الْتَعَنَتْ تَقُولُ فِي خَامِسَتِهَا غَضَبُ اللَّهِ عَلَيْهَا إنْ كَانَ زَوْجُهَا مِنْ الصَّادِقِينَ فِيمَا رَمَاهَا بِهِ بِغَيْرِ لَفْظِ إنْ كَمَا فِي الْجَلَّابِ وَفِي الْمُدَوَّنَةِ إنْ وَيَصِحُّ قِرَاءَةُ غَضِبَ بِالْفِعْلِ وَبِالْمَصْدَرِ فَإِنْ قِيلَ لِمَ خُولِفَتْ الْقَاعِدَةُ فِي الْيَمِينِ هُنَا وَفِي الْقَسَامَةِ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ وَأَوْلِيَاءَ الْمَقْتُولِ مُدَّعُونَ وَالْقَاعِدَةُ أَنَّهُ إنَّمَا يَحْلِفُ أَوَّلًا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قِيلَ أَمَّا الْمُلْتَعِنُ فَإِنَّهُ مُدَّعٍ وَمُدَّعًى عَلَيْهِ وَلِذَلِكَ يَحْلِفُ هُوَ وَالْمَرْأَةُ وَبُدِئَ بِالْيَمِينِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا قَذَفَهَا طَالَبَتْهُ بِحَقِّهَا فَاحْتَاجَ لِذَلِكَ أَنْ يَحْلِفَ إذْ صَارَ مُدَّعًى عَلَيْهِ الْحَدُّ وَأَمَّا أَوْلِيَاءُ الْمَقْتُولِ فَهُمْ مُدَّعًى عَلَيْهِمْ حُكْمًا وَإِنْ كَانُوا مُدَّعِينَ فِي الصُّورَةِ فَإِنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَنْ تَرَجَّحَ قَوْلُهُ بِمَعْهُودٍ أَوْ أَصْلٍ وَهُمْ كَذَلِكَ إذْ تَرَجَّحَ قَوْلُهُمْ بِاللَّوْثِ.

(ص) وَوَجَبَ أَشْهَدُ وَاللَّعْنُ وَالْغَضَبُ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُتَلَاعِنَيْنِ أَنْ يَقُولَ فِي كُلِّ يَمِينٍ أَشْهَدُ بِاَللَّهِ فَلَوْ أَبْدَلَهُ بِأَحْلِفُ أَوْ أُقْسِمُ وَنَحْوِهِ لَمْ يُجْزِهِ وَكَذَلِكَ يَتَعَيَّنُ لَفْظُ اللَّعْنِ فِي خَامِسَةِ الرَّجُلِ؛ لِأَنَّهُ مُبْعِدٌ لِأَهْلِهِ وَلِوَلَدِهِ فَنَاسَبَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ اللَّعْنَ مَعْنَاهُ الْبُعْدُ وَيَتَعَيَّنُ لَفْظُ الْغَضَبِ فِي خَامِسَةِ الْمَرْأَةِ؛ لِأَنَّهَا مُغْضِبَةٌ لِزَوْجِهَا وَلِأَهْلِهَا وَلِرَبِّهَا فَنَاسَبَهَا ذَلِكَ وَلَا يُجْزِئُ لَوْ أَبْدَلَ الرَّجُلُ اللَّعْنَةَ بِالْغَضَبِ أَوْ الْمَرْأَةُ الْغَضَبَ بِاللَّعْنَةِ.

