا أَمْرٌ خَفِيفٌ (ص) وَرَجَحَتْ بَيِّنَةُ الْمَلَاءِ إنْ بَيَّنَتْ (ش) يَعْنِي لَوْ شَهِدَ لَهُ قَوْمٌ بِالْمَلَاءِ وَقَوْمٌ بِالْعُدْمِ فَإِنَّ بَيِّنَةَ الْمَلَاءِ تُقَدَّمُ إنْ بَيَّنَتْ سَبَبَ الْمَلَاءِ، أَيْ: عَيَّنَتْ مَا هُوَ مَلِيءٌ بِهِ بِأَنْ قَالَتْ أَخْفَى مَالًا سَوَاءٌ بَيَّنَتْ بَيِّنَةُ الْعُدْمِ أَمْ لَا فَإِنْ لَمْ تُبَيِّنْ رَجَحَتْ بَيِّنَةُ الْعُدْمِ بَيَّنَتْ أَمْ لَا عَلَى الرَّاجِحِ وَهَذَا لَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ؛ لِأَنَّ مَفْهُومَ بَيَّنَتْ يَصْدُقُ بِالتَّسَاوِي وَلَمَّا ذَكَرَ مَا يُوجِبُ إخْرَاجَ الْمَجْهُولِ وَظَاهِرُ الْمَلَاءِ مِنْ السَّجْنِ وَهُوَ الْبَيِّنَةُ ذَكَرَ مَا يَخُصُّ الْمَجْهُولَ وَهُوَ طُولُ الْحَبْسِ فَقَالَ (ص) وَأُخْرِجَ الْمَجْهُولُ إنْ طَالَ حَبْسُهُ بِقَدْرِ الدَّيْنِ، وَالشَّخْصِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَجْهُولَ الْحَالِ يُخْرَجُ مِنْ السِّجْنِ وَيُخَلَّى سَبِيلُهُ بَعْدَ حَلِفِهِ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ لَهُ مَالًا ظَاهِرًا، وَلَا بَاطِنًا إذَا طَالَ سَجْنُهُ وَيَكُونُ بِقَدْرِ الدَّيْنِ، وَالشَّخْصِ قُوَّةً وَضَعْفًا وَتَوَسُّطًا فَلَيْسَ الْوَجِيهُ كَالْحَقِيرِ، وَلَا الْقَوِيُّ كَالضَّعِيفِ وَلَيْسَ الدَّيْنُ الْكَثِيرُ كَالْقَلِيلِ فَقَوْلُهُ، وَالشَّخْصُ، أَيْ: وَحَالِ الشَّخْصِ وَتَحْقِيقُ الْمَسْأَلَةِ فِي الطُّولِ وَعَدَمِهِ أَنَّهُ بِحَسَبِ اجْتِهَادِ الْحَاكِمِ، وَأَمَّا ظَاهِرُ الْمَلَاءِ فَيُخْرَجُ إنْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِعَدَمِهِ عَلَى مَا مَرَّ لَا بِطُولِ سَجْنِهِ وَمَعْلُومُ الْمَلَاءِ لَا يُخْرَجُ حَتَّى يُؤَدِّيَ، أَوْ يَمُوتَ، أَوْ تَشْهَدَ لَهُ بَيِّنَةٌ بِذَهَابِ مَا بِيَدِهِ، وَأَمَّا إنْ شَهِدَتْ لَهُ بِعَدَمِهِ فَلَا يُخْرَجُ بِذَلِكَ وَلَمَّا كَانَ جَمِيعُ مَا مَرَّ مِنْ أَحْكَامِ هَذَا الْبَابِ لَا يَخْتَصُّ بِهِ رِجَالٌ، وَلَا نِسَاءٌ بَلْ يَشْتَرِكُ الْجَمِيعُ فِيهِ وَكَانَ مِنْ ذَلِكَ الْحَبْسُ ذَكَرَ مَا يَخْتَصُّ بِحَبْسِهِنَّ بِقَوْلِهِ
(ص) وَحَبْسُ النِّسَاءِ عِنْدَ أَمِينَةٍ، أَوْ ذَاتِ أَمِينٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ النِّسَاءَ يُحْبَسْنَ عِنْدَ امْرَأَةٍ أَمِينَةٍ مُنْفَرِدَةٍ عَنْ الرِّجَالِ، أَوْ ذَاتِ رَجُلٍ أَمِينٍ، أَيْ: زَوْجٍ، أَوْ أَبٍ أَوْ ابْنٍ فَكَأَنَّهُ قَالَ عِنْدَ أَمِينَةٍ مُنْفَرِدَةٍ عَنْ الرِّجَالِ، أَوْ ذَاتِ أَمِينٍ فَعُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَا أَنَّ قَوْلَهُ، أَوْ ذَاتِ أَمِينٍ مَعْطُوفٌ عَلَى مَحْذُوفٍ لِيُفِيدَ اشْتِرَاطَ الْأَمَانَةِ أَيْضًا مَعَ عَدَمِ الِانْفِرَادِ، وَلَا يَصِحُّ عَطْفُهُ عَلَى أَمِينَةٍ؛ لِأَنَّ الْعَطْفَ بِأَوْ يَقْتَضِي الْمُغَايَرَةَ فَيَقْتَضِي عَدَمَ اشْتِرَاطِ أَمَانَتِهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَتَقْدِيرُ الْمَحْذُوفِ مُنْفَرِدَةٌ عَنْ الرِّجَالِ، أَوْ ذَاتُ أَمِينٍ أَنْسَبُ مِنْ تَقْدِيرِ أَيِّمٍ؛ لِأَنَّ الْأَمِينَ لَا يَخْتَصُّ بِالزَّوْجِ.
