وروى أبو نعيم عن هشام الدستوائي عن قتادة عن أنس رضي الله عنه قال: "قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الركوع يدعو على حي من أحياء العرب، ثم تركه، وكان يدعو على رعل، وذكوان".

فتضادت أخبار أنس رضي الله عنه، في ترك القنوت أو فعله إلى أن فارق الدنيا، فسقطت كأنها لم ترد، وبقيت لنا أخبار الآخرين في تركه القنوت بعد فعله، فوجب أن تكون أولي، إذ كان آخر فعله صلى الله عليه وسلم.

ولما اتفق الفقهاء جميعا على ترك ما روى في القنوت في المغرب والعشاء، كان كذلك القنوت في الفجر؛ لأن القنوت فيها كلها كان في وقت واحد، ثم كان ما عدا صلاة الفجر منسوخا بالترك: وجب أن يكون كذلك حكمه في الفجر.

فإن قيل: هلا كان الترك على وجه التخيير، دون النسخ.

قيل له: لأنه لما كان القنوت من سنه الصلاة في حال ما كان يفعل، دل تركه إياه على أنه قد خرج من أن يكون من سننها؛ لأنا وجدنا سائر سنن الصلاة لا يكون المصلي مخيرا فيها بين فعلها وتركها، كسجدتي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015