شَيْءَ عَلَيْهِ إنْ ثَبَتَ سَبْقُ لِسَانِهِ فِي الْفَتْوَى وَالْقَضَاءِ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي الْفَتْوَى وَيَلْزَمُهُ فِي الْقَضَاءِ.
(ص) أَوْ لُقِّنَ بِلَا فَهْمٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ لُقِّنَ لَفْظَ الطَّلَاقِ بِالْعَجَمِيَّةِ أَوْ بِالْعَكْسِ فَأَوْقَعَهُ وَهُوَ لَا يَعْرِفُ مَعْنَاهُ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ لَا فِي الْفَتْوَى وَلَا فِي الْقَضَاءِ لِعَدَمِ الْقَصْدِ الَّذِي هُوَ رُكْنٌ فِي الطَّلَاقِ فَإِنْ فَهِمَ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ اتِّفَاقًا.
(ص) أَوْ هَذَى لِمَرَضٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَرِيضَ إذَا هَذَى لِمَرَضِهِ فَطَلَّقَ زَوْجَتَهُ فِي حَالِ هَذَيَانِهِ ثُمَّ أَفَاقَ فَأَنْكَرَ فَلَا يَلْزَمُهُ وَلَا فِي الْقَضَاءِ إلْحَاقًا لَهُ بِالْمَجْنُونِ قَالَ مَالِكٌ وَيُحَلَّفُ أَنَّهُ مَا شَعَرَ بِمَا وَقَعَ مِنْهُ وَتَقَدَّمَ إطْلَاقُ الْبَاجِيِّ وَتَقْيِيدُ ابْنِ رُشْدٍ لَهُ بِشَهَادَةِ الْبَيِّنَةِ بِذَهَابِ عَقْلِهِ أَمَّا لَوْ قَالَ وَقَعَ مِنِّي شَيْءٌ وَلَمْ أَعْقِلْهُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ لِقِيَامِ الْقَرِينَةِ عَلَى كَذِبِهِ.
(ص) أَوْ قَالَ لِمَنْ اسْمُهَا طَالِقُ: يَا طَالِقُ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ كَانَ اسْمُ زَوْجَتِهِ طَالِقَ فَقَالَ لَهَا يَا طَالِقُ قَاصِدًا بِذَلِكَ نِدَاءَهَا فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ لَا فِي الْفَتْوَى وَلَا فِي الْقَضَاءِ.
(ص) وَقُبِلَ مِنْهُ فِي " طَارِقَ " الْتِفَاتُ لِسَانِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ كَانَ اسْمُ زَوْجَتِهِ طَارِقَ فَأَرَادَ أَنْ يَقُولَ لَهَا يَا طَالِقُ فَالْتَفَتَ لِسَانُهُ أَيْ الْتَوَى وَانْصَرَفَ عَنْ مَقْصُودِهِ فَقَالَ لَهَا يَا طَالِقُ وَقَالَ: الْتَفَتَ لِسَانِي فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ لَكِنْ فِي الْفَتْوَى لَا فِي الْقَضَاءِ وَتَغْيِيرُ الْأُسْلُوبِ يُشْعِرُ بِذَلِكَ إذْ لَوْ كَانَ مُوَافِقًا لِمَا قَبْلَهُ فِي الْحُكْمِ لَقَالَ كَمَنْ قَالَ لِمَنْ اسْمُهَا طَارِقُ يَا طَالِقُ مُدَّعِيًا الْتِفَاتَ لِسَانِهِ وَحَذَفَ قَوْلَهُ وَقُبِلَ مِنْهُ فِي طَارِقَ إلَخْ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْضًا قَوْلُهُ وَطَلَقَتَا إلَخْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ ضَمِيرَ التَّثْنِيَةِ رَاجِعٌ لِمَنْ اسْمُهَا طَارِقُ وَلِعَمْرَةَ.