(ص) وَبِأَشْرَفِ الْبَلَدِ (ش) يَعْنِي وَمِمَّا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ لِعَانُهُمَا فِي أَشْرَفِ الْبَلَدِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مُقْطِعٌ لِلْحَقِّ وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ اللِّعَانِ التَّخْوِيفُ وَالتَّغْلِيظُ عَلَى الْمُلَاعِنِ وَلِلْمَوْضِعِ حَظٌّ وَلِذَا كَانَ لِعَانُ الذِّمِّيَّةِ فِي كَنِيسَتِهَا وَالْيَهُودِيَّةِ فِي بِيعَتِهَا فَالْمُرَادُ بِالْأَشْرَفِ بِالنَّظَرِ لِلْحَالِفِ (ص) وَبِحُضُورِ جَمَاعَةٍ أَقَلُّهَا أَرْبَعَةٌ (ش) يَعْنِي وَكَذَلِكَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ لِعَانُهُمَا بِحُضُورِ جَمَاعَةٍ أَقَلُّهَا أَرْبَعَةٌ لِتَظْهَرَ شَعِيرَةُ الْإِسْلَامِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ شَعِيرَةٌ مِنْ شَعَائِرِ الْإِسْلَامِ وَأَقَلُّ مَا تَظْهَرُ بِهِ تِلْكَ الشَّعِيرَةُ أَرْبَعَةٌ لَا لِاحْتِمَالِ نُكُولٍ أَوْ إقْرَارٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَثْبُتُ بِاثْنَيْنِ.

(ص) وَنُدِبَ إثْرَ صَلَاةٍ (ش) أَيْ إيقَاعُ اللِّعَانِ إثْرَ صَلَاةٍ وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ وَبَعْدَ الْعَصْرِ أَحَبُّ إلَيَّ.

(ص) وَتَخْوِيفُهُمَا وَخُصُوصًا عِنْدَ الْخَامِسَةِ وَالْقَوْلُ بِأَنَّهَا مُوجِبَةُ الْعَذَابِ (ش) يَعْنِي وَمِمَّا يُنْدَبُ لِلْإِمَامِ أَنْ يُخَوِّفَ الْمُتَلَاعِنَيْنِ بِأَنْ يَقُولَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا تُبْ إلَى اللَّهِ تَعَالَى وَيُذَكِّرَهُمَا أَنَّ عَذَابَ الدُّنْيَا أَهْوَنُ مِنْ عَذَابِ الْآخِرَةِ فَإِنَّ أَحَدَهُمَا كَاذِبٌ بِلَا شَكٍّ وَخُصُوصًا

ـــــــــــــــــــــــــــــQلَا يَخْفَى أَنَّ أَنَّ بِالتَّشْدِيدِ تَدْخُلُ عَلَى الِاسْمِ الَّذِي هُوَ الْمَصْدَرُ وَأَمَّا الْفِعْلُ فَلَا تَكُونُ أَنَّ فِيهِ إلَّا مُخَفَّفَةً مِنْ الثَّقِيلَةِ وَظَاهِرُ هَذَا إذَا أَتَى بِأَنْ يَأْتِيَ بِهَا مَفْتُوحَةً حِكَايَةً لِمَا فِي الْآيَةِ.

(قَوْلُهُ بِغَيْرِ لَفْظِ أَنْ كَمَا فِي الْجَلَّابِ) أَيْ لَيْسَ شَرْطًا بَلْ أَوْلَى كَذَا يُفِيدُهُ شَرْحُ عب.

(قَوْلُهُ وَيَصِحُّ إلَخْ) هَذَا هُوَ الْمُنَاسِبُ كَمَا تَقَدَّمَ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ فِيهِمَا مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ جَزْمًا عَلَى هَذَا الْمَعْنَى الْأَخِيرِ وَالتَّقْدِيرُ يَقُولُ فِيهِمَا وَأَمَّا عَلَى الْوَجْهِ الْمُتَقَدِّمِ فَظَاهِرُ شَارِحِنَا أَنَّهُ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ اقْتَصَرَ أَيْ الشَّارِحُ عَلَى قَوْلِهِ لَقَدْ كَذَبَ وَلَمْ يَقُلْ فِي قَوْلِهِ رَأَيْتهَا تَزْنِي إلَخْ وَلَا مَانِعَ مِنْ تَعَلُّقِهِ عَلَيْهِ بِكَذِبٍ تَأَمَّلْ (ثُمَّ أَقُولُ) إنَّ الْأَقْرَبَ الْأَوَّلُ أَيْ لِقُرْبِ مَرْجِعِ الضَّمِيرِ وَالتَّصْرِيحُ بِهِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْبَحْثِ.

