وَأَمَّا إنْ لَمْ يُخْلَقْ فَلَا يَصِحُّ رَهْنُهُ كَرِهْنَ الْجَنِينِ

(ص) وَحَاصَّ مُرْتَهِنَهُ فِي الْمَوْتِ، وَالْفَلَسِ (ش) الضَّمِيرُ يَرْجِعُ لِلشَّيْءِ الْمُرْتَهَنِ الَّذِي لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الرَّاهِنَ إذَا مَاتَ أَوْ فُلِّسَ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ فَإِنَّ الْمُرْتَهِنَ يُحَاصِصُ مَعَ الْغُرَمَاءِ بِجَمِيعِ دَيْنِهِ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ يَتَعَلَّقُ بِالذِّمَّةِ لَا بِعَيْنِ الرَّهْنِ

(ص) فَإِذَا صَلَحَتْ بِيعَتْ فَإِنْ وَفَّى رَدَّ مَا أَخَذَ، وَإِلَّا قَدْرٌ مُحَاصًّا بِمَا بَقِيَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُرْتَهِنَ إذَا حَاصَصَ بِجَمِيعِ دَيْنِهِ فَإِذَا صَلَحَتْ الثَّمَرَةُ وَبَدَا صَلَاحُهَا فَإِنَّهَا تُبَاعُ حِينَئِذٍ فَإِذَا بِيعَتْ بِثَمَنٍ قَدْرَ دَيْنِهِ فَإِنَّهُ يَخْتَصُّ بِهِ وَيَرُدُّ مَا أَخَذَهُ فِي الْحِصَاصِ لِلْغُرَمَاءِ وَإِنْ قَصُرَ ثَمَنُ الثَّمَرَةِ عَنْ دَيْنِ الْمُرْتَهِنِ نَظَرْت إلَى مَا بَقِيَ لَهُ مِنْ دَيْنِهِ وَنِسْبَتِهِ إلَى جَمِيعِ الدُّيُونِ فَذَلِكَ الْقَدْرُ هُوَ الَّذِي يَجِبُ لَهُ بِهِ الْحِصَاصُ فَيُرَدُّ مَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ وَيَتَمَسَّكُ بِبَاقِيهِ مَعَ جُمْلَةِ الثَّمَرَةِ وَتَوْضِيحُ ذَلِكَ أَنْ تَقُولَ لَوْ كَانَ عَلَى الرَّاهِنِ ثَلَثُمِائَةِ دِينَارٍ لِثَلَاثَةِ أَشْخَاصٍ أَحَدُهُمْ مُرْتَهِنُ الثَّمَرَةِ، ثُمَّ مَاتَ، أَوْ فُلِّسَ فَوَجَدُوا عِنْدَهُ مِائَةً وَخَمْسِينَ دِينَارًا فَإِنَّ مُرْتَهِنَ الثَّمَرَةِ يَأْخُذُ مَنَابَهُ وَهُوَ خَمْسُونَ دِينَارًا وَيَأْخُذُ كُلٌّ مِنْ صَاحِبَيْهِ خَمْسِينَ فَإِذَا صَلَحَتْ الثَّمَرَةُ بِيعَتْ وَاخْتَصَّ الْمُرْتَهِنُ بِثَمَنِهَا فَإِنْ بِيعَتْ بِمِائَةٍ مِقْدَارَ دَيْنِهِ رَدَّ الْخَمْسِينَ الَّتِي كَانَ أَخَذَهَا؛ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّهَا وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ فَإِنْ وَفَى رَدَّ مَا أَخَذَ وَإِنْ لَمْ يَفِ بِأَنْ بِيعَتْ مَثَلًا بِخَمْسِينَ فَإِنَّهُ يَخْتَصُّ بِهَا أَيْضًا، ثُمَّ يُقَالُ لَهُ قَدْ تَبَيَّنَ أَنَّك إنَّمَا كُنْت تَسْتَحِقُّ فِي الْحِصَاصِ بِمِقْدَارِ مَا بَقِيَ لَك وَهُوَ خَمْسُونَ فَيَكُونُ لَك ثَلَاثُونَ ثَلَاثَةُ أَخْمَاسِ الْخَمْسِينَ؛ لِأَنَّ لَك خَمْسِينَ وَلِكُلٍّ مِنَّا مِائَةٌ فَالْمَجْمُوعُ مِائَتَانِ وَخَمْسُونَ، وَالْمَوْجُودُ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ وَنِسْبَتُهَا مِنْ الْمِائَتَيْنِ وَالْخَمْسِينَ ثَلَاثَةُ أَخْمَاسٍ فَيُمْسِكُ بِيَدِهِ مِنْ الْخَمْسِينَ ثَلَاثِينَ مَعَ الْخَمْسِينَ ثَمَنِ الْمَبِيعِ فَيَكُونُ بِيَدِهِ ثَمَانُونَ وَيَرُدُّ الْعِشْرِينَ الْفَاضِلَةَ فَيَكُونُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَشَرَةٌ مَعَ الْخَمْسِينَ الْأُوَلِ فَيَكُونُ بِيَدِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا سِتُّونَ وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَخْمَاسِ الْمِائَةِ قَوْلُهُ صَلَحَتْ، أَيْ: بَدَا صَلَاحُهَا، وَقَوْلُهُ: وَفَى أَيْ ثَمَنُهَا الْمَفْهُومُ مِنْ بِيعَتْ

