على خلاف ذلك.
فإن قيل: فقد يجوز له الإقدام على وطء جاريته، وزوجته بسماع صوتها، إذا غلب في ظنه أنها هي.
قيل له: لأن ذلك قد يسوغ الإقدام عليه باجتهاد الرأي، وغالب الظن، ألا ترى أنه يجوز الإقدام عليه بخبر الواحد، ولا يجوز للشهود إقامة الشهادة بخبر مخبر أخبرهم به وإن كان عدلًا، وكذلك لا يجوز بغلبة الظن واجتهاد الرأي.
[مسألة:]
قال: (فإن استشهد عن ذلك وهو بصير، ثم عمي: لم تقبل شهادته أيضًا في قول أبي حنيفة ومحمد، وقال أبو يوسف: تقبل).
وجه قولهما: ما دللنا عليه من بطلان شهادة الأعمى، وأنه يشهد عن اجتهاد وغلبة رأي، لا عن حقيقة علم، فكذلك إذا شهد بعد ما عمى، فالعلة المانعة من جواز شهادته موجودة، وهي أن يؤديها باستدلال.
وكما لو شهد عليه وبينهما حائل من حائط أو ستر: لم تقبل شهادته، كذلك العمى من حيث كان حائلًا بينه وبين المشهود عليه، وجب أن يمنع قبول شهادته.
وأيضًا: فمعلوم أن حال الأداء، حكمه أن يكون آكد وأولى بالاستظهار فيها من حال التحمل، والدليل على ذلك: اتفاقنا جميعًا أنه قد يصح تحمل الشهادة على حال لا يصح أداؤها، مثل أن يستشهد وهو صبي، أو عبد، أو كافر، فيصح تحمله لها، ويقبل منه أداؤها وهو بالغ حر مسلم، ولو شهد في حال الرق والكفر والصغر: لم تقبل.
فصار حكم الشهادة أن تكون في حال الأداء آكد منها في حال