وَمَجَازِهِ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَحَلٍّ امْتَنَعَ فِيهِ الِاسْتِمْتَاعُ امْتَنَعَ فِيهِ الْعَقْدُ إلَّا الْحَيْضَ وَالنِّفَاسَ وَالصِّيَامَ وَالِاعْتِكَافَ.
(ص) وَفِي إمْضَاءِ الْوَلِيِّ أَوْ فَسْخِهِ تَرَدُّدٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَحْجُورَ عَلَيْهِ إذَا عَقَدَ نِكَاحَهُ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ وَتَوَقَّفَتْ إجَازَةُ النِّكَاحِ عَلَى رِضَا الْوَلِيِّ وَلَمْ يُعْثَرْ عَلَى ذَلِكَ إلَّا بَعْدَ الدُّخُولِ فَأَجَازَهُ الْوَلِيُّ هَلْ يَجِبُ فِيهِ الِاسْتِبْرَاءُ مِنْ ذَلِكَ الْمَاءِ الْفَاسِدِ الْحَاصِلِ قَبْلَ الْإِمْضَاءِ أَوْ لَا يَحْتَاجُ الزَّوْجُ إلَى الِاسْتِبْرَاءِ مِنْ ذَلِكَ الْمَاءِ بَلْ يَطَأُ فِيهِ تَرَدُّدٌ أَوْ فَسَخَهُ هَلْ يَجِبُ فِيهِ اسْتِبْرَاءٌ مِنْ الْمَاءِ الْفَاسِدِ الْحَاصِلِ قَبْلَ الْفَسْخِ إذَا أَرَادَ زَوْجُهَا أَنْ يَعْقِدَ عَلَيْهَا بَعْدَ فَسْخِ الْوَلِيِّ أَوْ لَا يَحْتَاجُ إلَى اسْتِبْرَاءٍ مِنْ ذَلِكَ الْمَاءِ بَلْ يَعْقِدُ عَلَيْهَا فِيهِ تَرَدُّدٌ وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْأَجْنَبِيِّ إذَا أَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا بَعْدَ فَسْخِ الْوَلِيِّ فَإِنَّ الْعِدَّةَ وَاجِبَةٌ قَوْلًا وَاحِدًا فَمَحَلُّ التَّرَدُّدِ إذَا حَصَلَ إمْضَاءٌ أَوْ فَسْخٌ بَعْدَ الدُّخُولِ بِالنِّسْبَةِ لِلزَّوْجِ الَّذِي حَصَلَ فِي نِكَاحِهِ فَسْخٌ أَوْ إمْضَاءٌ وَأَمَّا إنْ حَصَلَ ذَلِكَ قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَا اسْتِبْرَاءَ قَطْعًا وَلَوْ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ الزَّوْجِ.
(ص) وَاعْتَدَّتْ بِطُهْرِ الطَّلَاقِ وَإِنْ لَحْظَةً فَتَحِلُّ بِأَوَّلِ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ أَوْ الرَّابِعَةِ إنْ طَلَقَتْ بِكَحَيْضٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا طَلَقَتْ فِي حَالِ طُهْرِهَا فَإِنَّهَا تَعْتَدُّ بِذَلِكَ الطُّهْرِ الَّذِي طَلَقَتْ فِيهِ وَيَكُونُ قَرْءًا وَلَوْ حَاضَتْ بَعْدَ الطَّلَاقِ بِلَحْظَةٍ يَسِيرَةٍ ثُمَّ إذَا حَاضَتْ ثَانِيَةً فَقُرْآنِ وَثَالِثَةً فَثَلَاثَةُ أَقْرَاءٍ فَلِأَجْلِ ذَلِكَ قَالَ فَتَحِلُّ بِأَوَّلِ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ كُلَّ حَيْضَةٍ أَتَتْ بَعْدَ طُهْرٍ وَأَمَّا إنْ طَلَّقَهَا فِي حَالِ حَيْضِهَا أَوْ نِفَاسِهَا فَإِنَّهَا لَا تَحِلُّ إلَّا بِأَوَّلِ الْحَيْضَةِ الرَّابِعَةِ مِنْ يَوْمِ الطَّلَاقِ وَهَذَا فِي الْحُرَّةِ وَأَمَّا الزَّوْجَةُ الْأَمَةُ فَإِنْ طَلَّقَهَا حَالَ طُهْرِهَا فَإِنَّهَا تَحِلُّ بِأَوَّلِ الْحَيْضَةِ الثَّانِيَةِ وَإِنْ طَلَّقَهَا فِي حَالِ حَيْضِهَا أَوْ نِفَاسِهَا فَإِنَّهَا لَا تَحِلُّ إلَّا بِالدُّخُولِ فِي الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ كُلَّ حَيْضَةٍ وَلِيَتْ طُهْرًا وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ قَالَ وَذِي الرِّقِّ قُرْآنِ فَإِنْ قِيلَ كَوْنُهَا تَحِلُّ بِأَوَّلِ رُؤْيَةِ الدَّمِ يُعَارِضُ مَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّ أَقَلَّ الْحَيْضِ هُنَا يَوْمٌ أَوْ بَعْضُهُ فَالْجَوَابُ: لَا مُعَارَضَةَ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ حَيْثُ انْقَطَعَ الدَّمُ وَهُنَا حَيْثُ اسْتَمَرَّ فَمُجَرَّدُ الرُّؤْيَةِ كَافٍ نَظَرًا إلَى أَنَّ الْأَصْلَ الِاسْتِمْرَارُ وَلَوْ انْقَطَعَ لَكَانَ حُكْمُهُ مَا يَأْتِي.
