قيل له: إنما لم تتبعض حرية الأصل؛ لأنها ليست موقعة، فهي كالاستيلاد والنسب، والعتق الموقع إنما يثبت من جهة الإيقاع، فيصح ثبوته في بعضه دون بعض.
وأيضا: فما يطرأ من الرق على حرية الأصل، إنما جهته القهر والغلبة، وذلك يمتنع وجوده في بعض الرقبة دون بعض، والعتق الموقع من جهة القول، قد يجوز أن يخص به البعض دون الكل.
فإن قيل: لما كان العتق موجبا للتحريم، كان مثل الطلاق في امتناع تبعيضه.
قيل له: ليست علة امتناع تبعيض الطلاق ما ذكرت؛ لأنها لو كانت كذلك، لما جاز بيع النصف، ولا هبته، لوجود العلة التي ذكرت، وإنما المعنى فيه: أن النكاح في الأصل لا يجوز وقوعه في بعض الشخص دون بعض، فكان كذلك حكمه في زواله، ولما جاز ثبوت الرق في بعض دون بعض، لم يمتنع مثله في الزوال.
وقد استقصينا القول في هذه المسألة في "شرح الجامع الكبير"، فاكتفينا به عن إعادته، واقتصرنا في هذا الموضع على الجملة التي ذكرنا، كراهة الإطالة.
*وأما الحجة في إيجاب السعاية في النصف الذي لم يعتق: فهي ما روى يحيى بن سعيد القطان ويزيد بن زريع قالا: حدثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن النضر بن أنس عن بشير بن نهيك عن أبي هريرة عن النبي عليه الصلاة والسلام قال: "من أعتق نصيبا في مملوك، فعليه خلاصه