(ص) أَوْ قَالَ: يَا حَفْصَةُ فَأَجَابَتْهُ عَمْرَةُ فَطَلَّقَهَا فَالْمَدْعُوَّةُ وَطَلَقَتَا مَعَ الْبَيِّنَةِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ لَهُ زَوْجَتَانِ إحْدَاهُمَا اسْمُهَا حَفْصَةُ وَالْأُخْرَى اسْمُهَا عَمْرَةُ فَقَالَ يَا حَفْصَةُ فَأَجَابَتْهُ عَمْرَةُ فَأَوْقَعَ الطَّلَاقَ عَلَيْهَا وَقَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ يَظُنُّهَا حَفْصَةَ فَإِنَّهُ لَا يَخْلُو حَالُهُ مِنْ أَنْ يَكُونَ عَلَى لَفْظِهِ بَيِّنَةٌ أَوْ لَا فَإِنْ لَمْ تَكُنْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ بَلْ جَاءَ مُسْتَفْتِيًا فَإِنَّ حَفْصَةَ تَطْلُقُ فَقَطْ وَهِيَ الْمَدْعُوَّةُ وَإِنْ كَانَ عَلَى لَفْظِهِ بَيِّنَةٌ فَإِنَّهُمَا تَطْلُقَانِ مَعًا حَفْصَةُ بِقَصْدِهِ وَعَمْرَةُ بِلَفْظِهِ فَقَوْلُهُ أَوْ قَالَ عَطْفٌ عَلَى " سَبَقَ لِسَانُهُ " فَهِيَ فِي النَّفْيِ أَيْ إنَّهُ لَا تَطْلُقُ الْمُجِيبَةُ وَهِيَ عَمْرَةُ فِي الْفَتْوَى بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ وَقَوْلُهُ فَالْمَدْعُوَّةُ لَيْسَ بَيَانًا لِمَا دَلَّ عَلَيْهِ الْعَطْفُ بَلْ هُوَ جَوَابُ شَرْطٍ مُقَدَّرٍ أَيْ وَإِذَا لَمْ تَطْلُقْ عَمْرَةُ فَتَطْلُقُ الْمَدْعُوَّةُ وَهِيَ حَفْصَةُ فِي الْفَتْوَى وَقَوْلُهُ فَطَلَّقَهَا أَيْ أَوْقَعَ الطَّلَاقَ عَلَى عَمْرَةَ الْمُجِيبَةِ لَفْظًا لَا نِيَّةً وَالضَّمِيرُ فِي طَلَقَتَا بِفَتْحِ اللَّامِ رَاجِعٌ لِمَنْ ادَّعَى فِيهَا الْتِفَاتَ لِسَانِهِ وَلِعَمْرَةَ فِي مَسْأَلَةِ " أَوْ قَالَ يَا حَفْصَةُ إلَخْ " وَأَمَّا حَفْصَةُ فَتَطْلُقُ فِي الْفَتْوَى وَالْقَضَاءِ وَيَحْتَمِلُ ضَمِيرُ طَلَقَتَا أَنْ يَكُونَ رَاجِعًا لِحَفْصَةَ وَعَمْرَةَ وَلَكِنَّ الْأَوَّلَ أَتَمُّ فَائِدَةً.
(ص) أَوْ أُكْرِهَ (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى " سَبَقَ لِسَانُهُ " أَيْ لَا إنْ سَبَقَ لِسَانُهُ وَلَا إنْ أُكْرِهَ عَلَى الطَّلَاقِ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ لَا فِي الْفَتْوَى وَلَا فِي الْقَضَاءِ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ وَمَا اُسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» وَلِخَبَرِ «لَا طَلَاقَ فِي إغْلَاقٍ» أَيْ إكْرَاهٍ.
وَلَمَّا كَانَ الْإِكْرَاهُ شَرْعِيًّا وَغَيْرَهُ وَالْمَذْهَبُ أَنَّ الْإِكْرَاهَ الشَّرْعِيَّ لَا يَنْفَعُ فِي رَفْعِ الْحِنْثِ خِلَافًا لِلْمُغِيرَةِ كَمَا لَوْ حَلَفَ لَوْ خَرَجَتْ زَوْجَتُهُ مِنْ هَذَا الْمَحَلِّ فَأَخْرَجَهَا قَاضٍ لِتَحْلِفَ عِنْدَ الْمِنْبَرِ وَكَمَا لَوْ حَلَفَ فِي نِصْفِ عَبْدٍ لَا بَاعَهُ فَأَعْتَقَ شَرِيكُهُ نِصْفَهُ فَقُوِّمَ عَلَيْهِ نَصِيبُ الْحَالِفِ وَكُمِّلَ بِهِ عِتْقُ نَصِيبِ الشَّرِيكِ فَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ يَحْنَثُ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ إلَّا أَنْ يُغْلَبَ وَمِثْلُهُ لَوْ حَلَفَ لَا يَشْتَرِي نَصِيبَ شَرِيكِهِ فَأَعْتَقَ الْحَالِفُ نَصِيبَهُ فَقُوِّمَ عَلَيْهِ نَصِيبُ شَرِيكِهِ وَقَالَ الْمُغِيرَةُ لَا حِنْثَ عَلَيْهِ أَشَارَ الْمُؤَلِّفُ لِكَلَامِ الْمُغِيرَةِ فَقَالَ (وَلَوْ بِكَتَقْوِيمِ جُزْءِ الْعَبْدِ) أَيْ لَا يَحْنَثُ وَرَدَّ بِلَوْ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQعَلَى الِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ وَلَا حَاجَةَ لَهُ عَلَى الثَّانِي وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَقْسَامَ ثَلَاثَةٌ صُورَةُ غَيْرِ الْهَزْلِ، وَاثْنَتَانِ فِي الْهَزْلِ فَمَا قَبِلَ الْمُبَالَغَةَ صُورَتَانِ.
(قَوْلُهُ: إنْ ثَبَتَ سَبْقُ لِسَانِهِ فِي الْفَتْوَى وَالْقَضَاءِ) أَيْ خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ.