(ص) لَا كَأَحَدِ الْوَصِيَّيْنِ (ش) هَذَا مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ مَنْ لَهُ الْبَيْعُ، وَالْمَعْنَى أَنَّ أَحَدَ الْوَصِيَّيْنِ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَرْهَنَ شَيْئًا مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ إلَّا بِإِذْنِ صَاحِبِهِ لَهُ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ لَهُ نِصْفَ النِّيَابَةِ وَإِذَا اخْتَلَفَا نَظَرَ الْحَاكِمُ فِي ذَلِكَ وَكَذَلِكَ فِي الْبَيْعِ، وَالنِّكَاحِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنْهُمَا مُطْلَقَ التَّصَرُّفِ فَيَجُوزُ حِينَئِذٍ فِعْلُهُ بِغَيْرِ إذْنِ صَاحِبِهِ وَلَوْ قَالَ لَا أَحَدَ كَالْوَصِيَّيْنِ لِيَدْخُلَ كُلُّ مَنْ وُقِفَ تَصَرُّفُهُ عَلَى تَصَرُّفِ غَيْرِهِ وَإِمْضَائِهِ كَأَحَدِ النَّاظِرَيْنِ وَنَحْوِهِمَا كَانَ أَشْمَلَ وَقَدْ يُقَالُ الْكَافُ فِي الْحَقِيقَةِ دَاخِلَةٌ عَلَى الْمُضَافِ إلَيْهِ

(ص) وَجِلْدِ مَيْتَةٍ (ش) هَذَا مِنْ جُمْلَةِ مُحْتَرَزِ مَا يُبَاعُ، وَالْمَعْنَى أَنَّ جُلُودَ الْمَيْتَةِ لَا يَجُوزُ رَهْنُهَا اتِّفَاقًا إنْ لَمْ تُدْبَغْ وَكَذَا إنْ دُبِغَتْ عَلَى الْمَشْهُورِ إذْ لَا تُبَاعُ لِنَجَاسَةِ ذَاتِهَا وَيَجْرِي فِي رَهْنِ الْكِلَابِ مَا فِي بَيْعِهَا الْمَشْهُورُ الْمَنْعُ بِخِلَافِ الْآبِقِ لِإِمْكَانِ زَوَالِ الْمَانِعِ مِنْ بَيْعِهِ قَبْلَ حُلُولِ الدَّيْنِ

