أَذِنَ لَهُ الرَّاهِنُ فِي نَفْسِ الْعَقْدِ سَوَاءٌ قَالَ إنْ لَمْ آتِ، أَوْ لَمْ يَقُلْ؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ حِينَئِذٍ مَنْفَعَةٌ زَادَهَا الرَّاهِنُ لَهُ فَهِيَ هَدِيَّةُ مِدْيَانٍ فَاشْتَمَلَ كَلَامُهُ مَنْطُوقًا وَمَفْهُومًا عَلَى ثَمَانِ صُوَرٍ أَرْبَعٌ فِي الْأَمِينِ وَأَرْبَعٌ فِي الْمُرْتَهِنِ لَهُمَا الِاسْتِقْلَالُ بِالْبَيْعِ دُونَ أَنْ يَرْفَعَا ذَلِكَ لِلسُّلْطَانِ فِي ثَلَاثٍ مِنْهَا فَإِنْ بَاعَ مَنْ لَيْسَ لَهُ الْبَيْعُ مِنْ الْأَمِينِ، أَوْ الْمُرْتَهِنِ دُونَ أَنْ يَرْفَعَ لِلسُّلْطَانِ مَضَى بَيْعُهُ فَضَمِيرُ التَّثْنِيَةِ لِلْأَمِينِ، وَالْمُرْتَهِنِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الرَّاهِنَ إمَّا أَنْ يَأْذَنَ لِلْأَمِينِ، أَوْ لِلْمُرْتَهِنِ فِي نَفْسِ الْعَقْدِ، أَوْ بَعْدَهُ وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يُطْلِقَ، أَوْ يُقَيِّدَ فَإِنْ وَقَعَ الْإِذْنُ مِنْهُ لِلْأَمِينِ فِي الْعَقْدِ، أَوْ بَعْدَهُ وَأَطْلَقَ فَلَهُ الْبَيْعُ بِلَا إذْنٍ وَإِنْ قَيَّدَ فَلَا بُدَّ مِنْ الرَّفْعِ وَإِنْ وَقَعَ الْإِذْنُ مِنْهُ لِلْمُرْتَهِنِ بَعْدَ الْعَقْدِ وَأَطْلَقَ فَلَهُ الْبَيْعُ بِلَا إذْنٍ وَإِنْ قَيَّدَ فَلَا بُدَّ مِنْ الرَّفْعِ وَإِنْ وَقَعَ الْإِذْنُ مِنْهُ لَهُ فِي الْعَقْدِ فَلَا بُدَّ مِنْ الرَّفْعِ قَيَّدَ، أَوْ أَطْلَقَ
(ص) ، وَلَا يُعْزَلُ الْأَمِينُ (ش) ، أَيْ:، وَلَا يَعْزِلُ الرَّاهِنُ فَقَطْ، وَلَا الْمُرْتَهِنُ فَقَطْ الْأَمِينَ، وَأَمَّا لَوْ اتَّفَقَا عَلَى عَزْلِهِ فَلَهُمَا ذَلِكَ وَإِنَّمَا تَعَرَّضَ الشَّارِحُ لِلرَّاهِنِ؛ لِأَنَّ الْأَمِينَ وَكِيلُهُ فَيُتَوَهَّمُ أَنَّ لَهُ عَزْلَهُ، وَأَمَّا الْمُرْتَهِنُ فَلَا كَلَامَ لَهُ فِي الْعَزْلِ بِلَا نِزَاعٍ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ، وَلَا يُعْزَلُ الْأَمِينُ وَلَوْ إلَى بَدَلٍ أَوْثَقَ مِنْهُ وَيَنْبَغِي أَنَّ لَهُ عَزْلَهُ إلَى بَدَلٍ أَوْثَقَ مِنْهُ كَمَا يَأْتِي فِي الْوَكَالَةِ (ص) وَلَيْسَ لَهُ إيصَاءٌ بِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأَمِينَ الَّذِي عَلَى يَدَيْهِ الرَّهْنُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُوصِيَ بِهِ عِنْدَ مَوْتِهِ، أَوْ عِنْدَ سَفَرِهِ؛ لِأَنَّ الرَّاهِنَ، وَالْمُرْتَهِنَ لَمْ يَرْضَيَا إلَّا بِأَمَانَتِهِ لَا بِأَمَانَةِ غَيْرِهِ وَلَوْ قَالَ، وَلَا يَنْفُذُ الْإِيصَاءُ بِهِ كَانَ أَحْسَنَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ جَوَازِ الْإِيصَاءِ بِهِ عَدَمُ نُفُوذِهِ
(ص) وَبَاعَ الْحَاكِمُ إنْ امْتَنَعَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُرْتَهِنَ إذَا رَفَعَ الْأَمْرَ لِلْحَاكِمِ بَعْدَ امْتِنَاعِ الرَّاهِنِ مِنْ بَيْعِ الرَّهْنِ وَهُوَ مُعْسِرٌ لَيْسَ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُ يَقْضِي مِنْهُ أَوْ امْتَنَعَ مِنْ الْوَفَاءِ وَهُوَ مُوسِرٌ فَإِنَّ الْحَاكِمَ يَبِيعُ عَلَيْهِ الرَّهْنَ، وَمِثْلُ ذَلِكَ إذَا كَانَ الرَّاهِنُ غَائِبًا، أَوْ مَيِّتًا إلَّا أَنَّهُ فِي الْغَائِبِ، وَالْمَيِّتِ يَحْلِفُ يَمِينَ الِاسْتِظْهَارِ
(ص) وَرَجَعَ مُرْتَهِنُهُ بِنَفَقَتِهِ فِي الذِّمَّةِ وَلَوْ لَمْ يَأْذَنْ (ش) يَعْنِي أَنَّ الرَّهْنَ إذَا احْتَاجَ إلَى نَفَقَةٍ فَأَنْفَقَ الْمُرْتَهِنُ عَلَيْهِ نَفَقَةً فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِهَا فِي ذِمَّةِ الرَّاهِنِ لَا فِي عَيْنِ الرَّهْنِ حَيَوَانًا، أَوْ عَقَارًا، وَسَوَاءٌ أَذِنَ الرَّاهِنُ لَهُ فِي الْإِنْفَاقِ عَلَى الرَّهْنِ أَمْ لَا؛ لِأَنَّهُ قَامَ عَنْهُ بِوَاجِبٍ، وَسَوَاءٌ كَانَ الرَّاهِنُ حَاضِرًا، أَوْ غَائِبًا مَلِيًّا، أَوْ مُعْدِمًا وَلَوْ زَادَتْ النَّفَقَةُ عَلَى قِيمَةِ الرَّهْنِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَالْمَوَّازِيَّةِ، وَالْمَجْمُوعَةِ لِمَا عَلِمْت أَنَّ نَفَقَةَ الرَّهْنِ وَمُؤْنَتَهُ عَلَى الرَّاهِنِ؛ لِأَنَّهُ مَالِكٌ لَهُ وَلَهُ غَلَّتُهُ وَلِأَنَّ مَنْ لَهُ الْغَلَّةُ عَلَيْهِ النَّفَقَةُ كَالْبَيْعِ الْفَاسِدِ فَالنَّفَقَةُ عَلَى الرَّهْنِ كَالسَّلَفِ وَهَذَا بِخِلَافِ النَّفَقَةِ عَلَى الضَّالَّةِ فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ بِهَا فِي ذِمَّةِ رَبِّهَا بَلْ تَكُونُ نَفَقَتُهُ فِي رَقَبَتِهَا وَهُوَ أَوْلَى بِهَا عِنْدَ قِيَامِ الْغُرَمَاءِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الضَّالَّةَ لَا يُعْرَفُ رَبُّهَا، وَلَا يُقْدَرُ عَلَيْهِ الْآنَ، وَلَا بُدَّ مِنْ النَّفَقَةِ عَلَيْهَا، وَالرَّهْنَ لَيْسَتْ نَفَقَتُهُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ إذْ لَوْ شَاءَ لَطَالَبَ الرَّاهِنَ بِالنَّفَقَةِ عَلَى الرَّهْنِ وَإِذَا غَابَ رُفِعَ لِلْإِمَامِ وَأَشَارَ بِالْمُبَالَغَةِ لِرَدِّ قَوْلِ أَشْهَبَ إنَّ نَفَقَتَهُ عَلَى الرَّهْنِ إنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ الرَّاهِنُ فِيهَا تَكُونُ فِي الرَّهْنِ يَبْدَأُ بِهَا فِي ثَمَنِهِ فَالْمُبَالَغَةُ رَاجِعَةٌ لِقَوْلِهِ فِي الذِّمَّةِ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِيمَا لَيْسَ لَهُ، أَوْ أَنْ يُبَاعَ فِيهِ فَلَا يُعَارِضُ مَا يَأْتِي مِنْ قَوْلِهِ وَإِنْ أَنْفَقَ مُرْتَهِنٌ عَلَى كَشَجَرٍ خِيفَ عَلَيْهِ بُدِئَ بِالنَّفَقَةِ؛ لِأَنَّهُ فِيمَا لَهُ أَوَانٌ
(ص) وَلَيْسَ رَهْنًا بِهِ إلَّا أَنْ يُصَرِّحَ بِأَنَّهُ رَهَنَ بِهَا (ش) تَقَدَّمَ أَنَّ النَّفَقَةَ عَلَى الرَّهْنِ تَكُونُ فِي ذِمَّةِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQفَبِحَضْرَةِ عُدُولٍ وَحُضُورُهُمْ مِنْ بَابِ الْكَمَالِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِلتَّعْمِيمِ وَهَذَا التَّعْلِيلُ يُنْتِجُ التَّحْرِيمَ، ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذِهِ الْعِلَّةَ تُنْتِجُ حُرْمَةَ الْإِذْنِ لِلْمُرْتَهِنِ فِي الْعَقْدِ وَهُوَ أَحَدُ أَقْوَالٍ ثَلَاثَةٍ وَقِيلَ بِالْكَرَاهَةِ وَقِيلَ بِالْجَوَازِ وَمَحَلُّ الْخِلَاف فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْمَبِيعُ تَافِهًا وَلَمْ يُخْشَ فَسَادُهُ وَلَمْ يُفَوَّضْ لَهُ فِيهِ، وَإِلَّا جَازَ بَيْعُهُ اتِّفَاقًا إنْ أَصَابَ وَجْهَ الْبَيْعِ لَا إنْ بَاعَهُ بِأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ فَلِلرَّاهِنِ أَخْذُهُ مِنْ مُشْتَرِيهِ فَإِنْ تَدَاوَلَتْهُ الْأَمْلَاكُ أَخَذَ بِأَيِّ بَيْعٍ شَاءَ كَالِاسْتِحْقَاقِ كَذَا فِي عب، ثُمَّ أَقُولُ بَلْ هَذَا التَّعْلِيلُ يُنْتِجُ الْمَنْعَ وَلَوْ كَانَ الْإِذْنُ بَعْدَ الْعَقْدِ.
