وقد روي في بعض ألفاظ هذا الحديث: "إنها تجزئ عنك، ولا تجزئ عن أحدٍ بعدك".
ومعناهما واحد، لأنهم يقولون: جزى عني كذا وكذا أي: قضى عني
فإن قيل: روى أبو جناب عن عكرمة عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الأضحى علي فريضة، وهو عليكم سنة".
قيل له: هذا مما يدل على الوجوب، لقوله: "هو عليكم سنة".
وقوله: "سنة": لا ينفي الوجوب؛ لأن السنة منها الواجب وغير الواجب.
فإن قيل: لولا أنه أراد نفي الإيجاب، لم يكن لتفرقته بين نفسه وبين الأمة معنى، وفي وجوب حمل كلامه صلى الله عليه وسلم على الفائدة، ما يوجب أن يكون المراد الفرق بينه وبيننا في الوجوب.
قيل له: ليس كذلك، لأنه يحتمل أنه يريد: هو علي فريضة بوحي من الله إليه فيه بعينه، وهو عليكم سنة، أي وجوبه من جهتي لا بوحي.
وأيضًا: فليس كل واجب فرضًا، لأن الفرض ما كان على أعلى منازل الوجوب، وقد يكون الشيء عندنا واجبًا، لا يطلق عليه اسم الفرض، كصلاة العيد هي واجبة، ولا يطلق عليها اسم الفرض، وصلاة الظهر واجبة فرض، ونظائر ذلك كثيرة، فليس يمتنع أن يكون النبي صلى الله