(ص) وَهَلْ يَنْبَغِي أَنْ لَا تُعَجِّلَ بِرُؤْيَتِهِ؟ تَأْوِيلَانِ (ش) أَيْ وَهَلْ قَوْلُ أَشْهَبَ فِيهَا بَعْدَ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيهَا تَحِلُّ بِأَوَّلِ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ يَنْبَغِي أَنْ لَا تُعَجِّلَ التَّزْوِيجَ بِرُؤْيَتِهِ أَيْ بِرُؤْيَةِ الدَّمِ الثَّالِثِ لِاحْتِمَالِ انْقِطَاعِهِ قَبْلَ اسْتِمْرَارِ حَيْضَةٍ فَلَا تَعْتَدُّ بِهِ وِفَاقًا لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ طَرِيقُ أَكْثَرِ الشُّيُوخِ حَمْلًا لِقَوْلِهِ يَنْبَغِي عَلَى الِاسْتِحْبَابِ، وَدَرَجَ عَلَيْهِ ابْنُ الْحَاجِبِ أَوْ خِلَافٌ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ غَيْرُ وَاحِدٍ وَهُوَ مَذْهَبُ سَحْنُونَ لِقَوْلِهِ هُوَ خَيْرٌ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ مِثْلُ رِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ أَنَّهَا لَا تَحِلُّ لِلْأَزْوَاجِ وَلَا تَبِينُ مِنْ زَوْجِهَا حَتَّى يَتَبَيَّنَ أَنَّهَا حَيْضَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْمَوَّازِ وَابْنِ حَبِيبٍ وَعَلَى هَذَا فَيَكُونُ قَوْلُ أَشْهَبَ " وَأُحِبُّ " مَحْمُولًا عَلَى الْوُجُوبِ وَيُبَيِّنُ ذَلِكَ تَعْلِيلُ أَشْهَبَ بِقَوْلِهِ إذْ قَدْ يَنْقَطِعُ عَاجِلًا فَإِنَّهَا عِلَّةٌ تَقْتَضِي الْوُجُوبَ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ تَأْوِيلَانِ لِلْأَكْثَرِ وَغَيْرِهِمْ وَلَوْ قَالَ بَدَلَ قَوْلِهِ وَهَلْ يَنْبَغِي إلَخْ مَا نَصَّهُ أَشْهَبُ يَنْبَغِي أَنْ لَا تُعَجِّلَ بِرُؤْيَتِهِ وَهَلْ خِلَافٌ؟ تَأْوِيلَانِ؛ لَكَانَ أَظْهَرَ فِي إفَادَةِ الْمُرَادِ أَيْ وَهَلْ قَوْلُ أَشْهَبَ يَنْبَغِي إلَخْ خِلَافُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ إنَّهَا تَحِلُّ بِأَوَّلِ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ أَوْ الرَّابِعَةِ بِنَاءً عَلَى حَمْلِ قَوْلِهِ يَنْبَغِي عَلَى الْوُجُوبِ أَوْ وِفَاقٌ بِنَاءً عَلَى حَمْلِ قَوْلِهِ يَنْبَغِي عَلَى الِاسْتِحْبَابِ فَإِنْ عَجَّلَتْ بِرُؤْيَتِهِ وَانْقَطَعَ قَبْلَ يَوْمٍ أَوْ بَعْضِهِ فَكَمَنْ تَزَوَّجَ فِي الْعِدَّةِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ كَمَا فِي ح.
