فهذه الآثار تنفي وجوب القضاء على الناسي؛ لأن قوله: "فليتم صومه": يقتضي أن يكون صومه الأول باقيا حتى يصح إتمامه، ونص في الخبر الآخر على نفي القضاء.
وأيضا: قد اتفق فقهاء الأمصار على أن أكل الناسي لا يفسد صوم التطوع، فوجب أن يكون الفرض مثله؛ إذ لا يختلفان في أن ترك الأكل من شرائط صحتها.
والقياس عند أصحابنا يوجب القضاء على الأكل ناسيا، كما لو أكل في صلاته ناسيا، أو جامع فيها ناسيا؛ لأن أكثر أحوال النسيان أن يكون عذرا في إباحة الأكل، والعذر لا يسقط القضاء كالمريض والمسافر، وكما لو نسي الصوم رأسا، أو أفطر وهو يرى أن الشمس قد غابت، ثم علم أنها لم تغب، أو تسحر وعنده أن الفجر لم يطلع وقد طلع؛ إلا أنهم تركوا القياس للأثر، وقد بينا فيما سلف أن الأثر مقدم على النظر.
فإن قيل: فهلا قست عليه المكره على الأكل، والذي يفطر وهو يرى أن الشمس قد غابت، بعلة أنه لم يقصد إلى إفساد الصوم بالأكل.
قيل له: هذا السؤال ساقط عنا من وجهين: