بِمَحَلٍّ خَاصٍّ فَيُعْمَلُ بِهِ، وَقَوْلُهُ بِالْفُسْطَاطِ هُوَ مِثَالٌ، وَأَنَّثَ الضَّمِيرَ فِي سُوقِهَا نَظَرًا إلَى الْبَلَدِ، وَيَجُوزُ عَوْدُ الضَّمِيرِ عَلَى السِّلْعَةِ، وَهُوَ أَحْسَنُ لِأَنَّهُ أَعَمُّ مِنْ السَّلَمِ فَيَشْمَلُ مَنْ أُكْرِيَ عَلَى حَمْلِ سِلْعَةٍ

وَلَمَّا جَرَى ذِكْرُ شَيْءٍ مِنْ مَسَائِلِ السَّلَمِ فِيمَا مَرَّ خُصُوصًا وَعُمُومًا نَاسَبَ أَنْ يُعْقِبَهُ بِهِ، وَهُوَ وَالسَّلَفُ وَاحِدٌ فِي أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا إثْبَاتُ مَالٍ فِي الذِّمَّةِ مَبْذُولٌ فِي الْحَالِ، وَلِذَا قَالَ الْقَرَافِيُّ سُمِّيَ سَلَمًا لِتَسْلِيمِ الثَّمَنِ دُونَ عِوَضِهِ، وَلِذَلِكَ سُمِّيَ سَلَفًا، وَمِنْهُ الصَّحَابَةُ سَلَفٌ صَالِحٌ لِتَقَدُّمِهِمْ وَحْدَهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِقَوْلِهِ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ يُوجِبُ عُمَارَةَ ذِمَّةٍ بِغَيْرِ عَيْنٍ، وَلَا مَنْفَعَةٍ غَيْرِ مُتَمَاثِلِ الْعِوَضَيْنِ فَقَوْلُهُ بِغَيْرِ عَيْنٍ أَخْرَجَ بِهِ بَيْعَةَ الْأَجَلِ، وَقَوْلُهُ وَلَا مَنْفَعَةٍ أَخْرَجَ بِهِ الْكِرَاءَ الْمَضْمُونَ، وَقَوْلُهُ غَيْرِ مُتَمَاثِلِ إلَخْ أَخْرَجَ بِهِ السَّلَفَ، وَاعْتَنَى الْمُؤَلِّفُ بِذِكْرِ شُرُوطِهِ فَقَالَ

{بَابُ شَرْطِ السَّلَمِ قَبْضُ رَأْسِ الْمَالِ كُلِّهِ أَوْ تَأْخِيرُهُ ثَلَاثًا، وَلَوْ بِشَرْطٍ} (ش) أَيْ شَرْطُ عَقْدِ السَّلَمِ أَنْ يَكُونَ رَأْسُ الْمَالِ فِيهِ مَقْبُوضًا بِالْفِعْلِ أَوْ مَا فِي حُكْمِهِ كَتَأْخِيرِهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَلَوْ بِالشَّرْطِ إذْ مَا قَارَبَ الشَّيْءَ يُعْطَى حُكْمَهُ فَقَوْلُهُ أَوْ تَأْخِيرُهُ عَطْفٌ عَلَى قَبْضُ بِحَسَبِ مَعْنَاهُ فَبَيَّنَ بِهِ مَا هُوَ فِي حُكْمِ الْمَقْبُوضِ فَفِي كَلَامِهِ الْإِشَارَةُ إلَى أَمْرَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ مَا فِي حُكْمِ الْمَقْبُوضِ كَالْمَقْبُوضِ، وَالثَّانِي بَيَانُ مَا فِي حُكْمِهِ، وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا قِيلَ أَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِ أَنَّ التَّأْخِيرَ الْمَذْكُورَ مِنْ شُرُوطِ السَّلَمِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ أَنَّ أَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ، وَتَأْخِيرَ فَاعِلٍ بِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ أَيْ وَيَجُوزُ تَأْخِيرُهُ ثَلَاثًا فَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْجُمَلِ أَوْ يُقَالُ إنْ الشَّرْطِيَّةُ مُلَاحَظَةٌ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ ثَلَاثًا أَيْ عِنْدَ إرَادَةِ التَّأْخِيرِ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَهَذَا مَا لَمْ يَكُنْ أُجِّلَ السَّلَمُ كَيَوْمَيْنِ، وَذَلِكَ فِيمَا إذَا شُرِطَ قَبْضُهُ بِبَلَدٍ آخَرَ، وَإِلَّا فَيَجِبُ أَنْ يُقْبَضَ رَأْسُ الْمَالِ فِي الْمَجْلِسِ أَوْ بِالْقُرْبِ مِنْهُ