(ص) وَرَجَعَ فِي قَدْرِ الْحَيْضِ هُنَا هَلْ هُوَ يَوْمٌ أَوْ بَعْضُهُ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَرْجِعُ لِلنِّسَاءِ الْعَارِفَاتِ فِي قَدْرِ الْحَيْضِ فِي بَابِ الْعِدَّةِ وَالِاسْتِبْرَاءِ هَلْ هُوَ يَوْمٌ أَيْ هَلْ لَا بُدَّ أَنْ يَتَمَادَى بِهَا الدَّمُ يَوْمًا أَوْ يَكْتَفِي بِبَعْضِ يَوْمٍ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بَعْضٌ لَهُ بَالٌ وَظَاهِرُ كَلَامَهُ أَنَّ الْيَوْمَيْنِ لَا يُرْجَعُ فِيهِمَا لِلنِّسَاءِ وَاَلَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الْيَوْمَيْنِ كَالْيَوْمِ فَفِيهَا إذَا رَأَتْ الدَّمَ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ ثُمَّ انْقَطَعَ فَإِنْ قَالَ النِّسَاءُ إنَّ مِثْلَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي الْمَنْكُوحَةِ النِّكَاحَ الْفَاسِدَ الْمُجْمَعَ عَلَى فَسَادِهِ، وَقَوْلُهُ وَسَوَاءٌ كَانَ الْعَاقِدُ زَوْجَهَا كَمَا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ
(قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّ الْمَحْجُورَ عَلَيْهِ) وَهُوَ السَّفِيهُ وَالْعَبْدُ وَمِثْلُ ذَلِكَ الشَّرِيفَةُ إذَا تَزَوَّجَتْ بِالْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ مَعَ خَاصٍّ لَمْ يُجْبَرْ وَدَخَلَ بِهَا الزَّوْجُ وَلَمْ يَطُلْ وَفَسَخَ الْوَلِيُّ النِّكَاحَ أَوْ أَمْضَاهُ اُنْظُرْ عب وَالرَّاجِحُ وُجُوبُ الِاسْتِبْرَاءِ فِي إجَازَةِ الْوَلِيِّ وَمِنْ بَابِ أَوْلَى إذَا حَصَلَ فَسْخٌ وَعَقَدَ عَلَيْهَا بَعْدَ ذَلِكَ كَذَا فِي عب وَلَكِنَّ الرَّاجِحَ عَدَمُ الْوُجُوبِ؛ لِأَنَّهُ لِمَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَالْوُجُوبُ لِعَبْدِ الْمَلِكِ وَسَحْنُونٍ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ
(قَوْلُهُ فَتَحِلُّ بِأَوَّلِ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ إنْ طَلُقَتْ بِحَيْضٍ إلَخْ) أَيْ لِحُصُولِ الْأَقْرَاءِ الثَّلَاثَةِ بِذَلِكَ.
(قَوْلُهُ أَوْ نِفَاسِهَا) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمُصَنِّفَ أَدْخَلَ تَحْتَ الْكَافِ النِّفَاسَ فَتَكُونُ الْحَيْضَةُ الرَّابِعَةُ بِالنِّسْبَةِ لِلنِّفَاسِ فَيَكُونُ النِّفَاسُ بِمَنْزِلَةِ الْحَيْضَةِ وَأَيَّامُ الِاسْتِظْهَارِ مِنْ أَيَّامِ الْحَيْضِ.
(قَوْلُهُ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ حَيْثُ انْقَطَعَ وَهُنَا حَيْثُ اسْتَمَرَّ) لَا يَخْفَى أَنَّ الِاسْتِمْرَارَ اسْتِقْبَالِيٌّ لَا اطِّلَاعَ لَنَا عَلَيْهِ وَهُوَ قَدْ حَكَمَ بِأَنَّهَا تَحِلُّ بِأَوَّلِ الْحَيْضَةِ فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ فَمَا هُنَا مَنْظُورٌ فِيهِ لِمَا هُوَ الْأَصْلُ مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ وَمَا سَيَأْتِي مَنْظُورٌ فِيهِ لِمَا وَقَعَ وَحِينَئِذٍ فَإِذَا حَكَمْنَا بِالْحِلِّيَّةِ وَتَزَوَّجَتْ وَلَمْ يَمْضِ يَوْمٌ أَوْ بَعْضُهُ فَيَكُونُ كَمَنْ نَكَحَ فِي الْعِدَّةِ
(قَوْلُهُ وَهُوَ طَرِيقَةُ أَكْثَرِ الشُّيُوخِ) وَيَنْبَغِي التَّعْوِيلُ عَلَيْهَا.
(قَوْلُهُ وَأَحَبُّ إلَخْ) حِكَايَةٌ بِالْمَعْنَى.
(قَوْلُهُ تَعْلِيلُ أَشْهَبَ بِقَوْلِهِ إذْ قَدْ يَنْقَطِعُ) هَذَا حِكَايَةٌ أَيْضًا بِالْمَعْنَى وَذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ التَّعْلِيلُ بِقَوْلِهِ لِاحْتِمَالِ انْقِطَاعِهِ إلَخْ.
(قَوْلُهُ فَإِنَّهَا عِلَّةٌ تَقْتَضِي الْوُجُوبَ) لَا يُسَلَّمُ.
(قَوْلُهُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ أَنَّهَا تُزَوَّجُ مِنْ غَيْرِ عِدَّةٍ وَبِهِ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَأَبُو عِمْرَانَ وَغَيْرُهُمَا
(قَوْلُهُ بَعْضٌ لَهُ بَالٌ) وَهُوَ مَا زَادَ عَلَى السَّاعَةِ الْفَلَكِيَّةِ