فأخبر أن المعنى الذي يستحق به جميع الأصناف هو الفقر؛ لأنه عم جميع الصدقة، وأخبر أنها مصروفة إلى الفقراء، وهذا اللفظ مع ما تضمن من الدلالة على أن المعنى المستحق به الصدقة، فإن عمومه يقتضي جواز دفع جميع الصدقة إلى الفقراء، حتى لا يعطي غيرهم، بل ظاهر اللفظ يقتضي وجوب ذلك بقوله: "أمرت".
فإن قيل: فالعامل يستحقه لا بالفقر.
قيل له: لأنه لا يستحقه ولا أحد صدقة، وإنما قلنا: إن من يستحق الصدقة لا يستحقها إلا بالفقر، وإنما تحصل للفقراء، ثم يأخذه العامل عوضًا عن عمله، كفقير أطعم صدقة، فأعطاها غيره عوضًا عن عمل عمله له.
وهو كما قال النبي صلى الله عليه وسلم حين سألته عائشة عن بريرة رضي الله عنها، وأنه يتصدق عليها، فتهدي لنا فقال: "هي لها صدقة، ولنا هدية".
وأما ذكر الأصناف في الآية فإنما جاء لبيان أسباب الفقر، والدليل عليه أن الغارم وابن السبيل والغازي لا يستحقونها إلا بالفقر والحاجة،