في أخبار كثيرة من نظائر ذلك تدل على صحة الإجماع، وتوجب لزومه، وترك مخالفته، والكلام في صحة الإجماع يطول ويكثر، وإنما ذكرنا منه جملة.

مسألة: [اختيار القاضي من أقاويل الصحابة حال اختلافهم].

قال أبو جعفر: (فإن كانوا قد اختلفوا فيه: تخير من أقاويلهم أحسنها في نفسه، ولم يكن له أن يخالفهم جميعًا، ويبتدع شيئًا من رأيه).

وذلك أنه لما صح أنهم لا يجتمعون على ضلال، فقد ثبت أن الحق لا يخرج من أقاويلهم، وأن ما خرج من أقاويلهم، وأن ما خرج عن أقاويلهم فهو خطأ، لأنه لو جاز أن يخرج الحق عن أقاويلهم، لكانوا قد أجمعوا على خطأ، وقد أمنا ذلك منهم بالدلائل الموجبة لصحة الإجماع.

وله أن يختار من أقاويلهم ما غلب على ظنه أنه الحق، وذلك لأنهم لما اختلفوا فيه على وجوه مختلفة، ولم يعنف بعضهم بعضًا فيما ذهب إليه، ولم يظهر النكير عليه، فقد سوغوا فيه الاجتهاد، وأجازوا اعتقاد أحد الأقاويل على حسب ما غلب في ظن المجتهد.

ويدل عليه قول النبي عليه الصلاة والسلام: "أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم".

مسألة: [اجتهاد القاضي فيما لم يجد فيه نصًا]

قال أبو جعفر: (فإن لم يجد في كتاب الله، ولا فيما جاء عن رسول

طور بواسطة نورين ميديا © 2015