وَهُوَ الْمَشْهُورُ كَمَا فِي الْإِيلَاءِ وَالِاعْتِرَاضِ وَمَحَلُّ التَّأْجِيلِ الْمَذْكُورِ مَعَ دَوَامِ النَّفَقَةِ بِأَنْ يَكُونَ لِلْمَفْقُودِ مَالٌ يُنْفَقُ مِنْهُ عَلَى امْرَأَتِهِ فِي الْأَجَلِ وَأَمَّا إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ طَلَقَتْ عَلَيْهِ مِنْ الْآنِ كَالْمُعْسِرِ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ لَهُ مَالٌ لَا يَكْفِي فِي الْأَجَلِ فَإِنَّهَا تَطْلُقُ عَلَيْهِ قَبْلَ الْأَجَلِ بَعْدَ فَرَاغِ مَالِهِ وَسَوَاءٌ الْمَدْخُولُ بِهَا وَمَنْ فُرِضَ لَهَا قَبْلَ ذَلِكَ وَغَيْرُهُمَا.
(ص) ثُمَّ اعْتَدَّتْ كَالْوَفَاةِ (ش) أَيْ ثُمَّ بَعْدَ أَنْ كَشَفَ الْحَاكِمُ عَنْ أَمْرِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ خَبَرَهُ وَلَا مَوْضِعَهُ فَإِنَّ زَوْجَتَهُ تَعْتَدُّ حِينَئِذٍ كَعِدَّةِ الْوَفَاةِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشَرَةَ أَيَّامٍ وَلَا نَفَقَةَ لَهَا فِيهَا؛ لِأَنَّهُ مُتَوَفًّى عَنْهَا بِخِلَافِ الْأَجَلِ كَمَا مَرَّ وَسَوَاءٌ دَخَلَ بِهَا أَمْ لَا فَإِنْ تَبَيَّنَ تَقَدُّمُ مَوْتِهِ رَدَّتْ مَا أَنْفَقَتْ بَعْدَ الْوَفَاةِ وَكَذَلِكَ الْوَرَثَةُ (ص) وَسَقَطَتْ بِهَا النَّفَقَةُ (ش) الضَّمِيرُ الْمَجْرُورُ بِالْحَرْفِ عَائِدٌ عَلَى الْعِدَّةِ وَالْبَاءُ تَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ لِلسَّبَبِيَّةِ وَتَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ بِمَعْنَى مَعَ أَيْ وَسَقَطَتْ النَّفَقَةُ بِسَبَبِ اعْتِدَادِهَا وَتَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ لِلظَّرْفِيَّةِ وَهُوَ الْأَقْرَبُ أَيْ وَسَقَطَتْ النَّفَقَةُ فِي زَمَنِ الِاعْتِدَادِ؛ لِأَنَّ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا لَا نَفَقَةَ لَهَا وَهُنَا إنَّمَا تَعْتَدُّ لِلْوَفَاةِ وَلَوْ حَامِلًا.
(ص) وَلَا تَحْتَاجُ فِيهَا لِإِذْنٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَرْأَةَ لَا تَحْتَاجُ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْأَجَلِ إلَى إذْنِ الْإِمَامِ فِي الْعِدَّةِ وَكَذَلِكَ لَا تَحْتَاجُ بَعْدَ الْعِدَّةِ إلَى إذْنٍ فِي التَّزْوِيجِ؛ لِأَنَّ إذْنَهُ حَصَلَ بِضَرْبِ الْأَجَلِ أَوَّلًا.
(ص) وَلَيْسَ لَهَا الْبَقَاءُ بَعْدَهَا (ش) أَيْ وَلَيْسَ لِامْرَأَةِ الْمَفْقُودِ أَنْ تَرْجِعَ إلَى الْعِصْمَةِ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِي الْعِدَّةِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا مَضَى بَعْضُ الْعِدَّةِ وَوَجَبَتْ عَلَيْهَا الْعِدَّةُ وَالْإِحْدَادُ فَلَيْسَ لَهَا أَنْ تُسْقِطَ مَا وَجَبَ عَلَيْهَا بِاخْتِيَارِهَا وَأَمَّا فِي الْأَرْبَعِ سِنِينَ فَلَهَا ذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَجِبْ عَلَيْهَا وَمَتَى رُفِعَتْ بَعْدَ ذَلِكَ اُبْتُدِئَ لَهَا الْأَجَلُ وَقَوْلُهُ لَهَا أَيْ لِمَنْ قَامَتْ لَا لِمَنْ ضُرِبَ لَهَا الْأَجَلُ؛ لِأَنَّهُ سَيَأْتِي أَنَّ الضَّرْبَ لِوَاحِدَةٍ ضَرْبٌ لِبَقِيَّتِهِنَّ وَإِنْ أَبَيْنَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ الْمُؤَلِّفُ بِقَوْلِهِ بَعْدَهَا أَيْ بَعْدَ تَمَامِ الْعِدَّةِ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ؛ لِأَنَّهَا أُبِيحَتْ لِغَيْرِهِ وَلَا حُجَّةَ فِي أَنَّهُ إنْ قَدِمَ كَانَ أَحَقَّ بِهَا؛ لِأَنَّهَا عَلَى حُكْمِ الْفِرَاقِ حَتَّى تَظْهَرَ حَيَاتُهُ إذْ لَوْ مَاتَتْ بَعْدَ الْعِدَّةِ لَمْ يُوقَفْ لَهُ مِنْهَا إرْثٌ انْتَهَى وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ فِي شَامِلِهِ تَرْجِيحُ هَذَا الِاحْتِمَالِ وَأَنَّ كَلَامَ أَبِي عِمْرَانَ مُقَابِلٌ.