(ص) ، وَالسَّيِّدُ لِمُكَاتَبِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ السَّيِّدَ يُحْبَسُ لِمُكَاتَبَةِ مَا لَمْ تَكُنْ قِيمَةُ الْكِتَابَةِ تُوَفِّي بِالدَّيْنِ، أَوْ يَحِلُّ مِنْهَا مَا يَفِي بِهِ، وَإِلَّا فَلَا يُحْبَسُ لَهُ حِينَئِذٍ وَإِنَّمَا حُبِسَ السَّيِّدُ لِمُكَاتَبِهِ؛ لِأَنَّهُ أَحْرَزَ نَفْسَهُ وَمَالَهُ، وَالْحُقُوقُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالذِّمَّةِ لَا يُرَاعَى فِيهَا الْحُرِّيَّةُ، وَلَا عُلُوُّ الْمَنْزِلَةِ بِدَلِيلِ أَنَّ الْمُسْلِمَ يُحْبَسُ فِي دَيْنِ الْكَافِرِ (ص) ، وَالْجَدُّ، وَالْوَلَدُ لِأَبِيهِ لَا الْعَكْسُ (ش) ، أَيْ: يُحْبَسُ الْجَدُّ، وَالْجَدَّةُ لِوَلَدِ الْوَلَدِ ذَكَرًا كَانَ، أَوْ أُنْثَى؛ لِأَنَّ حَظَّ الْجَدِّ دُونَ حَظِّ الْأَبِ فِي الْجُمْلَةِ وَيُحْبَسُ الْوَلَدُ لِأَبِيهِ، أَوْ لِأُمِّهِ دُونَ عَكْسِهِ قَالَ مَالِكٌ وَإِنْ لَمْ يُحْبَسْ الْوَالِدَيْنِ لِلْوَلَدِ فَلَا أَظْلِمُ الْوَلَدَ لَهُمَا، أَيْ: فَيَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ أَنْ يَفْعَلَ بِهِمَا
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: إنْ ادَّعَى عَلَيْهِ الْعُدْمَ) ، أَيْ: وَلَمْ يُصَدِّقْهُ إذَا حَبَسَهُ حِينَئِذٍ ظَلَمَ، وَأَمَّا إنْ صَدَّقَهُ عَلَى أَنَّهُ عَدِيمٌ فَلَا يَمِينَ، وَلَا حَبْسَ (قَوْلُهُ: تَفْتِيشُ دَارِهِ) وَحَانُوتِهِ كَدَارِهِ (قَوْلُهُ: فَفِيهِ تَرَدُّدٌ) قَالَ ابْنُ نَاجِي، وَالْعَمَلُ عِنْدَنَا عَلَى عَدَمِهِ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا جَيْبُهُ) وَكَذَا كِيسُهُ، أَوْ كُمُّهُ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا لَابَسَهُ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ مَا فِي ذَلِكَ مِلْكُهُ وُجِدَ عِنْدِي مَا نَصُّهُ وَإِنْ سَأَلَ، أَيْ: الطَّالِبُ تَفْتِيشَ دَارِ الْغَرِيمِ وَلَوْ مَعْلُومَ الْمَلَاءِ وَظَاهَرَ وَلَوْ بَعْدَ الشَّهَادَةِ عَلَى عَدَمِهِ وَحَلَّفَهُ عَلَى ذَلِكَ فَفِيهِ تَرَدُّدٌ؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ لَا عَلَى الْبَتِّ اهـ، وَلَكِنَّ الظَّاهِرَ كَمَا فِي عب أَنَّهُ إذَا ثَبَتَ الْعُدْمُ، وَالْحَلِفُ لَا تَفْتِيشَ (قَوْلُهُ: وَرَجَحَتْ بَيِّنَةُ الْمَلَاءِ إلَخْ) وَاَلَّذِي جَرَى بِهِ الْعَمَلُ تَقْدِيمُ بَيِّنَةِ الْمَلَاءِ وَإِنْ لَمْ تُبَيَّنْ، وَالْقَاعِدَةُ تَقْدِيمُ مَا بِهِ الْعَمَلُ عَلَى الْمَشْهُورِ فَإِنْ قِيلَ شَهَادَةُ بَيِّنَةِ الْمَلَاءِ مُسْتَصْحَبَةٌ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ الْمَلَاءُ، وَالشَّهَادَةُ بِالْعُدْمِ نَاقِلَةٌ وَهِيَ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْمُسْتَصْحَبَةِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ النَّاقِلَةَ هُنَا لَمَّا شَهِدَتْ بِالنَّفْيِ قُدِّمَتْ عَلَيْهَا الْمُسْتَصْحَبَةُ؛ لِأَنَّهَا مُثْبَتَةٌ (قَوْلُهُ: بِأَنْ قَالَتْ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ الدَّعْوَى أَنَّهُ مَلِيءٌ وَدَلِيلُهَا أَنَّهُ أَخْفَى مَالًا (قَوْلُهُ: بِقَدْرِ الدَّيْنِ) يُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ طَرَأَ عَلَيْهِ مُوجِبُ حَبْسٍ ثَانٍ بِدَيْنٍ آخَرَ فَيُزَادُ فِي سِجْنِهِ لِلثَّانِي (قَوْلُهُ: أَيِّمٌ) هِيَ الْخَالِيَةُ مِنْ زَوْجٍ أَيْ فَتَقْدِيرُ أَيِّمٍ مُؤْذِنٌ بِأَنَّ الْأَمِينَ عِبَارَةٌ عَنْ الزَّوْجِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَيِّمَ لُغَةً مَنْ كَانَتْ خَالِيَةً عَنْ زَوْجٍ سَوَاءٌ تَزَوَّجَتْ قَبْلُ وَطَلُقَتْ أَمْ لَا وَفِي عُرْفِ الْفُقَهَاءِ مَنْ تَزَوَّجَتْ، ثُمَّ طَلُقَتْ، أَوْ مَاتَ زَوْجُهَا، وَالْمُرَادُ الْأَوَّلُ.
(قَوْلُهُ:، وَالسَّيِّدُ يُحْبَسُ لِمُكَاتَبِهِ) فِي دَيْنِهِ الْحَالِّ إذَا امْتَنَعَ مِنْ أَدَائِهِ؛ لِأَنَّ الْمُكَاتَبَ أَحْرَزَ نَفْسَهُ وَمَالَهُ وَكَذَا يُحْبَسُ السَّيِّدُ لِعَبْدِهِ إذَا شَهِدَ لَهُ شَاهِدٌ بِعِتْقِهِ وَلَمْ يَحْلِفْ السَّيِّدُ لِرَدِّ شَهَادَةِ الشَّاهِدِ فَإِنْ طَالَ دِينَ.
(قَوْلُهُ: مَا لَمْ تَكُنْ قِيمَةُ الْكِتَابَةِ) اُنْظُرْ هَلْ مَعْنَاهُ أَنَّ الْكِتَابَةَ تُبَاعُ لِأَجْنَبِيٍّ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ الثَّمَنُ وَيُعْطَى لِذَلِكَ الْمُكَاتَبِ وَبَعْدَ أَنْ أَدَّى خَرَجَ حُرًّا، وَإِلَّا رُقَّ لَهُ، أَوْ مَعْنَاهُ تُبَاعُ لِنَفْسِ الْمُكَاتَبِ وَيَخْرُجُ حُرًّا كَذَا تَرَدَّدَ بَعْضُ شُيُوخِنَا، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ بَلْ تُقَوَّمُ عَلَى أَصْلِهَا وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْقِيمَةَ بِاعْتِبَارِ ذَلِكَ أَقَلُّ مِنْهَا فَتُجْعَلُ فِي الدَّيْنِ وَيَخْرُجُ حُرًّا مِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ.
(فَرْعٌ) الْعَبْدُ يُحْبَسُ فِي دَيْنٍ مِنْ غَيْرِ الْكِتَابَةِ لَا فِيهَا إلَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ لَا يُعْجِزُهُ إلَّا السُّلْطَانُ فَلَهُ حَبْسُهُ إنْ رَأَى أَنَّهُ كَتَمَ مَالًا رَغْبَةً فِي الْعَجْزِ وَيُحْبَسُ الْقِنُّ الْمَأْذُونُ لَهُ فِي التِّجَارَةِ (قَوْلُهُ: وَالْحُقُوقُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالذِّمَّةِ) مُقْتَضَاهُ حَبْسُهُ فِي مَالِ عَبْدِهِ الْمَأْذُونِ الْمَدِينِ حَيْثُ