استفدنا بذلك أن عتق أحد الشريكين لنصيبه من العبد، لا يوجب عتق نصيب الآخر بحال، لنفيه عتق من لا يملك، وهو غير مالك لنصيب الشريك.
ويدل عليه: أنه لو قصده العتق، لم يعتق بالاتفاق، فعلمنا أنه غير مالك له، وعتقه لا ينفذ فيه لعموم نفيه العتق عما لا يملك، وأن نصيب شريكه غير تابع لنصيبه، فيعتق بعتقه، وإذا ثبت ذلك في أحد الشريكين، صح أن العتق مما يتبعض.
ويدل على ذلك أيضا: اتفاق الفقهاء على أن الشريكين إذا أعتقا جميعا نصيبهما من العبد معا: عتق منهما، وكان لكل واحد منهما نصف ولائه، فدل على أن عتق كل واحد منهما واقع في نصيبه، دون نصيب الشريك، فثبت بذلك جواز تجزئ العتق.
وإذا صح ذلك في الشريكين، ثبت مثله في المالك الواحد إذا اعتق بعض عبده، في أن عتقه يجب أن يكون مقصورا على الجزء الذي أوقعه؛ لأنه إذا ثبت أنه مما يتبعض، صار كإزالة الملك بسائر وجوه التمليكات، مثل البيع والهبة ونحوهما.
فإن قيل: على ما قلنا من نفي النبي عليه الصلاة والسلام العتق إلا في ملك، وأنه لو قصد إلى نصيب شريكه بالعتق لم يعتق: هذا ينتقض عليك في قولك: إن رجلا لو أوصى لرجل بما في بطن جاريته، فأعتقها الوارث بعد موته، جاز عتقه فيها، وفي ولدها، وهو غير مالك للولد، وأنه لو قصده بالعتق دون الأم، لم يعتق، فقد أوجب ما وصفنا معنيين:
أحدهما: بطلان احتجاجك.
والثاني: أنه ليس يمتنع جواز عتق الرجل فيما لا يملكه إذا كان متعلقا