مسألة: [ما يلزم من أوجب على نفسه صوم يوم العيد ونحوه]
قال: (ومن أوجب على نفسه صوم يوم الفطر، أو يوم النحر، أو أيام التشريق: أفطر، وقضى في وقتٍ يحلُّ فيه الصوم).
وذلك لقوله الله تعالى: {يأيها الذين ءامنوا لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتًا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون}، فاستفدنا من ذلك:
لزوم الوفاء بما يقوله الإنسان ما لم تقم الدلالة على حظره، فلما كان الصوم في نفسه قربة، وإضافته إلى الوقت المنهي عنه ليس بقربة، أسقطنا عنه الوفاء بما ليس بقربة، وألزمناه الصوم لإمكان الوفاء به من وجهٍ على غير الوجه المحظور.
ووجه آخر: وهو أنَّا لمَّا وجدنا قُربة الوقت لا يتعلق بها الإيجاب، وصار ذكره للوقت وتركه سواء فيما يلزم من حكم الإيجاب، وجب أن لا يمنع كون الوقت منهيًا عنه من صحة الإيجاب.
والدليل على أن قُربة الوقت لا يتعلق بها الإيجاب: أنه لو قال: لله علي صوم يوم عاشوراء، أو: يوم عرفة، وصومهما أفضل من صوم غيرهما من الأيام: جاز له إذا أفطر فيهما أن يقضيهما في غير عاشوراء أو عرفة.
فلو كانت قربة الوقت مما يتعلق به الإيجاب، لوجب أن يكون عليه قضاؤه في عاشوراء مستقبلاً، أو في يوم عرفة من القابل، فلما صح أنَّ قربة الوقت لا يتعلق بها الإيجاب، وصار فيما يتعلق به من حكم الوجوب