(ص) وَفِي فَسَادِهِ بِالزِّيَادَةِ إنْ لَمْ تَكْثُرْ جِدًّا تَرَدُّدٌ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا أَخَّرَ رَأْسَ مَالِ السَّلَمِ بِغَيْرِ شَرْطٍ، وَهُوَ نَقْدُ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ أَيْ حَيْثُ لَمْ تَبْلُغْ حُلُولَ الْمُسْلَمِ فِيهِ هَلْ يَفْسُدُ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ ضَارَعَ الدَّيْنَ بِالدَّيْنِ أَوْ لَا يَفْسُدُ لِأَنَّهُ تَأْخِيرٌ بِغَيْرِ شَرْطٍ أَقْوَالٌ لِلْمُتَقَدِّمِينَ أَمَّا إنْ كَثُرَتْ الزِّيَادَةُ جِدًّا بِأَنْ أُخِّرَ إلَى حُلُولِ أَجَلِ السَّلَمِ الَّذِي وَقَعَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ فَإِنَّهُ لَا يُخْتَلَفُ فِي فَسَادِهِ، وَكَذَا لَوْ كَانَ التَّأْخِيرُ بِشَرْطٍ، وَالْمُعْتَمَدُ مِنْ الطُّرُقِ فَسَادُ السَّلَمِ بِالزِّيَادَةِ عَلَى الثَّلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَلَوْ قُلْت سَوَاءٌ كَانَتْ بِشَرْطٍ أَوْ بِغَيْرِهِ كَمَا يُفِيدُهُ

ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ وَيَجُوزُ عَوْدُ الضَّمِيرِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ وَجَازَ بِالْفُسْطَاطِ أَيْ وَجَازَ عَقْدُ السَّلَمِ بِالْفُسْطَاطِ وَأَمَّا قَوْلُهُ وَقُضِيَ بِسُوقِهَا إنْ رَجَعَ لِلْفُسْطَاطِ صَارَ مُرْتَبِطًا بِمَا قَبْلَهُ، وَهُوَ عَقْدُ السَّلَمِ فَيَكُونُ خَاصًّا، وَإِنْ رَجَعَ لِلسِّلْعَةِ صَارَ مُسْتَأْنَفًا فَيَكُونُ عَامًّا

[بَابُ السَّلَمِ]

{بَاب السِّلْم} وَفِي تَعْبِيرِ الْمُصَنِّفِ بِهِ إشْعَارٌ بِجَوَازِ إطْلَاقِهِ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ، وَابْنِهِ كَرَاهَةُ تَسْمِيَتِهِ سَلَمًا لِأَنَّ السَّلَمَ مِنْ أَسْمَائِهِ تَعَالَى، وَإِنَّمَا يُقَالُ سَلَفٌ، وَتَسْلِيفٌ، وَسَلَّفَهُ، وَبِذَلِكَ عَبَّرَ فِي الْمُوَطَّأِ، وَرُدَّ بِأَنَّ الَّذِي مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ السَّلَامُ لَا السَّلَمُ (قَوْلُهُ خُصُوصًا) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَالْمُسْلَمُ إلَيْهِ، وَقَوْلُهُ وَعُمُومًا أَيْ فِي قَوْلِهِ إنْ اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ إلَخْ (قَوْلُهُ أَنْ يُعْقِبَهُ) أَيْ مَا مَرَّ، وَقَوْلُهُ بِهِ أَيْ بِالسَّلَمِ (قَوْلُهُ فِي أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا) أَيْ اتَّفَقَا فِي ذَلِكَ الْمَعْنَى، وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الْحَقِيقَةِ، وَقَوْلُهُ إثْبَاتٌ أَيْ ذُو إثْبَاتٍ (قَوْلُهُ مَبْذُولٌ فِي الْحَالِ) فِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ أَيْ مَبْذُولٌ عِوَضُهُ (قَوْلُهُ وَلِذَا) أَيْ وَلِأَجْلِ كَوْنِهِ إثْبَاتَ مَالٍ فِي الذِّمَّةِ مَبْذُولٌ عِوَضُهُ فِي الْحَالِ (قَوْلُهُ وَلِذَلِكَ) أَيْ وَلِأَجْلِ تَسْلِيمِ الثَّمَنِ (قَوْلُهُ سُمِّيَ سَلَفًا) أَيْ لِمَا قَارَنَهُ مِنْ تَقَدُّمِ رَأْسِ الْمَالِ، وَالْمُتَقَدِّمِ يُقَالُ لَهُ سَلَفٌ، وَقَوْلُهُ وَمِنْهُ الصَّحَابَةُ سَلَفٌ صَالِحٌ أَيْ وَمِنْ السَّلَفِ أَيْ وَمِنْ جُزْئِيَّاتِ السَّلَفِ الصَّحَابَةُ لِتَقَدُّمِهِمْ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ السَّلَفَ كُلِّيٌّ تَحْتَهُ جُزْئِيَّاتٌ (قَوْلُهُ يُوجِبُ عِمَارَةَ ذِمَّةٍ) أَخْرَجَ بِذَلِكَ شِرَاءَ الدَّيْنِ لِأَنَّ شِرَاءَ الدَّيْنِ لَمْ يُوجِبْ عِمَارَةَ ذِمَّةٍ لِوُجُوبِ تَقَدُّمِ عِمَارَتِهَا فِيهِ (قَوْلُهُ أَخْرَجَ بِهِ بَيْعَةَ الْأَجَلِ) أَيْ بِالْمَعْنَى الْإِضَافِيِّ لَا بِالْمَعْنَى الِاسْمِيِّ فَعَلَى هَذَا لَوْ بَاعَ حِمَارًا بِعَشَرَةِ أَثْوَابٍ إلَى شَهْرِ كَذَا عَلَى صِفَةِ كَذَا يُقَالُ لَهُ سَلَمٌ (قَوْلُهُ أَخْرَجَ بِهِ السَّلَفَ) أَيْ جُزْءًا مِنْ جُزْئِيَّاتِ السَّلَفِ لَا كُلَّ أَفْرَادِ السَّلَفِ (قَوْلُهُ وَاعْتَنَى الْمُؤَلِّفُ بِذِكْرِ شُرُوطِهِ) أَيْ لَا بِتَعْرِيفِهِ (قَوْلُهُ قَبْضُ رَأْسِ الْمَالِ) هَذَا تَرْكِيبٌ إضَافِيٌّ مَعْنَاهُ بِحَسَبِ الْأَصْلِ رَأْسُ الْمُسْلَمِ فِيهِ فَمَصْدُوقُ الْمَالِ الْمُسْلَمِ فِيهِ هَذَا بِحَسَبِ الْأَصْلِ، وَإِلَّا فَالْآنَ صَارَ اسْمًا لِلْمُعَجَّلِ (قَوْلُهُ عَطْفٌ عَلَى قَبْضُ بِحَسَبِ مَعْنَاهُ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْإِشْكَالَ بَاقٍ فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ شَرْطُ الْمُسْلَمِ أَنْ يَكُونَ مَقْبُوضًا حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا (قَوْلُهُ بِحَسَبِ مَعْنَاهُ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ بِحَسَبِ الْمَعْنَى لَا حَسَبَ مَعْنَى الْمَعْطُوفِ وَحْدَهُ، وَلَا مَعْنَى الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ كَمَا يَظْهَرُ بِالتَّأَمُّلِ (قَوْلُهُ بَيَانُ مَا فِي حُكْمِهِ) وَهُوَ الثَّلَاثَةُ أَيَّامٍ (قَوْلُهُ وَيَحْتَمِلُ إلَخْ) لَا يَخْفَى مَا يَلْزَمُ عَلَى ذَلِكَ مِنْ التَّنَافِي لِأَنَّهُ أَوَّلًا شَرَطَ الْقَبْضَ ثُمَّ حَكَمَ بِمُنَافِيهِ بِقَوْلِهِ وَيَجُوزُ، وَقَوْلُهُ أَوْ يُقَالُ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا لَا يَأْتِي مَعَ أَوْ فَهَذَا الْجَوَابُ بَعِيدٌ غَايَةَ الْبُعْدِ أَقُولُ، وَلَا حَاجَةَ لِهَذَا كُلِّهِ لِأَنَّ مَعْنَى شَرَطَ السَّلَمَ أَحَدُهُمَا لَا بِعَيْنِهِ، وَهُوَ كَلَامٌ مُسْتَقِيمٌ

(قَوْلُهُ لِأَنَّهُ ضَارَعَ الدَّيْنَ) أَيْ شَابَهُ الدَّيْنَ بِالدَّيْنِ أَيْ ابْتِدَاءَ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ (قَوْلُهُ أَقْوَالٌ لِلْمُتَقَدِّمِينَ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ قَوْلَانِ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ لَا يُخْتَلَفُ فِي فَسَادِهِ) بَلْ الْخِلَافُ فِي ذَلِكَ أَيْضًا، وَنَصُّ بَعْضِهِمْ، وَتَأْخِيرُهُ بِغَيْرِ شَرْطٍ إنْ كَانَ عَيْنًا إلَى أَجَلِ السَّلَمِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ مَرَّةً يَفْسُدُ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ لَا يَفْسُدُ إنْ لَمْ يَكُنْ بِشَرْطٍ، وَبِهِ قَالَ أَشْهَبُ (قَوْلُهُ وَالْمُعْتَمَدُ مِنْ الطُّرُقِ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْمُنَاسِبَ أَنْ يَقُولَ مِنْ الْقَوْلَيْنِ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ إنَّمَا حَكَى تَرَدُّدًا لَا بِمَعْنَى قَوْلَيْنِ كَمَا ظَهَرَ نَعَمْ تَظْهَرُ الطُّرُقُ أَيْ الْأَقْوَالُ عَلَى مَا قُلْنَا قَرِيبًا مِنْ النَّصِّ ثُمَّ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015