(تَنْبِيهٌ) :

هَلْ الصِّيغَةُ الْأُولَى الَّتِي هِيَ قَوْلُهُ مَا رَآنِي أَزْنِي أَوْ مَا زَنَيْت أَفْضَلُ كَمَا يُشْعِرُ بِهِ الْجَلَّابُ أَوْ الثَّانِيَةُ الَّتِي هِيَ قَوْلُهُ لَقَدْ كَذَبَ لِمُوَافَقَةِ الْقُرْآنِ (قَوْلُهُ إنَّمَا يَحْلِفُ أَوَّلًا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ) أَيْ ثُمَّ يَحْلِفُ الْمُدَّعِي إنْ نَكَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَمَا هُوَ فِي دَعْوَى التَّحْقِيقِ.

(قَوْلُهُ فَإِنَّهُ مُدَّعٍ) وَتَكُونُ الْمَرْأَةُ مُدَّعًى عَلَيْهَا، وَقَوْلُهُ وَمُدَّعًى عَلَيْهِ وَتَكُونُ الْمَرْأَةُ مُدَّعِيَةً فَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُدَّعٍ وَمُدَّعًى عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ وَلِذَلِكَ يَحْلِفُ هُوَ إلَخْ) لَفٌّ وَنَشْرٌ مُشَوَّشٌ فَقَوْلُهُ يَحْلِفُ هُوَ نَاظِرٌ لِقَوْلِهِ وَمُدَّعًى عَلَيْهِ، وَقَوْلُهُ الْمَرْأَةُ نَاظِرٌ لِقَوْلِهِ وَمُدَّعٍ أَيْ وَذَلِكَ الْحَلِفُ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ مُدَّعًى عَلَيْهِمَا لِمَا تَبَيَّنَ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مُدَّعٍ وَمُدَّعًى عَلَيْهِ، وَقَوْلُهُ وَبُدِئَ بِالْيَمِينِ جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ إذَا كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا مُدَّعًى عَلَيْهِ يُطَالَبُ بِالْحَلِفِ فَلِمَ بُدِئَ بِالْيَمِينِ وَهَذَا التَّوْجِيهُ لَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُفِيدُ إلَّا تَوَجُّهَ الْيَمِينِ عَلَيْهِ لَا تَبْدِئَتَهَا مَعَ أَنَّ كَلَامَهُ فِي عِلَّةِ التَّبْدِئَةِ فَتَدَبَّرْ.

(قَوْلُهُ فَهُمْ مُدَّعًى عَلَيْهِمْ حُكْمًا) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ حَقِيقَةً.

(قَوْلُهُ بِمَعْهُودٍ) كَدَعْوَى شَخْصٍ عَلَى آخَرَ وَدِيعَةً أَوْ عَارِيَّةً فَيَدَّعِي رَدَّهَا لَهُ فَمُدَّعِي الرَّدِّ هُوَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِمَا عُهِدَ فِي الشَّرْعِ أَنَّ الرَّادَّ لَا يَحْتَاجُ إلَى إقَامَةِ بَيِّنَةٍ، وَقَوْلُهُ أَوْ أَصْلٌ أَيْ يَذْكُرُهُ مِنْ أَفْرَادِ اللَّوْثِ الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ تَرَجَّحَ قَوْلُهُمْ بِاللَّوْثِ وَسَيَأْتِي أَنَّ مِنْ جُمْلَةِ أَمْثِلَةِ اللَّوْثِ أَنْ يَشْهَدَ شَاهِدٌ وَاحِدٌ عَلَى الْقَتْلِ

(قَوْلُهُ وَوَجَبَ أَشْهَدُ إلَخْ) كُلٌّ مِنْ أَشْهَدُ وَاللَّعْنِ وَالْغَضَبِ وَاجِبٌ شَرْطٌ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مُبْعِدٌ لِأَهْلِهِ) أَيْ الَّذِي هُوَ الزَّوْجَةُ.

