فإن قيل: قوله: {إنما الصدقات للفقراء ...} الآية: تقتضي إيجاب الشركة، فلا يجوز إخراج صنف منها، كما لو أوصى بثلث ماله لزيد وعمرو وخالد، لم يخرج واحد منهم.

قيل له: كذلك يقتضي اللفظ؛ إلا أنه في جميع الصدقات يقتضيه، وإنما الخلاف بيننا وبينكم في صدقة واحدة هل يستحقها الأصناف كلها؟ وليس في الآية بيان حكم صدقة واحدة، وإنما فيها حكم الصدقات كلها، وكذلك نقول فيه، فنعطي صدقة هذه السنة لصنف واحد، ثم يعطى كل صنف على حدة في صدقة عام آخر، فنكون قد وفينا حق الآية، وبهذا انفصلت الصدقات عن الوصية بالثلث لأعيان؛ لأن الثلث محصورًا لأبدان تستحقه بالشراكة.

وأيضًا: فلا خلاف أن الصدقات غير مستحقة على وجه الشركة للمسلمين، لاتفاق الجميع على جواز إعطاء بعض الفقراء، ولا جائز إخراج بعض الموصى لهم.

وأيضًا: لما جاز التفضيل في الصدقات من بعض الفقراء على بعض، ولم تجز الوصايا إذا كانت مطلقة، كذلك جاز الحرمان.

وأيضًا: لما كانت الصدقة حقًا لله تعالى، لا لآدمي، بدلالة أنه لا مطالبة لآدمي بعينه يستحقها لنفسه، فأي صنف أعطى، فقد وضعها موضعها، والوصية لأعيان، حق لآدمي لا مطالبة لغيرهم بها، فاستحقوها كلهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015