(ص) وَكَجَنِينٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْجَنِينَ لَا يَجُوزُ رَهْنُهُ لِقُوَّةِ الْغَرَرِ فِيهِ وَكَذَلِكَ مَا شَابَهَهُ مِنْ الثَّمَرَةِ الَّتِي لَمْ تُخْلَقْ، وَالزَّرْعِ الَّذِي لَمْ يَظْهَرْ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ وَمَحَلُّ الْمَنْعِ إذَا كَانَ رَهْنُ مَا ذُكِرَ فِي صُلْبِ عَقْدِ الْبَيْعِ فَإِنْ كَانَ بَعْدَ عَقْدِهِ، أَوْ فِي قَرْضٍ جَازَ قَالَهُ حُلُولُو وَتَبِعَهُ بَعْضُهُمْ لَكِنْ لَمْ يَعْزُهُ لِأَحَدٍ

(ص) وَخَمْرٍ وَإِنْ لِذِمِّيٍّ إلَّا أَنْ تَتَخَلَّلَ وَإِنْ تَخَمَّرَ أَهْرَاقَهُ الْحَاكِمُ (ش) يَعْنِي إنْ رُهِنَ الْخَمْرُ سَوَاءٌ كَانَتْ لِمُسْلِمٍ، أَوْ لِذِمِّيٍّ عِنْدَ مُسْلِمٍ لَا يَصِحُّ وَتُرَاقُ إنْ كَانَتْ لِمُسْلِمٍ، أَوْ لِذِمِّيٍّ، ثُمَّ أَسْلَمَ فَإِنْ لَمْ يُسْلِمْ رُدَّتْ إلَيْهِ فَاللَّامُ فِي قَوْلِهِ وَإِنْ لِذِمِّيٍّ لِلْمِلْكِ، وَقَوْلُهُ: إلَّا أَنْ تَتَخَلَّلَ بِالْمُثَنَّاةِ الْفَوْقِيَّةِ مُسْتَثْنًى مِنْ مُقَدَّرٍ كَأَنَّهُ قَالَ لَا يَصِحُّ رَهْنُ الْخَمْرِ لِمُسْلِمٍ وَإِنْ كَانَتْ مِلْكًا لِذِمِّيٍّ وَتُرَدُّ لِلرَّاهِنِ الذِّمِّيِّ وَيَكُونُ الْمُرْتَهِنُ أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ فِي ثَمَنِهَا وَتُرَاقُ عَلَى

ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا إنْ لَمْ يُخْلَقْ فَلَا يَصِحُّ رَهْنُهُ) الَّذِي اعْتَمَدَهُ ابْنُ عَرَفَةَ خِلَافُهُ وَأَنَّهُ يَصِحُّ رَهْنُهُ وُجِدَ أَمْ لَا وَنَقَلَ ابْنُ حَارِثٍ اتِّفَاقَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ عَلَيْهِ خِلَافًا لِلْمَازِرِيِّ الْقَائِلِ بِأَنَّ رَهْنَهُ قَبْلَ وُجُودِهِ كَرَهْنِ الْجَنِينِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ يَتَعَلَّقُ بِالذِّمَّةِ) ، وَالثَّمَرَةُ لَا يُمْكِنُ بَيْعُهَا الْآنَ وَقَدْ يَطْرَأُ عَلَيْهَا آفَةٌ فَتَهْلِكُ (قَوْلُهُ: قَدْرَ) التَّعْبِيرُ بِقَدْرِ ظَاهِرٌ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُحَاصَّةَ قَدْ وَقَعَتْ وَاَلَّذِي يَقَعُ بَعْدَ الْبَيْعِ تَقْدِيرُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ إلَّا مَا بَقِيَ بَعْدَ ثَمَنِ مَا بِيعَ فَكَأَنَّ الْمُحَاصَّةَ الْوَاقِعَةَ سَابِقًا بِالْبَاقِي (قَوْلُهُ: وَنِسْبَتُهَا إلَخْ) هَذِهِ إحْدَى طَرِيقَتَيْنِ فِي أَنَّك تَنْسِبُ الْقَدْرَ الْمَوْجُودَ مِنْ الْمَالِ لِمَجْمُوعِ الدُّيُونِ وَبِتِلْكَ النِّسْبَةِ يَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ دَيْنِهِ، وَالطَّرِيقَةُ الثَّانِيَةُ أَنْ تَنْسِبَ مَا لِكُلِّ وَاحِدٍ لِمَجْمُوعِ الدُّيُونِ وَبِتِلْكَ النِّسْبَةِ يَأْخُذُ مِنْ التَّرِكَةِ وَتِلْكَ الطَّرِيقَةُ أَشَارَ لَهَا الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ أَوَّلًا وَنِسْبَتُهُ إلَى جَمِيعِ الدُّيُونِ.

(قَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ فِي الْبَيْعِ، وَالنِّكَاحِ) أَيْ بَيْعِهِمَا سِلْعَةً مِنْ سِلَعِ الصَّغِيرِ أَوْ تَزْوِيجِهِمَا لِلصَّغِيرِ (قَوْلُهُ: اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنْهُمَا مُطْلَقَ التَّصَرُّفِ) ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ إيصَاءَهُمَا مُتَرَتِّبَيْنِ كَشَرْطِ اسْتِقْلَالِ كُلٍّ قِيَاسًا عَلَى مَا يَأْتِي فِي تَرْتِيبِ الْوَكِيلَيْنِ (قَوْلُهُ: كَانَ أَشْمَلَ) وَقَدْ يُقَالُ إنَّ الْكَافَ مَلْحُوظٌ دُخُولُهَا عَلَى الْمُضَافِ الْمُقَيَّدِ بِالْمُضَافِ إلَيْهِ فَيُفِيدُ الْمَقْصُودَ مِنْ الشُّمُولِ.

(قَوْلُهُ: الْمَشْهُورُ الْمَنْعُ) ، أَيْ: يُمْنَعُ بَيْعُ الْكِلَابِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْآبِقِ) فَهُوَ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ إلَّا أَنْ يَجُوزَ رَهْنُهُ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ تَخَمَّرَ أَهْرَاقَهُ الْحَاكِمُ) ، أَيْ: مَالِكِيٍّ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وُجُوبُ الرَّفْعِ، وَالْإِرَاقَةُ وَلَيْسَ لَهُ الرَّفْعُ لِمَنْ لَا يَرَاهَا وَتُكْسَرُ آنِيَةُ الْفَخَّارِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يُسْلِمْ رُدَّتْ إلَيْهِ) وَلَوْ طَلَبَ الْمُرْتَهِنُ وَقْفَهَا بِيَدِ ذِمِّيٍّ حَتَّى يَحِلَّ دَيْنُهُ خَشْيَةَ فَلَسِ رَبِّهَا، أَوْ مَوْتِهِ لَمْ يُمَكَّنْ مِنْ ذَلِكَ وَيَصِيرُ دَيْنُهُ بِلَا رَهْنٍ وَإِذَا رَهَنَ الذِّمِّيُّ الْخَمْرَ عِنْدَ الْمُسْلِمِ، ثُمَّ مَاتَ الذِّمِّيُّ، أَوْ فُلِّسَ فَلَا رَهْنَ لِلْمُسْلِمِ وَلَوْ قَبَضَهَا؛ لِأَنَّ رَهْنَهُ فِي الْأَصْلِ فَاسِدٌ وَلِغُرَمَائِهِ الدُّخُولُ مَعَهُ فِي الْمُحَاصَّةِ قَالَ أَشْهَبُ (قَوْلُهُ: وَتُرَاقُ) لَكِنْ بِحَاكِمٍ مَالِكِيٍّ، وَالرَّاجِحُ عِنْدَنَا حُرْمَةُ التَّخْلِيلِ وَقِيلَ بِالْكَرَاهَةِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015