(قَوْلُهُ وَلِوَلَدِهِ) أَيْ الَّذِي نَفَاهُ

(قَوْلُهُ وَبِأَشْرَفِ الْبَلَدِ) وَهُوَ الْجَامِعُ فَلَا يُعْتَبَرُ رِضَاهُمَا أَوْ أَحَدِهِمَا بِدُونِهِ وَهُوَ وَاجِبُ شَرْطٍ (قَوْلُهُ مُقْطِعٌ لِلْحَقِّ) أَيْ مُثْبِتٌ لَهُ أَيْ عَلَى أَنَّهُ مِنْ أَقْطَعَ أَوْ مَحَلُّ قَطْعِ الْحَقِّ أَيْ إثْبَاتِهِ فَهُوَ اسْمُ فَاعِلٍ أَوْ اسْمُ مَكَان عَلَى أَنَّهُ مِنْ قَطَعَ.

(قَوْلُهُ وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ اللِّعَانِ) هَذَا التَّعْلِيلُ فِي الْمَعْنَى تَبْيِينٌ لِلتَّعْلِيلِ الَّذِي قَبْلَهُ فَتَدَبَّرْ

(قَوْلُهُ وَلِلْمَوْضِعِ حَظٌّ) أَيْ نَصِيبٌ مِنْ ذَلِكَ أَيْ لَهُ دَخْلٌ فِي ذَلِكَ.

(قَوْلُهُ أَقَلُّهَا أَرْبَعَةٌ) أَيْ مِنْ أَشْرَافِ النَّاسِ.

(قَوْلُهُ شَعِيرَةٌ) أَيْ خَصْلَةٌ مِنْ خِصَالِ الْإِسْلَامِ

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ ذَلِكَ) أَيْ النُّكُولَ وَالْإِقْرَارَ هَذَا مَا رَجَّحَهُ اللَّقَانِيِّ وَمُقَابِلُهُ أَنَّ النُّكُولَ وَالْإِقْرَارَ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِأَرْبَعَةٍ كَالرُّؤْيَةِ

(قَوْلُهُ وَبَعْدَ الْعَصْرِ أَحَبُّ إلَيَّ) سَحْنُونَ وَبَعْدَهَا سُنَّةٌ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ وَقْتٌ يَجْتَمِعُ فِيهِ مَلَائِكَةُ اللَّيْلِ وَمَلَائِكَةُ النَّهَارِ؛ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كَانَ يُعَظِّمُهُ (فَإِنْ قُلْت) هَذَا الْقَدْرُ مَوْجُودٌ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ (قُلْت) صَلَاةُ الصُّبْحِ وَقْتُ نَوْمٍ وَلَيْسَ وَقْتَ تَصَرُّفٍ

(قَوْلُهُ وَتَخْوِيفُهُمَا) ابْتِدَاءً قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي اللِّعَانِ عِنْدَ الْأُولَى وَعِنْدَ الشُّرُوعِ فِي الثَّانِيَةِ وَعِنْدَ الشُّرُوعِ فِي الثَّالِثَةِ وَعِنْدَ الشُّرُوعِ فِي الرَّابِعَةِ وَالْمُرَادُ وَعْظُهُمَا (قَوْلُهُ إنَّ عَذَابَ الدُّنْيَا) وَهُوَ حَدُّ الْقَذْفِ بِالنِّسْبَةِ لِلرَّجُلِ وَحَدُّ الزِّنَا بِالنِّسْبَةِ لِلْمَرْأَةِ.

(قَوْلُهُ وَخُصُوصًا) أَيْ وَأَخَصُّ الْوَعْظِ عِنْدَ الْخَامِسَةِ خُصُوصًا كَذَا قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ أَعْرِفُ كَوْنَهُ عِنْدَ الْخَامِسَةِ وَعَزَاهُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015