مسألة: [تنازع امرأتين ورجل في ولد يدعيه كل منهم]
قال أبو جعفر: (وإذا كان الصبي في يدي رجل وامرأتين، فادعي الرجل أنه ابنه، وادعته كل واحدة من المرأتين أنه ابنها من ذلك الرجل، أو من غيره، فإن أبا حنيفة قال: أجعله ابن الرجل والمرأتين جميعا).
قال أحمد: ينبغي أن تكون المسألة على أنهما امرأتاه؛ لأنهما إن كانتا أجنبيتين لم تصدقا على النسب إلا بشهادة امرأة، وقد بينا ذلك فيما تقدم، ولكن لو أقاموا البينة: كان ابن المرأتين والرجل في قول أبي حنيفة.
* (وفي قولهما: يكون ابن الرجل، ولا يكون ابن المرأتين).
قال أحمد: أبو حنيفة لا ثبت الولادة من المرأتين؛ لأن ذلك مستحيل، ولكنه يثبت لهما الحقوق المتعلقة بالولادة، من نحو الحضانة والرضاع والنفقة، وهذه حقوق قد يجوز أن تستحق مع عدم الولادة؛ لأن الجدة تستحق ذلك وليس لها ولادة الصبي، وإذا كان كذلك، لم يمتنع الحكم لهما بهذه الحقوق، لأجل قيام البينة عليها وإن لم تثبت الولادة.
فإن قيل: قد علمنا أن إحدى البينتين كاذبة لا محالة، ونحن فمتى قبلناهما، فقد حكمنا بقبول بينة هي كاذبة في الحقيقة.
قيل له: لا يجوز أن نقول: إن إحدى البينتين كاذبة، وذلك لأن البينة تحتاج في الشهادة بالنسب إلى معاينة الولادة، وإنما يرجع فيها إلى الخبر، وليس يمتنع أن يقع الخبر إلى كل واحدة منهما بولادة المرأة التي شهدت له، على حسب ما يتفق من اليد، وظهور النسبة إليها.
فأشبهت في هذا الوجه، الشهادة على الملك لرجلين، لكل واحد بكماله، أن الشهادة على الملك، لما كانت من جهة ظاهر اليد والتصرف، لا من جهة الحقيقة، لم يمتنع أن يظهر لكل واحد من الفريقين في حال ما