وليست شهادتهم بأنها كانت في يده، كشهادتهم بأنه مات وهي في يده، لما ذكرنا من أن الموت لما كان جهة ينتقل بها الأملاك، صارت شهادتهم باليد من جهة الملك، شهادة بالملك.
وأما إذا أفردوا اليد عن جهة ملك، فلا سبيل إلى إثبات الملك بها، فكانت اليد المشاهدة أولى مما يريد إثباته بالبينة.
وليست الشهادة بيد كانت للمدعي ليست موجودة في الحال، كإقرار الذي في يده أنها كانت في يد المدعي أمس، فيؤمر بردها إليه؛ لأن إقراره جائز على نفسه في بطلان يده.
وليس كالبينة؛ لأن البينة لا يثبت حكمها إلا بقضاء القاضي بها، واليد المشاهدة مانع من القضاء بها، لأن اليد المشاهدة يقين، واستحقاقها بالبينة ليس بيقين، فلا يجوز الحكم بها، وأما الإقرار، فحكمه ثابت بنفسه، لا يحتاج في صحته إلى قضاء القاضي به، فجاز عليه، وفسخ بها يد المشاهدة.
وفصل آخر بين البينة والإقرار: وهو أن البينة لا تقبل على المجاهيل، والشهادة بيد كانت شهادة على مجهول؛ لأن الأيدي مختلفة، منها مضمونة، ومنها أمانة، وعلى وجوه كثيرة، فلم يجز قبول الشهادة عليه، والإقرار يصح بمجهول، ألا ترى أنه لو أقر له بشيء: جاز إقراره، وأجبر على البيان، ولو شهد له بشيء مجهول: لم تجز الشهادة.
وقد كان أبو الحسن يحتج بذلك لبطلان الشهادة على يد كانت، فألزمناه عليه إذا ادعى رجلان دارًا، وأقام كل واحد منهما البينة على اليد،