(قَوْلُهُ: وَلَا يُعْزَلُ الْأَمِينُ) كَانَ مَأْذُونًا لَهُ فِي الْبَيْعِ أَمْ لَا، أَيْ: لَا يُعْزَلُ عَنْ الْبَيْعِ، وَلَا عَنْ وَضْعِ الرَّهْنِ عِنْدَهُ وَلِلْأَمِينِ عَزْلُ نَفْسِهِ حَيْثُ لَمْ يُوَكَّلْ عَلَى الْبَيْعِ، وَإِلَّا فَلَا لِتَعَلُّقِ الْحَقِّ بِثَالِثٍ، ثُمَّ إنَّ الْمُرْتَهِنَ إذَا وَكَّلَ عَلَى الْبَيْعِ فَلَيْسَ لِلرَّاهِنِ عَزْلُهُ كَالْأَمِينِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ إلَخْ) وَقَدْ يُقَالُ الْأَصْلُ فِيمَا لَا يَجُوزُ عَدَمُ النُّفُوذِ فَلَا اعْتِرَاضَ شب (قَوْلُهُ: بِهِ) أَنَّ بِالِائْتِمَانِ الْمَفْهُومُ مِنْ أَمِينٍ، وَمِثْلُ الْأَمِينِ الْقَاضِي بِخِلَافِ الْخَلِيفَةِ، وَالْمُجْبَرُ، وَالْوَصِيُّ وَإِمَامُ الصَّلَاةِ الْمُقَامُ مِنْ جَانِبِ السُّلْطَانِ وَكَذَا نَاظِرُ الْوَقْفِ لَهُ الْإِيصَاءُ بِهِ إنْ جَعَلَ لَهُ الْوَاقِفُ، وَإِلَّا كَالْقَاضِي وَبَقِيَ إمَامُ الصَّلَاةِ الْمُقَامُ مِنْ جَانِبِ الْوَاقِفِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ لَهُ الْإِيصَاءَ إنْ جَعَلَ الْوَاقِفُ لَهُ ذَلِكَ وَيَبْقَى النَّظَرُ فِي شَيْءٍ وَهُوَ هَلْ لِلْمُدَرِّسِ فِي مَوْضِعِ الْإِيصَاءِ لِمَنْ يَجْلِسُ بَعْدَهُ فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ، وَالظَّاهِرُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ مَا لَمْ يَجْعَلْ الْوَاقِفُ لَهُ ذَلِكَ.
(قَوْلُهُ: وَبَاعَ الْحَاكِمُ إنْ امْتَنَعَ) ، أَيْ: وَلَا يُضْرَبُ، وَلَا يُهَدَّدُ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُ ذَلِكَ إنْ كَانَ الرَّاهِنُ غَائِبًا، أَوْ مَيِّتًا) ، أَيْ: مَعَ إثْبَاتِ الدَّيْنِ، وَالرَّهْنِ وَلَوْ كَانَ غَيْرُهُ أَوْلَى بِالْبَيْعِ لَتَعَلَّقَ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ بِعَيْنِهِ وَرُبَّمَا كَانَ أَيْسَرَ مَعَ أَنَّ رَاهِنَهُ كَالْمُلْتَزِمِ بَيْعَهُ بِرَهْنِهِ (قَوْلُهُ: يَمِينُ الِاسْتِظْهَارِ) أَيْ يَمِينُ التَّقْوِيَةِ فَيَقُولُ بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَه إلَّا هُوَ مَا وَهَبْت، وَلَا تَصَدَّقْت وَإِنَّهُ بَاقٍ فِي ذِمَّتِهِ.
(قَوْلُهُ: حَيَوَانًا أَوْ عَقَارًا) الصَّوَابُ قَصْرُهُ عَلَى الْحَيَوَانِ، وَأَمَّا الْعَقَارُ فَهُوَ مَا يَأْتِي وَإِنْ كَانَ قَصَرَهُ عَلَى كَشَجَرٍ لِمَا يَتَّضِحُ بَيَانُهُ فِيمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ قَامَ عَنْهُ بِوَاجِبٍ) يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ مَنْعُ الْمُرْتَهِنِ مِنْ نَفَقَتِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ مَنْ لَهُ الْغَلَّةُ) الْأَوْلَى؛ لِأَنَّ مَنْ لَهُ الْغَلَّةُ (قَوْلُهُ: وَإِذَا غَابَ رَفَعَ لِلْإِمَامِ) ، أَيْ: وَإِذَا غَابَ الرَّاهِنُ رَفَعَ الْمُرْتَهِن أَمْرَهُ لِلْإِمَامِ (قَوْلُهُ: وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِيمَا الْإِنْفَاقُ عَلَيْهِ وَاجِبٌ وَهُوَ الْحَيَوَانُ، وَأَمَّا مَا الْإِنْفَاقُ عَلَيْهِ لَيْسَ بِوَاجِبٍ وَهُوَ الشَّجَرُ، وَالْعَقَارُ فَسَيُشِيرُ لَهُ فِيمَا يَأْتِي