(ص) وَقُدِّرَ طَلَاقٌ يَتَحَقَّقُ بِدُخُولِ الثَّانِي (ش) يَعْنِي أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيرِ وُقُوعِ طَلَاقٍ مِنْ الْمَفْقُودِ عِنْدَ ابْتِدَاءِ الْعِدَّةِ يُفِيتُهَا عَلَيْهِ وَيَتَحَقَّقُ وُقُوعُ ذَلِكَ الطَّلَاقِ الْمُقَدَّرِ فِي أَوَّلِ الْعِدَّةِ عِنْدَ دُخُولِ الثَّانِي حُكْمًا قَالَهُ فِي الْإِرْشَادِ حَتَّى لَوْ جَاءَ الْأَوَّلُ قَبْلَ دُخُولِ الثَّانِي كَانَ الْأَوَّلُ أَحَقَّ بِهَا فَإِذَا دَخَلَ الثَّانِي فَقَدْ بَانَتْ مِنْ الْأَوَّلِ وَتَأْخُذُ مِنْ الْمَفْقُودِ جَمِيعَ الصَّدَاقِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ دَخَلَ بِهَا كَالْمَيِّتِ وَكَالْمُعْتَرِضِ بَعْدَ التَّلَوُّمِ لَهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ وَقَعَ وَمَضَى.
(ص) فَتَحِلُّ لِلْأَوَّلِ إنْ طَلَّقَهَا اثْنَتَيْنِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَفْقُودَ لَوْ كَانَ طَلَّقَهَا قَبْلَ هَذِهِ طَلْقَتَيْنِ ثُمَّ دَخَلَ بِهَا الثَّانِي ثُمَّ مَاتَ عَنْهَا أَوْ طَلَّقَهَا فَإِنَّهَا تَحِلُّ لِلْأَوَّلِ بِعِصْمَةٍ جَدِيدَةٍ؛ لِأَنَّ الطَّلْقَةَ الثَّالِثَةَ الَّتِي بَقِيَتْ مِنْ عِصْمَةِ الْمَفْقُودِ قُدِّرَ وُقُوعُهَا عِنْدَ ابْتِدَاءِ الْعِدَّةِ وَيُحَقِّقُهَا دُخُولُ الثَّانِي بِالْمَرْأَةِ فَإِذَا طَلَّقَهَا الثَّانِي حَلَّتْ لِلْأَوَّلِ بِعِصْمَةٍ جَدِيدَةٍ وَإِنَّمَا تَحِلُّ لِلْأَوَّلِ إذَا حَصَلَ مِنْ الثَّانِي وَطْءٌ يُحِلُّ الْمَبْتُوتَةَ بِأَنْ يَكُونَ لَا نَكِرَةَ فِيهِ وَلَا بُدَّ مِنْ اعْتِبَارِ كَوْنِهِ مِنْ بَالِغٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ مَذْكُورٌ فِي مَحَلِّهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ فِيمَنْ يُحِلُّ الْمَبْتُوتَةَ إذْ لَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ مَنْ أَبَتَّهَا الْمَفْقُودُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ وَبِهِ صَرَّحَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ وَهُوَ الْمَشْهُورُ إلَخْ) وَمُقَابِلُهُ أَنَّهُ أَرْبَعٌ كَالْحُرِّ وَاسْتَظْهَرَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُصَنِّفُ وَزَادَ فِي تَنْصِيفِ الْأَجَلِ هُنَا وَالِاعْتِرَاضُ وَالْإِيلَاءُ مُشْكِلٌ إذْ السَّبَبُ مُسْتَوْفِيهِ الْحُرُّ وَالْعَبْدُ.
(قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ طَلَّقَ عَلَيْهِ) وَيَأْتِي هُنَا وَهَلْ يُطَلِّقُ الْحَاكِمُ أَوْ يَأْمُرُهَا بِهِ ثُمَّ يَحْكُمُ وَهَذَا الطَّلَاقُ رَجْعِيٌّ وَعِدَّتُهُ عِدَّةُ طَلَاقٍ
(قَوْلُهُ دَخَلَ بِهَا أَمْ لَا) وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُ بَعْدُ وَقَدْرُ طَلَاقٍ يَتَحَقَّقُ إلَخْ؛ لِأَنَّ قَضِيَّتَهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَدْخُلْ بِهَا لَا عِدَّةَ عَلَيْهَا وَقَدْ حُكِمَ بِأَنَّ عَلَيْهَا الْعِدَّةَ؛ لِأَنَّهُ تَقْدِيرٌ فَقَطْ لِأَجْلِ حِلِّهَا لِلْأَوَّلِ إنْ جَاءَ وَكَانَ قَدْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْعَقْدِ طَلْقَتَيْنِ وَإِنَّمَا قَالَ كَالْوَفَاةِ؛ لِأَنَّ هَذَا تَمْوِيتٌ لَا مَوْتٌ حَقِيقَةً وَلِكَوْنِهِ تَمْوِيتًا رَجَّحَ عَدَمَ تَعْجِيلِ مَا أَجَّلَ وَيُكَمِّلُ لِغَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا الصَّدَاقَ عَلَى مَا بِهِ الْقَضَاءُ وَقِيلَ لَا اُنْظُرْ عب.
