واحتج أبو يوسف بما روي أن أبا بكر الصديق أعتق تسعة ممن كان يعذب في الله بمكة: صهيبا وبلالا وغيرهم، فكان ولاؤهم أبي بكر، وكانت مكة يومئذ دار حرب.
قال أحمد: هذا لا يدل على موضع الخلاف بينهم، من قبل أن أبا بكر أعتقهم وهم مسلمون، وكذا يقول أبو حنيفة فيمن أعتق عبدا مسلما في دار الحرب: أن له ولاءه، وإنما الخلاف بينهم في العبد الحربي إذا أعتقه المسلم.
وكذلك النبي عليه الصلاة والسلام أعتق زيد بن حارثة، وزيد مسلم حينئذ، فلذلك ثبت ولاؤه منه.
وأيضا: فإن ذلك كان قبل فرض القتال، وإباحة الغنائم، فأما بعد إباحة الغنائم، وفرض القتال، فإن رقاب أهل الحرب قد صارت مباحة، معرضة للسبي والاسترقاق، فإذا ثبت الرق في شيء منها، لم يصح إسقاطه مع وجود ما ينافيه من القهر والغلبة.
مسألة:
قال أبو جعفر: (ولو سبي العبد المعتق بعد عتق مولاه إياه: كان مملوكا للذي سباه، في قولهم جميعا).
وذلك لأنه باق على حكم الحرب، وجواز عتقه عند أبي يوسف لم يخرجه عن حكم الحرب، فهو كسائر أحرار أهل الحرب إذا سبوا: جرى عليهم الرق.