(قَوْلُهُ: لِعَدَمِ الْقَصْدِ) أَيْ لِعَدَمِ قَصْدِ اللَّفْظِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ هَذَى لِمَرَضٍ) بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ تَكَلَّمَ بِالْهَذَيَانِ وَهُوَ الْكَلَامُ الَّذِي لَا مَعْنَى لَهُ أَيْ تَكَلَّمَ بِمَا لَا فَائِدَةَ فِيهِ فَلَا يَلْزَمُهُ وَلَا فِي الْقَضَاءِ (قَوْلُهُ: بِشَهَادَةِ الْبَيِّنَةِ) بَلْ وَالْقَرِينَةُ الدَّالَّةُ عَلَى الصِّدْقِ تَقُومُ مَقَامَ الْبَيِّنَةِ وَقَوْلُهُ: أَمَّا لَوْ قَالَ إلَخْ وَلَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِهَذَيَانٍ فَإِنَّ قَوْلَهُ ذَلِكَ يُكَذِّبُ بَيِّنَتَهُ، وَبَقِيَ مَا إذَا لَمْ تَقُمْ بِشَيْءٍ وَلَا بَيِّنَةَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ، وَقَوْلُهُ أَمَّا لَوْ قَالَ مُقَابِلٌ لِقَوْلِهِ فَأَنْكَرَ لِأَنَّ مَعْنَاهُ فَأَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ صَدَرَ مِنْهُ شَيْءٌ.
(قَوْلُهُ: فَقَالَ لَهَا يَا طَالِقُ) فَلَوْ أَسْقَطَ حَرْفَ النِّدَاءِ مَعَ إبْدَالِ الرَّاءِ لَامًا وَادَّعَى الْتِفَاتَ لِسَانِهِ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ فِيمَا يَظْهَرُ لِحُصُولِ شَيْئَيْنِ؛ الْحَذْفِ وَالِالْتِفَاتِ، وَالظَّاهِرُ فِي تَنَازُعِهِ مَعَهَا فِي الْتِفَاتِ لِسَانِهِ أَوْ فِي سَبْقِهِ أَنَّهُ إذَا قَامَتْ قَرِينَةٌ لِأَحَدِهِمَا عُمِلَ بِهَا وَإِلَّا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ: بِيَمِينِهِ.
(قَوْلُهُ: مَعَ الْبَيِّنَةِ) الْمُرَادُ عِنْدَ الْقَاضِي سَوَاءٌ كَانَ بَيِّنَةٌ أَوْ إقْرَارٌ عِنْدَ الْقَاضِي مَعَ مُرَافَعَتِهَا لَهُ بِدُونِ بَيِّنَةٍ، وَأَمَّا الْبَيِّنَةُ عِنْدَ الْمُفْتِي فَكَإِقْرَارِهِ.
(فَائِدَةٌ) : وَمَنْ سُئِلَ عَنْ شَيْءٍ فَقَالَ حَلَفْت بِالطَّلَاقِ أَنْ لَا أَفْعَلَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَحْكِيَ كَلَامَ رَجُلٍ فَقَالَ امْرَأَتِي طَالِقٌ أَلْبَتَّةَ وَنَسِيَ أَنْ يَقُولَ قَالَ فُلَانٌ فَإِنْ كَانَ نَسَقًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَوْ فِي الْقَضَاءِ وَمَنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: كُنْتُ طَلَّقْتُكِ أَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ: كُنْتُ أَعْتَقْتُكَ وَلَمْ يَكُنْ قَدْ فَعَلَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي الْفَتْوَى وَقِيلَ يَلْزَمُهُ وَمَنْ قَالَ: الطَّلَاقُ يَلْزَمُهُ مِنْ ذِرَاعِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ الزَّوْجَةَ.
(قَوْلُهُ: أَوْ أُكْرِهَ إلَخْ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ فِي الْإِيقَاعِ بَلْ وَلَوْ فِي تَقْوِيمِ جُزْءِ الْعَبْدِ مِمَّا كَانَ الْإِكْرَاهُ شَرْعِيًّا أَوْ فِي فِعْلٍ مِمَّا كَانَ الْإِكْرَاهُ غَيْرَ شَرْعِيٍّ كَمَا تَبَيَّنَ مِنْ الْمِثَالِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِكَتَقْوِيمِ جُزْءٍ إلَخْ) الْبَاءُ بِمَعْنَى فِي أَيْ فِي حَالٍ، وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ كُلَّ مَا كَانَ الْجَبْرُ شَرْعِيًّا كَمَا إذَا حَلَفَ لَا يُنْفِقُ عَلَى زَوْجَتِهِ أَوْ لَا يُطِيعُ أَبَوَيْهِ أَوْ لَا يَقْضِي فُلَانًا حَقَّهُ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ فَأَكْرَهَهُ الْقَاضِي عَلَى ضِدِّ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ فَإِنَّ الْإِكْرَاهَ