(قَوْلُهُ وَهُوَ الْأَقْرَبُ) إنَّمَا كَانَ أَقْرَبَ؛ لِأَنَّ الْعِدَّةَ لَيْسَتْ سَبَبًا فِي الْإِسْقَاطِ حَتَّى تَكُونَ الْبَاءُ لِلسَّبَبِيَّةِ وَالْمَعِيَّةِ وَإِنْ صَحَّتْ لَكِنْ لَيْسَ الْمَعْنَى عَلَيْهَا بَلْ الْمَعْنَى إنَّمَا هُوَ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ فَالذَّوْقُ حَاكِمٌ بِأَنَّ الظَّرْفِيَّةَ أَوْلَى وَإِنْ صَحَّتْ الْمَعِيَّةُ وَقَوْلُ الشَّارِحِ أَيْ وَسَقَطَتْ رَاجِعٌ لِلسَّبَبِيَّةِ
(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ سَيَأْتِي أَنَّ الضَّرْبَ لِوَاحِدَةٍ ضَرْبٌ لِبَقِيَّتِهِنَّ) فَلَوْ قُلْنَا وَلَيْسَ لِمَنْ ضُرِبَ لَهَا الْأَجَلُ لَاقْتَضَى أَنَّ الضَّرْبَ لِوَاحِدَةٍ لَيْسَ ضَرْبًا لِبَقِيَّتِهِنَّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَلَيْسَ لِلْمَرْأَةِ الَّتِي ضُرِبَ لَهَا الْأَجَلُ يُفْهَمُ مِنْهُ وَأَمَّا الْمَرْأَةُ الَّتِي لَمْ يُضْرَبْ لَهَا الْأَجَلُ مَعَ أَنَّ هَذَا لَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّ الضَّرْبَ لِوَاحِدَةٍ ضَرْبٌ لِبَقِيَّتِهِنَّ (قَوْلُهُ وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ فِي شَامِلِهِ) لَيْسَ بِظَاهِرٍ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ قَالَ إنَّ لَهَا الْبَقَاءَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْأَجَلِ انْتَهَى فَيُقَالُ أَيْ وَقَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الْعِدَّةِ (قَوْلُهُ وَأَنَّ كَلَامَ أَبِي عِمْرَانَ مُقَابِلٌ) كَلَامُ أَبِي عِمْرَانَ هُوَ الَّذِي حَلَّ عَلَيْهِ أَوَّلًا بَلْ هُوَ الْمُعْتَمَدُ
(قَوْلُهُ يَتَحَقَّقُ) يَجُوزُ بِنَاؤُهُ لِلْفَاعِلِ أَيْ يَتَقَرَّرُ وَيَثْبُتُ وُقُوعُهُ وَلِلْمَفْعُولِ أَيْ أَنَّ الْحَاكِمَ يُحَقِّقُهُ وَيُقَرِّرُهُ.
(قَوْلُهُ يَعْنِي إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الطَّلَاقَ وَاقِعٌ حِينَ الْأَخْذِ فِي الْعِدَّةِ وَإِنَّمَا دُخُولُ الثَّانِي يُحَقِّقُ وُقُوعَهُ أَيْ يُظْهِرُ وُقُوعَهُ وَالْمُرَادُ بِالدُّخُولِ خَلْوَتُهُ بِهَا وَإِنْ أَنْكَرَ التَّلَذُّذَ بِهَا؛ لِأَنَّ الْخَلْوَةَ مَظِنَّتُهُ وَانْدَفَعَ بِهَذَا إشْكَالُ بَعْضٍ بِأَنَّ هَذَا لَيْسَ جَارِيًا عَلَى الْأُصُولِ بِوُقُوعِهِ فِي عِصْمَةِ الثَّانِي وَبِأَنَّ الْعِدَّةَ قَبْلَ وُقُوعِهِ وَلَا نَظِيرَ لَهُ.
(قَوْلُهُ حُكْمًا إلَخْ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وُقُوعٌ أَيْ الْوُقُوعُ حُكْمًا لَا حَقِيقَةً هَذَا مَا يُسْتَفَادُ مِنْ الْإِرْشَادِ أَيْ وُقُوعٌ حَكَمَ بِهِ الشَّرْعُ لَا بِإِيقَاعِ مُوقِعٍ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ قَدْ وَقَعَ وَمَضَى)