ومن حلف أن لا يجلس في السراج، فجلس في الشمس: لم يحنث، وقد سمى الله الشمس سراجًا، ونظائر ذلك كثيرة، فلم يحنث في شيء منها عند جميع الفقهاء، من حيث كان المتعارف من لفظ اليمين غيرها.
وإذا صح هذا الأصل، قلنا في السكنى: إن إطلاق اللفظ فيها في العادة إنما يتناول كون أهله ومتاعه في البيت المسكون، ألا ترى أن من كان قاعدًا في المسجد يصح له أن يقول: أنا ساكن في هذه الدار وإن لم يكن كائنًا فيها ببدنه في حال القول.
وروي "أنَّ النبي عليه الصلاة والسلام لما دخل المدينة، أخذ أبو أيوب الأنصاري رَحْلَه، ونَقَلَه إلى بيته، ثم سأله جماعة من الأنصار أن ينزل عليهم، فقال النبي عليه الصلاة والسلام: المرء حيث رحله".
وروي عن عمر أنه قال: "من قدَّم ثِقله قبل وقت النفر، فلا حج له".
والمعنى فيه: أنه يصير في الحكم كأنه في الموضع الذي فيه رحله، فكأنه قد نفر قبل أن يحل النفر.
وقوله: "فلا حج له": يعني به نفي الفضل، لا نفي الأصل.
* قال أبو جعفر: (وإن أخذ في النقلة ساعة حلف، حتى نقل متاعه كله منها: برَّ في يمينه): لأن يمينه تناولت النقلة على هذا الوجه، إذ لا يمكنه غيرها.