العقد: ليست ملكا لأحد، فجاز أن يشترطها بدلا من الرقبة، كما يشترط مالا مطلقا، فتصح الكتابة به؛ لأنها حادثة على ملك المكاتب، وملك المكاتب لا يملكه المولى.
وأيضا: فإن المنافع لما كان لها قيمة بالعقد، صارت بمنزلة سائر الأموال؛ ألا ترى أنه لو كاتبه على مال، ثم استأجر المكاتب للخدمة شهرا: صحت الإجارة؛ لأن المنافع الحادثة في هذه الحال ليست ملكا للمولى وإن كانت الرقبة في ملكه، فكذلك يجوز أن تجعل هذه المنافع بدلا من الرقبة في عقد الكتابة.
مسألة: [حكم مصالحة المكاتب على تعجيل بعض مال الكتابة والبراءة من بقيته]
قال أبو جعفر: (وإذا كاتب عبدا له على مال مؤجل، ثم صالحه قبل حلول الأجل على أن يعجل له بعض ذلك المال، ويبرأ من بقيته: لم يجز ذلك فيما روى أصحاب الإملاء عن أبي يوسف من قوله، وأما محمد فروى عن أبي يوسف عن أبي حنيفة: أنه جائز، ولم يحك خلافا).
قال أحمد: كان القياس عندهم أنه لا يجوز كسائر الديون المؤجلة، إذا وقع الصلح فيها على تعجيل بعضها، والبراءة من بقيتها، وذلك لأن الأصل الذي تعتبر به هذه المسائل ونظائرها: أن يراعى ما وقع عليه الصلح، فإن كان مما أوجبه له عقد المداينة: لم يكن له حكم العقد، وكان آخذا لبعض حقه، أو لحقه.
وإن كان مما لم يوجبه له عقد المداينة: فهو إنما يريد استحقاقه بعقد