ومن نظائره: رجل أوصى لرجل بعبد، ومات، والموصى له غائب، فمات قبل أن يقبل أن يقبل الوصية: أن العبد يصير لورثته، ويحصل بموته للموصى له حكم الملك، ويملكه الورثة أيضا من جهته.
ونظائر هذه المسألة كثيرة، وفيما ذكرنا تنبيه عليها.
وقالوا: لو قال لرجل: أعتق عبدك عني: ولم يذكر مالا، فأعتقه: كان العتق عن المعتق دون الآمر، وهذا صحيح على ما قدمنا؛ لأنه بمنزلة من قال رجل: هب لي عبدك، وأعتقه عني: فلا يصح العتق عنه؛ لأن عقد الهبة لا يوجب الملك إلا بالقبض، ولا يصح أن يكون الواهب هو القابض، فوقع العتق في ملكه، دون ملك الآمر.
*وقد يشكل على هذا، قولهم فيمن قال لرجل: أعتق عبدك عني على مائة رطل خمرا: فأعتقه: أن الولاء للآمر، وعليه القيمة.
وهذا في معنى عقد فاسد، والعقد الفاسد لا يقع الملك فيه إلا بالقبض، كالهبة لا توجب الملك إلا بالقبض، فكان يجب على ما قدمنا من الأصل: أن لا يقع العتق عن الآمر، كما قالوا في الهبة، وهذا هكذا إذا كان البيع فاسدا، لا عتق فيه.
فأما إذا كان العقد مشروطا فيه العتق، فإن فساد الشرط لا يبطله، ولا يكون بمنزلة من اشترى عبدا شراء فاسدا، وأمر البائع بعتقه، فأعتقه: أن العتق واقع عن البائع، دون المشتري.
وذلك لأن مسألتنا عقد على عتق مشروط فيه حكم الملك، وليس بمحض الشراء في الحقيقة، وإنما استشهدنا بمسألة الشراء عليها على جهة التقريب، وليس هو شراء في الحقيقة.
ألا ترى أنه لو قال في جوابه: قد بعتك بألف درهم: لم يقع بينهما