وحديث وائل بن حجر: "شاهداك، أو يمينه"، وفي بعض الألفاظ: "بينتك، أو يمينه، ليس لك إلا ذلك"، فنفى بذلك أن يكون اليمين على المدعي بحال.
فإن قيل: لم يمنع ذلك ثبوت الحق له بالنكول وبالإقرار.
قيل له: عموم الخبر ينفي جميع ذلك، وإنما أثبتنا حكم النكول والإقرار بدلالة أخرى.
وأيضًا: تبين أنك إذا لم يثبت لك الحق من جهته بإقرار، أو بما يقوم مقامه، فلا حق لك إلا ببينة تقيمها، أو يمينه، فنفى بذلك أن يستحق بيمينه شيئًا.
وأيضًا: اليمين جعلت في الأصل لنفي الدعوى، لا للاستحقاق؛ لأن المدعى عليه إنما هو ناف لدعوى المدعي، ليس يروم بجحوده استحقاق شيء، والبينة موضوعة للاستحقاق، فلو جاز أن تجعل اليمين للاستحقاق، لجاز أن تكون البينة للنفي.
وأيضًا: فيمين المدعى عليه الخصومة، وهي حق عليه لقوله: "اليمين على المدعى عليه"، فإذا لزمه قطع الخصومة باليمين، فامتنع منها: وجب أن يقطعها بلزوم الحق، ولا يحبس، إذ ليس تنقطع بالحبس.
فإن قيل: روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للأنصار: "أتلحقون وتستحقون دم صاحبكم؟ ".