يقبل قوله وحده، احتيج في صحة شهادته انضمام غيره إليه.
وأيضًا: لو قضى بشيء مختلف فيه على أحد وجوه الاختلاف، وقال: ذلك رأي: كان قوله مقبولًا، وإسجاله به صحيحًا، وحكمه به نافذًا.
ومعلوم أنه لو كان قضى بخلاف الحق عنده: لم ينفذ حكمه إن كان مختلفًا فيه، فدل ذلك على لزوم قوله فيما كان من طريق الحكم، مما ليس هو بخصم فيه.
ولا تلزم عليه الحدود؛ لأن الإمام خصم فيها كالشهود، إذ هي حق لله تعالى خالصًا، لا حق لآدمي فيها.
ولا خلاف بين أصحابنا أن القاضي لا يقضي بعلمه في الحدود، إلا في حد القذف خاصة؛ لأن المطالبة بإقامته من حقوق الآدميين، والمعنى في سائر الحدود ما قدمنا من أن القاضي وسائر المسلمين خصم فيها، إذ كانت حقًا لله تعالى خالصًا، كالشهود أنفسهم، وكان القاضي فيها بمنزلة الشاهد.
فإن قيل: فحد السرقة لا يثبت إلا بمطالبة المسروق منه، وليس الناس كلهم خصومًا في إثباته، فواجب أن يكون بمنزلة حد القذف.
قيل له: هذا لا يخرجه من أن يكون حقًا لله تعالى خالصًا، كحد الزنى والشرب، وإنما لم يثبت بمطالبة غير المسروق منه، من قبل أن القطع متعلق بثبوت الملك، ولا يكون أحد غير المسروق منه خصمًا في إثبات